حمّى الانتخابات تنتشر في إسرائيل
حكومة بنيامين نتنياهو مستقرة، لكن البعض يظن أن رئيس الوزراء الإسرائيلي سيسعى إلى إجراء انتخابات مبكرة للاستفادة القصوى من شعبيته قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية.
تُعتبر الحكومة الائتلافية الإسرائيلية الراهنة واحدة من أكثر الحكومات استقراراً منذ عقود، ولن تحصل الانتخابات الوطنية المقبلة قبل سنتين تقريباً. مع ذلك، انتشرت حمّى الانتخابات في أنحاء البلد ويظن البعض أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يستعد بكل هدوء للدعوة إلى انتخابات مبكرة في منتصف هذه السنة على الأرجح.أعلن أبرز حزبين سياسيين (حزب الليكود المحافظ الذي ينتمي إليه نتنياهو وخصمه الأساسي المتمثّل بحزب "كاديما" الوسطي) أنهما سيجريان الانتخابات الأولية لاختيار قادتهما على أن تُطرَح أسماء الفائزين في الانتخابات المقبلة.عقد حزب العمل اليساري مؤتمراً لقياداته في شهر سبتمبر. هذا الشهر، وعد مذيع الأخبار الشهير يائير لابيد بخرق وضع المراوحة فأعلن أنه سينافس على منصب رئيس الوزراء بصفته رئيساً لحزب جديد.في بلدٍ كانت فيه ولاية رئيس الوزراء في العقود الأخيرة أقصر من ثلاث سنوات وكانت معظم الحكومات تنهار في مرحلة مبكرة، يظن البعض أن نتنياهو الذي تولى منصبه في عام 2009 سيسعى إلى الاستفادة القصوى من شعبيته المتزايدة من خلال ضمان فوزه بولاية أخرى قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية في شهر نوفمبر.اشتبك نتنياهو والرئيس أوباما في مناسبات عدة بسبب استمرار بناء المستوطنات في إسرائيل على الأراضي التي "صادرتها" خلال حرب الشرق الأوسط في عام 1967، في الأشهر الأخيرة، قلّص البيت الأبيض ضغوطه خوفاً على الأرجح من أن تؤدي هذه الخطوات إلى إثارة غضب الناخبين اليهود والمسيحيين الإنجيليين في الولايات المتحدة وإلى منح منافسي أوباما الجمهوريين الحصانة التي يحتاجون إليها.إذا فاز أوباما بولاية رئاسية ثانية، فإن اعتقاداً يسود بأنه قد يجدد ضغوطه على نتنياهو لإحراز تقدم معين في محادثات السلام في الوقت الذي يواجه فيه رئيس الوزراء استحقاقاً انتخابياً خاصاً به بهدف إعادة انتخابه.في هذا الصدد، قال عوفر كينيغ، خبير في السياسات الحزبية في المعهد الإسرائيلي للديمقراطية: "سيساهم فوز أوباما في شهر نوفمبر المقبل في تجديد تفويضه الشعبي، ما يسمح له باستعمال نفوذه لتفعيل عملية السلام والضغط على نتنياهو وإسرائيل لأخذ المبادرات وتقديم التنازلات. قد يفضل نتنياهو خوض انتخاباته بعد حصول هذه التطورات". بعد إطلاق سراح الجندي الأسير جلعاد شاليط، تقارب نسبة تأييد نتنياهو راهناً الخمسين في المئة وتشير استطلاعات الرأي إلى أن حزب الليكود قد يفوز بأكبر عدد من المقاعد في الكنيست إذا أُجريت الانتخابات اليوم.اعتبر العالم السياسي مناحيم هوفنانغ من الجامعة العبرية في القدس أن "وضع نتنياهو لا يمكن أن يكون أفضل مما هو عليه اليوم".لكن سرعان ما وضع مساعدو نتنياهو حداً لجميع التكنهات في هذا الصدد حين أعلنوا أن رئيس الوزراء لم يذكر شيئاً عن تقديم موعد الانتخابات التي ستحصل مبدئياً في خريف عام 2013.مع ذلك، يشير المحللون إلى قرار نتنياهو المفاجئ في الشهر الماضي بانتخاب قادة الحزب في نهاية شهر يناير. هذا ما دفع زعيمة المعارضة تسيبي ليفني إلى القيام بالمثل، فأعلنت إجراء انتخابات أولية لحزب "كاديما" في شهر مارس.اعتبر النائب مائير شطريت عن حزب "كاديما" أنه قد ينافس ليفني على منصب قيادة الحزب، وأضاف قائلاً: "حين أقدم نتنياهو على ذلك، كان علينا القيام بالمثل"، كما اعترف بأن إجراء الانتخابات العامة في هذه الفترة قد يُضعف حظوظ حزب كاديما لأن استطلاعات الرأي تشير إلى أن الناخبين لم يستوعبوا رسالة ليفني.في الوقت نفسه، اعتبر شطريت أن الانتخابات المبكرة قد ترتد عكسياً على نتنياهو لأن حزب كاديما يسلط الضوء على فشل رئيس الوزراء في إحراز أي تقدم لإنهاء الصراع مع الفلسطينيين، ما يعزز عزلة إسرائيل الدولية.أوضح شطريت: "كل رئيس وزراء يُجري انتخابات مبكرة يخسر في أغلب الأحيان، فالوضع السياسي في إسرائيل متغير جداً، وقد تنقلب الأمور رأساً على عقب بين مرحلة الدعوة إلى الانتخابات ومرحلة التصويت".يقول البعض إن نتنياهو يملك سبباً وجيهاً لأخذ تلك المجازفة نظراً إلى تقلب السياسة الإسرائيلية، صحيح أن حكومته اليمينية بمعظمها هي مستقرة في الوقت الراهن، لكن قد يتغير هذا الوضع لأن أعضاءها لا يتفقون بأي شكل حول المسائل الشائكة مثل ضم أكثر المحافظين تشدداً إلى الجيش أو تفكيك مراكز الاستيطان غير المصرح بها.تشكل التهم التي يواجهها وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان مسألة شائكة أخرى، إذ يخضع ليبرمان للتحقيق منذ أكثر من عشر سنوات بسبب اتهامه بالرشوة وغسيل الأموال، ومن المتوقع أن تتخذ النيابة العامة الإسرائيلية قرارها النهائي في الأشهر المقبلة.بحسب رأي المحللين، إذا أُدين ليبرمان قد يسعى إلى إسقاط الحكومة كي يخوض مع حزبه انتخابات جديدة قبل بدء محاكمته.