الجريدة تنشر النص الحرفي لحيثيات حكم الغاء 160 محامي في الفتوى
حصلت الجريدة على حيثيات حكم المحكمة الادارية الصادرة اليوم بإلغاء قرار وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء السابق علي الراشد بتعيين 160 محامي ومحامية في إدارة الفتوى والتشريع بوظيفة محامي "ب"، وفيما يلي النص الحرفي لحيثيات الحكم:في الجلسة المنعقدة علنًا في المحكمة الكلية بتاريخ 11/12/2011
برئاسة المستشـار/ حمـــــود المطـــــوع رئيــس الدائــرةوعضوية الأستاذين/ مسلـم الشحومـي ، محمد جاسـم بهمن القـاضييـــــنوحضـور السيــد/ عبـد اللــــه العنــــزي أميـن سر الجلسـةصـدر الحكـم الآتـيفي الدعوى رقم:- 3272/2011 إداري/7المرفوعـة من:- محمد راضي محمد القطانضــــــد:- (1) وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء بصفته (2) رئيس إدارة الفتوى والتشريع بصفته (3) وكيل وزارة التعليم العالي بصفته الأسبـــــــــــــــاببعد الإطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة، وبعد المداولة.وحيث إن وقائع الدعوى تتحصل في أن المدعي أقامها بصحيفة أُودعت إدارة كتاب المحكمة بتاريخ 21/8/2011، وأُعلنت قانونًا، طلب في ختامها القضاء بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار رقم 26/2011 مؤقتًا لتدارك الأخطاء الجسيمة من جراء تنفيذه، ولفوات الفرصة من تضمينه تعيينه في الوظيفة رغم أحقيته بها وفق الثابت من الأوراق خاصةً وأن القرار من المرجح إلغائه، وذلك لحين الفصل في الدعوى موضوعًا مع شمول الحكم بالنفاذ المعجل وتنفيذه بمسودته وبدون إعلان، وإلزام المدعى عليهم المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة الفعلية.وذلك على سند من القول حاصله – وحسبما يبين من سائر الأوراق – أن إدارة الفتوى والتشريع أعلنت عن فتح باب القبول للمتقدمين لوظيفة محام (ب) اعتبارًا من يوم الأحد الموافق 3/4/2011 ولغاية نهاية يوم الخميس الموافق 21/4/2011 وفقًا للشروط التالية:-(1) أن يكون كويتي الجنسية.(2) أن يكون حاصلاً على إجازة الحقوق من جامعة الكويت أو إحدى الجامعات المعترف بها من قبل وزارة التعليم العالي، وبتقدير جيد على الأقل أو ما يعادله.(3) ألا يزيد سنه عند تقديم الطلب على ثمان وعشرين سنة ميلادية.(4) ألا يكون من العاملين في الحكومة أو المؤسسات أو الهيئات العامة أو إحدى الشركات المملوكة بالكامل للدولة.(5) أن يكون محمود السيرة وحسن السمعة، وألا يكون قد سبق الحكم عليه أو عوقب تأديبيًا لأمور مخلة بالشرف أو الأمانة.(6) أن تثبت لياقته الصحية للوظيفة.(7) أن يجتاز بنجاح الامتحان الشفوي في المقابلة الذي يؤديه أمام لجنة الاختيار المشكلة لهذا الغرض.(8) يكون التعيين بالوظيفة تحت الاختبار لمدة سنتين تتخللها فترة تدريب تحددها الإدارة، فإذا ثبتت صلاحية المعين استمر في تولي منصبه وإلا فُصل إذا ثبت أنه غير صالح للقيام بأعباء وظيفته.وعلى ضوء هذا الإعلان، ولما كانت جميع الشروط الواردة فيه تنطبق على المدعي، فقد تقدم بأوراقه إلى إدارة الفتوى والتشريع للتعيين في الوظيفة المعلن عنها، وبتاريخ 20/7/2011 أصدر وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء القرار رقم 26/2011 بشأن تعيين أعضاء جدد بإدارة الفتوى والتشريع، ونص في مادته الأولى على أن "يُعين المذكورون الواردة أسماؤهم في الكشوف المرفقة (الكويتيون الجنسية) بوظيفة محام (ب) بإدارة الفتوى والتشريع خصمًا من الاعتماد التكميلي الأول للسنة المالية 2011/2012، وعلى أن يتم تسليمهم العمل بعد استيفاء متطلبات التعيين اعتبارًا من يوم الأحد الموافق 2/10/2011"، وفي مادته الثانية على أن "يُوضع المذكورون بالمادة الأولى تحت التجربة لمدة سنة واحدة، ويجوز فصل العضو خلال فترة التجربة أو خلال شهر واحد من تاريخ انتهائها حال ثبوت عدم صلاحيته أو جدارته للوظيفة"، وفي مادته الثالثة على أنه "على الجهات المختصة – كل فيما يخصه – تنفيذ هذا القرار، ويُنشر في الجريدة الرسمية"، هذا وقد تضمنت الكشوف المرفقة بأسماء المقبولين عدد (160) اسمًا ليس من بينهم اسم المدعي، وهو ما جعله يتظلم من هذا القرار بكتاب وجهه إلى الوزير غير أنه لم يتلق عليه ردًا.ولما كان القرار رقم 26/2011 قد صدر مخالفًا لمبدأ المشروعية، مشوبًا بعيوب الخطأ في تطبيق القانون، وإساءة استعمال السلطة والانحراف عن المصلحة العامة، ومخالفة الشكل والإجراءات، ذلك أن جهة الإدارة لم تتبع معايير وضوابط التعيين في الوظيفة التي وضعتها بنفسها، وقبلت المتقدمين وفق معدلاتهم اللفظية دون الرقمية، والتفتت عن قبول المدعي على الرغم من أنه يفوق عددًا كبيرًا من المقبولين في درجة التقييم النهائي المكونه من مجموع الدرجة الجامعية ودرجة المقابلة الشخصية، ولم تلتزم بإجراء معادلة لشهادات المقبولين الحاصلين عليها من خارج دولة الكويت، كما أن الوزير تدخل في أعمال لجنة اختيار المرشحين وقصر التعيين على الحاصلين على درجتي ممتاز وجيد جدًا، وابتغى بقراره الحصول على مكاسب سياسية وانتخابية، هذا إضافةً إلى أن لجنة الاختيار لم ترشح أية أسماء للوزير الذي انفرد باختيار المقبولين بمفرده مما يشكل اغتصابًا لاختصاص هذه اللجنة، وإذ كان ركنا الاستعجال والجدية الواجب توافرهما لوقف تنفيذ القرارات الإدارية متحققين في القرار المطعون فيه لاسيما وأن المقبولين سيستلمون أعمالهم وينخرطون في دورة تدريبية بتاريخ 2/10/2011، الأمر الذي حدا بالمدعي لإقامة الدعوى الماثلة بما سلف من طلبات.وحيث تدوولت الدعوى على النحو المبين تفصيلاً في محاضر جلساتها، وخلالها حضر محامي المدعي ومحامي الحكومة.وقدم محامي المدعي عددًا من مذكرات الدفاع التي اطلعت عليها المحكمة، وعدل طلباته إلى القضاء بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار رقم 26/2011 الصادر من وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء بتاريخ 20/7/2011، وذلك لحين الفصل في موضوع الدعوى الماثلة، وفي الموضوع بإلغائه فيما تضمنه من تخطي المدعي في التعيين بوظيفة محام (ب) في إدارة الفتوى والتشريع مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها إدراج اسمه في كشوف المقبولين للتعيين في هذه الوظيفة، وتعيينه فيها لتوافر كافة الشروط والمبررات لذلك، وبإلزام المدعى عليهم المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة الفعلية، كما قدم محامي المدعي عددًا من حوافظ المستندات التي أحاطت بها المحكمة، ومن أبرز ما انطوت عليه:-(1) صورة ضوئية من الإعلان المنشور في جريدتي الوطن والرأي العام عن فتح باب القبول للمتقدمين لوظيفة محام (ب).(2) صورة ضوئية من محاضر اجتماعات لجنة اختيار المرشحين. (3) صورة ضوئية من كتاب عضوي لجنة اختيار المرشحين المستشار/ ربيع علي حسين ناصر والمستشارة/ زليخة محمد علي الحبيب الموجه إلى وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء بتاريخ 10/7/2011، ثابت به أن اللجنة وإن كانت قد أجرت مقابلاتها لجميع المتقدمين للعمل في إدارة الفتوى والتشريع بوظيفة محام (ب)، إلا أنها لم تلتئم بجميع أعضائها لاعتماد النتائج الممهدة لرفع التوصيات وإعداد أسماء المقبولين منهم، وأن ما نُسب إلى اللجنة من ترشيحات لأعداد ضخمة لا يمت للواقع بصلة.(4) صورة ضوئية من كتاب رئيس إدارة الفتوى والتشريع ورئيس لجنة اختيار المرشحين المستشار/ محمد محمد السلمان الصباح، وعضوي اللجنة المستشار/ أحمد يوسف أحمد الثنيان والمستشار/ ربيع علي حسين ناصر الموجه إلى وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء بتاريخ 20/7/2011، ثابت به أن اللجنة لم ترشح حتى اللحظة أسماء من سيصدر بهم قرار بالتعيين، وإنما أرسلت إلى الوزير فقط محضر اجتماعها رقم (23) المنعقد بتاريخ 17/7/2011، وكشفًا – تم إعداده بناءً على طلب الوزير – يشتمل على جميع المتقدمين للتعيين بوظيفة محام (ب) ممن حصلوا على تقديري ممتاز وجيد جدًا وعددهم (308)، وأن اللجنة ملتزمة بتعيين عدد لا يتجاوز (60) متقدمًا لأن هذا هو العدد الذي تستطيع الإدارة استيعابه.(5) صورة ضوئية من القرار المطعون فيه رقم 26/2011 الصادر من وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء بتاريخ 20/7/2011.(6) صورة ضوئية من التظلم المقدم من المدعي إلى وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء.أما محامي الحكومة فقدم عددًا من مذكرات الدفاع التي اطلعت عليها المحكمة، وتمسك بعدم قبول طلب وقف التنفيذ لسببين:- أولهما أن الطلب لم يقترن بداءةً بطلب موضوعي بالإلغاء، وثانيهما أن القرارات الصادرة بالتعيين لا يجوز طلب وقف تنفيذها وفقًا لنص المادة السادسة من قانون إنشاء الدائرة الإدارية، وأن كل ما ينعاه المدعي على القرار المطعون فيه ليس في محله باعتبار أن قرارات التعيين تخضع لتقدير جهة الإدارة طالما أنها راعت نصوص القانون والضوابط التي وضعتها مسبقًا، وأن لجنة اختيار المرشحين وضعت منهجًا موحدًا لاختيار أكفأ وأصلح المتقدمين لشغل وظيفة محام (ب)، وأجرت مقابلات شخصية خلصت في نهايتها إلى اختيار عدد (160) متقدمًا توسمت فيهم القدرة على شغل هذه الوظيفة ذات الطبيعة الخاصة، فأصدر وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء قرار التعيين بناءً على ذلك، وقد خلت الأوراق من دليل قاطع على إساءة استعمال جهة الإدارة لسلطتها، وحتى على فرض صحة ما ذكره المدعي من أنه يفوق عددًا كبيرًا من المقبولين في درجة التقييم النهائي، فإن هذه الدرجة ليست هي المعيار الوحيد للمفاضلة بين المتقدمين، وإنما يخضع هذا الأمر لعدة معايير وعناصر تختص اللجنة وحدها بتقديرها، وطلب محامي الحكومة القضاء أصليًا بعدم قبول طلب وقف التنفيذ، واحتياطيًا برفض الدعوى بشقيها – العاجل والموضوعي – مع إلزام رافعها المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، كما قدم عددًا من حوافظ المستندات التي أحاطت بها المحكمة، ومن أبرز ما انطوت عليه:-(1) صورة ضوئية من الشهادات الأجنبية المعتمدة الخاصة بالمقبولين لشغل وظيفة محام (ب) في إدارة الفتوى والتشريع.(2) صورة ضوئية من محضر اجتماع لجنة اختيار المرشحين رقم (23) المنعقد بتاريخ 17/7/2011.(3) صورة ضوئية من كتاب عضو لجنة اختيار المرشحين المستشار/ أحمد يوسف أحمد الثنيان الموجه إلى وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء بتاريخ 20/7/2011، ثابت به طلب سحب توقيعه من الكتاب السابق إرساله – والمتضمن طلب ألا يتجاوز عدد المعينين من المتقدمين لشغل وظيفة محام (ب) عدد (60) عضوًا – واعتباره كأن لم يكن، وموافقته على تعيين العدد الذي تتوافر له درجات مالية وبما يحقق صالح إدارة الفتوى والتشريع.(4) صورة ضوئية من كتاب رئيس ديوان الخدمة المدنية الموجه إلى وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء بتاريخ 20/7/2011، ثابت به عدم ممانعة الديوان من تعيين عدد (160) كويتيًا بوظيفة محام (ب) في إدارة الفتوى والتشريع خصمًا من ميزانية الاعتماد التكميلي الأول للسنة المالية 2011/2012.(5) صورة ضوئية من كشف بأسماء عدد (160) متقدمًا تم اعتماد تعيينهم بوظيفة محام (ب) في إدارة الفتوى والتشريع، ثابت به التوقيع على صفحاته السبع من قبل أعضاء اللجنة المستشار/ فيصل عبد الرحمن الصرعاوي، والمستشار/ أحمد يوسف أحمد الثنيان، والمستشارة/ زليخة محمد علي الحبيب.وحيث قررت المحكمة حجز الدعوى للحكم لجلسة اليوم.وحيث إنه من المقرر أن تكييف الدعوى إنما هو من تصريف المحكمة، إذ عليها – بما لها من هيمنة على تكييف الخصوم لطلباتهم – أن تتقصى هذه الطلبات، وأن تستظهر مراميها وما قصده الخصوم من إبدائها، وأن تعطي الدعوى وصفها الحق وتكييفها القانوني الصحيح على هدي ما تستنبطه من واقع الحال فيها وملابساتها، وذلك دون أن تتقيد في هذا الصدد بتكييف الخصوم لها، وإنما بحكم القانون وحسب، كما إنه من المقرر أن العبرة بالطلبات الختامية في الدعوى لا بالطلبات التي تتضمنها صحيفة الدعوى، وأن تلك الطلبات الختامية هي التي تنزل عليها المحكمة حكم القانون.وحيث إنه لما كان ذلك وبناءً عليه، فإن حقيقة ما يرنو إليه المدعي في الدعوى الماثلة هو القضاء بقبولها شكلاً، وبوقف تنفيذ ثم بإلغاء القرار رقم 26/2011 الصادر من وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء بتاريخ 20/7/2011 فيما تضمنه من تخطيه في التعيين بوظيفة محام (ب) في إدارة الفتوى والتشريع مع ما يترتب على ذلك من آثار، وبإلزام جهة الإدارة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة الفعلية.وحيث إنه عن الشكل، فإن الثابت من الأوراق أن القرار المطعون فيه صدر بتاريخ 20/7/2011، ولما كان المدعي قد تظلم من هذا القرار ثم أقام دعواه الماثلة بمراعاة ما نصت عليه المادة السابعة من قانون إنشاء الدائرة الإدارية من مواعيد، وإذ استوفت الدعوى – في الوقت ذاته – سائر أوضاعها الشكلية المقررة قانونًا، ومن ثم تقضي المحكمة بقبولها شكلاً.وحيث إنه عن طلب وقف التنفيذ، فإنه من المستقر عليه في القضاء الإداري أن الفصل في طلب الإلغاء – أي في موضوع الدعوى – يغني عن الفصل في طلب وقف تنفيذ القرار المطلوب إلغاؤه، وإذ كانت الدعوى قد تهيأت للفصل في موضوعها، فإن المحكمة تلتفت عن هذا الطلب وتمضي في نظر الموضوع.وحيث إنه عن الموضوع، فإن القضاء الإداري هو بالأساس قضاء مشروعية، إذ يسلط رقابته على مشروعية القرار الإداري المختصم ليزنه بميزان القانون في ضوء صحيح واقعه، وحقيقة ما بُنيت عليه أركانه، ومدى استقامته على أسس مستمدة من عناصر ثابتة في الأوراق تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها، والقرار الإداري هو إفصاح جهة الإدارة عن إرادتها الملزمة في الشكل الذي يتطلبه القانون بما لها من سلطة مستمدة من القوانين واللوائح بقصد إحداث أثر قانوني متى كان ذلك ممكنًا وجائزًا، وكان الباعث عليه ابتغاء مصلحة عامة، ولسلامة القرار يلزم توافر خمسة أركان هي الاختصاص والشكل والغاية والسبب والمحل، فإذا اختل ركن منها أو أكثر كان القرار منعدمًا أو باطلاً بحسب الأحوال.وحيث إنه من المقرر أن المشرع قد يفرض على جهة الإدارة – قبل أن تصدر القرار الإداري – أخذ رأي فرد معين أو استشارة لجنة معينة أو هيئة من الهيئات، وعندئذ يجب عليها القيام بهذا الإجراء وإلا كان قرارها معيبًا بعيب الشكل حتى ولو كان الرأي في ذاته ليس ملزمًا لها. (يُراجع في هذا المعنى الدكتور/ سليمان الطماوي، النظرية العامة للقرارات الإدارية، طبعة 2006، صفحة 276 وما بعدها، والمستشار/ حمدي ياسين عكاشة، موسوعة القرار الإداري في قضاء مجلس الدولة، الجزء الأول، طبعة 2010، صفحة 530 وما بعدها)وقد تواترت أحكام محكمة التمييز على أن القرار الإداري كما يبطل لعيب في الشكل إذا نص القانون على البطلان صراحةً عند إغفال الإدارة اتخاذ إجراء ألزمها به قبل إصداره، فإنه يبطل كذلك في حالة عدم النص على البطلان إذا ما كان الإجراء الذي لم تتخذه الإدارة هو إجراء جوهري في ذاته، بأن كان يترتب على إغفاله تفويت مصلحة عنى المشرع بتأمينها، سواء للمصلحة العامة أو لصالح الأفراد.(الطعن رقم 227 لسنة 2003 إداري جلسة 1/3/2004)وحيث إنه لما كان ذلك، ونظرًا لأهمية ودقة المسؤوليات المنوطة بأعضاء إدارة الفتوى والتشريع المتمثلة – حسبما جاء في قانون إنشائها الصادر بالمرسوم الأميري رقم 12 لسنة 1960 – في صياغة مشروعات القوانين التي تقترحها الدوائر الحكومية المختلفة، وإبداء الرأي لها في المسائل التي تنجم عن تطبيق القوانين والمراسيم واللوائح، وكذا فيما يقوم بينها من خلاف في وجهات النظر، ومراجعة العقود التي تبرمها الحكومة مع الشركات والمقاولين والأفراد، وإبداء الرأي في المسائل التي تنجم عن تنفيذ هذه العقود، وتقديم الفتوى في كل التزام موضوعه استغلال مورد من موارد الثروة الطبيعية في البلاد أو مصلحة من مصالح الجمهور العامة، وكذا كل امتياز أو احتكار أو تأسيس لشركة من الشركات التي يكون إنشاؤها بمرسوم، إضافةً إلى مسؤوليتهم في الدفاع عن الخزانة العامة في جميع الدعاوى التي تُرفع أمام المحاكم على الحكومة أو منها، فقد أحاط المشرع هذه الإدارة بعدد من الضمانات التي تليق بمكانتها، وتحفظ لها هيبتها، وتساعد على اختيار أفضل العناصر القانونية لتولي الوظائف فيها والنهوض بالمسؤوليات المار بيانها، ومن بين هذه الضمانات أنه نص في المادة الثانية من المرسوم بقانون رقم 14 لسنة 1977 بشأن درجات ومرتبات القضاة وأعضاء النيابة العامة وإدارة الفتوى والتشريع على أن "يتولى القضاة وأعضاء النيابة العامة وإدارة الفتوى والتشريع وظائفهم بمرسوم، عدا التعيين في أدنى الدرجات فيكون بقرار من الوزير المختص بناءً على ترشيح لجنة اختيار تُشكل بقرار منه لهذا الغرض".وحيث إنه لما كان ذلك، وكان المشرع قد اشترط للتعيين بوظيفة محام (ب) في إدارة الفتوى والتشريع – وهي أدنى درجة في السلم الوظيفي لهذه الإدارة – أن يكون ذلك بقرار من الوزير المختص بناءً على ترشيح لجنة اختيار تُشكل بقرار منه لهذا الغرض، وبالتالي فإن هذا القرار يُعد من القرارات المركبة أو المتدرجة التي لابد لها من المرور بمرحلتين:- المرحلة الأولى تتمثل في حصول ترشيح للمتقدم للوظيفة من لجنة الاختيار، والمرحلة الثانية تتمثل في صدور قرار بتعيينه من وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء، ومؤدى ذلك ولازمه أن المعين في هذه الوظيفة يجب أن يحظى بموافقة كل من اللجنة والوزير معًا، وليس لأحدهما أن يفرض رأيه على الآخر بتعيين أحد المتقدمين لشغل الوظيفة، وقد استهدف المشرع من ذلك اختيار أكفأ العناصر وأنسبها، وضمان ألا يتقلد هذه الوظيفة الحساسة إلا من هو أهل لها حقًا وصدقًا، وليس من شك في أن حصول الترشيح من لجنة الاختيار هو إجراء جوهري وهام لا مناص منه، وأن الإخلال به يؤدي إلى بطلان قرار التعيين، ذلك أن هذه اللجنة تضم في عضويتها – في العادة وكما هو الحال في الدعوى الماثلة – رئيس إدارة الفتوى والتشريع وكبار مستشاريها، وهم – بما أوتوا من حكمة السنين – الأقدر على سبر أغوار شخصية كل متقدم لشغل الوظيفة لاستخلاص مدى توافر الشروط التي يتعذر على الأوراق والشهادات أن تثبتها أو تشير إليها، فهذه الوظيفة تتطلب – فضلاً عن الكفاءة العلمية – النزاهة والاستقامة والبعد عن الهوى والترفع عن الشبهات، ولذلك وُضعت مسؤولية الاختيار أمانةً في أعناق أعضاء اللجنة يتحملونها أمام الله وأمام ضمائرهم.وحيث إنه لما كان ما تقدم وترتيبًا عليه، وكان الثابت لدى المحكمة – بما لها من سلطة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وبحث الأدلة والمستندات المقدمة إليها – أنه ما إن أعلنت إدارة الفتوى والتشريع عن فتح باب القبول للمتقدمين لوظيفة محام (ب) حتى انهال عليها عدد كبير منهم تجاوز (550) متقدمًا، وقد قامت لجنة اختيار المرشحين بمقابلتهم في الفترة من تاريخ 23/5/2011 وحتى تاريخ 27/6/2011 على النحو المبين في محاضر اجتماعاتها من السادس وحتى الثاني والعشرين، وقبل أن ترشح اللجنة أية أسماء من المتقدمين لشغل الوظيفة طلب وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء موافاته بأسماء جميع المتقدمين الحاصلين على تقديري ممتاز وجيد جدًا، فأرسلت إليه اللجنة كشفًا – بناءً على طلبه – يضم عدد (308) اسمًا لم يُستبعد منه إلا أسماء الحاصلين على تقدير جيد، وبتاريخ 20/7/2011 أصدر الوزير القرار المطعون فيه بتعيين عدد (160) متقدمًا دون أن يأبه بعدم وصول أية ترشيحات إليه من اللجنة، وهو ما يشكل مخالفةً واضحة للمادة الثانية من المرسوم بقانون رقم 14 لسنة 1977 بشأن درجات ومرتبات القضاة وأعضاء النيابة العامة وإدارة الفتوى والتشريع، وإهدارًا غير مبرر لحق اللجنة في اختيار من ترى فيه الأهلية لشغل الوظيفة لاسيما وأنها عقدت الاجتماع تلو الآخر من أجل تكوين عقيدة راسخة في هذا الأمر، وما كان للوزير أن يسلبها هذا الحق ويستأثر وحده بتعيين من يشاء.وبالنسبة لما جاء في دفاع الحكومة من أن اللجنة اختارت (160) متقدمًا ورفعت أسماءهم إلى الوزير الذي أصدر قرار تعيينهم بناءً على هذا الاختيار، فهو قول مرسل أجدبت الأوراق مما يدل على صحة وقوعه، بل إن الأوراق تنطق بجلاء بخلاف ذلك، فكتاب عضوي لجنة الاختيار المستشار/ ربيع علي حسين ناصر والمستشارة/ زليخة محمد علي الحبيب الموجه إلى الوزير بتاريخ 10/7/2011 يثبت أن اللجنة لم تلتئم بجميع أعضائها لاعتماد النتائج الممهدة لرفع التوصيات وإعداد أسماء المقبولين منهم، وكتاب رئيس إدارة الفتوى والتشريع ورئيس لجنة الاختيار المستشار/ محمد محمد السلمان الصباح، وعضوي اللجنة المستشار/ أحمد يوسف أحمد الثنيان والمستشار/ ربيع علي حسين ناصر الموجه إلى الوزير بتاريخ 20/7/2011 يثبت كذلك أن اللجنة لم ترشح حتى اللحظة أسماء من سيصدر بهم قرار بالتعيين، ويُلاحظ أن تاريخ هذا الكتاب يطابق تاريخ صدور القرار المطعون فيه، ولا محل للتحدي بأن المستشار/ أحمد يوسف أحمد الثنيان سحب توقيعه من الكتاب السابق بموجب كتابه الموجه إلى الوزير بذات التاريخ، إذ أن الثابت من استقراء هذا الكتاب انحصار موضوعه على عدد الأعضاء الذين سيتم تعيينهم فقط، ولم يأت به ما ينفي ما ورد في الكتاب السابق من عدم ترشيح اللجنة أسماء من سيصدر بهم قرار بالتعيين، كما أن توقيع الأخير مع المستشارة/ زليخة محمد علي الحبيب على كشف أسماء المقبولين لا يعني – بحكم اللزوم – وجود ترشيح سابق لهم من اللجنة، أما بشأن ما أُثير في الأوراق بخصوص محضر اجتماع اللجنة رقم (23)، فلقد قدم محامي المدعي صورةً ضوئية من هذا المحضر تفيد انعقاده بتاريخ 14/7/2011 وعدم اختيار اللجنة أية أسماء، في حين قدم محامي الحكومة صورةً ضوئية مغايرة تفيد انعقاده بتاريخ 17/7/2011 واختيار اللجنة لعدد من الأسماء، إذ جاءت به عبارة "وبعد المناقشات المستفيضة التي دارت في هذا الشأن اتفق الأعضاء بالإجماع على قبول المتقدمين للتعيين لوظيفة محام (ب) وفقًا للكشف المرفق المتضمن أسماء المرشحين ممن رأت اللجنة انطباق الشروط عليهم"، ويُلاحظ أن هذا الكشف – وعلى افتراض صحة وجوده – لم يُعرض أمام المحكمة، وإزاء هذا الغموض والتناقض بين المستندين فإن المحكمة تطرحهما جانبًا دون التعويل على أي منهما لاسيما وأن كتاب رئيس إدارة الفتوى والتشريع ورئيس لجنة الاختيار المستشار/ محمد محمد السلمان الصباح، وعضوي اللجنة المستشار/ أحمد يوسف أحمد الثنيان والمستشار/ ربيع علي حسين ناصر الموجه إلى الوزير بتاريخ 20/7/2011 لاحق عليهما، وقد جاء هذا الكتاب قاطع الدلالة على أن اللجنة لم ترشح حتى اللحظة أسماء من سيصدر بهم قرار بالتعيين، وهذا هو الذي تطمئن إليه المحكمة.وحيث إنه لما كان ذلك، وكان القرار المطعون فيه قد صدر بتعيين عدد (160) عضوًا بوظيفة محام (ب) في إدارة الفتوى والتشريع من وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء، وذلك دون إتباع الإجراء الجوهري – الذي أوجبته المادة الثانية من المرسوم بقانون رقم 14 لسنة 1977 بشأن درجات ومرتبات القضاة وأعضاء النيابة العامة وإدارة الفتوى والتشريع – بضرورة أن يكون هذا التعيين بناءً على ترشيح من لجنة اختيار المرشحين، الأمر الذي يكون معه القرار المطعون فيه معيبًا بعيب مخالفة الشكل والإجراءات مما يصمه بعدم المشروعية، ومن ثم تقضي المحكمة بإلغائه إلغاءً مجردًا مع ما ترتب عليه من آثار.وحيث إنه عن المصروفات شاملةً مقابل أتعاب المحاماة، فإن المحكمة تلزم جهة الإدارة بها لخسرانها التداعي عملاً بنص المادة (119/1) من قانون المرافعات.وحيث أنه عن مقابل أتعاب المحاماة الفعلية، فإن المادة (22) من القانون رقم 17 لسنة 1973 بشأن الرسوم القضائية تنص على أنه "لا يجوز مباشرة أي عمل قبل وفاء الرسم المستحق عنه مقدمًا، وعلى المحكمة استبعاد الدعوى أو الطلب إذا لم يكن قد دُفع الرسم المستحق وفقًا لأحكام هذا القانون".وإذ لم يسدد المدعي الرسم المستحق عن طلب أتعاب المحاماة الفعلية، فإن المحكمة تقضي باستبعاده مكتفيةً بإيراد ذلك في أسباب حكمها من دون المنطوق.فلهـذه الأسبـــــابحكمت المحكمة:- بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء القرار رقم 26/2011 الصادر من وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء بتاريخ 20/7/2011 إلغاءً مجردًا مع ما ترتب عليه من آثار، وبإلزام جهة الإدارة المصروفات، ومبلغ عشرة دنانير مقابل أتعاب المحاماة.