الحمد لله أنني لست بتمثال

نشر في 10-12-2011
آخر تحديث 10-12-2011 | 00:01
 بدرية البشر في أحد المؤتمرات عن حقوق المرأة في الدساتير في لندن التقيت وفوداً نسائية من كل المناطق العربية، احتلت النجومية فيها النساء القادمات من دول أطاحت الثورة بالنظام المستبد، فأصبحن مصدر فضول لدى بعض الحضور لمعرفة بعض التفاصيل وبعض ما نشر في الإعلام، ومعرفة حجم المبالغات فيه والحقيقة.

الوفد التونسي كان معتزاً بنفسه كثيراً، صاخباً بجدول العمل والحقوق إلى درجة تجعلك من قوته وشدة تعبيره عن نفسه تشفق على زين العابدين بن علي، الذي أصبح اليوم هو الملاك الوديع في تاريخ الثورات العربية، فهو لم يكلف شعبه الفاتورة الباهظة التي كلفها غيره مقارنة بالفاتورة الليبية.

حديثي مع القاضية الليبية جعلني أرشح الليبيين أكثر الشعوب رزحاً بالمعاناة، فحياتهم في ظل النظام السابق لم تكن حياة، ولا ثورتهم كانت ثورة، راح ضحيتها ٤٠ ألف شهيد.

قالت لي زميلتي الليبية إن القذافي بعد اعتداء أميركا على قصره في العزيزية عام ١٩٩٦ قرر أن يقطع اللسان الأميركي من ليبيا كلها عقاباً لهم، فسمى اللغة الإنكليزية اللغة الصليبية، وألغى مقرر اللغة الإنكليزية من مدارس التعليم العام، وأغلق قسم اللغة الإنكليزية والفرنسية والترجمة من الجامعات، وحولها إلى أدب عربي.

قرر أن يحرم شعبه كله من تعلم اللغة الإنكليزية ووجههم نحو تعلم اللغة الروسية والهنغارية نكاية في ريغان.

أما زميلتنا المصرية المحجبة فقد أصرت على أن تحتفظ بطابع السخرية في تحليلها لما يحدث في مصر، فحين سألتها ونحن على الغداء عن أخبار الانتخابات قالت لي: "المصريين بقوا بينتخبوا نباتات!"، قلت لها: كيف؟ قالت: إن حزب السلفيين الذين يرشحون امرأة لا يضعون صورتها على الملصق، بل يضعون بدلاً منها صورة وردة، وسمعت أحد السلفيين واقفاً تحت تمثال الزعيم الشعبي عمر مكرم يواعد زميلاً له على الهاتف، ويقول: "ستجدني واقفاً عند الصنم"، يسمون التماثيل أصناماً.

سألتها وهل تجدين أن فوز الإسلاميين والسلف نتيجة سلبية؟ قالت: على العكس، إن الطريقة المثلى للتخلص منهم هي مساعدتهم على الوصول إلى الحكم، جميعنا نعرف أن الأحزاب الإسلامية تفشل عادة في السياسة، لن تعرف كيف تنهض بالبلاد، هم مشغولون بالبرنامج الثقافي الذي يحتكر إرادة الناس ويتدخل في حرياتهم، ويتركون مصالح عيشهم وتوفير أمنهم الاقتصادي، لهذا يجب أن نساعدهم لتحقيق برنامجهم الثقافي ليتفرغوا لنا. كيف؟ قالت: نساعدهم على هدم الأهرامات والتماثيل الفرعونية، ونساعدهم على حرق كتب الأديب نجيب محفوظ الفائز بجائزة نوبل، لأنه كتبها عن الدعارة والحشيش والإلحاد، وأن نقفل المسارح ومصانع السينما والاستديوهات، لأن المسرح حرام والغناء حرام، وأن نمنع السياحة ونمنع السياح الأجانب، يجب ألا ننشغل بالتخفيف من غلوائهم، بل نحقق جميع مطالبهم، كي نعرف بعد هذا كيف سيخرجون مصر من أزمتها الاقتصادية.

قلت لها: رغم كل هذا يجب أن تنظري إلى الجانب الإيجابي في كل هذا، وهو أنك لست مغنية ولا مسرحية وإلا انقطع رزقك.

قالت: طبعاً، "الحمد لله ان أنا مش تمثال".

back to top