باتريسيا داغر: مكتفية بشهرتي ولا يهمّني وصفي بممثّلة كوميديا
تستعدّ الممثلة اللبنانية الكوميدية باتريسيا داغر للعودة إلى مسرح «إربت تنحلّ» بعدما كسرت رجلها واضطرت إلى وضعها في الجبس أسابيع، وهي تحضّر راهنًا أسئلة الموسم الثاني من برنامج « يا مجوزين» على شاشة «الجديد» اللبنانية، بينما تستمرّ في برنامج الانتقاد الساخر «إربت تنحل» على الشاشة نفسها، كتابة وتمثيلاً.
عن مشاريعها وأعمالها تحدّثت داغر إلى «الجريدة». تلازمين المنزل منذ أسابيع، فكيف تزاولين أعمالك؟ لم يتأثّر برنامج «إربت تنحلّ» لأنني أتابع الأخبار اليومية عبر التلفزيون للكتابة، واستغلّيت كسر رجلي لأصوّر بضع اسكتشات فيما نصوّر مشاهد أخرى من دون إظهار الجبس، لكننا عانينا على صعيد المسرح إذ اضطررنا إلى تأجيل العرض ريثما أعود بعد أسبوعين. أما بالنسبة إلى برنامج «يا مجوزين» فبعض الحلقات جاهز للعرض. صرّحتِ سابقًا بأنك لا تجدين نفسك في مجال التقديم، لكنك قبلت «يا مجوزين»، فما السبب؟ منذ البداية لم أطرح نفسي للتقديم ولم أجد نفسي في هذا المجال، لكن إدارة «الجديد» عرضت البرنامج عليّ وهو لا يحتاج إلا إلى خفة الظلّ وأن يشعر المشاركون بالراحة. هل ستقبلين أي عروض في المستقبل؟ لن أقدّم سوى برنامج خفيف شبيه بـ{يا مجوّزين»، لأنني لا أستطيع تقديم برنامج جدي أو علمي أو في إطار المعلومات العامة. ثمة انتقادات وُجهت إليك لأنك تلعبين على الإيحاء الجنسي في أسئلتك. من انتقدني يتذاكى! لا أفرض أسئلتي على المشاركين الذين لهم مطلق الحرية في اختيار نوعية الأسئلة قبل بدء التصوير. لا أحرج أحدًا وألغي السؤال المزعج، إلى ذلك من يتابع البرنامج يلاحظ أن إجابات المشاركين تأتي أحيانًا أقوى من مستوى أسئلتي. التزمت الخط الكوميدي من دون سواه، لماذا؟ شعرت بأنني مرتاحة ومطمئنة ومكتفية ماديًا في التمثيل الكوميدي، فالممثل الدرامي في لبنان يتعب وتُمسّ كرامته أحيانًا في سبيل ربح مادي لا يوازي ربع ما أجنيه في الكوميديا. كيف تصفين تجربتك على صعيد كتابة الـ «سيت كوم» وتمثيله؟ ينصبّ الاهتمام في لبنان على برامج الانتقاد الساخر والدراما ويأتي ذلك على حساب الـ «سيت كوم». قدّمت أفضل عمل في هذا الإطار هو «شيري بالتقسيط» لم يثمّنه سوى من تابعه. كنت أستأهل تقديرًا أكبر من الجمهور اللبناني الذي يفضّل الكلام البذيء والإيحاء الجنسي على جمالية الموقف والنكات، ما لا يشجّع الكاتب على خوض هذا المجال طالما أنه لا يأخذ حقه المادي والمعنوي. هل ستكررين التجربة؟ لست مغرورة، إنما أصبحت لدي شروطي الخاصة لكتابة الـ «سيت كوم»، لا سيما أنني أكتب بمسؤولية كبيرة ولست مستعدّة للتعب بهدف تقديم الأفضل في مقابل قلة اكتراث من الجهات المنتجة أو من شاشات التلفزة. من الضروري تقدير المحطة التلفزيونية لعملي أولاً ومن ثم أترك للجمهور القرار ما إذا أحبه أم لا، فأتحمّل عندها أنا المسؤولية. هل تطمحين إلى كتابة دور درامي لك؟ لا أطمح إلى أن أكون ممثلة دراما، خصوصًا أن سنّي والوقت لا يفسحان في المجال أمامي لأكون بطلة مسلسل درامي. إذا استفزّني دور معين ووجدته مناسبًا لعمري ولشخصيّتي، قد أخوضه. إلى ذلك، لا أفكّر بالكتابة الدرامية راهنًا لأنني أنتظر حتى يكبر أطفالي. كيف تميّزين بين عملك التلفزيوني والمسرحي؟ المسرح همٌّ بحدّ ذاته ومتعبٌ ومسؤوليته أكبر وهو لا يحتاج إلى نص متقن فحسب، بل إلى أداء قوي أيضاً بسبب صعوبة إرضاء الجمهور اللبناني وجهًا لوجه. أما التلفزيون، فيحتاج إلى نص قويّ بغضّ النظر عن قوة الأداء. تعملين منذ سنين في برامج الانتقاد الساخر، ألم تشعري بأنك مكبّلة؟ على العكس، آفاقي أوسع فيها لأنني أعدّ شخصيات جديدة دائمًا وأعبّر عن أفكاري لذلك لا أفتّش عن مجالات أخرى. ألا يؤدي زوجك إيلي فغالي، منتج «إربت تنحلّ» ومخرجه، دوراً في شعورك هذا؟ قبل زواجنا لم يميّز إيلي بين ممثّلي الفريق وهو يعطيهم الفرصة لتقديم شخصيات جديدة ما يقوّي برنامجنا ويجعله منوّعًا بتنوّع الشخصيات وتجديدها المستمرّ. أين موقع «إربت تنحل» بين البرامج الانتقادية الأخرى؟ يسجّل برنامجنا أكبر نسبة مشاهدة في لبنان، لكننا لا ننتقد أيًّا من البرامج الأخرى ولا نشير إليها في أعمالنا، لأن من يعلن أنه في المرتبة الأولى وينسخ الآخرون عنه يتحدّث عن قهر وانزعاج فحسب. نحن نفرح لنجاحات الآخرين، وإذا كانوا أفضل منّا نتعلّم من حسناتهم. لا نستخفّ بالجمهور بل نحترمه ونجهد أسبوعيًا لتقديم الأفضل له. في النهاية، يأخذ كل فريق رزقه. تجسّدين شخصيات مركّبة، فلماذا لا تقلّدين؟ لا أجد نفسي في التقليد. كذلك، يعود ابتعادي عنه إلى تفضيل الجمهور السياسة والجنس على الفن. قلّدت بعض المطربات والمذيعات المستفزات في أدائهنّ، لكنني لا أجد راهنًا أي عمل مستحقّ، ربما إذا قدّمت إليسا كليبًا مصورًا جديدًا مهضومًا أو إذا ظهرت شخصية نافرة تستفزّني لتقليدها. شهرة الممثلة الدرامية أوسع من الكوميدية، ألم يغرِك ذلك؟ كلا، لأنني لمست التعب والمسؤولية والعذاب المعنوي وسوء المعاملة في الدراما، ولست ممن يقبل أن يداس بهدف العمل. هل يختلف هذا الواقع في الكوميديا؟ قبل أن أبدأ مع «إربت تنحلّ» أصررت على عدم التمثيل، لكنني كنت مشتاقة الى مثل هذا النوع من البرامج، كذلك اقتنعت بفريق العمل بسبب خلقية المخرج إيلي فغالي في تعاطيه مع الممثلين. أنا مكتفية بشهرتي ولا يهمني توصيفي بممثلة كوميديا أو شانسونييه طالما أنني معروفة بنسبة 80 في المئة من المجتمع اللبناني. ألا يزعجك حصر صفة الممثّل في المسرح والسينما والدراما؟ يتعب ممثلو برامج الانتقاد الساخر أكثر في التمثيل وهم يحتاجون إلى طاقة أكبر لإرضاء الناس وإضحاكهم. إنها ثقافة اللبنانيين في التسميات، ما يهمني حقيقةً هو محبّة الجمهور بغضّ النظر عن التسمية التي تطلق عليّ. كيف تنظرين إلى الدراما العربية واللبنانية؟ الدراما السورية جيدة ونصوص الدراما التركية المعروضة عبر شاشاتنا المحلية لافتة. نواجه مشكلة في نصوص الدراما اللبنانية، لأنها غير واقعية، وفي الإنتاج القليل والإخراج غير المقنع، لكن المشاهد اللبناني يهتمّ بظهور ممثلة جميلة في العمل أكثر مما يهتم بأمور أخرى. هل يتحمّل الكتّاب مسؤولية النصوص الركيكة، أو قبول الجمهور بهذا المستوى من الأعمال؟ تقع المسؤولية على الجمهور أولاً، لأن من يثمّن مسلسلاً غير مقنع يستأهل هذا المستوى. اكتشفت أخيرًا أن ثمة جمهورًا رفض نوعية معينة من الأعمال، لذلك أتمنى أن يتشجّع الكتاب ويعوا أنهم لا يكتبون لهدف تجاري إنما يقدّمون دراما لجمهور مثقف وواعٍ يجب جذبه إلى متابعة مسلسلاتنا الدرامية. اشتهرت بـ miss orange، مناصرة التيار الوطني الحرّ، هل لذلك انعكاس على جماهيريتك؟ لم أكن منزعجة سابقًا، لكن هذه الشخصية انعكست سلبًا وإيجابًا في آن على مشاهدي برنامجي «يا مجوزين» الذين يربطون بيني وبينها. يتوجّب على الجمهور استيعاب هذه الشخصية التي تجسّد أي لبناني، بغض النظر عن انتمائه، والذي لا يرى سوى زعيمه السياسي، وأدعوه إلى أن يكون واعيًا لأنها تعني الجميع وليس مناصري التيار الوطني الحر فحسب، إنها رسالة اجتماعية وليست دعوة إلى مناصرة ميشال عون. تقدّمين شخصية نافرة هي «صوفيا» أيضاً، ألا يسّبب ذلك حرجاً كونك متزوّجة وأمًا؟ جمهوري وزوجي وأنا نفصل بين «صوفيا» وشخصيتي الحقيقية، فأنا أعيشها في الأداء حتى النهاية لكنني غير معنيّة بها على الصعيد الشخصي. إلى ذلك، ثمة أمور كثيرة نحذفها من النص المقدَّم على شاشة التلفزيون لأننا نرفض عرض أمور نابية. لكنّ مسرح الشانسونييه يرتكز على السياسة والجنس. من السهولة الكتابة عن الجنس في وجود جمهور يصعب إرضاؤه، لكننا حققنا توازنًا في مسرحنا بينهما. من جهة أخرى، يفرض الواقع نفسه على هوية النصوص، فوجدنا أن التوازن بين الاجتماعي والسياسي مطلوب راهنًا. هل تشجعّين ابنتك على التمثيل؟ أتمنى ألا تتّجه إلى التمثيل، لأنها لن تجد دائمًا رجلاً خلوقًا في العمل كزوجي. تعرّفت إلى المنتجين والمخرجين في مراحل عدّة من مسيرتي الفنية لذلك من الضروري أن تكون ابنتي قوية لتقطع هذه المراحل. إذا كانت جميلة وموهوبة سنساعدها، زوجي وأنا، وندلّها على الطريق الصحيح. أين موقع زوجك في خياراتك العملية؟ أعطيه أولوية القرار لأنه دائمًا على حقّ، فهو ذكي ولديه بُعد رؤيا في تحديد ما إذا كان عمل ما سينجح أم لا. ألا يهمك الانتشار العربي؟ طبعًا، يهمّني الانتشار الكوميدي في سورية وأرغب في تصوير عمل كوميدي في مصر.