الرسائل الغاضبة

نشر في 04-06-2011
آخر تحديث 04-06-2011 | 01:01
No Image Caption
 فراس خورشيد خرجت جمعة غضب، وقبلها تجمعات وندوات لم ولن تقف، استعمل المتجمهرون أكثر من طريقة للتعبير عن آرائهم، وإيصال أفكارهم، قالوا إن البلد غرق في الفساد، قالوا «ارحل» لرئيس الوزراء، حرقوا مزقوا هتفوا تعاركوا تصايحوا ثم إلى بيوتهم عادوا.

ولكن في كل خطاباتهم السابقة واللاحقة، لم أفهم إلى مَن يوجهون خطابهم، هل هو لسمو الأمير، أم للسلطة القضائية، أم لمجلس الأمة بما يحوي من نواب؟

فنحن في دولة دستورية، لها شكلها ونظامها، فتعيين سمو الرئيس بيد سمو الأمير، والاعتراض عليه بيد مجلس الأمة، وأي ممارسة صادرة من أيٍّ كان وشُك في دستوريتها، ترفع بها دعوى إلى المحكمة الدستورية التي تحكم بدستوريتها أو عدم دستوريتها، وفي الدولة الدستورية الشعب هو مصدر السلطات، وأنتم لستم الشعب، أنتم قسمٌ من الشعب، ولا ينبغي لكم مصادرة آراء كل الشعب لصالحكم، ولا تعميم نظرتكم على أنها واقع يجب على الجميع التزامه، ولا إلزام غيركم بتوجهاتكم السياسية، فكلٌ منّا له رأي ينعكس على قرار الدولة بشكل مباشر أو غير مباشر.

ولا ألوم مَن يعبر عنكم بالمؤزمين، فطريق التغيير بيدكم وتسلكون غيره، فالتغيير في دولة الدستور ليس بالإكراه، وممارسة حقكم في التعبير لا تعطي التعبير قوة التغيير، فلو تحققت مطالبكم، وخرج عدد يقابل عددكم فهل يعني ذلك أن تسقط مطالبكم، وننتقل إلى حالة مدمرة من فوضى المطالب النافذة؟ إن طريق التغيير يا سادة بالرجوع إلى الشعب، لمحاورته وإقناعه ليغير أفكاره، ونمط تعاطيه مع القضايا السياسية، فإن استطعتم إقناع الشعب بأفكاركم، وغيرتم قناعاته، فسيفرز لكم أعضاء يعبرون عن رأيه الجديد الموافق لآرائكم.

وبما أنكم حاملو راية الترحيل والتغيير، يفترض بكم قبل مخاطبة من يخالفكم، أن تكون لديكم نظرة سياسية واقعية شاملة للأحداث والأوضاع ولمستقبل البلد، فلا يعقل أن يترك المخالف لكم استقراراً وحريةً ولو محدودة، وينادي معكم بحريات تحيطها ضوابط مفصلة على أيديولوجيات بعضكم، ويخسر هو ما لديه من حرية واستقرار إلى غير رجعة، فالأجدى بكم الدخول في المعترك الفكري، وتشذيب طرحكم وأفكاركم، لتخرجوا لنا بطرح وطني يناسب جميع أطياف المجتمع، ثم تعرضوا آراءكم على بقية أطياف الشعب لتؤيدكم أو تعارضكم، أما بقاء الطرح الطائفي والقبلي بينكم وسكوتكم عنه، فهو التخاذل الحقيقي عن مكافحة أسوأ صور الفساد، بل رعاية له، وإضفاء صبغة وطنية عليه، فكيف تريدون إصلاح كل البلد وأنتم لا تستطيعون إصلاح من يقف معكم في نفس الدائرة؟!

back to top