بابا عمرو وتل الزعتر... المصير المشترك

نشر في 25-02-2012
آخر تحديث 25-02-2012 | 00:01
No Image Caption
 يحيى علامو قد تعجز الكلمات، وقد تعتذر المفردات، وقد نضطر لاستحلاب المعاجم لنستخلص منها جملاً تقوى على وصف ما يفوق الوصف، وتعبر عمّا يفوق ذائقة التعبير، وتسطر ما لا تحتمله السطور من فظاعة المشهد في المدن السورية التي باتت أقرب إلى مدن كوارث، خصوصاً مدينة حمص ورمزها الأبي "بابا عمرو" الذي بات رمزاً للثورة السورية، بل "نشيد الحرية الآتي" إضافة إلى تمتع المدينة بصفة "ابن الوليد" حيث يرقد فيها الصحابي خالد بن الوليد الذي زرع في أبنائها روح التضحية التي انعكست بطولة في التصدي لفوهات الجيش "الممانع"! التاريخ لا يعيد نفسه، ولكن التشابه وارد بالحوادث خلال المرحلة التاريخية نفسها بحكم استمرارية النهج والمنهاج الواحد، فمأساة مخيم "تل الزعتر" في لبنان تتشابه إلى حد كبير مع المأساة السورية الحالية، خصوصاً في "بابا عمرو"، وذلك لعدم انقطاع المرحلة التاريخية، وبقاء نفس الصانع في الصناعة، وإن كان بالتوريث مع اختلاف المكان. لاجئو "تل الزعتر" هربوا من الاحتلال الصهيوني لتحصدهم آلة القتل السورية بالتعاون مع الميليشيا اللبنانية حتى أزيل المخيم من الوجود.. ووصلت الحال بسكانه أثناء حصاره إلى أكلهم الشجر ولحم الكلاب والشرب من المجاري، وتحولت الممرضة السويدية المتطوعة آنذاك "إيفا شتايل" إلى "كلية طب" لعدم توافر الطبابة والأطباء لشمولهم بالحصاد التدميري، وأبقاها القدر لتكون شاهدة على جريمة من فصيلة التتار. اضطرت إيفا للمغادرة بمساعدة الصليب الأحمر بسبب نفاد آخر نقطة كحول مع آخر قطعة شاش لديها، ولم يبق في جعبتها سوى تلك المشاهد التي اختزنتها بالذاكرة. "تل الزعتر" واحد وتلال الزعتر في سورية كثيرة... فآلة الدمار الممانعة تحصد وتحرق الأخضر واليابس وكل المدن التي استهلكت في سبيل إعدادها وتأهيلها قوتنا اليومي ومستقبلنا وحشاش أرضنا اعتقاداً منا أنها سياج للوطن حتى صحونا يوماً لنجد أنفسنا بلا سياج وبلا وطن. إذا كان إعدام 21 مناضلاً في 6 مايو عام1917 إبان الحكم العثماني وعلى يد القائد التركي جمال باشا قد منحه صفة "السفاح"، وأضحت بالمناسبة عيداً للشهداء يحتفى به كل عام، فأي صفة سنطلقها على زمرة "البعث" القاتلة التي هدمت المدن والمخيمات على سكانها ونبشت القبور وعرت الأموات؟ وكم عيداً سنحتاج لتخليد ذكرى الشهداء والذين سقطوا دفاعاً عن حريتهم على مر خمسين عاماً من حكم البعث المجرم؟! فهنيئاً لسورية بشهدائها وهنيئاً لأمتنا بهذا الشعب المؤمن والمقاوم فعلاً والمحب للحياة والبشر... وبوركت كل يد تمتد لمساعدته ومساندة ثورته.
back to top