استضافه مهرجان القرين الثقافي 18

نشر في 01-02-2012 | 00:02
آخر تحديث 01-02-2012 | 00:02
قيس السندي: أعمالي تحافظ على البيئة العربية

يكرس الفنان التشكيلي العراقي قيس السندي مفاهيم إنسانية ذات أبعاد حضارية في أعماله الفنية، مركزاً على حضارة بلاد الرافدين ومقدماً رؤى متنوعة. كذلك يحرص على انتقاء عنوان لمعرضه يشكل رابطاً لمحتواه.

«الجريدة» التقت السندي أثناء زيارته الكويت للمشاركة في فعاليات مهرجان القرين الثقافي الثامن عشر، وكان الحوار التالي.

حدثنا عن معرضك «التصالح مع الذات»؟

أبحث دائماً عن السلام وأحاول أن أجده في أعمالي، فهو الأمان الذي ربما يفتقده العراقيون في بلدهم، لذلك قدمت المرأة رافضة العتمة. يتضمن المعرض 36 لوحة، استخدمت فيها تقنية رسم جردت المرأة الحاضرة في معظم اللوحات من ملامحها، وأبقت كينونتها في مختلف تجلياتها، بين الشجن والنشوة، العذاب والعذوبة، في لون ذي دلالة مرتكزة على تأويل المتلقي، وكأن الفنان الذي رصد تلك الهويات انطلق من سيكولوجيا الجسد وقراءة لغته مجترحاً ظلالها على اللوحات.

على رغم وحدة الموضوع، تميزت كل لوحة بفرادتها وخصوصية شخصيتها، فذلك التباين بين الظلال والضوء يشير بحدة إلى قسوة الحالة في قرارة سكونها! وتلك الألوان المتناغمة تعبر عن انسجام المرأة بحالتها، وكلها عبر تلك التناقضات تشكل فكرة المعرض «التصالح مع الذات» والتي تجلت دون أدنى غرابة.

كيف وجدت تفاعل الجمهور الكويتي مع معرضك؟

إنها المرة الأولى التي أزور فيها الكويت. حقيقة، أثلجت صدري الحفاوة التي استقبلني بها أهل هذا البلد والرواد الذين زاروا المعرض، فكانوا متذوقين جداً للفن التشكيلي العراقي وتبين أنهم متابعون للحركة التشكيلية العراقية. عموماً، رواد المعرض أنواع، فمنهم بالدرجة الأولى محبو الفنانين العراقيين، والقسم الآخر تضمن الراغبين في اقتناء لوحات من الفن التشكيلي العراقي، فيما القسم الأخير غلب عليه متذوقون للفن التشكيلي ونقاد وفنانون عرب وأجانب.

من خلال رحلاتي الكثيرة إلى معظم دول العالم، وجدت انتشاراً واسعاً للتشكيل العراقي، وأن الجميع يعرف أن العراقيين شعب حي ويحب الحياة ويعشق الجمال، والفن التشكيلي العراقي تضرب أطنابه في شتى أنحاء العالم لما يملكه من رقي يضاهي أحياناً أعمال الفنانين العالمين.

تركت العراق عام 2006، ماذا أخذت معك من بغداد؟

بغداد في قلبي أينما أذهب. أخذت معي بعضاً من ماء نهر دجلة وما زلت محتفظاً به. كذلك أخذت معي سعفة صغيرة تذكرني باستمرار بالنخيل وتمايل سعفه كلما هبت الرياح. لا يمكن لأي إنسان غادر بلده أن ينساه، بل لا يمكن أن يعوضه أي بلد آخر عن وطنه وما يحمله من ذكريات، الحلوة منها والسيئة. بالنسبة إلي، عانيت كثيراً عندما غادرت العراق إلى الولايات المتحدة الأميركية حيث أعيش راهناً مع أسرتي.

أخبرنا عن هذه المعاناة.

تكمن المعاناة في كيفية الحفاظ على عاداتنا وتقاليدنا في خضم مجتمع منفتح تماماً وحر إلى أبعد الحدود، وهذا هاجس معظم العراقيين الذين يعيشون في دول المهجر، خصوصاً من لديه أولاد. شخصياً، أحرص على أن يتحدث الجميع داخل المنزل اللغة العربية واللهجة العراقية كي أحافظ على أصولنا وانتماءنا، إضافة إلى التمسك بالتقاليد والعادات والأعراف والقيم العربية.

أشير هنا إلى أن التشكيليين العراقيين المنتشرين في بقاع العالم يصارعون للحفاظ على الهوية العراقية والانتماء إلى الوطن وإلقاء الضوء على الثقافة العراقية، إضافة إلى صعوبة المزاوجة والاختلاط والاندماج مع المجتمع الجديد. فعلاً، الحياة في دول المهجر (أفضل تسميتها بالمنفى الاختياري) صعبة جداً وسهلة في الوقت نفسه.

كيف تنتقي عناوين المعارض؟

أنتقي عنواناً لكل معرض أقيمه مساهمة في تناسق اللوحات وفي عملية الفهم عند المتلقي. مثلاً، عكست لوحات معرضي «الفردوس المفقود» هموم العراقيين الذين تغربوا وابتعدوا عن الوطن ويحلمون في العودة إليه. حاولت أن أجسد معاناة الإنسان في صراعه للبحث عن الفردوس الذي يحلم به، فلكل واحد منا فردوس ينتظره سواء كان في وطنه أم في منزله أم في بيئته.

كيف هي العلاقة بين الشكل والمضمون في أعمالك التشكيلية؟

رهاني على صياغة الأشكال «تعبيرياً ورمزياً» والاستلهام من مرجعيات تاريخية واجتماعية هو الذي حقق لي مقصدين أساسين هما الشكل أولاً والفكرة ثانياً، إذ إن العلاقة بينهما نسيجية. بالقدر الذي يتكئ فيه المضمون على وعي المتلقي ورؤيته، يبقى الشكل محققاً استجابة للحوار الصامت بين الفنان والمشاهد. كذلك تمزج المعايير الجمالية في الفن العراقي بين القديم المتمثل في حضارات بلاد الرافدين، والمعاصر الذي يستقي روافده من الحداثة وتحولات العصر الحديث. هكذا، تأتي اللوحات غنية بإيقاعات بصرية متجددة، لكن مع الحفاظ على المحلية والانتماء إلى البيئة والثقافة العربية.

back to top