شعار واحدة لا تكفي... يُدخل المرأة العربيّة طابور شهريار
«امرأة واحدة لا تكفي»، هذه العبارة الأكثر انتشاراً بين الرجال في عالمنا العربي، تزعج المرأة لأنها تجعل منها مجرد حق مكتسب للرجل، فهل تقبل فتاة 2011 أن تصبح واحدة ضمن طابور زوجات أو ما يمكن تسميته بـ{نساء شهريار»؟
تصف هبة الله محمد (31 عاماً متزوجة منذ 6 سنوات)، تعدّد الزوجات بأنه أنانية من الرجل الذي يعشق تملّك المرأة لا أكثر، وتلاحظ أن هذه الظاهرة نادرة في مجتمعاتنا، ولا يُسمح بها اجتماعياً إلا في ظروف استثنائية. تضيف هبة: «مررت ببوادر هذه التجربة مع زوجي، إذ كان على وشك الزواج من امرأة ثانية نتيجة ظروف معينة وشارفنا على الطلاق، وقد ساندني المحيطون بي حتى والدته، ما اضطره إلى العدول عن هذه الخطوة تماماً. هنا أتساءل: طالما توفّر الزوجة لزوجها الاستقرار الأسري والحياة الهانئة فلِمَ يبحث عن غيرها؟ تلك فكرة غير مقبولة». من جهتها، لا ترى سارة حمَّاد (27 عاماً عزباء) أي ضرورة تدفع الرجل إلى تعدد الزوجات، وهي ترفض هذا الوضع لأنها تعتبره إهانة لكرامة المرأة، «ربما كانت المرأة تقبل هذا الوضع، في أزمنة سابقة، نظراً إلى اختلاف المكانة الاجتماعية بينها وبين الرجل، لكن اليوم أصبحت مساوية للرجل، إن لم تكن أكثر منه نجاحاً، فلماذا يتعمد هذا الأخير التقليل من شأنها ولماذا تقبل هي بما يتردد من أن ارتفاع مكانته بين الناس شرف لها كزوجة؟». تضيف سارة: «مهما كان ارتفاع معدلات العنوسة في المجتمع، أرفض رفضاً قاطعاً أن أصبح زوجة ثانية لأنني سأظلم امرأة أخرى ليس لها ذنب وسأظلم نفسي أيضاً. في أسوأ الظروف، قد أقبل أن يتزوج زوجي عليّ لأن المجتمع، للأسف، يتقبل لقب زوجة أولى أكثر من لقب مطلقة. حلال من الله تؤكد يسرا رضوان (22 عاماً عزباء) أنه «لا يمكن أن نُحرِّم على الرجال ما حلّله الله. بالنسبة إلي، لا أمانع من أن أكون من ضمن أربع زوجات لرجل واحد، ولا يعنيني ترتيبي بينهن، طالما أنني أشعر مع الزوج بسعادة ورضى واستقرار». تضيف يسرا أن شخصية الحاج متولي التي جسدها الفنان نور الشريف في الدراما هي مثال لنسبة لا بأس بها في مجتمعنا الشرقي، «ربما يكون تقبلي للفكرة سببه أن أبي متزوج من امرأة ثانية منذ ثلاث سنوات، ولم تمانع أمي إطلاقاً هذه الفكرة ولا تشعر بأي اختلاف في حياتها بعد زواجه الثاني، فلو رزقني الله بزوج متزوج قبلي أو سيتزوج من بعدي أتمنى أن يكون عادلاً مثل أبي». منى ممدوح (29 عاماً متزوجة منذ 3 سنوات) هي زوجة ثانية ولا تعاني من مشاكل جوهرية في حياتها. تعيش مع زوجها حياة هادئة ويعيش هو مع زوجته الأولى حياة مستقرة. تعترف منى بأن ثمة اضطرابات حصلت مع بداية زواجها، لكن الوضع اليوم يتسم بالهدوء، «لا أنكر أنني كثيراً ما أحتاج إليه ولا أجده إلى جانبي، إلا أن حبي الكبير له يجبرني على قبول هذا الوضع والاكتفاء بجزء من حياته. الزواج من رجل متزوج ليس جريمة والله تعالى حلله وبالتالي لا بدّ للمجتمع من أن يقبله». نسبة قليلة يؤكد د. مدحت عبد الهادي (خبير العلاقات الزوجية) أن هذه الزيجات نسبتها قليلة في المجتمع، «تتقبّل المرأة فكرة أن تكون زوجة ثانية أو ثالثة حين تشعر بضياع فرصتها في الارتباط، على رغم عدم إعجابها بها، لأنها بمثابة طوق النجاة لها والفرصة الأخيرة للزواج خوفاً من لقب عانس». يضيف عبد الهادي: «تتسم النفس البشرية بالأنانية وحبّ التملك، وأكثر ما يميز المرأة الشرقية عموماً غيرتها على الرجل، فمن المستحيل أن تقبل هذا الوضع عن رضى، إذ يحدث في داخلها، وفقاً لطبيعتها النفسية، ما يُعرف بـ{الكراهية المكبوتة» ومن الصعب الجمع بينها وبين الحب والسعادة». يوضح عبد الهادي «أن المرأة عادة تتزوج لسببين: المظهر الاجتماعي وستفقده تماماً في حال ارتباط زوجها بأخرى. والاحتكاك المألوف وفي هذه الحالة ستشعر بالوحدة لأن الزوجة الثانية ستحلّ محلها. مع أن الشرع يسمح بهذه الفكرة، في حالات استثنائية، إلا أن على الزوج التحلي بصفات أبرزها: العدل والرحمة ليكون قادراً على الجمع بين أكثر من زوجة، وهي صفات غير متوافرة اليوم». يلفت عبد الهادي إلى أن الزوجتين لن تشعرا بالسعادة، لأن الزوجة الأولى تشعر بأن الثانية سرقت حياتها وحبّ زوجها لها، والثانية تعتقد أن بين الزوج وزوجته الأولى ذكريات وعشرة طويلة، ما يطغى على حبه لها أياً كانت درجته. يتابع عبد الهادي: «أحياناً، يتزوج الرجل زوجة ثانية للمتعة فحسب ويكون كارهاً للزوجة الأولى، لكنه لا يرغب في الطلاق، فيوصف في هذه الحالة بالأنانية الشديدة، ويبدأ البحث عن زوجة ثالثة ورابعة، أما في حالة مرض الزوجة أو أي عيب فيها فيصبح مجرد زواج قهري لا بديل عنه». رأي الدين يوضح الداعية الإسلامي أحمد المحلاوي (خطيب مسجد القائد ابراهيم في الإسكندرية) أن حكم الشرع في قضية تعدّد الزوجات لا يقتضي أي شروط سوى عدالة الرجل بين الزوجات وحسن المعاملة والمعاشرة. يضيف المحلاوي: «إذا شعرت أي زوجة بالتفضيل في المعاملة بينها وبين الأخريات من الزوجات سيتحمّل الزوج ذنباً كبيراً، فتعدّد الزوجات رخصة من عند الله، لكن إذا كانت الزوجة الأولى راغبة في الانفصال أو رفضت المرأة الزواج من رجل متزوج، فهذا لا يغضب الله، فمن حق المرأة أن ترتضي بالوضع الذي ستتزوج عليه وتتمتع بقبولها للزوج».