الاكتئاب... اعرفوا أسبابه وعالجوه
صحيح أن الحزن والكآبة يصيبان الإنسان بين الحين والآخر، إلا أنهما يتحولان لدى قسم كبير من الناس إلى حالة مرضية أي إلى اكتئاب سريري. بالنسبة إلى كثر، قد تكون تمضية إجازة فرصةً لاستعادة النشاط والحيوية والتغلّب على المشاعر السلبيّة.يصيبنا الاكتئاب الموسمي على فترات متفاوتة فيظهر ويختفي مثل حركة المد والجزر، أو قد يظهر فجأة ولا يختفي بسبب مرض جسدي، أو انفصال عاطفي، أو خسارة وظيفة، أو وفاة أحد الأحباء. لكن بغض النظر عن السبب، قد يكون للاكتئاب تأثير مدمّر في كل جانب من جوانب حياة الشخص المعني.
خلال فصل الشتاء، تتضافر عوامل عدّة مثل قلّة التعرّض للشمس وقلّة فترات الإجازة لتتحوَّل مشاعر حزن متوسّطة إلى حالة من الكآبة والبؤس العميق.فيما يحتاج الاكتئاب السريري إلى متابعة طبيب اختصاصي أو معالج ذي خبرة في هذا المجال، يمكن معالجة بعض أنواع الاكتئاب الموسمي الأقل خطورة من الاكتئاب السريري بواسطة علاجات كلّية.الشمس ترفع المعنوياتمما لا شكّ فيه أن السماء المكتظّة بالغيوم والإنارة الداخليّة التي ترافق أشهر الشتاء قد تؤثّر سلباً في مزاجنا. الاضطراب النفسي الموسمي اضطراب معروف يصيب حالة الإنسان النفسية وينتج من عدم تعرُّضه للشمس لفترة طويلة.عادةً، يفرز الأشخاص الذين يعانون من هذه الحالة كميات كبيرة من الميلاتونين تسبِّب ظهور عوارض الاكتئاب المشلّة لنشاط الإنسان وحركته. في هذا الإطار، يستخدم العلاج الضوئي، أي العلاج بواسطة الضوء، علباً صُممت خصيصاً لتصدر ضوءاً يشبه ضوء الشمس ولتسهّل عملية حصول تغيرات بيولوجية وطبّية في الدماغ ترفع من معنويات المرء وتحسّن مزاجه وتحرّره من العوارض المرتبطة بالاضطراب النفسي الموسمي.طاقة خفيّةيقرّ ممارسو الطب القديم والطب الكليّ الحديث بأن ثمة علاقة وثيقة بين العقل والجسم والروح، ويعتبرون أن حصول أي خلل في إحدى هذه المناطق الثلاث قد يوثّر في توازن الإنسان. الطاقة الخفيّة الكامنة في العلاجات الكلية أي تلك التي تعالج مختلف أنواع الأمراض، وفي العلاج بالروائح، وفي رحيق الأزهار، تساعد بصورة كبيرة على تحقيق توازن الإنسان وإعادة الانسجام إليه.يستخدم العلاج بالروائح مختلف أنواع العطور لتحسين مزاجنا. يمكن استعمال الزيوت المعطّرة مباشرة على الجسم أو إضافتها إلى مياه الاستحمام، أو استعمالها بشكل شموع. تشمل الروائح التي تؤثر إيجاباً في نفسية المرء رائحة البرغموت والغريب فروت وإكليل الجبل واللبّان والشمرة. كذلك تعمل روائح الأزهار على تخليص الإنسان من المشاعر السلبية ومدّه بالطاقة والحيوية، وعلى تحقيق توازنه الكلي. تتضمّن الروائح التي تساعد على نشر مشاعر الحزن رائحة الخردل والدردار والكستناء الحلوة والصفصاف. أما عطر زهرة الباش فيساعد كثيراً على علاج اكتئاب يُعرف بـ{التركيبة رقم 15». يمكن وضع قطرات من هذا العطر تحت اللسان مباشرة، أو خلطها بالمياه وارتشافها ببطء، أو فركها بالبشرة وراء الأذن، أو وضعها على المعصمين.العلاجات المثليّة المعتمدة لمعالجة حالات الاكتئاب تستخدم مواد قد تسبّب ظهور العوارض نفسها التي من المفترض بها محاربتها في حال أُخذت بكميات كبيرة. لذا، لا بد من أن يصف اختصاصي في الطب المثلي الكميات الواجب تناولها والعلاج المناسب بعد أن يعاين حالة المريض الجسدية والنفسية. في هذه الحالة، توصف عادةً عشبة الإنغناسيا (Ignatia) للشفاء من الاكتئاب الناتج من حزن، في حين توصف زهرة الفصح (Pulsatilla) غالباً لمعالجة الاكتئاب الناتج من تغيّرات في الهرمونات.الغذاء عامل أساسيالغذاء عامل أساسي غالباً ما نغفل عن التوقّف عنده أثناء الحديث عن الاكتئاب. في هذا الإطار، يقول أحد الاختصاصيين في العلاج بالطبيعة «إن التجارب العلمية قد أظهرت وجود علاقة وثيقة بين الاكتئاب ومعدّلات فيتامين D المنخفضة، لا سيما لدى الأشخاص المصابين باضطرابات نفسيّة موسمية».يفسّر قائلاً: «خلال الشتاء، تقل كمية الشمس التي يتعرّض لها الجسم ويزيد ميل الإنسان إلى ملازمة المنزل بسبب ظروف الطقس الباردة. في بعض المواقع الجغرافية، تبدأ أشعة الشمس بخسارة الطاقة المناسبة لتحويل الأشعة الشمسية إلى مادة هيدروكسي 25 أو ما يعرف بالفيتامين D. لأسباب لا تزال مجهولة، بعض الأشخاص حساس للغاية تجاه معدّلات هذا الفيتامين المنخفضة. من هنا، على الأشخاص الذين يشعرون على مدار السنة بالكآبة والذين يتفاقم لديهم هذا الإحساس خلال الشتاء، أن يفحصوا معدلات الفيتامين D في جسمهم لأن هذه الأخيرة تنخفض بطبيعة الحال في هذا الفصل».يقول الخبراء إن كمية الفيتامين D الموصى بها يومياً تبلغ 800 وحدة دولية وإن استهلاك 1000 وحدة دولية يجب أن يخضع لمراقبة طبيب صحة اختصاصي. تشمل المواد الغذائية الغنية بهذا الفيتامين: الحليب، منتجات الألبان والأجبان المدعّمة، والسمك. كذلك تساعد مادة إيسوفلافوف الصويا على تحسين الامتصاص وعلى إبطاء عملية تفتّت الفيتامين D. في حال رغبتم في تناول هذه المادة على شكل مكمّلات غذائية، احرصوا على اختيار منتجات تصدرها علامة تجارية محترمة.أعشاب مفيدةقبل بضعة أعوام، كان الأطباء ينصحون باستعمال عشبة سانت جونز ورت على اعتبار أنها علاج طبيعي لحالات الاكتئاب. مذاك، برهنت هذه العشبة عن فائدتها في بعض الحالات، لكن سرعان ما تبيّن أنها ليست العلاج العجائبي الذي كثرت الأحاديث عنه. تكون فاعلية هذه العشبة أكبر عندما يتم تناولها لوحدها من دون أي أدوية أخرى، ثم إنها ليست الدواء المناسب لمعالجة الاضطرابات النفسية الموسمية.قد تكون الأعشاب أكثر فاعلية في تحسين حالة الجسم الصحية وفي معالجة الحالات النفسية البارزة التي قد تولّد مشاعر الاكتئاب. في هذا الإطار، تساعد جذور الجيسينغ السيبيرية مثلاً على تثبيت معدّل السكر في الدم وبالتالي على انتظام التقلّبات المزاجية. كذلك يفيد حامض SAM-E الأميني الذي يمكن إيجاده على شكل مكملات غذائية والذي أظهرت الاختبارات ألا آثار جانبية له إنما يصعب الحصول عليه نظراً إلى ارتفاع سعره. يساعد أيضاً عرق السوس، الذي له مفعول شبيه بمفعول الكورتيزول، الأشخاص الذين يعانون من تراجع في وظائف الغدة الكظرية الذي يرافقه عادةً انخفاض في ضغط الدم.يوضح الأطباء أن الكورتيزول مهم في تنظيم استجابة الجسم للتوتّر. مما لا شك فيه أن للتوتر والضغط النفسي دوراً في توليد مشاعر الاكتئاب. عليه، من المهم شراء الأعشاب والمكملات المصنوعة من الأعشاب التي تحمل كلمة «موحّدة» على غلافها. تقدّم المتاجر التي تبيع المنتجات الطبيعية بعض العلامات التجارية التي تعدّ منتجاتها من أعشاب عضوية مزروعة بعناية كبيرة.