لا خبرة ولا عبرة

نشر في 10-09-2011
آخر تحديث 10-09-2011 | 00:01
No Image Caption
 د. صالح الحيمر 230 سنة ميلادية... كانت تلك مجموع السنوات التي حكم فيها سبعة أشخاص ما يقارب 170 مليون إنسان. وهذه الفترة تتجاوز في مدتها عمر الولايات المتحدة الأميركية. ولتوضيح الصورة، فالسادة الذين تسلطوا على العباد في هذه الدول قد تميزوا بنهاياتهم، فأحدهم أخرجوه من حفرته وشنقه شعبه مع شيء من الإذلال والتشفي، والآخر أحرقه شعبه أيضاً، فلم يعد صالحاً للاستعمال من هذا الشخص سوى 40 في المئة. والثالث هرب ولم يعقب، وآخر ما سمعنا عنه قول زوجته «يا أهبل». وأشهرهم الذي أراد أن يطور مسماه الوظيفي من رئيس إلى زعيم دون أن «يتعب على نفسه» فانتهي مسجى في قفص الاتهام، والخامس عاش مجنوناً ومازال البحث جارياً عنه. هذه الفترة من الحكم الفردي كانت كافية ليحكم 18 رئيس وزراء ياباني و7 رؤساء أميركان و6 مستشارين ألمان ومثلهم من الرؤساء الفرنسيين و28 رئيس وزراء إيطالي.

وبمقارنة بسيطة، نجد أن اليابان قد أنفقت على الأبحاث العلمية ما يتجاوز ميزانية الصحة في ثلاث من هذه الدول المنكوبة. ولا تصل براءات الاختراع في هذه الدول مجتمعة إلى 15 في المئة من البراءات المسجلة في ألمانيا. ومعلومة أخرى تقول إن عدد المشردين والمطاردين من هذه الدول يتجاوز عدد خريجي جامعات أوروبا للعشرين سنة الماضية. واسمحوا لي بهذه التي تقول إن ثلث الشباب الخريجين عاطل عن العمل، بينما وصلت نسبة البطالة في كوريا الجنوبية إلى أقل من 1 في المئة.

قد يتصور أن هذه الدول العربية فقيرة ومعدمة، ولكن العكس هو الصحيح، فإنتاجها من النفط يتجاوز إنتاج أميركا وروسيا والنرويج معا. ولديها من الطاقة المائية ما يشغل 40 في المئة من مصانع الصين، وبلغت مساحات الأراضي الزراعية ما يعادل ربع مساحة أستراليا.

الخبرة، وهي التراكم المعرفي والإنساني الذي ينتج عنه بالتالي القرارات الاستراتيجية الصائبة كانت أكبر مفقود في هذه الحقبة السحيقة ولدى هؤلاء «المسؤولين». والأدهى والأعجب أنه عندما وصلت السكين إلى العظم وبلغت القلوب الحناجر لم نجد أياً منهم قد اعتبر من سلفه بالرغم من قصر المسافة التي لم تتعد أسابيع، وتوالى تساقط «خرز المسباح» بطريقة محيرة لم يستوعبها أحد منهم.

عفواً، نسيت اثنين من السبعة العظام، وهما القائد المؤبد وابنه المؤله. وإن كان الأب قد أفضى إلى ما قدم، فالدور علينا لانتظار نهاية العرض الذي يخرجه «الولد»، هزيل ولكن يستحق المتابعة، مؤلم ولكن يجب أن نشاهده. لن يستمر طويلاً فقد انتهى الفصل الأخير وبدأ إسدال الستار، هكذا يقول التاريخ والخبرة، وقبل ذلك كله قدر الله سبحانه وتعالى.

wathnan@twitter

back to top