النصف الأول من سينما مصر 2011 (1 ـ 2)

نشر في 05-08-2011
آخر تحديث 05-08-2011 | 22:01
 محمد بدر الدين مع انتهاء موسم الصيف السينمائي، وإن كنا في ذروة الصيف، مع حلول شهر رمضان الكريم، يمكن إلقاء نظرة عامة على سينما هذا الموسم.

الطريف أن سينما النصف الأول من 2011، هي ذاتها سينما الصيف، لتوقّف العروض خلال الأشهر الأولى من العام باندلاع ثورة الشباب والشعب الكبرى في 25 يناير، لذلك نحن إزاء أقصر موسم صيف سينمائي، وأقلّ عروض تخللت نصف عام في الوقت نفسه.

المفارقة أيضاً، أنه، على رغم قلّة الأفلام وقصر الموسم، إلا أننا رأينا كل ما تحفل به عروض مواسم السينما المصرية من مستويات مختلفة:

فيلم ينتمي إلى السينما الخالصة، أو السينما كفن رفيع يبحث عن ذوق رفيع أو عن جدّية المشاهدة على غرار «حاوي» لفنان السينما إبراهيم البطوط.

أفلام متوسّطة القيمة الفنية، وإن كانت لا تخلو من لمحات اجتهاد أو لحظات طموح ولو في عنصر من عناصر الفيلم على غرار: «الفاجومي» إخراج عصام الشماع، و{صرخة نملة» إخراج سامح عبد العزيز.

تلي هذا المستوى أفلام لا تقدِّم نفسها باعتبار أنها تتناول أفكاراً عميقة أو مواضيع كبرى، وأهم ميزة تُحسب لها، في رأينا، خلوّها من أي إسفاف، وقد حقّقت تسلية أو جذباً لكن من دون إشباع درامي وفني واضح على غرار: «إذاعة حب» و{المركب».

في قاع هذه المجموعات، أو المستويات، أفلام دون المستوى وغير جديرة بأدنى اهتمام، والغريب أن أحدها وهو «سامي أوكسيد الكربون» حقّق أعلى إيرادات في هذا الموسم ـ والعام ـ والبطولة لهاني رمزي، أحد نجوم الكوميديا منذ مرحلة استئثار موجة الفكاهة الخفيفة بسوق السينما المصرية ومقدراتها في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.

أما الأفلام التي لم تحقّق إيرادات تُذكر وخلت من دراية فنية أو حتى حرفية فيمثّلها فيلما «فوكك مني» و{الفيل في المنديل»، والأخير ساهمت في الإعراض عنه، إلى جانب ضعفه الشديد، المقاطعة التي تمت الدعوة إليها والاستجابة لها كونه تأليف وبطولة الممثل طلعت زكريا، الذي تحدث عن الثورة والثوار منذ أول أيام ثورة 25 يناير ليس بلهجة الاختلاف فحسب، بل بأقصى وأحطّ مستوى من الأوصاف والسباب، فكان من الطبيعي أن يوضع في مقدّمة ما عُرف بالقوائم السوداء التي ترصد أعداء الثورة الذين أذوا أبناءها.

لكن نحسب أنه، حتى بعيداً عن هذا الموقف المتّصل بالسياسة، كان الفيلم سيفشل فشلاً ذريعاً، لأنه، كما خاصم زكريا الثورة وفجر في خصومته، فإن فيلمه خاصم الفن، أيضاً، ومضى بعيداً عن كل ما يتعلّق به وتمادى في ابتعاده.

أما الفيلم المهزلة الآخر «فوكك مني» فهو لمخرج يُدعى أحمد عويس وكاتب اسمه مصطفى السبكي، عن وزير (حسن مصطفى) يضغط على ابنه (أحمد عزمي) ليتخصّص في العلوم السياسية ليعينه عند زميله وصديقه وزير الخارجية، وألا يتزوّج من فتاة تنتمي إلى طبقة أقلّ، أما الموضوع الذي يستغرق أحداثاً وأغنيات كاملة (كلمات إسلام خليل) فهو العجز الجنسي الذي ينكشف عند زواج اثنين من خدم وحشم الوزير (المغني ريكو ـ الراقصة دينا)، فيقدّم الفيلم، بمناسبة عجز الزوج، كمّاً من الابتذال وصنوف الإسفاف التي من المذهل أن تجتمع كلّها في فيلم واحد! وأهمية هذا الفيلم الوحيدة ـ إن كانت ثمة أهمية ـ أنه أسوأ أفلام الموسم بلا منازع.

هكذا تباينت المستويات، من سينما رفيعة (حاوي)، إلى أخرى وضيعة (الفيل في المنديل ـ فوكك مني)، مروراً بسينما متواضعة أو أفلام بين المنزلتين... وهي مستويات يمكن التوقّف أمامها وقفة أخرى وإن جاءت في موسم سينمائي قصير، بل لعلّه أقصر مواسم السينما المصرية.

back to top