احتمالات تراجع أسعار النفط الخام في الأشهر القادمة
في منطقة دول مجلس التعاون يتوقع أن تحقق اسعار النفط نموا إجماليا بمعدل 3.7% إلى 4% عام 2012 إلا أن تفاعل أزمة المديونية الدولية مع وجود مؤشرات على انحسار معدلات النمو الاقتصادي الدولية يثير احتمالات انخفاض الطلب على النفط الخام ومن ثم تراجع أسعاره في الأشهر القادمة.
ولئن كانت هذه الاحتمالات حقيقية فإن أسعار البترول لا تزال ضمن حدود المئة دولار للبرميل بفعل العوامل الجيوسياسية، إضافة إلى نمو الطلب في مواجهة انتاج النفط الخام من دول، لا سيما خارج مجموعة الأوبك. وقد تمخض عن استمرار ثبات أسعار البترول عند معدلات عالية نسبياً، متزامناَ مع استمرار نهج السياسات المالية التوسعية على المجموعة من برامج الإنفاق الاستثماري والجاري والتي كان آخر الأمثلة عليها الزيادات التي أقرتها الدولة الاتحادية في الإمارات العربية المتحدة في الذكرى الأربعين لتأسيس الاتحاد في نوفمبر الماضي، آثار حميدة على استمرارية النمو الاقتصادي. وبالرغم من التوسع الكبير في الإنفاق الحكومي فإن دول مجلس التعاون ستحقق فوائض في الميزانيات الحكومية، إذ يتوقع أن يبلغ حجم الفائض في ميزانية السعودية مثلا حوالي 185 مليار ريال. ومن مظاهر استمرار الأوضاع الاقتصادية الحميدة ارتفاع حصيلة الصادرات ومعدلاتها في دول مجلس التعاون، الأمر الذي أدى إلى تزايد أحجام الاحتياطات الأجنبية بمعدل 305 مليار دولار ليصل إلى نحو 1380 مليار دولار لدول المجلس مجتمعة عام 2011، قياسا بمستواه البالغ 1075 مليار دولار عام 2011. وبالرغم من أن هذه الإضافات لها مدلولات حميدة على إقتصادات دول المجلس فإن الحصافة والتخطيط السليم يستوجبان قدراً كبيراً من الحذر خشية ان تنخفض القيم الحقيقية للاحتياطات الاجنبية بفعل تداعيات ازمة اليورو فضلا عن الدولار، وهو ما يوجب الحث الدؤوب عن مصادر للنمو عن طريق الاستثمار في إدخال الإصلاحات الاقتصادية وتحسين بيئة الأعمال، إلى جانب تحقيق تكامل اقتصادي خليجي اكبر باستيفاء متطلبات السوق الخليجية المشتركة وزيادة التنسيق والعمل الاقتصادي المشترك. إضافة إلى ذلك يتطلب الحصافة وحسن توظيف هذه العوائد أسوة بموقف الصين وهي اكبر دولة لديها احتياطيات تقدر عام 2011 بحوالي 3.4 تريليون دولار. وتستمد هذه الحصافة مغزاها على خلفية إلحاح بعض الساسة ورجال الأعمال في أوروبا وغيرها بأن توظف الصين ودول مجموعة العشرين ودول مجلس التعاون فوائضها المالية من أجل تعزيز موارد صندوق النقد الدولي لكي يقوم الصندوق بدوره في تقديم المساعدة لدول الاتحاد الأوروبي وانتشالها من المزالق الخطيرة والتي آلت إليها بفعل أزمتها المالية الخانقة.