زيارة إلى حديقة كانيما الطبيعية

نشر في 05-10-2011
آخر تحديث 05-10-2011 | 00:01
No Image Caption
 يوسف عبدالله العنيزي في شهر سبتمبر من عام 1998 وأثناء عملي سفيراً لبلدي في جمهورية فنزويلا الصديقة تشرفت باستقبال لجنة الصداقة البرلمانية الكويتية-الفنزويلية، والتي تتكون من وزير التربية وزير التعليم العالي الأخ الفاضل أحمد المليفي, والدكتور ناصر الصانع عضو مجلس الأمة السابق، والأخ الكريم الدكتور عبدالله الشايجي مستشار الوفد، وكان عدد آخر من أعضاء الوفد قد اعتذر عن المجيء ربما بسبب بعد المسافة أو لارتباطات أخرى.

قام الوفد بعدة نشاطات لعل أهمها حضور إحدى جلسات مجلس النواب الفنزويلي والاجتماع مع لجنة الصداقة في البرلمان، حيث تم التنسيق لإقامة معرض في إحدى قاعات البرلمان للحديث عن مأساة الأسرى الكويتيين في السجون العراقية مع عرض الصور والملصقات الخاصة بالموضوع.

كما قام الوفد بزيارة لعدد من المنظمات والنقابات المتخصصة في حقوق الإنسان، ونظرا لارتباطي بصداقة عميقة مع معالي وزير النفط الفنزويلي آنذاك فقد طلبت منه الطائرة الخاصة التابعة لوزارة النفط، وذلك للقيام بزيارة إلى حديقة كانيما الطبيعية التي تقع على الحدود البرازيلية، وتقع فيها "شلالات الملاك" التي تعتبر أعلى شلالات في العالم، إذ يبلغ ارتفاعها حوالي 980 مترا. غادرنا كراكاس في الطائرة الخاصة التي تتسع لتسعة أشخاص فقط في رحلة استغرقت حوالي الساعة والنصف، وقد رافقنا رئيس لجنة الصداقة الفنزويلية ويحيى حمودة المترجم في السفارة، ووفد من المراسم في البرلمان، والذي تولى د.عبدالله الشايجي مسؤولية تعليمهم اللغة العربية طوال الرحلة.

أما الأخ الفاضل "بوأنس" فقد استسلم لسلطان النوم بينما أخذت أنا والدكتور ناصر الصانع نسترجع أحداث زيارة الوفد الشعبي لجمهورية الجزائر، أثناء فترة الاحتلال العراقي لبلدنا الحبيب، حيث كنت أشغل وقتها منصب سفير الكويت في ذلك البلد الشقيق. هبطنا في مطار كانيما الذي كان عبارة عن عريش مع بعض الكراسي وطاولات الخشب، وبوفيه صغير لتقديم السندويتشات والمرطبات، أما سيارة نقل الركاب فقد كانت عبارة عن وانيت من الحجم الكبير وبدون سقف ومصبوغ بالألوان الزاهية.  وصلنا إلى الفندق الذي كان عبارة عن شاليهات متناثرة بين الأشجار، وجميعها تطل على البحيرة التي يكونها "شلال الملاك" في لوحة من الجمال اللا متناهي، تتجلى فيها قدرة الخالق في تناسق لا مثيل له بين المياه المتدفقة من ارتفاع يقارب الألف متر في تمايل جميل، وما تكاد تلامس صفحة البحيرة حتى تتطاير في الفضاء لتبدو وكأنها حبات لؤلؤ منثور، محدثة دوائر من الأمواج تتسابق نحو شاطئ من الرمال الذهبية تحف بها الأشجار والنباتات وبجميع الألوان التي لا يمكن أن تخطر لك على بال، ويحيط بهذه اللوحة إطار رائع يكونه قوس قزح بألوانه الزاهية المضيئة. بعد أن قمنا بأداء صلاتي الظهر والعصر قصرا وجمعا على رمال الشاطئ، وبعد استراحة قصيرة وتناول طعام الغداء أخذنا السيارات للقيام بزيارة محطة توليد الطاقة الكهربائية من مساقط المياه، وكم هالتنا ضخامة تلك المحطة التي تزود كلا من فنزويلا والبرازيل وكولومبيا بالكهرباء بتعاون رائع بين تلك الدول لتجعل من الحدود نقاط تواصل والتقاء بدل أن تكون نقاط نزاع وعداء! وكم تمنيت أن تكون مثل هذه المشاريع بين دولنا الخليجية والعربية. بعد تلك الجولة عدنا إلى الفندق ومنه أخذنا الطائرة متجهين إلى جزيرة مرغريتا الفنزولية، حيث الإقامة في فندق "الهيلتون" ونظرا لصداقتي مع مالك الفندق فقد أقام حفل غداء على شرف الوفد علما بأن المالك مواطن سوري من مدينة حلب، هاجر إلى هذه البلاد في فترة شبابه، حيث أصبح اليوم من كبار رجال الأعمال في فنزويلا بعد قصة كفاح يمكن أن تكون مسلسلا تلفزيونيا ناجحا فيه دروس وعبر بدل هذه المسلسلات الرمضانية التي تمتلئ مآسي وكدرا! لعل أروع ما رأيناه في جزيرة مارغريتا تلك الأشجار الخضراء التي تحيط بها، والمزروعة على حواف الجزيرة، وتمتد جذورها في مياه البحر، حيث تحولت إلى بيئة صالحة لتكاثر الأسماك، وقد تبنى الوفد فكرة نقل هذه الأشجار إلى الجهات المختصة لإيجاد وسيلة لزراعة مثل هذه الأشجار في الجزر الكويتية، وتمت مراسلات ولقاءات حول الموضوع ولكنه وجد عراقيل لا حصر لها  للأسف.  في اليوم التالي بعد قضاء يومين في جزيرة مارغريتا عدنا إلى مدينة كراكاس، حيث قرر الوفد الانتقال من الفندق للإقامة معي في مقر رئيس البعثة، ويالها من أوقات سعيدة ورائعة مع إخوه أعزاء نكن لهم كل المحبة والتقدير. نظرا لمعرفتي بالأخ العزيز النائب السابق محمد جاسم الصقر وإيمانه بالعمل العربي المشترك خاصة، وأنه يرأس الآن مجلس العلاقات العربية والدولية، الذي يضم نخبة من رجالات الأمة العربية أتمنى أن يتبنى المجلس الذي كان لي شرف الاطلاع على نظامه التأسيسي مسؤولية الاطلاع بالدفع نحو إقامة مشاريع عربية مشتركة تكون وسيلة لتلافي المزيد من الخلافات العربية العربية وتفعيل ما يوجد منها الآن.

حفظ الله الكويت وقيادتها وأهلها من كل سوء.

back to top