الولايات المتحدة... إنه ليس زمن القمصان زاهية الألوان
• «الطائرات القاذفة» اللقطة الوحيدة المشتركة بين «أميركا 1993» و«أميركا 2011» • إحصائية لـ الجريدة•: 22.6 تريليون دولار إجمالي الديون الخارجية لدول «أبيك» تستحوذ أميركا على 66.5% منها
ذكرت إحصائية «الجريدة» أن الولايات المتحدة استحوذت وحدها على أكثر من 66.5 في المئة من إجمالي الديون الخارجية للعشرين دولة الأعضاء في قمة منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادي، والبالغة 22.612 تريليون دولار، بينما تتجاوز ديون أميركا الخارجية 15 تريليونا.«الطائرات القاذفة»... كانت هي «اللقطة»، الوحيدة، المشتركة بين قمتي منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادي (ابيك) المنعقدتين في ما بين عامي 1993 و2011.وكما تحمل الكثير من اللقطات معاني مختلفة، فكانت «الطائرات القاذفة» في قمة «أبيك 1993» هي تلك الطائرات التي قدم الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون السترات الجلدية لقوادها إلى قادة دول المنتدى، في القمة التي عقدت في مدينة سياتل بولاية واشنطن في شمال غربي الولايات المتحدة منذ ما يقرب من 19 عاما.أما «الطائرات القاذفة» في قمة 2011 فكان ذلك الطائر الذي «قذف» بفضلاته فوق رأس الرئيس الحالي باراك أوباما، بينما كان الى جانب نظرائه في قمة 2011 التي استضافتها هونو لولو، أكبر مدن ولاية هاواي الأميركية.وكان أوباما يقف الى جانب نظرائه في دول آسيا – المحيط الهادي، وبينهم الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف لالتقاط صورة عائلية للقمة في هونولولو مسقط رأسه، قبل أن يشعر بشيء ساخن يسكب على رأسه من الأعلى، ليتبين في ما بعد أن طائرا عابرا يقف وراء العملية.حينها لم يتمالك الرئيس الأميركي نفسه رغم وجود عدد كبير من الصحافيين والمصورين، فتحسس بيده شعر رأسه في محاولة لمعرفة مضمون المادة السائلة الساخنة التي سقطت فجأة فوق رأسه، قبل ان يكتشف ان الأمر يتعلق بفضلات طائر، وشعر أوباما بنوع من الحرج، قبل أن يحول الأمر الى دعابة ومزحة مع ضيوفه والصحافيين.وكما فهمنا معنى تقديم كلينتون السترات الجلدية لقواد الطائرات القاذفة خلال قمة «سياتل»، نستطيع أن نفهم معنى تخلي أوباما، بعد 19 عاما، عن التقليد المتبع في مؤتمرات التعاون الاقتصادي لدول آسيا - المحيط الهادي (أبيك)، بارتداء الملابس التقليدية للدولة المضيفة في الصورة الرسمية التي تلتقط في نهاية المؤتمر، ويشارك فيها رؤساء وممثلو الدول المشاركة.وهو القرار الذي أثار مشاعر الإحباط بين الكثير الذين كانوا يأملون مشاهدة رؤساء دول المنطقة، وهم يرتدون قمصانا تقليدية زاهية الألوان من جزيرة هاواي التي عقد فيها المؤتمر هذه المرة.الكثير من العوامل تساعد على فهم ما حدث في الفترة في ما بين القمتين، أولها قول الرئيس الأميركي باراك أوباما نفسه: «أشعر بفخر شديد لأنني من مواليد ولاية هاواي، لكننا هنا نؤدي عملا»، فربما شعر الرئيس أوباما أن ارتداء ملابس تقليدية غير مناسب هذا العام بصفة عامة بسبب الاضطرابات الاقتصادية في العالم، وبصفة خاصة بسبب الاضطرابات التي تمر بها الولايات المتحدة، التي تئن تحت وطأة أزمة ائتمان وعجز تجاري في الوقت الحالي.من جانب آخر، وحسب الإحصائية المجمعة التي تناولتها «الجريدة» سابقا عن إجمالي الديون الخارجية في التكتلات الاقتصادية حول العالم، ونستعرض هنا الجزء الخاص بالديون الخارجية للدول العشرين الأعضاء في منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادي، فنرى أن الولايات المتحدة وحدها تستحوذ على أكثر من 66.5 في المئة من إجمالي الديون الخارجية للعشرين دولة، والبالغة 22.612 تريليون دولار، بينما تتجاوز ديون أميركا الخارجية 15 تريليون دولار.وإذا نظرنا لديون باقي الدول الأعضاء نجدها لا تتجاوز 33.5 في المئة من إجمالي ديون «أبيك»، وهو ما يؤكد أن الاقتصادات الآسيوية، وبالتحديد تلك التي تطل على المحيط الهادي شرقاً، تقف، في المكان والزمان الصحيحين، فهي تحقق معدلات نمو مرتفعة، ولاتزال تنمو بصورة اقوى بكثير من المعدلات التي تحققها اقتصادات كانت تعرف قبيل الأزمة المالية العالمية بأنها قاطرة للنمو العالمي كاقتصاد الولايات المتحد نفسها.وأشار صندوق النقد الدولي، في تقرير حديث، إلى اداء قوي للصين والقوى الناشئة الاخرى لتتجاوز «الوهن» الذي لايزال ماثلا في الولايات المتحدة واوروبا، مؤكداً أن المنطقة الآسيوية ستسهم بقسط كبير في النمو العالمي اكثر من اي منطقة اخرى.وتابع الصندوق ان الصين، ثاني اكبر اقتصاد في العالم، تقود النمو العالمي، بينما يتوقع ان ينمو الاقتصاد الصيني بواقع 10.5 في المئة في 2010 و9.6 في المئة في 2011.وكمؤشر على المكانة الجديدة لهذه الاقتصادات، رفعت مختلف المؤسسات المالية الدولية توقعاتها لنمو المنطقة خلال السنة المقبلة، وعلى رأسها الصين التي قد تتجاوز هذه السنة اليابان، التي تمر بمرحلة ركود، لتصبح ثاني أكبر اقتصاد عالمي، كما قد تتجاوز ألمانيا لتصبح أول بلد مصدر في العالم. وليس من المنطقي التقليل من شأن مرونة الاقتصادات الناشئة هناك على ضفة «الهادي»، فبعد أزمتها المالية في 1997 - 1998 وبعد انفجار فقاعة أسهم التكنولوجيا في 2001 توقع لها المراقبون في الخارج فترة طويلة من الخمول، لكن النمور سرعان ما نهضت على قدميها، بفضل انفصالها عن عادات التسوق الغربي.وحققت الاقتصادات الآسيوية الناشئة الـ4، التي أعلنت أرقام إجمالي إنتاجها المحلي للربع الثاني (الصين واندونيسيا وكوريا الجنوبية وسنغافورة) نموا بمعدل سنوي متوسط بلغ اكثر من 10 في المئة، وحتى اليابان الأغنى والأكثر بطئا، والتي لا تستطيع مضاهاة هذا الرقم، تبدو وكأنها تتعافى بأسرع من تعافي نظيراتها الغربيات.ومن هنا ينبغي ان نستعد لمزيد من الحديث عن التحول المطرد للقوة الاقتصادية باتجاه الشرق، بينما تئن الاقتصادات الغربية «الواهنة» تحت وطأة أزمة ائتمان وعجز تجاري في الولايات المتحدة.في المقابل يكافح زعماء أوروبا للحفاظ على منطقة اليورو والاتحاد الأوروبي الأوسع معاً في مواجهة الأزمة المالية التي تهدد بتقسيم الشراكات المقامة على مدى أكثر من نصف قرن، وتكافح الولايات المتحدة لإنقاذ اقتصادها، الذي تم تصنيفه كأقوى اقتصاد في العالم، من الانهيار بعد تجاوز ديونها لسقف الدين العام بعد فشل الرئيس الأميركي باراك أوباما في رفعه مؤخراً.وكما فهمنا تخلي أوباما عن القمصان زاهية الألوان «ألوها» نستطيع فهم سعي الرئيس الاميركي باراك أوباما من خلال اجتماع «ابيك» لربط الاقتصاد الأميركي بالفرص المتنامية في آسيا التي يأمل أن تغذي الانتعاش الذي يحتاجه لإعادة انتخابه.لكن السؤال هنا لا يتعلق بتأثير الاقتصادات الآسيوية على الاقتصاد الأميركي «الواهن» بل يتعلق بتأثير الولايات المتحدة نفسها، التي تمثل ديونها عبئاً على بقية الدول الأعضاء معها في تكتلات اقتصادية، على الاقتصادات الآسيوية بصفة عامة وتلك المطلة على المحيط الهادي بصفة خاصة.أوباما يطلب رسمياً زيادة سقف الدين لأكثر من 16 تريليون دولارطلب الرئيس الاميركي باراك اوباما رسميا من الكونغرس الموافقة على زيادة سقف الدين العام بقيمة 1.2 تريليون دولار.وفي رسالة إلى رئيس مجلس النواب جون بينر قال أوباما إن «هناك حاجة الى المزيد من الاقتراض للوفاء بالالتزامات القائمة».ومن المقرر أن يصوت الكونغرس على طلب أوباما خلال 15 يوما، وفي حالة إقرار الطلب سيرتفع سقف الدين الأميركي العام إلى 16.4 تريليون دولار.وتشير توقعات إلى أن طلب أوباما رفع سقف الدين ينذر بمعركة جديدة مع الجمهوريين المعارضين.وكان الجانبان قد خاضا معركة بشأن سقف الدين العام الماضي، وانتهت بما وصف بهدنة جرى التوصل إليها بصعوبة.ومن غير المرجح ان يعرقل الكونغرس طلب الزيادة التي تهدف إلى ضمان عدم الوصول مرة أخرى الى الحد الاقصى، للاستدانة الى ما بعد انتخابات الرئاسة الاميركية التي ستجرى في نوفمبر المقبل. ورغم توقع استجابة الكونغرس فإن القضية ستمنح الجمهوريين مبررات إضافية للادعاء بأن أوباما يفشل في خفض العجز في الميزانية الأميركية.وكان أوباما يأمل زيادة سقف الدين بحلول 30 ديسمبر المقبل، غير أن مجلسي النواب والشيوخ طلبا إرجاء الزيادة إلى أن يعودا للانعقاد.وهذا يعني أنه كي تتمكن الإدارة الأميركية من سداد التزاماتها المالية، فإن عليها اللجوء إلى صندوق دعم استقرار العملة، وهو هيئة مالية تستخدمها وزارة الخزانة الأميركية لضمان استقرار الدولار.وقال مسؤول في الوزارة إنه قد تكون هناك حاجة إلى تدابير أخرى، من بينها تعليق إعادة الاستثمار اليومي للأصول في صندوق معاشات حكومي، لحين تأمين زيادة سقف المديونية.(بي بي سي)