صحّافو سورية... وأي منقلب ينقلبون

نشر في 04-02-2012
آخر تحديث 04-02-2012 | 00:01
 المستشار خالد عبدالله شبيب "دخل أحد الأعراب مجلس معاوية- رضي الله عنه- وقال: السلام على أجير المؤمنين، فقالوا: قل أمير المؤمنين، قال بل أجير المؤمنين، قال معاوية: دعوه، فقال: بل أجير المؤمنين استأجرك الله عليهم، فإن عملت لهم كافأك، وإن عملت عليهم حاسبك وجازاك". فيا سعادة السفير، أشفق عليك حقاً، وكنت أرجو من الله ألا يجعلك فيما سطرت في إحدى الجرائد الكوتيية "صحافاً" ثانياً لصدام ثانٍ، ولكنك تصر على ذلك، ولعلك تذكر المصير المحتوم لكل طاغية و"صحَّافه" معه، وموسى إبراهيم "صحَّاف" القذافي ليس عنك ببعيد.

وقد قلتها لك في زيارتي الأخيرة الخاصة لك منذ شهرين، إنك أجير عند الشعب وليس عند بشار الأسد، وإن راتبك ولقمتك التي تأكلها مغمسة بدم الشهداء السوريين، وقلت لك إن الله سيحاسبك على وقوفك مع القتلة المجرمين ضد شعبك المظلوم، وقلت لك لن يحاسبك بشار ولا عصابته يوم الموقف العظيم بين يدي الله عز وجل، ولن يعطيك بشار الأسد هناك براءة، ولن ينفعك أن تبيع دينك وضميرك بدنيا غيرك. وسألتك، عن عمرك فقلت تجاوز الستين؟ وقلت لك إنك ستلقى الله قريباً، فماذا أنت قائلٌ له، فأجبتني: يا أستاذ خالد "بغض النظر عن الحق والباطل، واحد عنده جيش وسلطة وسلاح، هل يتخلى عنهن بهالسهولة؟!"، ويشهد على ذلك الكلام كاميرات المراقبة في السفارة والمحامي الذي كان معنا.

فأجبتك: سلطة من؟! أليس موكلا على السلطة ليحافظ على الشعب؟! أليس الجيش للدفاع عن الشعب؟ ومكانه حدود الوطن؟! أليس السلاح الذي يقتل به الشعب من قوته؟! أليس هؤلاء الجنود الذين أمرهم بشار لقتل شعبهم هم أبناؤه؟ وقلت لك هل تعلم يا سعادة السفير "إن الجرم الذي يقوم به بشار هو جرم الخيانة العظمى؟ لأنه وكيل وأجير، وقد خان الأمانة ونكث العهد، ونصحتك يومها أن تقف موقفاً يرضي ضميرك، موقفاً يرضي الله تعالى عنك، أن تقف مع الشعب ولكنك لم تفعل.

طبعاً الخوف من العصابة "المافياوية" القاتلة تملك قلوب الكثير لأنها لا ترقب في أي من أجرائها وأعضائها إلاً ولا ذمة، ولا تتورع في أي لحظة عن قتلهم، فخرجت علينا اليوم تهرف بما تدعي أنك تعرف، وتلوي عنق الحق والحقيقة، وتدّعي نفس الأسطوانة المشروخة التي مللنا سماعها، مؤامرة كونية عالمية وإعلامية ممنهجة ضد العصابة الحاكمة هناك في الشام، ويا ليتك تنورت في بلد الديمقراطية، خلال فترة وجودك هنا، ولكنك لم تفعل. اسمع... يا سعادة السفير، لا أسمعك الله إلا صوت الحق، وأبعدك الله عن مواطن الباطل؛ لقد دخلت ثورة الكرامة مع النظام في معركة إعلامية حامية الوطيس، سَخّر لها النظام القاتل فضائيات وصحفاً ومجلات ومواقع وصفحات، واستعان بإذاعيين وصحافيين وإعلاميين سوريين وغير سوريين، مأجورين من سبحة لبنان والعراق، وأنفق فيها ما لا يُحصى من المال.

نعم، حرب واجهها الشعب بأقل القليل من التجهيزات البسيطة، وبأكثر الكثير من العزيمة والهمة والشجاعة والإبداع، وكانت النتيجة أن النظام خرج من المعركة مهزوماً مأزوماً وخرج الشعب منتصراً مختالاً. أبشر... يا سعادة السفير وليبشر ضميرك وقلبك من الداخل المضمر غير المعلن، إن النظام ساقط لا محالة بإذن الله تعالى، لقد انهزم في كل معاركه ولم تبقَ إلا المعركة الفاصلة الأخيرة، وإن الله قد سخّر "الجيش الحر" لهذه المهمة لمواجهة النظام، وأخرجه إلى الوجود من وراء ستار الغيب، من حيث لم يكن النظام يحتسب ولا يرجو ولا يتوقع، فاعتمد أيها الشعب على الله أولاً، واعتمد من بعده على هذا "الجيش الحر"، هو جيشك وجيش بلادك، ولا تَمُد ببصرك وراء حدودك ولا ترجُ النصر من قريب ولا بعيد إلا من الله تعالى، فبشائره بدأت تلوح في الأفق،

فهذه السعودية قد صعدت من دورها وكذلك دول مجلس التعاون سحبت مراقبيها، وطرد السفراء قريباً جداً "وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون". وأخيراً أقول: هل كان علي فرزات وحمزة الخطيب ورفاقه وإبراهيم قاشوش وغياث مطر ومشعل التمو وأبو الطيب الأتاسي وشرف وكبرياء حرائر سورية الذين اعتدي عليهم، هل كان هؤلاء من ضمن جوقة التضليل الإعلامي التي طبلت وزمرت عنه، وهل تمت محاسبة من اعتدى على هؤلاء؟! وأختم... "أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ". (سورة النور 46) ... والله من وراء القصد.

back to top