المدوّنة الطبيّة صحة الجهاز الهضمي

نشر في 02-06-2011 | 00:00
آخر تحديث 02-06-2011 | 00:00
ينبغي أن نفهم طريقة عمل الجهاز الهضمي لنتعلم صحة هذا الجهاز، يبدأ جهازنا الهضمي من الفم، وهنا ينبغي أن نفهم أهمية التذوق والشم وغيرها من الحواس في شهية المرء، كما ينبغي أن نفهم دور العين والدماغ خصوصا في تحديد ما نأكل وكيف نأكل، والواقع أننا نميل الى الأكل الذي يثير الحواس سواء كان ذلك شكلاً حين نسعد بالنظر إليه أو طعماً حين نستلذ مذاقه عندما يتسرب قليل منه إلى مستقبلات التذوق، ولذلك نحب أن نختم وجبتنا بالحلو بعد المالح أو الحامض، فتلك المستقبلات التي لم يصلها أي استثارة تطلب نصيبها، والإنسان مجبول على إشباع الحواس، يأتي البلعوم بعد الفم وينحصر دوره في دفع الأكل الى باقي الجهاز الهضمي فيولد موجة تقلصات تدفع البلعة الى أسفل أشبهها بموجة عالية تدفع براكب الأمواج حتى يصل الى الشاطئ فحين لا تأتي موجة بالقوة الكافية نتوقع أن يقف الأكل في الطريق ويحدث هذا فعلا، وعندها كما يمتطي راكب الأمواج الموجة التي تليها يفعل ذلك الأكل، فقد نبلع ريقنا لتمرير موجة جديدة لتنقل الأكل وقد تبدأ موجة تلقائية في مكان توقف الأكل ضعيفة نوعاً ما لكنها كافية لإتمام المهمة لكن تبقى الموجة الأولية مهمة وهي لا تبدأ إلا في البلعوم، ولذلك قد لا يستطيع من أصيب بمرض عصبي في البلعوم من الأكل لعدم القدرة على توليد الموجة المنتظمة، مثلا كما نرى في من أصيب بجلطة دماغية أو شلل دماغي أثرا بمنطقة التحكم بالبلعوم.

بعد أن ينتقل الأكل من البلعوم يعبر الرقبة والصدر في أنبوب عضلي هو المريء، ولذلك فإن هذا الأنبوب مسؤول عن نقل الأكل لكنه لا يساهم إلا في حركة الأكل، وغشاؤه المبطن غير قادر على الامتصاص بعكس باقي الجهاز الهضمي، كما أنه لا يتحمل الأحماض فهو غشاء حساس مثل غشاء الفم من الداخل وهنا يمكن القول إن أكثر الأمراض شيوعا في هذا العضو هو ارتداد الحمض من المعدة متسببة بحرقة نحسّها بالصدر ويمكن تشبيه ألمها وحرقتها بوضع قطرة من الليمون على غشاء الفم الداخلي المجروح حيث لا يختلف الألم وعن علاج ارتداد الحمض أقول منطقياً إما أن نمنع الارتداد بطرق كثيرة نتناولها لاحقاً أو نمنع تكون الحمض في المعدة بالأدوية فيكون السائل المرتد غير حمضي لا يحرق جدار المريء، يوجد صمام في أعلى وأسفل المريء وهو ليس إلا عضلة أسمك أو أقوى من باقي عضلات المريء فتتحكم في دخول وخروج الأكل منه، وقد تكلمنا عن دخول الأكل من البلعوم للمريء، وبذات الكيفية هناك مرض يصيب عضلة التحكم السفلى فلا يستطيع الأكل المرور للمعدة ويسمى هذا مرض الأكلان، حيث يبقى الأكل معلقاً في المريء، فالعضلة القابضة أسفل المريء لا ترتخي بمرور موجة الطعام فتنتهي الموجة عندها ويكون العلاج عادة بتدمير هذه العضلة المنكمشة دائماً بشقها ليسهل للأكل المرور بواسطة الجاذبية الأرضية، وقد يحتاج المريض هنا للشرب بكثرة مع الأكل ليثقل الطعام فيسهل سقوطه الى الأسفل داخل المعدة، ولن نتكلم اليوم عن الأمراض السرطانية التي تصيب الجهاز الهضمي، لكن يمكن القول كلما كان الممر ضيقاً كما في المريء فإن أي ورم من شأنه منع الأكل من النزول، وهنا نقول إن صعوبة الأكل ليست بالأمر السهل الذي ينبغي تجاهله، مثلاً تستقبل المعدة الأكل في البطن وبذلك يخرج الأكل من الصدر إلى أول عضو في الجهاز الهضمي في البطن ولهذا الأمر أهمية فضغط الأعضاء أو الأحشاء بعضها على بعض يجعل الضغط عالياً في البطن في حين أن الضغط قليل في الصدر، وذلك حتى يسهل سحب الهواء للرئتين وهذا يزيد من فرصة ارتداد الحمض للمريء مع الأكل وتزيد هذه الفرصة متى كان المريض بديناً لزيادة الضغط في بطنه ومتى استلقى المريض للنوم بعد الأكل مباشرة ويريد من ذلك متى ضعفت العضلة القابضة في أسفل المريء ويكون علاج ذلك بتقليل الارتجاع كما أسلفنا، وهذا يحدث متى انخفض وزن المريض أو توقف عن الأكل قبل النوم أو أبقى رأس السرير عالياً ليصعب على الأكل الرجوع لأعلى كما يمكن تقوية عضلة المريء الضعيفة بلف جزء من المعدة بعضلتها القوية حول أسفل المريء لتكوين صمام جديد ويبقى العلاج بالأدوية موجوداً باستخدام أدوية الحموضة التي تمنع تكون الحمض في المعدة وفي هذه الحالة يكون ما يرتد إما طعاماً أو سائل المعدة بدون حمض فلا يشعر المريض بالألم، وقد يتساءل البعض عن الدور الأساسي للمعدة وعن ذلك أقول المعدة هي مخزن الجسم من الطعام فحين يأكل المرء يستمر بالأكل لحين شبعه فإن أدرك الشبع استجاب لفطرته وتوقف عن الأكل ما لم يستجب لشهوة أخرى كشهوة النظر لطعام ما فيأكله فوق شبعه، ولذلك نقول ان إنزال الوزن يتم إما بإرادة قوية حين يقوم المرء عن الطعام قبل الشبع وهذا عكس الفطرة، ويسمى جهاد النفس أو بتناول الأطعمة قليلة السعرات مع الوصول للشبع وهذا صعب التوافر في عالم كماليات اليوم والأطعمة السريعة عالية السعرات ويبقى الخيار الأخير وهو تصغير المعدة بالجراحة في عمليات السمنة كعملية تحويل مسار المعدة أو تكميمها بما يوقف المريض عن الأكل بسرعة فيبقى على فطرته إجبارا، حين تمتلئ المعدة بالطعام فإنها تبدأ بطحن الأكل وكلما كان الأكل قاسياً طالت مدة الطحن وزادت فترة الشبع أما إن كان ليناً أو سائلاً خرج من المعدة بسرعة من خلال باب المعدة السفلي وهو أيضاً عضلة متضخمة تبقي الأكل في المعدة حتى ينتهي هرسه فترسله كامخاً الى الأمعاء ومن وظائف المعدة أيضاً خلط البروتين كاللحم بالحمض الذي تفرزه ليتم فك أليافه قبل نزوله الى الأمعاء وأشبه ذلك بعملية تتبيل اللحم قبل طبخه حتى يصبح طرياً وليناً وقد سألني صديق لم لا تهضم المعدة نفسها أليست خلاياها من البروتين فأقول نعم لكن المعدة مغطاة بطبقة من السكر تفرزها المعدة كبطانة تقيها مما تفرزه هي، ولذلك تحدث قرحة المعدة حين تضعف هذه الطبقة الواقية إما لأن إفراز المعدة من الأحماض قد زاد أو لأن المريض قد أكثر من تناول أطعمة قد أثرت على صحة الطبقة الطالية لجدار المعدة ولذلك تعالج القرحة اليوم بأدوية تمنع إفراز الحمض وتقوم بطلاء خلايا المعدة حتى يلتئم جرح المعدة أو قرحتها، لا يتوقف دور المعدة على ذلك فترسل ومضات عصبية لباقي الجهاز الهضمي لتقول له استعد فالطعام قادم، كل لدوره، كما ترسل إشارة شبع للدماغ حتى يخاطب الفم ليتوقف وهذه ليست إشاره واحدة فهناك إشارة عصبية ناشئة عن الشد الناتج من وجود الأكل على جدار المعدة المطاطي وهو المؤثر الأساسي وهناك المؤشر الناتج عن احتكاك الأكل مع خلايا أعلى المعدة حين يتوقف إفراز مادة الجريلين وهو هرمون الشبع وهذه الإشارة ضعيفة نوعاً ما لأن هذا الهرمون يفرز من أماكن عديدة كما ان دوره في التسبب بالشبع ضعيف ولذلك حين أجري عمليات السمنة ابتسم حين يقول لي المريض أرجو أن تبتر هرمون الجريلين عن بكرة أبيه يا دكتور وهنا دور تثقيف المريض ليفهم كيف يتم النزول بعد عمليات السمنة وسنتناول هذا في مدونات خاصة وأتوقف هنا لأستكمل في ما بعد باقي أعضاء الجهاز الهضمي وعذراً للإطالة.

back to top