قيمة الشهادات الجامعية تتراجع مع تزايد عدد حملتها.. بعض الحكومات تنبه وبدأ بتوجيه حملة الثانوية إلى سوق العمل مباشرة
تفقد السلعة قيمتها بمجرد توافرها بكثرة، ولذا يتمتع الذهب بقيمة عالية بسبب ندرته، وبالمقارنة تقل قيمة كل شهادة جامعية عند تزايد أعدادها. وقلة من الدول بدأت تدرك الأمر.
في كل أنحاء الولايات المتحدة، بل وفي شتى أنحاء العالم، تتماثل الرسالة المتعلقة بالتعليم العالي: "يتعين على المزيد من الناس الالتحاق بالجامعات". وقد شدد الرئيس اوباما بصورة متكررة على انه "بحلول عام 2020 سوف يكون لدى أميركا من جديد أعلى نسبة من خريجي الجامعات في العالم".وتعمل مؤسسة "لومينا" من أجل زيادة نسبة الأميركيين من حملة الشهادات الجامعية الى 60 في المئة بحلول سنة 2025. وسوف تمثل تلك زيادة ضخمة لأن أقل من 30 في المئة من الأميركيين البالغين في الوقت الراهن يحملون شهادات جامعية.والأمر ليس متوقفا على الولايات المتحدة وحدها، فحسب منظمة اليونيسكو فإن الهند قد تبني جامعة جديدة في كل أسبوعين حتى عام 2025 لتلبية ذلك الطلب.وخلال الشهور السبعة التي أمضيتها في الجامعة التحقت، مثل العديد من طلبة السنة الأولى، بمقرر الاقتصاد 101 ومازلت أتذكر شيئاً واحداً عن الندرة، وهو أن أسعار السلع تتراجع كلما قلت ندرتها أي تم انتاج المزيد منها.للندرة قيمة ويتمتع الذهب بقيمة عالية مثلا بسبب ندرته. هل تذكرون كيف كنا نستخدم قواقع البحر على شكل عملة؟ ثم توقفنا عن القيام بذلك لأن أحدهم اكتشف أن في وسعه الذهاب الى الشاطىء والحصول على مزيد من الصدف والمحار. أي أن السلعة تفقد قيمتها بمجرد توافرها بكثرة.الجامعات مثل الشواطىء وحملة الشهادات مثل المحار، ومع تقديمنا للمزيد من الشهادات تقل قيمة كل شهادة جامعية بشكل متزايد. وقلة من الدول بدأت تدرك الأمر.تقول مجلة الايكونوميست إن رئيس كوريا الجنوبية يسعى لتثبيط همة الشباب الراغبين بالالتحاق بالجامعات. وفي كوريا الجنوبية أكثر من 82 في المئة من طلاب الثانوية يتوجهون الى الجامعات وهذه هي أعلى نسبة في العالم. وكما هي الحال في الولايات المتحدة يلتحق الطالب بالجامعة وهو يتوقع الحصول على عمل بمجرد تخرجه. ثم، وكما هي الحال بالنسبة الى العديد من الخريجين هنا أيضاً، يجد نفسه من دون عمل. ويضغط الرئيس على شركات كوريا الجنوبية من أجل تشغيل الناس من دون شهادات جامعية، وقد نظر مصرفان تجاريان في كوريا الجنوبية الى هذه المسألة بجدية وخصصا 13 في المئة من الوظائف الجديدة لمن لا يحمل شهادة جامعية.وطبعاً يحمل أقل من 30 في المئة من الأميركيين البالغين شهادة جامعية ولذلك فإن السوق ليس مشبعاً حقاً. ولكن اذا وصلت نسبة حملة الشهادات الى 60 في المئة بحلول عام 2020 أو 2025 يتعين علينا اعادة تقييم معنى جملة "أنا خريج جامعة". وقد يحتاج من يريد العمل في بيع الشطائر لدى ماكدونالد عما قريب الى شهادة دكتوراه. أنا أبالغ بقولي ذلك، غير أن امكانية العمل تعتمد على موضوع الشهادة الجامعية: معدل البطالة بين خريجي التمريض هو 2.2 في المئة بينما تصل النسبة الى 19.5 في المئة لدى علماء النفس.الصين لديها حليقول تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال إنها ألغت البرامج التي تتعلق بالشهادات الجامعية التي يفشل 60 في المئة أو أكثر من حامليها في الحصول على عمل خلال سنتين. والشيء المثير للاهتمام هو أن الصين تقوم بهذا الاجراء قبل أن تواجه وفرة في عدد الخريجين: 8.9 في المئة فقط من البالغين في الصين يحملون شهادة جامعية.والسؤال الآن هو: ماذا يعني ذلك بالنسبة الى طلبة الجامعات؟ ما لم تكن في الصين عليك ألا تتوقع أن تغلق ادارة تاريخ الفنون أبوابها، غير أن عليك أن تدرك أن شهادتك الجامعية ستصبح أقل قيمة مع ازدياد عدد الخريجين. وهذه الحقيقة ليست مدعاة للقلق، اذ سيتمتع حملة الشهادات الجامعية بتقدم على من لا يحمل شهادة لعشر سنوات اخرى. ولكن اذا تمت تلبية هدف اوباما وحصل 60 في المئة من البالغين على شهادة جامعية عليك ألا تعول على شهادتك من أجل الحصول على عمل.