علماء تحت راية الإسلام: الخوارزمي... مؤسس علم الجبر

نشر في 08-08-2011 | 22:01
آخر تحديث 08-08-2011 | 22:01
شارك علماء الحضارة الإسلامية في مختلف فروع المعرفة بنصيب وافر، ومن ضمن تلك المجالات المتنوعة كان نصيب علوم الرياضيات النصيب الأكبر، فقد ارتقى المسلمون بعلوم الرياضيات إلى آفاق لم تبلغها من قبل، ولعب الدور الأبرز في عملية تطوير الرياضيات العالم الشهير الخوارزمي الذي يعد بحق واحدا من أبرز العقول الرياضية منذ فيثاغورث، فهو واضع أسس علم الجبر بلا منازع، وواضع نظام الترقيم المعتمد في الشرق والغرب حتى يومنا هذا. فعظمة الخوارزمي تتجلى في أنه خلق علما جديدا لم يكن موجودا من قبل هو علم الجبر، كما خلق نيوتن علم الديناميكا الذي لم يكن موجودا من قبل.

ولم يتوقف مداد العبقرية عند حدود الرياضيات، فقد كان الخوارزمي فلكيا وجغرافيا ومؤرخا، لتكتمل شخصية هذا المبدع الذي لن ينساه التاريخ.

ولد أبو عبدالله محمد بن موسى الخوارزمي سنة 152هـ/780م على وجه التقريب في مدينة خوارزم بوسط آسيا (تحديدا جمهورية أوزبكستان)، وانتقلت أسرته في النصف الثاني من القرن الثاني الهجري إلى العراق وحاضرتها بغداد كبرى معاقل الحضارة الإسلامية آنذاك، وهناك شب الخوارزمي على طلب العلم وتحصيله متأثرا بالجو العلمي الذي ساعد على نشره الخليفة العباسي هارون الرشيد ووزراؤه من البرامكة، ولما شب ونبغ في العلوم لفت نظر الخليفة المأمون الذي قربه وعينه على رأس خزانة كتب دار الحكمة (أشبه بالمكتبات العامة حاليا) وعهد إليه بجمع الكتب اليونانية وترجمتها، فتفرغ الخوارزمي للبحث والتحصيل وأنجز معظم أبحاثه هناك حتى وفاته سنة 232هـ/846م، والتي خلدت اسمه في صفحة نوابغ البشرية الساطعة.

رغم نبوغ الخوارزمي في أكثر من مجال فإنه ارتبط بعلم الرياضيات وارتبطت الرياضيات به، فقد وضع الخوارزمي أبحاثا جديدة في علم الرياضيات تعد فتحا جديدا في هذا المجال، فقد استطاع أن يفصل بين علمي الحساب والجبر، وكانا شيئا واحداً قبله، وأصّل لعلم الجبر، بل واخترع لفظ «الجبر» الذي بقي علما على هذا الفرع من العلوم، ودخل إلى الحضارات الغربية المختلفة وترجمت إلى «Algebre»، وقد ذكر هذا الاسم لأول مرة في كتابه «الجبر والمقابلة». كما أنه أول من عرّف البشرية نظام الترقيم، فضلا عن إدخاله الأرقام العربية إلى نظام الترقيم الهندي، ولذلك أطلق علماء الحضارة الغربية على أسلوب الترقيم ذاك «اللوغاريتم» وهي ترجمة محرفة للقب الخوارزمي.

وقد استطاع الخوارزمي أن ينسق بين الرياضيات الإغريقية والهندية، فمن الهندية أدخل نظام الأرقام بدلا من الحروف الأبجدية، كما أدخل على الأعداد النظام العشري، واستخدم الصفر، وكان إدخاله للصفر ثورة في عالم الرياضيات لاتزال تداعياتها تتواصل حتى يومنا هذا. ومن أهم أعماله أيضا أنه وضع جداول الجيوب والتماس في المثلثات، والتمثيل الهندسي للقطوع المخروطية وتطوير علم حساب الذي قاده إلى مفهوم التفاضل، كما قدم الخوارزمي إسهامات في الجغرافية والخرائط الجغرافية، وكتب عن المزاول والساعات الشمسية والإسطرلابات.

ومن أشهر كتب الخوارزمي الرياضية، بالإضافة إلى كتاب الجبر والمقابلة، كتاب الزيج الأول، والزيج الثاني، والعمل بالإسطرلاب، ومختصر السند هند (وهو في حساب النجوم)، وكتاب الجمع والتفريق.

back to top