إيران في مهب ريح ثورات المنطقة

نشر في 10-09-2011
آخر تحديث 10-09-2011 | 00:01
No Image Caption
 أنس محمود الشيخ مظهر لقد غدت السياسة الإيرانية في المنطقة من أهم التحديات التي تواجهها أميركا، وكذلك دول المنطقة التي تتخوف من المد الديني الطائفي التي تؤمن بها دولة الفقيه في إيران، خصوصا بعد أن أثبتت إيران قدرتها على اللعب على الوتر الطائفي واستغلال مذهبها سياسيا لنسج شبكة من التحالفات الاستراتيجية في المنطقة كلها، مستغلة الشعور الجمعي الشيعي بالمظلومية عبر قرون من الزمن.

وإذا كان المنحنى البياني للسياسة الإيرانية في السابق يشير إلى تصاعد مستمر ونجاحات مستمرة في المنطقة فإنه وفي الآونة الأخيرة ظهرت معطيات جديدة تشير إلى أن إيران تفقد نقاطا كثيرة كانت قد اكتسبتها في الفترة الماضية، فهل حان وقت أفول نجم السياسة الإيرانية الساطع؟ أو أنه مازال لإيران بعض الأوراق التي لم تستخدمها بعد؟

إن الأزمة التي يعانيها النظام السوري واحتمالات زواله تعتبر من أكثر الضربات قساوة على السياسة الإيرانية التي طالما اعتمدت على نظام بشار الأسد في التعامل مع الملفات العربية، سواء في العراق أو لبنان والحد من النفوذ الخليجي في بعض الدول العربية، ومن المؤكد أن فقدان إيران للحليف السوري سوف يضعف مشروع الهلال الشيعي، ويضعف التواصل الإيراني مع الداخل اللبناني وحليفها حزب الله، وإلى حد كبير التواصل الإيراني مع حماس.

ومقابل هذه الضربات السياسية لإيران نلاحظ تصاعد الدور التركي في المنطقة بدعم أميركي وترحيب عربي قد يتسبب في انحسار الدور الإيراني بشكل أكبر مما قد يؤدي إلى اندفاع إيراني لترتيب تحالفات جديدة مع تيارات وأحزاب سياسية ناشئة في المنطقة العربية بعد نجاح الثورات الشعبية فيها.

وليس من المستبعد أن تلجا إيران إلى توتير الداخل السوري فيما بعد نظام الأسد مستفيدة من الطوق (العراق - حزب الله) لهذه الدولة لتعيد اللعبة التي لعبتها هي وسورية في العراق في الماضي ولكن هذه المرة بشكل معاكس.

المشكلة التي ستواجه إيران في سورية هي أنها لا تملك في هذا البلد نفوذا شيعيا مؤثرا يستطيع تطبيق أجنداتها كما فعلت في العراق ولبنان، إلا إذا استطاعت إيران مغازلة تيارات إسلامية سنية في سورية مستغلة العداء الإسلامي السوري لإسرائيل كما فعلت في غزة مع «حماس».

إن من الاحتمالات الأكثر حدوثا هو حصول تحالف إيراني مع «حزب الله» والشيعة في العراق مع الحلقة العلوية الضعيفة (مستقبلا)، وفي المعسكر المقابل تقارب سني (من سنة سورية) مع سنة العراق بمباركة من الدول العربية وأميركا وبتشجيع تركي ليتكون محوران مستقبليان في المنطقة يكون فيهما التناحر السمة الغالبة ولعقود من  الزمن.

ومن المؤكد أن رجحان المعادلة سوف تكون لمصلحة السنّة في المنطقة، وذلك لتوافر العمق الاستراتيجي له والتواصل الجغرافي وامتلاك تحالفات دولية أوسع بكثير من الطرف الآخر للمعادلة، وكون التوزيع الجيوسياسي الشيعي في المنطقة يعتبر عامل ضعف لا قوة؛ باعتبار أن الشيعة في البحرين واليمن لن يكون لهم تأثير كبير في تغيير الموازين لمصلحة إيران في ذلك الصراع.

ويظهر أن صانع السياسة الإيراني بدا يتحسس خطورة المرحلة القادمة، وبدا هذا واضحا في التخبطات السياسية التي بدأت إيران تعانيها ولأول مرة، فلقد تدهورت العلاقة الإيرانية مع حركة حماس بعد أن مرت بمرحلة ازدهار مؤقتة في الفترة السابقة وأشعلت إيران قتالا حقيقيا مع الثوار الكرد في كردستان إيران وكأنها تستبق أمرا معينا على الحدود العراقية الإيرانية بأخذ الوجود الأميركي في هذه الدولة بنظر الاعتبار، وتدهورت علاقتها بتركيا هذه المرة عبر تصريحات تتهم فيها تركيا بأنها تطبق أجندات القوى العظمى في المنطقة بتأييدها للثورة السورية.

فهل ستتمكن إيران من تفادي الخطر المحدق بها هذه المرة كما استطاعت في المرات السابقة أو أن الدبلوماسية الإيرانية لن تستطيع أن تعي الظروف الجديدة هذه، وسوف تبقى أسيرة الماضي القريب والماضي البعيد المتأثر بحلم الإمبراطورية الفارسية القديمة؟

أسئلة سوف نرى أجوبتها على أرض الواقع مستقبلا.

* كردستان العراق – دهوك

back to top