خبير العلاقات الزوجية كريم الشاذلي: المرأة تُقدِّر المشاعر والرجل يطغى على حبه الطابع العملي

نشر في 23-01-2012 | 00:03
آخر تحديث 23-01-2012 | 00:03
ما المقصود بالحبّ؟ كيف تساعدنا الرومانسية على التواصل مع الآخرين من حولنا بشكل أكثر إيجابية وبخاصة بين الأزواج؟ هذه التساؤلات  وغيرها يجيب عنها كريم الشاذلي، خبير التنمية البشرية والمتخصص في العلاقات الزوجية، في الحوار التالي.

كيف تحدّد الرومانسية؟

سلوك ينتهجه شريكا الحياة والتزام يقرره كل فرد بأن يسكن الطرف الآخر في قلبه، هذا الالتزام يجعل الشريك يحترم شريكه ورغباته ومطالبه، يتفهم الضغوط والصعوبات التي يمرّ بها، يقبل عثراته واعتذاره، ويركز على الحوار كأسلوب حياة.

الاحترام المتبادل هو الذي يتحكّم بعلاقتنا، ومع وجود الحبّ ستكون ثمة مشاكل تحتّمها طبيعة الحياة وضغوطها. الحبّ والرومانسية يجعلان الشريكين أكثر تفهماً لبعضهما البعض في حال نشأ خلاف بينهما، ويساعدانهما على تقبّل كل طرف وجهة نظر الطرف الآخر.

اين تكمن المشكلة في هذا السياق؟

في الفهم المغلوط لمفهوم الحب والرومانسية، إذ نتصور أن الرومانسية مجرد مشاعر جميلة رقيقة متبادلة، ولا تحتاج منا إلى التزام وانضباط وتحمّل.

هل يختلف مفهوم الرومانسية عند الرجل عنه عند المرأة؟

بالطبع، تحترم المرأة المشاعر والأحاسيس والسلوك الرومانسي، تنتبه إلى الكلمة والهمسة وتطالب الرجل بأن يبثها مشاعره، فيما الرجل عملي، ويكون تعبيره  عن الحب، في الغالب، عبر سلوك حياتي، مثلاً يرى أن عمله وكدحه وتعبه إقرار بأنه يقدر بيته وأسرته، لذا يستغرب عندما تتهمه زوجته بأنه لا يحبها، أو أنه مُقصر في حقّها، ويسألها: «لماذا أتعب وأبذل كل هذا العناء من أجلك إذا لم أكن أحبك؟»

ببساطة يرى الرجل أن التعبير عن الحبّ الحقيقي يجب أن تشعر به المرأة عندما تترجم تعبه وجهده في الحياة إلى مشاعر، وهذه مشكلة أبدية بين الرجل والمرأة، هي تريد التعبير والكلام والفضفضة، وهو يريدها أن تُقدِّر ما يبذله ويفني عمره من أجلها.

كيف يمكن حلّ هذا الإشكال؟

على كل طرف أن يتفهّم بأن الطرف الآخر يختلف عنه في نظرته إلى الأمور، والتعاطي مع الضغوط، والتعبير عن المشاعر، وبأن هذا الاختلاف يثري حياتنا.

على الزوج  أن يدرك أن السلوك الرومانسي مهم لزوجته، فيحدّثها ويهتم بمشاعرها، وألا ينسى في زحمة أعماله أن يروي لديها هذا العطش. كذلك على الزوجة أن تدرك أن تعب زوجها هو، في ذهنه، تعبير عن الحب والرومانسية، فتقدّر هذا الأمر وتشكره وتخفف من تعبه، وتدعو الله أن يعينه على شدائد الحياة.

هل  الاعتذار في الحبّ إيجابي أم سلبي؟

إيجابي طبعاً، أؤمن بأن القوي هو من يعتذر، بينما الضعيف يتخبط ويبحث عن حجج ويتهرب من تحمل المسؤولية. مهما كنت أحب شريك حياتي إلا أنني لا بد من أن أخطئ، نحن بشر وليس بين البشر من يمتلك العِصمة من الزلل. الحلّ عند ارتكاب خطأ، بلا مواربة، هو الاعتذار وطلب الصفح من الشريك،  ليس في الأمر إحراج أو ضعف إنما هو قوة، للاعتذار حرارة لا يتحملها إلا العظماء من البشر.

إلى أي مدى تعبّر مؤلفاتك في العلاقات الأسرية عن مشاكلنا وهمومنا؟

يستعرض كل كتاب قضية بعينها ويبحث فيها، ففي «إلى حبيب» أكدت أهمية الرومانسية في حياتنا الزوجية، في «جرعات من الحب» ألقيت الضوء على العلاقة الجنسية وأهميتها في استمرار الحب، في «سحابة صيف» تحدثت عن المشاكل الزوجية وكيف أنها وجودها أمر طبيعي، وذكرت أنواعها وكيفية التعامل معها، وفي «الإجابة الحب» (كتابي الأخير)، أوردت 20 مشكلة زوجية معاصرة، وأكدت أن كيفية فهمها والتعامل معها دليلنا للعيش بسعادة وهناء.

برأيك كيف يمكن الانتصار على مشاكل الحياة؟

ألا نعاندها، ألا نتوتر ونحن نواجهها، يشكل فهم المشكلة أكثر من نصف الطريق إلى الحل، أن نؤمن بأن المشاكل جزء لا يتجزأ من الحياة وطبيعتها، وبأن العيش بسعادة مرتبط بقدرتنا على فهم المشكلة، وتحليلها والغوص فيها والخروج بحلّ... نعم سنتألم ونحزن ونشعر بضيق، لكن الذكي يخرج من هذه الحالة المُحزنة، ليبدأ التفكير الإيجابي في الحلّ.

ما وصفتك لعلاقات أسرية وزوجية ناجحة؟

أن نتعلم كيف نتحاور، كلما كانت مساحة الحوار كبيرة كنا أكثر قدرة على إدارة حياتنا بكل ما فيها. في المقابل عندما يصيب «البكم» الزوجي حياتنا، يحلّ البرود ويسير الاتجاه نحو الهاوية. كذلك على كل طرف تقدير ما يبذله الطرف الآخر، وعدم التقليل من جهده وتعبه. وعند توجيه  النقد أو التنبيه يجب أن نتعلم أدب النصيحة، وألا نكون حادين في تعاملنا مع الشريك، وفي حال وقوع خلافات أسرية يجب ألا يعلو صوتنا وألا ينال أحدنا من كرامة الشريك، وأن نجنب أبناءنا أي توتر أو ضغوط.

كيف يمكن تخطي مشاكل سنة أولى زواج؟

تشير  الإحصاءات الرسمية إلى أن أكثر من 90% من حالات الطلاق تحدث في السنوات الثلاث الأولى، والسبب، من وجهة نظري، ما يرتسم في الذهن عن الحب والزواج أثناء نشوة الحب قبل الارتباط.

لكل منا مشاعر وأمنيات وحسن نية، فيطمئن إلى أن المقبل من الأيام أجمل وأروع، لكن عندما نتزوج تتحول العلاقة من عاطفية وروحية بحتة إلى علاقة عقلية، ويصبح لكل طرف حقوق.

في بداية العلاقة لم نكن نرى الأمر من منطلق حقوق يجب تلبيتها، كنا نظن أن الوردة أو الكلمة الجميلة الرقيقة كافية، فندخل الحياة الزوجية من دون أن نعي بأننا نخطو نحو حياة كاملة، وبأن الزوجة سترى الشريك وهو غاضب، حزين، منفعل، وسيرى الشريك زوجته من دون مكياج، من دون تحفظ... ستظهر اختلافات لم نكن نراها في السابق كوننا صرنا أكثر قرباً ومكاشفة.

أنصح في مستهل حياتنا أن نكتشف بعضنا البعض من دون توتر، أن نبحث عن مساحات تقارب ونؤكد عليها، أن نكتشف عيوب الشريك ونحاول أن نُصلح ما يمكن إصلاحه، أن نتعايش مع خصال قد لا تروق لنا كالعصبية أو الغيرة مثلا.

كذلك أنصح بألا نُقحم غرباء في حياتنا الزوجية، خصوصا في حلّ  المشاكل والتوتر، يجب أن نقرأ ونتعلم ونفهم. حديثي للرجل، كما قال الرافعي في «وحي القلم»: «كن رجلا في معانيه القوية تجد المرأة معك في أقوى معانيها، كن مسؤولا، حانياً، متحملا، تجد لك في قلب زوجتك مكاناً بارزاً». وكلمتي للمرأة، تفهمي زوجك جيداً، كوني في المنطقة الوسط بين «الندية» و{السلبية»، هاتان الصفتان تأخذان من حياتك الزوجية زهرتها وتصدران ضدها مرسوماً بالموت «الإكلينيكي».

back to top