سمات إبداعية مشتركة

نشر في 16-10-2011
آخر تحديث 16-10-2011 | 00:01
 آدم يوسف الساعة لا تخاف من أي جرس

والحب لا يقف

بصفارة أي شرطي

(...)

ورجم المصباح في الزقاق

لا يطفئ ضياء عيوننا

نحن الاثنان:

أنا الذي أصل

وقطعة من السماء في يدي

وأنتِ التي تفتحين الباب

وتستقبلينني بوردة آس على صدرك

* حسين منزوي (شاعر إيراني)

قد يحتاج الشعر الإيراني الحديث مزيدا من الاهتمام من قراء العربية، والأمر ذاته ينطبق على الشعر العربي الحديث ونقل أصوات شعرائه إلى الفارسية.

منذ وقت غير قليل يبذل الباحثان النشيطان في مجال الشعر والترجمة والدراسات المعاصرة موسى بيدج، وسمير أرشدي جهودا كبيرة في نقل الآداب الفارسية المعاصرة وغير المعاصرة إلى العربية، ويبلغ عملهما هذا ذروته مع الإصدار الشهري المتمثل في مجلة «شيراز» وهي نافذة حقيقية على الأدب الإيراني، كما يطلق عليها أصحابها.

تتوزع فصول المجلة بين الدراسة الأدبية، والنصوص الأدبية القصصية منها والشعرية، وكذا تحوي لقاء شهريا مع أديب أو ناقد عربي أو إيراني، بالإضافة إلى الأخبار الثقافية وبعض الأبواب الثابتة. والملاحظ أن تبويب المجلة أو محتوياتها لا يختلفان كثيرا عن أي مجلة «رزينة» أخرى تصدر بالعربية، إلا أن ما يمنح «شيراز» خصوصيتها وجماليتها من وجهة نظري يتمثل في النصوص الإبداعية القصصية والشعرية التي نقرأها بين ثنايا المجلة، فهذه النصوص، خصوصا ما كان منها لشعراء من الجيل الجديد من أمثال: كروس عبدالملكيان، وعبدالجبار كاكائي، وعلي عبداللهي. تحوي مفارقات جمالية، وصورا لافتة، تقدح الذهن وتشعل الخيال، وتجعل قارئها يشرد بذهنه قليلا مستسلما لتداعياته، ومأخوذا بوقع الصورة المفاجئة.

يقول محمود اكرامي:

«اليوم/ أحصيت شعيراتي البيضاء ثانية/ وجدتها بلاحدود/ مثل جمالك/ وكما وحدتي/ في غيابك اصطدمت بأبواب مدينة موصدة/ وأضعت شمسي في أكثر الأصياف فصولا/ وهذا ليس بحزن قليل».

ويخلق الامتداد الجغرافي المشترك، والخلفية الدينية للشعبين العربي والإيراني، نوعا من تواتر الخواطر أو الصور الشعرية المشتركة.

الأمر الذي يدركه بالتأكيد موسى بيدج، وسمير أرشدي، ومعهما فريق من المترجمين العاميلين في المجلة، ومراكز البحوث يدركون هذه الحقيقة المشتركة التي تبلغ ذروتها حين يتعلق الأمر بجمالية الصورة الأدبية.

ومن يقرأ الشعر الإيراني المترجم إلى العربية لا يشعر بوطأة الترجمة، أو غرابة ونشوز المفردة المنقولة عن سياقها كما هو حاصل في كثير من الأحيان في ترجمة الشعر من اللغتين الإنكليزية أو الفرنسية، بل إن قصائد الشعراء الإيرانيين، بحسب ما اطعلنا عليه لا تختلف كثيرا عن قصيدة النثر المكتوبة راهنا بالعربية، والمنتشرة في لبنان، ومصر مثلاً، وأستطيع أن أزعم أن القارئ الإيراني حين يقرأ قصائد عربية مترجمة إلى لغته يشعر بالشعور ذاته.

وتنزع القصيدة الإيرانية نحو النهج الصوفي، الذي يشكل السمة الأبرز من حيث التقنية الفنية، والسمة الجمالية، وكذلك ترتكز على عناصر الطبيعة الموظفة غالبا في خدمة فكرة وجدانية أو عاطفية محددة، في حين يختلف الأمر في القصيدة العربية التي تعتبر النهج الصوفي أحد سماتها المتعددة، وليس السمة الأبرز، وكذلك عناصر الطبيعة لم تبرز الا لدى الشعراء الرومانسين، ولكنها عادت إلى الوراء بعد ذلك.

تعكّر السياسة كثيرا من صفو الشعر في هاتين الأمتين، فالدراسات التي نقرأها في تاريخ الأدب الإيراني لا يمكنها أن تغفل مرحلة الثورة 1979، وهي إحدى المراحل المفصلية في التاريخ الإيراني الحديث، ومن ذلك نقرأ الشعراء مفصلين بحسب انتمائهم، قبل هذه الثورة وبعدها، والأمر ذاته ينطبق على الدراسات بشأن القصيدة العربية التي لا تغفل الجانب السياسي، وإن بدت أقل حدة من نظيرتها الإيرانية.

لعل الأمر يحتاج الى وقفة متأنية لقراءة جماليات هذه النصوص في اللغتين الفارسية والعربية، وسماتها المشتركة بعيدا عن السياسة وتقلباتها الدائمة.

back to top