ما يعادل الكويت إلا جنة رب العالمين

نشر في 02-11-2011
آخر تحديث 02-11-2011 | 00:01
No Image Caption
 يوسف عبدالله العنيزي افترشنا الأرض نحتسي الشاي، تحيط بنا أجواء رائعة من الطبيعة التي رسمتها يد الخالق جلّت قدرته، سماء زرقاء تزينها بعض غيوم بيضاء متناثرة هنا وهناك، ومياه تتدفق وأشجار تكسوها الأزهار بكل الألوان، كان الوقت منتصف الصيف، والمكان الريف الإنكليزي الخلاب والصحبة العائلة والوالدة رحمها الله.

سألتها مداعباً إن كانت توافق على شراء بيت في هذا المكان الرائع لنعيش بعيداً عن الكويت بغبارها وحرها ورطوبتها، لم تفكر بالرد قائلة "يا حلو الكويت بغبارها وحرها وكل ما فيها يا وليدي... ترى ما يعادل الكويت إلا جنة رب العالمين". نعم هكذا كانت وهكذا ستبقى الكويت لأهلها لا يعادلها شيء في هذه الدنيا، أما ما نراه الآن من صراع وإضرابات واعتصامات ففي اعتقادي ما هو إلا انعكاس للحياة الديمقراطية التي نتمتع بها في هذا الوطن الغالي، وهذا النظام الذي ارتضيناه، فيجب ألا يخيفنا هذا الحراك الذي يعبر عن الح§ياة. أما السكون فهو رديف الموت، ونحن شعب يحب الحياة ويعشق الحرية، ويكفينا فخراً أن اختيار حكامنا تم بطريقة ديمقراطية لم يعرفها العالم في ذلك الوقت، عندما اختار أهل الكويت الشيخ صباح الأول ليكون حاكماً لهم منذ أكثر من ثلاثمئة عام من الآن.

لا أحد يشك في أن من حضروا تجمع الإرادة كان حبهم للكويت الغالية يحركهم وكذلك حرصهم عليها والدفع في اتجاه تلافي المثالب التي نراها في تردي الخدمات بكل مجالاتها، لكن يبقى سؤال جاد يحتاج إلى إجابة مخلصة هدفها الحفاظ على الوطن وأمنه، ألا وهو: كيف وصلت تلك المستندات والوثائق التي عرضت في ساحة الإرادة إلى الأيدي وغدت تعرض في الساحات؟ هل وصلنا إلى مرحلة عرض ما لدينا من وثائق في الساحات العامة غير عابئين بأمن الوطن وأهله.

ما نعرفه أن الدول تنشئ الأجهزة الاستخباراتية من أجل الحصول على المستندات والوثائق، ونحن نعرضها أمام أعين الصديق والعدو، المهم إسقاط من نختلف معه... أما الوطن فله الله.

وإن كانت هذه الوثائق قد وصلت اليوم إلى أيدي من يحب الكويت، فما الذي يمنع أن تصل غداً وما هو أخطر منها إلى من يضمر الحقد والكره للكويت ويتربص بها الدوائر؟ وهل سربت من أجل المال، فما أرخصه من ثمن في مقابل بيع الأمانة والوطن! أما إن كان من أجل أمور أخرى نجهلها ففي اعتقادي أن الأمر يحتاج إلى وقفة في كل مفاصل الدولة حتى لا نفاجأ غدا بعرض وثائقنا ومستنداتنا في ساحات دول أخرى.

ثم أما كان بالأحرى والأجدى بمن استلم تلك الوثائق أن يرفض استلامها إكراما واحتراما للكويت وأهلها؛ وليعرِّف من أحضرها بأنه خائن الثقة والأمانة والوطن، فنواب الأمة بإمكانهم الوصول إلى المعلومة التي يريدونها بطريقة ديمقراطية حضارية، فهم المثل والقدوة للشعب الذي اختارهم في الحفاظ على الأمانة؟

وكم نتألم عندما نرى بعض النواب وقد تدنى أداؤهم إلى الحضيض، وأخذ بعضهم يتصرف بطرق فيها استعراض ممجوج ومستهجن من رمي "العُقل" ونزع "الغتر" وشد الشعر والصراخ والعويل والعراك مع رجال الأمن، حتى ظن البعض أنهم من آكلي لحوم البشر، ففقد النائب هيبته واحترام الناس له.  لا شك أن هناك حقيقة لا أعتقد أنها قد غابت عن أحد، وهي أن قوة الدولة والوطن تكمن في قوة أسرة الحكم وتماسكها، فيجب ألا نكون معول هدم يدق إسفيناً بين أفرادها لتحقيق مكاسب شخصية آنية معينة على حساب الوطن الذي لو تعرض لا سمح الله إلى أذى فسنكون كلنا خاسرين، ولن يكون هناك رابح إلا عدو حاقد أو خائن حاسد.  وما يدور الآن في دول الجوار يفرض على كل أبناء الأسرة الحاكمة أن يكونوا سداً وسوراً يلتف حول القائد والأمير يشد من أزره بقوة وحزم، فلن يجد آل الصباح وطناً وشعباً كالكويت وأهلها، ولن يجد أهل الكويت حكاما كآل الصباح الكرام، فهذا عهد وميثاق أقره الأجداد وحافظ عليه الأبناء ليسلموه أمانه للأحفاد.  وليكن معلوما للداني والقاصي أن أهل الكويت لن يرضوا بحكام غير آل الصباح، ومن يرد التأكد فليعد بالذاكرة إلى الوراء قليلاً، وإلى التاريخ، ومن يحلم بربيع عربي فعليه أن يرحل إلى الربيع الذي يختاره لنرى كم يوما سيعيش؟ وكيف ستكون حياته إن عاش؟ إننا في نعمة نحسد عليها فيجب ألا "نرفسها"، فهي تستحق حمداً وشكراً لا نكراناً وحقداً.  لقد شرفني بلدي أن عملت في سبع عشرة بعثة دبلوماسية في كل قارات الدنيا، وعلى مدى 35 عاما ممثلا لبلدي وأميري، فلم أرَ نظاما يماثل نظامنا من رغد العيش ويسره، فاللهم لك حمداً يليق بجلال وجهك وعظيم سلطانك.

حفظ الله الكويت وقيادتها وشعبها من كل مكروه.

back to top