البرجس لـ الجريدة: فُصلت من كونا لأنني نشرت نسب المشاركة في انتخابات المجلس الوطني
«صدام حسين قال لي: إعلام العراق ليس متقدماً كإعلامكم»«بنيتُ وكالة الأنباء الكويتية ثلاث مرات بما يمثله ذلك من صعوبات كبيرة»
• الشيخ جابر الأحمد هو صاحب فكرة إنشاء «كونا» وعوائق نيابية أخرت إنشاءها آنذاك• علاقتي بالقوميين العرب جاءت من خلال النادي الثقافي ود. أحمد الخطيب وجاسم القطامي • لم أدون مذكرات لأنني لست بطلاً قومياًالحديث مع العم برجس البرجس ممتع وذو نكهة خاصة، خصوصا أن العم يعتبر من رجالات الكويت الاوائل الذين بنوا بسواعدهم الكويت الحديثة، إذ ساهم في إنشاء العديد من المؤسسات الحيوية والرسمية بالدولة والتي أثراها بأفكاره النيرة.وتعددت المناصب التي شغلها البرجس طوال حياته، كما تعددت الوزارات التي انتقل منها وإليها، إذ عمل في وزارة النفط ثم انتقل إلى وزارة الصحة، ومنها إلى وكالة الأنباء الكويتية (كونا)، ثم دوره المشهود في تأسيس جمعية الهلال الأحمر الكويتي التي يتولى حالياً رئاستها. ومن المحطات البارزة في حياة البرجس أنه أجرى حوارين جريئين مع الرئيس السوداني الأسبق جعفر النميري ومع رئيس النظام العراقي الأسبق صدام حسين.«الجريدة» زارت العم برجس البرجس وأجرت معه هذا اللقاء: • في البداية، نود أن نتعرف على بدايات برجس البرجس؟- ولدت في أسرة متوسطة الحال وكنت مدللا جدا من والديّ لانني وحيدهما، مع انني اكره الدلال وكنت اتطلع منذ صغري الى تقديم اي شيء لوالديّ، خصوصا ابي لانه كان وحيدا مثلي ودرست في المدرسة القبلية حتى السادس الابتدائي وفي الاجازة الصيفية كنت افضل العمل، وقد تم ذلك في البلدية في وظيفة محصل وقد دفعني لذلك عبداللطيف المضف رحمة الله عليه، وكنت اتقاضى راتبا يبلغ 100 روبية، وبهذا المبلغ في ذلك الوقت يمكن شراء الكثير من الاغراض الاستهلاكية.أما فترة الثانوية فكانت في مدرسة المباركية وفي فترة الاجازة كنت اعمل ايضا، ولكن في هذه المرة ساعدني على العمل صلاح شهاب رحمه الله في شركة النفط KOC، وكان الهدف من العمل هذه المرة الراتب، اضافة الى تعلم اللغة الانكليزية وقد عشت فترة شبابي اثناء الحرب العالمية، في حالة تقشف وكانت الحياة صعبة جدا.• مذكراتك التي كتبتها تعتبر عملا رائعا ووثيقة تاريخية للكويت، ولكن كان هناك تردد في كتابتها، لماذا؟- بداية، أحب ان اوضح انها ليست مذكرات بل ذكريات، اي القصص التي مررت بها، وقد دفعني الى كتابتها اصدقائي واهم ما في هذه الذكريات "الغلاف" اي السدرة، والتي كانت على شكل خريطة الكويت ورمزت من خلالها بأنها تشبه الكويت، حيث نأكل من ثمارها وننام في ظلها ولكن لا نسقيها.. مثل الكويت نأخذ منها كل شيء ولا نعطيها شيئاً.وعن سبب ترددي في كتابتها، فذلك لأنني لم اكن املك المادة ولكن بمقابلاتي مع الرؤساء وجدت المادة وشرعت في كتابتها.الصحة والنفط• بعد عملك في وزارة النفط انتقلت الى وزارة الصحة، اولا كم قضيت في النفط؟ وكيف انتقلت الى الصحة؟- عملت في النفط اربع سنوات ثم قدمت استقالتي منها، وفي هذه الاثناء كانت وزارة الصحة بحاجة الى موظفين، فقدمت طلبا فيها عام 1950 وقد شجعني على ذلك زميلي في النفط ابراهيم النواف، بعد ان التحق بالصحة ايضا، ومع عملي في الصحة كنت اواظب على الدراسة على يد مدرسين خصوصين وكنت اقتطع جزءا من راتبي لذلك الامر، وقد درست الكيمياء والفلسفة والمنطق حتى وصلت تحليل البلاغة.ولطبيعة عملي في المستشفى الاميري كأمين للمستشفى، كنت دائما أجلس مع بعض الاطباء العرب واتناقش معهم في الامور السياسية، ولكني كنت اسمع بعض المصطلحات التي لا أعرفها فكنت ابحث عن معناها واسأل المدرسين، وظللت ادرس مادتي اللغة العربية واللغة الانجليزية على مدرسين خصوصيين حتى سنة 1973، أي حتى وصلت الى منصب وكيل وزارة وأنا أتابع الدراسة، وقد كان لذلك اثر كبير في تميز لغتي العربية، وقد اصقلت حياتي المهنية في الصحة بالعديد من الدورات في انكلترا، وكذلك لي الشرف أن افتتحت مستشفى العظام وكذلك قمت بتأثيث مستشفى الصباح وافتتاحه عام 1962 مع المرحوم عبدالعزيز الصقر.• ماذا عن تجربة العمل في وكالة الأنباء الكويتية (كونا)؟- بعد تقديم استقالتي من وزارة الصحة رفضت من قبل سمو الشيخ جابر الاحمد رئيس الوزراء في ذلك الوقت، وقال لي لا تستقل الآن وأجّل الاستقالة الى وقت آخر، وبعدها علمت ان استقالتي رفضت ليتم نقلي فيما بعد الى وكالة الانباء، والتي لم تكن وكالة بالمعنى المفهوم في ذلك الوقت وصاحب فكرة انشائها هو الشيخ جابر الاحمد، وقد واجهت عرقلة كبيرة في مجلس الأمة. وعندما عرض علي الأمر رفضت اكثر من مرة ولكن مع اصرار الشيخ جابر الاحمد والشيخ جابر العلي وافقت واخذت محاضرة عن اهمية الاعلام.وطلبت منذ البداية ان تكون الوكالة مستقلة عن وزارة الاعلام فوافق الشيخ جابر الأحمد على ذلك واكد انه يريدها مثل هيئة الإذاعة البريطانية BBC. وقد واجهت بعض المصاعب في هذا الوقت من بعض موظفي وزارة الاعلام الذين كانوا يخشون من ان الوكالة ستأخذ منهم بعض الصلاحيات وكذلك من نواب مجلس الامة.تأسيس «كونا»• لقد ذكرت في مذكراتك أنك بنيت الوكالة ثلاث مرات، كيف ذلك؟- أولاً: كان لي الشرف في تأسيس الوكالة منذ البداية بمساعدة أحمد دشتي، ولكن اختلفنا في الآراء على اسلوب العمل.ثانياً: بعد الغزو الصدامي للكويت جاءني اتصال من الشيخ ناصر المحمد ليخبرني بضرورة استكمال عمل الوكالة من لندن، فقمت بعمل الإجراءات اللازمة وأرسلت العديد من الرسائل الى الوكالات العالمية باستكمال عمل "كونا" من مكتبها في لندن ثم صدر المرسوم الأميري بحل الوكالة في الكويت وكانت اخبار الكويت تصلنا في ذلك الوقت عن طريق صديق باكستاني كان ينقل الخبر الى اسلام اباد ومن ثم الى لندن، وبذلك كنا على علم بكل ما يدور في الكويت من حرب السيارات واغتيالات الجنود وضرب الروضة والبيوت، ثم نقوم ببثها من مكتب الوكالة بلندن.ثالثاً: بعد التحرير والعودة الى الكويت، عدت الى الوكالة وقد كانت خاوية على عروشها، فقمت بتكليف بعض الأخوة وبالتعاون مع احمد القطامي باحضار أثاث للوكالة وكل ما يلزم وانشئت الوكالة من جديد.وبعد عملي في الوكالة احسست بان هناك من لا يرغب في بقائي في "كونا" ولكنهم كانوا يبحثون عن طريقة لائقة لإخراجي منها، لذلك فضلت تقديم الاستقالة وهذا ما حدث.«الهلال الأحمر» • كان لك دور كبير في تأسيس جمعية الهلال الأحمر الكويتي، هل يمكنك ان تحدثنا عن ذلك؟- كان ذلك في عام 1965 بفضل مجموعة من اهل الخير وعلى رأسهم عبدالعزيز الصقر، محمد النصف، يوسف الكليب، يوسف ابراهيم الغانم، سعد الناهض، وقد اجرينا اجتماعا لاختيار مجلس الادارة، وكان مقرها في ذلك الوقت في بيت اليسار في القبلة، ثم انتقلت الى الشويخ وفي عام 1968 تقدمت الجمعية بطلب للانضمام الى الاتحاد الدولي للصليب الاحمر، وقبل الاتحاد ضم الجمعية كعضو في الاتحاد، مما اعطى الجمعية دفعة قوية للامام.وقدمت الجمعية في عامي 1967 و 1973 مساعدات كثيرة لسورية ومصر تشمل الادوية والغذاء والدم، في حدود امكانات الجمعية في ذلك الوقت حتى وصلت الى ما هي عليه الان.• كيف حصلتم على الارض التي تقام عليها الجمعية حاليا، وما الذي دار في ذلك الوقت؟- في البداية، بعد انتقالنا الى الشويخ بحثنا عن ارض لاقامة مقر الجمعية، فتحدث عبدالعزيز الصقر ومحمد النصف الى الشيخ جابر الأحمد عن هذا الامر، فاقترح علينا ارضا في منطقة شرق، فقلت له ان منطقة شرق مليئة بالاماكن الحيوية، منها قصر دسمان والمستشفى الاميري فلماذا لا نضع الجمعية في هذه المنطقة فاقترح علينا الشيخ جابر الاحمد ان نختار مكانا لاقامة مقر الجمعية بالاتفاق مع بلدية الكويت وتم ذلك بمساعدة الاخ يوسف الشاهين عضو المجلس البلدي في ذلك الوقت وتم اختيار المقر الحالي للجمعية.الصحافة والاسم المستعار• كانت لك تجربة مع الصحافة تحت اسم مستعار، فما نوعية كتاباتك؟- كتاباتي كانت عن الامور السياسية والدولية وخصوصا فلسطين، فقد كتبت موضوعات بعنوان "اسرائيل تقتل ونحن نشيع" وكنت ضد الاحتلال الاسرائيلي دائما ولم تكن لي اي كتابات محلية.• نريد ان نتحدث عن جانب اخر ألا وهو القومية العربية في حياتك، حدثنا عنها؟- كانت بدايتي مع القومية العربية مع الدكتور أحمد الخطيب اثناء عملي في المستشفى الاميري، وقد رشحني لاكون احد افراد القوميين العرب، وقد استفدت كثيرا من انضمامي لهذا التنظيم وكنت سعيدا جدا بانضمامي الى مجموعة ترفع شعار العرب في كل اعمالها، وكان علمنا ينصب على الوحدة العربية، كينونة العرب، تحرير الاراضي العربية من الاستعمار الاجنبي.• نعلم ان لك تجربة مع مجلس الامة، هل لك ان تحدثنا عنها، وهل كان ترشحك من خلال تنظيم أم كان مستقلا؟- في الحقيقة ترشحت لانتخابات مجلس الامة بعد ترك وكالة الانباء الكويتية (كونا) وكان هدفي اولا واخيرا خدمة الوطن، وكنت مصمما على انه في حال دخولي المجلس فسأدافع عن الحق وسأقول الحقيقة مهما كانت مرة، ومها كان تأثيرها على سامعها، ولكن لم يحالفني الحظ في الانتخابات.أما عن ترشيحي فلم يكن من خلال تنظيم او جماعة بل كنت مستقلا.صدام حسين• من خلال عملك في (كونا) كان لك بالتأكيد العديد من اللقاءات والمواقف، هل لك ان تحدثنا عن ابرز هذه اللقاءات؟- نعم اجريت العديد من اللقاءات من خلال عملي وكلها موثقة بالصور وكان ابرزها عندما كنا في مدينة فاس بالمغرب في مؤتمر الامة، وطلبنا مقابلة الرئيس العراقي السابق صدام حسين وكنت قد التقيته من قبل شخصيا في العراق، وكان معي حسب ما اذكر عبدالعزيز المساعيد وفيصل المرزوق وجاسم المطوع وجاسم النصف، ثم جلسنا معه وكنت معتادا في اي لقاء ان اترك من معي يتحدث ثم اتكلم انا وقد كان ذلك، فبعد حديثهم طلبت من الرئيس العراقي ان اطرح عليه سؤالا فوافق فقلت له: لماذا يركز الاعلام العراقي على صدام حسين فقط دون ان يذكر شيئا عن الشعب او عن العراق؟ وقبل ان يجيب عن سؤالي حاول تذكر اسمي، فقال له طارق عزيز "هذا السيد برجس" فقال نعم تذكرت، ثم اجاب عن سؤالي قائلا "هذا ليس خطأي هذا خطأ الإعلام، فإعلامنا ليس كاعلامكم متقدم، فقلت له لا اعتقد ان للامر علاقة بالتقدم بل بحرية الاعلام، فاعلامنا فيه حرية وهذا ما يفتقده اعلامكم، فقال: عندما كنت ازور المدارس يخرج الطلبة والنساء ويهتفون بالحرب الايرانية العراقية، ويقولون اولادنا فداء لك يا صدام، ثم قال لمن بجواره: اليس كذلك، فرد عليه: نعم سيدي، وكذلك عندما كنت ازور الالوية تخرج الناس وتهتف باسمي مع انني قلت للرائد صلاح الذي كان موجودا في نفس المكان، انني لا اريد ذلك، موجها خطابه للرائد قائلا: اليس كذلك، فاعطى له الرائد التحية وقال: نعم سيدي.فقلت له: اخيرا سيدي الرئيس احب ان اقول لك ان القائد او الرئيس خادم لشعبه وليس الشعب يخدم الرئيس، فهزّه هذا الكلام والتفت الى من بجواره فلم يتحدث احد، وقال: اذا كان هذا هو سلوك الشعب وايمانه بقائده وزعيمه ما الذي افعله؟ قل ما الذي افعله، فقلت له: سيدي الرئيس هذا سؤال وليتسع لي صدرك، فقال: انا اريد ذلك، ولكن للاسف الشديد الشعب يعتمد على رئيسه وانا الرئيس، يعتمد على زعيمه وانا الزعيم. وفي نهاية المقابلة كنت آخر من يصافح الرئيس اثناء خروجي فقال لي: اريدك ان تكون على اتصال بي، واي شيء تراه خطأ اتصل علي، وان كنت تريد ان تأتي الى العراق فاهلاً وسهلاً بك، فشكرته وانصرفت.وقد كان لهذه المقابلة اثر كبير في اثناء المؤتمر، فقد طلبني محمد النشمي وقال: ما الذي فعلته في مقابلتك مع صدام، هذا الشخص يمكن ان يفعل اشياء كثيرة ليس لها حدود وانت الان في خطر، فقلت له انا مستعد لتحمل مسؤولية ما قلت وانا لم افعل شيئا خطأ بل هذه قناعاتي وهذا مبدئي، ثم علمت بعد ذلك بان صدام أمر بأن تبث هذه المقابلة في نفس الليلة في بغداد.جعفر النميري• وماذا عن مقابلتك مع الرئيس السوداني السابق جعفر النميري؟- جرت هذه المقابلة عندما كان الرئيس جعفر النميري في الكويت، في قصر السلام، فاتصل بي وزير الاعلام لاجراء لقاء معه، وعندما دخلت عليه قال لي: لا يحق لك ان تسأل الا عن العلاقات السودانية الكويتية، فقلت له كيف ذلك، اريد ان اسأل عن العلاقات العربية، عن السودان، عن الوطني العربي، اللجنة التي ترأسها، فقال: فقط ما قلته لك، فقلت له: سيدي الرئيس هل انت مصر على ذلك، قال: نعم مصر، فقلت له، وكان مندوب التلفزيون موجود (احمد عبدالعال)، اذن لن اسجل هذا اللقاء، وخرجت من القاعة، فجاءني مسؤول الملحق الاعلامي، فقلت له اريدك ان تبلغ الرئيس رسالة هي: ان الرئيس خادم للشعب، وليس الشعب خادم الرئيس.• حدثنا عن أبرز مقابلاتك مع الرؤساء، ولكن ما اصعب المواقف التي مرت بك؟- اصعب موقف واجهته عندما وصل الي خبر وفاة الرئيس الروسي بريجينيف من مندوبنا في روسيا، وقد بثته وكالة الأنباء الكويتية "كونا" قبل الوسائل الاعلامية الروسية، فأخذ الروس يبحثون عن مقر هذه الوكالة اين تقع، فبحثوا في أميركا الجنوبية ثم في أوروبا، ولكن لم يجدوها، ثم بعث الي الامير واخبرني بان ما فعلته يعتبر خطأ، وكان من الواجب الانتظار حتى تبثه القنوات الروسية، فاخبرته بأنني مستعد لتحمل المسؤولية وتقديم استقالتي، الا ان وسائل الاعلام الروسية بثت الخبر صباحا، وكانت "كونا" قد سبقت وسائل الاعلام الروسية بأكثر من 12 ساعة، مسجلا سبقا اخباريا رفع اسم الكويت عاليا.المواطنون و«الهلال الأحمر»أكد رئيس جمعية الهلال الاحمر الكويتي أن المواطنين لديهم وعي راق، لمسناه من خلال محاضرات كثيرة وعلاقات وطيدة مع وزارة التربية لعمل دورات تدريبية عن الاسعافات الاولية.وأشار البرجس إلى أن «هناك متطوعين كثرا يرغبون في المشاركة في نشاطات الجمعية ولكننا كنا نبحث عمن يستطيع ان يقتطع جزءا من وقته للعمل في الجمعية، وليس اعضاء لا نراهم الا في اثناء الانتخابات، ومن هذا المنطلق صارت علاقتنا مع الصليب الاحمر والهلال الاحمر الدولي والاتحاد الدولي ممتازة وهذا شرف للكويت، لذلك يجب المحافظة على جمعية الهلال الاحمر لاستمراريتها والنأي بها عن التسيس والتحزب.