المراوغون... كيف تكتشفهم وكيف تتعامل معهم؟

نشر في 24-12-2011 | 00:01
آخر تحديث 24-12-2011 | 00:01
تشتمل مجموعة المراوغين على الكسالى والمخادعين والمغيظين والخبراء في الهروب والتملّص والمجرمين الجبناء. والاختصاصي في علم النفس العيادي أندره فولر يساعدنا في كتابه «سبع شخصيات تسمّم حياتكم» على اكتشاف هؤلاء ويقدّم لنا طرائق التعامل معهم.

يشبّه أندره فولر المراوغ بطفل في الثالثة من عمره يسير بخطى قصيرة فيما سرواله يبدو مليئًا بالغائط، وقد بدت على وجهه نظرة دهشة وكأنها تعني «من تغوّط في سروالي؟». فالمراوغ هو شخص على هذه الشاكلة.

مثال

يعجز المراوغون عن تحمّل مسؤولية حتى أوضح أفعالهم وأكثرها بروزًا للعيان، فيحورون ويدورون حتى يخرجوا من المأزق. ينقسم هؤلاء الى فئات عدة، لكنهم يعانون كلهم من رهاب الالتزام ومن حساسية على المسؤولية والمحاسبة. بالحيلة والخداع، يمكنهم أن يتملصوا حتى من أكثر الضمانات إلزامًا، الضمانات التي لا لبس فيها ولا إشكال.

محاولة تثبيت هؤلاء المتهربين ومضيّعي الوقت والإمساك بهم أصعب من تثبيت الزئبق. يدخل في هذه الفئة الأشخاص الذين لا يستطيعون أن يقولوا ما يريدون وإليكم في هذا الحوار مثالاً:

- هل ترغب في الذهاب إلى السينما؟

- حسن، لا بأس.

- ما الذي ترغب في مشاهدته؟

- لا أمانع في أن أشاهد ما تريده أنت.

- ماذا عن فيلم...؟

لا بأس.

- (لاحقًا بعد حضور الفيلم) ما رأيك في الفيلم؟

- حسنًا، ليس من نوع الأفلام التي أحب على أية حال.

نماذج أخرى

تفتقر مجموعة أخرى من هذه الفئة إلى القدرات التنظيمية وتتهرّب عندما تربكها المهمة التي تتولاها أو تفوق قدراتها. قد يفتقرون إلى القابلية على اكتساب المهارات التي يحتاجونها ولعلهم سيختبئون عندما تواجههم مهمة جديدة ويتساءلون عما عليهم أن يفعلوا الآن. ربما يلجأ هؤلاء الى تفويض آخرين للحلول محلهم لأنهم لا يعملون ما عليهم أن يعملوه ويأملون في أن ينهي هؤلاء العمل بدلاً منهم. ويمكن أن يكونوا أيضًا وبكل بساطة غريبي الأطوار وحالمين وليسوا خبثاء، ماكرين.

التجنّب أو التفادي هو آلية لواجهة المشاكل والمصاعب بالنسبة إليهم، قد يكون المراوغون فاشلين في وضع الميزانيات وفي المهام التنظيمية كما ربما يشكّل التواصل المباشر مشكلة لهم.

كذلك يتمتع البعض منهم بسحر ظاهري، إذ طوّروا فن التنقّل من موقف إلى آخر بسهولة. يعمل هؤلاء عادة في مهن تتطلب منهم التنقّل بكثرة حيث يخلّفون وراءهم الكثير من الضرر، علمًا بأنهم غالبًا ما يلومون الآخرين على عدم حسن تنظيمهم.

ثمة مجموعة أخرى من المراوغين هي مجموعة الخائفين حيث تفضّل هذه الفئة أن تقودك في جولة من الكلام المرح بدلاً من أن تواجهك مباشرة. يجد هؤلاء غالبًا صعوبة في قول كلمة لا للآخرين ويعانون من «مرض السعي إلى الارضاء» وهم يتجنبون النزاعات والخلافات والشجارات.

في العمل

إذا كنت تعمل مع مراوغين، فحاول ألا تشارك في مجموعة تضمهم وتتولى مشاريع معيّنة، إذ احزر من سيقوم بالعمل كله؟ غالبًا ما يكون المراوغون لطفاء، ساحرين ويشيعون الطمأنينة، لكنهم عديمو النفع تمامًا.

يلعب بعض المراوغين دور «العاجز عن التكلّم» في مكان العمل حيث يقولون لك «ستنجز هذا العمل أفضل مني»، في حين أنهم قادرون تمامًا على القيام بالعمل، لكنهم يشعرون بأن هذا الاحتمال يفوق طاقتهم.

إن كنت تتولى إدارة هؤلاء أو تترأسهم فاعلم أنك لا تستطيع أن تعوّل عليهم أبدًا. يمكن لهؤلاء أن يعدوك بوضع العالم بين يديك، لكنهم يعجزون عن الإيفاء بوعودهم. أفعال هؤلاء لا تشبه أقوالهم أبدًا، فهم لا يفون بأي وعد يقطعونه.

يكذب بعض هؤلاء بشكل مفضوح، فإذا سألتهم عما آلت إليه المهمة الموكلة إليهم فسيؤكدون لك أنهم كادوا ينهونها. لكن عندما يحين الموعد النهائي لتسليم العمل ستجدهم يراوغون ويتملصون.

براعة في الكذب

يتطلّب الإمساك بالمراوغين البراعة فعلاً. يمكنك أن تطاردهم وتتعقبهم، لكنك لا تستطيع أن تجدهم. حاول الإمساك بهم وستشهد عرضًا يحيّر البصر. عند أي استحقاق، ستجدهم يصابون بشكل فجائي وغامض بالمرض أو يضطرون إلى حضور دفن جدتهم الرابعة، وإذا قدموا الى العمل فستراهم يعرجون ويسيرون بصعوبة وقد لفوا أنفسهم بالضمادات، أو سيصابون بنوبة مرضية، ما يعني أنّ عليهم أن يلغوا الاجتماعات.

عندما يفوّتون الموعد النهائي لتسليم العمل، غالبًا ما سيدّعون «أنهم يبذلون قصارى جهدهم» أو «أنهم لم يفهموا المهمة الموكلة إليهم» أو «أنّ الشرح لم يكن وافيًا وواضحًا». تتدفق الأعذار والأسباب والتفسيرات والأكاذيب الصريحة.

في حياتك

قد يبدو المراوغون في بادئ الأمر أذكياء، ساحرين، ظرفاء ومسلين، لكنهم يتحوّلون لاحقًا الى الثقوب السوداء العاطفية للكون. يمكن للصوص الحياة هؤلاء أن يكبتوا المشاعر الحقيقية ويمتصوا المرح من العلاقة فيما لا يتحمّلون مسؤوليتهم عن ذلك.

يمكن أن تكون صداقة المراوغ مبهجة وسارة للغاية. سيسعدك أن تبقى برفقته طالما أنك ملتزم بالمواضيع السعيدة والخفيفة إنما حاول ألا تقيّده أو تناقش المسائل العميقة معه إذ سرعان ما سيهرب! وغالبًا ما تتضمن الصداقة مع المراوغ اعتذارات عن كثير من التأخير وحتى نسيان المواعيد المتفق عليها.

حاول ألا تقرض المراوغ المال فهو يجيد الخروج و{نسيان» محفظته. يمكن للأشخاص من هذه الفئة أن يستعيروا منك الأغراض ولا يعيدونها. فهؤلاء المراوغون العديمو التركيز مشهورون بعدم دفع الإيجار في الوقت المحدد وعدم إعادة الكتب التي يستعيرونها وعدم سداد المبلغ الذي يدينون به للآخرين وعدم قيامهم بما هو مطلوب منهم في العمل.

كفالة المراوغ ليحصل على قرض هو عمل جنوني صرف. أن تُقرض المراوغ مبالغ صغيرة من المال أمر لا بأس به، وكما علّق رجل حكيم ذات مرة: «إذا أقرضت أحدهم 20 دولارًا أميركيًا ولم تره مجددًا فقد عقدت صفقة جيّدة على الأرجح».

لتنجح الصداقة مع المراوغ، عليك ألا تعيره شيئًا قد تشعر بالامتعاض إذا ما فقدته لأنه لم يعده. تعتمد الصداقة مع المراوغ على الحظ وعدم التخطيط. عندما تكون الأمور على ما يرام ستجد سلوكهم جيدًا جدًا، لكن حين تسوء الأمور فلن تراهم إلى جانبك. إذا تشاجرت مع أحدهم فلا تتوقّع أن يمر بك لمناقشة المشكلة معك.

أعذار

يبرع المراوغ في إيجاد الأعذار وسبل الفرار، إذ يصدّق ما يأتي به. بصراحة، لا يمكن لبعضهم حتى أن يستلقي بشكل مستقيم في السرير.

المراوغون هم مخدّرو الحب، فهم قادرون على خنق المشاعر الإيجابية ويعمل البعض منهم على تبريد الأمور كلما استعرت وصعُبت عبر تغيير الموضوع، الابتعاد عاطفيًا عن الآخر، الشعور بالمرض أو التعب فجأة أو المطالبة بمساحة خاصة بهم.

في الحب، يبدو المراوغون ظاهريًا جيدين في الحميمية والتقرّب من الآخر، فهم يُظهرون استعدادًا للتخلي عن أصدقائهم ليكونوا مع الحبيب، ولتغيير مشاريعهم ليفسحوا له مجالاً. يمكنهم أن يجعلوك تشعر بأنك مهم ومميّز. ما لا يقوله المراوغون مهم بقدر ما يقولونه كقصص الحب القديمة، والزوجات/الأزواج والأصدقاء الذين لا يؤتى على ذكرهم. نسي رجل مراوغ أعرفه أن يخبر حبه الجديد أنّ لديه عائلة كاملة في ولاية أخرى. إذا دققت جيدًا في قصة حياة واحد منهم فستجد سلسلة من الأشخاص الذين أسقطهم منها ولم يعد يأتي على ذكرهم أبدًا.

خطة

المراوغون مخادعون، والإمساك بهم أشبه بالسعي خلف قوس القزح للمسه. إذا أردت أن تُلزم مراوغًا فاعلم أن أمامك فرصة واحدة لا تتكرر، إذا لم تتمكن من ذلك في جلسة واحدة فقد يصبح متملصا الى حدّ أنك ستضطر إلى أن تطارده إلى ما لا نهاية. لحل المسائل العالقة مع المراوغ، عليك أن تلاحقه باستمرار وأن تطالبه. إذا قررت أن تواجهه فاحرص على ألا يكون أمامه أي مفر أو أي سبيل للهرب.

يودّ المراوغون أن تقبلوا أسلوبهم، وبما أنهم ساحرون قد تشعرون بالسوء إذا ما أعطيتموهم إنذارًا نهائيًا. سيختلقون أعذارًا لا تُصدّق ليبرروا عدم قدرتهم على القدوم إلى العمل أو على تسديد القرض أو على إعادة أغراضك الثمينة.

قد تضطر إلى أن تعوّض عن الخلل الذي يسببونه. في الحالات القصوى، يمكن أن تجد نفسك تفكّر في المستقبل وتخطط له بدلاً منهم، وتجد لهم الأعذار وتسعى إلى ألا يواجهوا نتائج أعمالهم. ولعلك تعتمد أسلوب الوالد معهم، إنما لا تفعل فمن شأن هذا أن يجعلهم يفلتون من عقال المسؤولية فيما يتسنى لهم أن يلعبوا دور الولد الشقي الذي يواجه التأنيب.

انتبه إلى سلوكك

قاوم السقوط في حبائل سحر المراوغين الظاهر. يمكنك أن تعطيهم إنذارًا نهائيًا بطريقة ساحرة أيضا.

قاوم الرغبة في التعويض عن سوء التخطيط لديهم... قد ترغب في مدّ يد العون لهم، لكن لا تضحِ بنفسك لتساعد مراوغًا.

إنهم أشخاص راشدون بقدرك أنت. وعلى رغم اعتراضاتهم، إلا أنهم أشخاص ناضجون تمامًا وقادرون على حل مشاكلهم. إنهم لا يحتاجون إلى أم أو أب ثانٍ فتوقف عن أداء هذا الدور ودعهم يواجهون نتائج أعمالهم واحرص على أن يلقى اللوم عليهم وليس عليك أنت.

لا يمكنك أن تعرف دومًا كيف تتعامل مع المراوغ، فهو يعيش في عالم ضبابي من الأعذار والروايات والتبريرات التي قد يكون بعضها صحيحاً. قد يراودك شعور بأنك تُخدع، فثق بغريزتك وحدسك: إذا انتظرت حتى تتأكد فستنتظر إلى ما لا نهاية.

أفضل النتائج

تتضمن أفضل النتائج أن يقرّ المراوغ بخطئه وأن يتعامل مع المسألة، فمن شأن هذا أن يجعله يقف على قدميه ويتحمّل مسؤولية أفعاله (أو عدم إقدامه على أي عمل).

ساعده على أن يطوّر استراتيجيات لينظّم أموره بشكل أفضل ويطوّر مهاراته وليتخلّص من الشعور بالإرباك أمام أي موقف يستجد. لعله سيحتاج إلى أن يتعلم تنظيم ميزانيته وحُسن إدارة وقته.

حُدّ من ميل المراوغ إلى تفويض الآخرين فعليه هو أن يتحمّل السمؤولية. يمكن للمراوغين أن يتحولوا سريعًا إلى لوامين وكثيري الشكوى إذا ما ظنوا أنّ إلقاء اللوم على عيوب الآخر وتحميله المسؤولية يعودان عليهم بالفائدة.

ترتبط أفضل النتائج مع المراوغين بالوضوح والعمل. حدد النقطة الجوهرية بوضوح، وما ينبغي القيام به، ومتى ينبغي القيام به. أوضح حدود علاقتك بالمراوغ إن كان يعاني من رهاب الالتزام.

كيف أتعامل معهم؟

أعطهم مهاما يستطيعون القيام بها

تطوير المهارات

خطط للمهام بالنيابة عنهم

أشرف على الميزانيات والمهل الأخيرة

ساعد على التخطيط وسجّل برنامج الأعمال اليومية. استخدم وسائل التذكير الالكترونية

لا تدعهم يعيشون في حلم... أظهر كيف يؤثر فيك هذا

ناقش المسائل الجوهرية ومسألة ناقضي الاتفاقات في علاقتك بهم

هذه ليست مشكلتك

لا تتعامل معهم على أنك والدهم

ماذا يريدون؟

إخفاء شعورهم بعدم تقدير الذات

إخفاء عدم كفاءتهم

إخفاء انعدام المهارة في التخطيط

إخفاء عدم قدرتهم على التواصل

العيش في عالم سعيد لا يعرف المشاكل

تجنّب المسؤولية والالتزام

تجنّب الشعور بالتعاسة

أن يتولى الآخرون المسؤولية

استراتيجيات

ثمة سلسلة خطوات واضحة للتعامل مع المراوغ:

1 خذه جانبًا.

2 أجلسه وأجبره على أن ينظر في عينيك.

3 حدد المهمة أو الموضوع قبل أن ينتقل إلى مكان آخر.

4 أوضح إجراءات عملك الخاصة، سواء أكان الأمر يتعلّق بما تتوقّعه منه في علاقتك معه أو على صعيد العمل.

5 اطلب منه أن يراجع هذه الإجراءات ويوافق عليها إن كان مديرك. فصِّل له الإجراءات إن كان من فريق عملك.

6 حدد النقطة الجوهرية بوضوح، فضلاً عن النتيجة أو العمل.

7 وافق على أن تبقي التواصل قائمًا بهذا الشأن حتى تحقيق الهدف الجوهري أو النتيجة أو إنجاز العمل.

8 اتفقا على موعد لقاء لاحق.

9 تابع عمله.

تحذيرات

1 يجيد المراوغون الزيغان والانحراف والاختفاء. وبينما أنت تحاول الوصول إلى بعض الوضوح، سيسهمون غالبًا باسترضاء «افعل ما يخطر لك بأي طريقة تحلو لك». يبدون ظاهريًا هادئين ومسترخين وداعمين، إنما خلف أسلوبهم الأنيس والدمث تكمن نيّة ملتوية ومخادعة للعثور على إمكانية ألا يتحمّلوا المسؤولية. تمسّك بموقفك.

2 إذا نجحت في مهمة فهذا ما توقعوه. وإذا ما فشلت فسيلقون باللوم عليك.

back to top