كيف تصبح قائداً ناجحاً؟

نشر في 01-10-2011 | 00:02
آخر تحديث 01-10-2011 | 00:02
القيادةُ موهبة تُمنح للبعض منذ الولادة. وهي صفةٌ نكتسبها تدريجياً بالممارسة إذا طبّقنا المبادئ الأساسيّة التي تقومُ عليها. يقول رجل الأعمال الأميركي دايل كارنيجي: «إنْ أردتَ أن تكونَ ذا شأنٍ فلا تقنعْ بالاعتماد على الآخَرين، وكنْ واحداً من أولئك الذين يعتمدُ عليهم الآخَرون». فالقيادة في المراكز الاجتماعيّة، والقيادة في الأعمال، والقيادة في المنزل، تحتاجُ جميعاً إلى مواصفاتٍ أساسيّة مشتركة في تكوين الشخصية واستقلاليتها وما يتبقّى يتلاشى في التفاصيل. وكتاب الدكتور وليام هووات «كيف تصبح قائداً ناجحاً» الصادر عن «دار الفراشة»، خير مرشد لنا.

أناس كثر يذهبون إلى العمل يومياً وهم لا يعرفون السبب الحقيقي لوجودهم هناك، ما عدا كسب المال. لعلّهم لا يعرفون حقيقة الدور الذي يؤدونه أو لا يشعرون حتى بمدى أهميته ضمن خطة العمل الكبرى المرسومة في المؤسسة التي يعملون فيها. لكن بصرف النظر عن الشكوك التي قد تساورهم، تبقى المسؤولية ملقاة عليهم للمساءلة وتقدير دورهم وأهميتهم بالنسبة إلى صاحب العمل.

تحديات كثيرة تواجه الموظّف، منها إيجاد توازن بين الحياة العائلية ومتطلبات العمل، وتحمّل المسؤوليات المالية والاستمرار في خضمّ أساليب الإدارة السيئة أحيانًا وغيرها من صّعاب. والأهم هو أن يتوصّل الموظّف إلى العمل بسلام في مؤسسته.

يزوِّدك هذا الكتاب بمجموعة من الأفكار والخطط لمساعدتك على مواجهة التحديات بحيث تكون أكثر سعادة واستعداداً لتطوير مهارات من شأنها أن توصلك إلى المكان المناسب لك في المؤسسة التي تعمل فيها. وتُعرض المعلومات والمهارات بطريقة تحوّلها إلى مرجع ودليل تعود إليه مراراً وتكراراً في حياتك المهنية.

هدف الكتاب إذاً تأمين المهارات الأساسية الضرورية جداً ليشعر الموظف بالانتماء ويحقق نفسه في مؤسسته. يدرك عدد كبير من أرباب العمل الحاجة إلى مساعدة موظّفيهم على الاندماج في مؤسساتهم، لكن من الضروري أيضاً أن يكتسب الموظفون المهارات الأساسية للعمل ضمن تلك المؤسسات كي يشعروا بالرضا عن الدور الذي يؤدونه فيها. وفيما أنتم تقرأون، فكّروا بما يمكنكم أن تفعلوه لتعزّزوا مواقعكم في مؤسساتكم.

مزيد من المعرفة

حين تكتسب مزيداً من المعرفة والمهارات، تتحسّن مقوّمات النجاح. فالمواقف السلبية مردّها الاعتقاد بأن احتياجاتك لا تُلبَّى. نرغب جميعنا في تحقيق توازن بين حياتنا المنزلية وبين العمل، فأحياناً نرى أنّ وظائفنا صعبة، ليس بسبب صعوبة مهارات مكان العمل المطلوبة، بل لعدم اكتسابنا مهارات وخطط أساسية تتيح لنا أن نكون أكثر فاعلية في مكان العمل وفي المنزل. وهي تشمل القدرة على أن نحتفظ برباطة جأشنا في وقت الشدة وفي ظلّ الظروف العصيبة، وعلى التعبير بفاعلية عن رغباتنا وآرائنا.

كيف تصبح قائداً؟

من البديهي أن يتفوّق كلّ واحد منا في مجالات معيّنة على الآخرين. الأساس المنطقي الذي أقترحه، وهو أننا جميعنا نستطيع أن نصبح قادة ذواتنا، يقوم على الإجابة عن الأسئلة التالية:

•  هل نشعر بالرضا في العمل إذا لم نستطع إدارة أنفسنا؟

•  هل يمكننا أن نقود الآخرين إذا لم نكن قادرين على أن نقود أنفسنا؟

•  هل يمكننا أن نكون سعداء في العمل إذا لم نتّخذ الخطوات المناسبة التي تمنحنا القدرة على اتخاذ القرارات في المهمات الموكلة إلينا؟

بغض النظر عن نوع الشركة أو المنظّمة يبقى الموظف أهم عامل يحدّد مقدار نجاح المؤسسة التي يعمل فيها. هدف هذا الكتاب مساعدتك كموظف كي تكون ناجحًا في عملك. لكن، كي تصبح منخرطًا كليًا في العمل حسب إمكاناتك أو تحقق توازناً بين حياتك العائلية وبين العمل، يتعيّن عليك أن تكون مسؤولاً عن أفعالك وتصرّفاتك الخاصة وأن تكتسب المهارات التي تؤثّر في قدرتك على الانخراط جيدًا في عملك والاستمتاع بما تقوم به. وفيما تشرع في اتخاذ القرارات حيال ما تريد أو لا تريد أن تفعل، ستسترشد بقيمك الأساسية التي ستكون بمثابة النور الذي ينير طريقك وأنت تتعلم وتكتشف وتطبّق الطريقة التي ترغب فيها كي تنخرط إيجابياً في العمل. الخطوة الأولى لتحقيق ذلك تكمن في أن تراجع كيفية سير الأمور وإذا كنت تحسن عملك أم لا. وفيما تمضي بقراءة هذا الكتاب، ستكون قادراً على أن تقيّم ما تحتاج إليه كي تتحسّن وما المهارات التي من الضروري أن تكتسبها.

علينا جميعاً أن نكون قادة انطلاقاً من داخلنا في مكان العمل. علينا أن نكون أنفسنا يومياً كي نصبح أفضل ما يمكننا أن نكون عليه، وكي نستفيد إلى أقصى حدّ من أدوارنا ومهننا. وإذا أردنا أن نقود الآخرين لا بدّ من أن نُظهر قدرتنا على قيادة أنفسنا، فالقائد الحقيقي يقود الآخرين بشكل طبيعي وتلقائي؛ ولا حاجة الى أن تُطلب منه القيادة.

الهندسة العاطفيّة

الخطوة الأولى تكمن في أن تستوعب وجود ما يسمى بالذكاء العاطفي. إذا كنت تعاني من عدم القدرة على التحكّم بانفعالاتك والحفاظ على رباطة جأشك، فمن الصعب أن تكون راضياً في العمل، وبالتالي منخرطًا فيه.

انبثق علم الهندسة البشرية من الحاجة إلى مساعدة الموظفين كي يعملوا بشكل صحيّ أكثر وآمن أكثر، ذلك من خلال التنبّه إلى السلوك المتكرّر وتأثيره على وضعهم. هدف الهندسة البشرية إيجاد أرضية فعلية تُفضي إلى توفير الأمان للموظفين وإطالة فترة عملهم في مؤسساتهم، بكلمة أخرى، الهدف هو التأثير بالبيئة وتحقيق ما يحققه التصميم الهندسي في مجال مساعدة العمال كي يكونوا منتجين ويشعروا بالأمان.

الذكاء العاطفي

هو القدرة على معرفة المشاعر الخاصة ومعرفة مشاعر الآخرين، والقدرة على تحفيز أنفسنا وإدارة انفعالاتنا سواء مع ذواتنا أو في علاقاتنا بالآخرين. تجدر الملاحظة أن الذكاء العقلي (المعرفي) والذكاء العاطفي ليسا قدرتين متعارضتين، بل هما قدرتان منفصلتان. فعليًا لدينا عقلان أحدهما يفكر والآخر يشعر. هاتان الطريقتان المختلفتان أساسياً في المعرفة تتفاعلان لبناء حياتنا الذهنية. الطريقة الأولى هي استخدام العقل المنطقي، إنه العقل الواعي المفكّر القادر على التحليل المنطقي. الى جانب هذه الطريقة ثمة نظام آخر للإدراك؛ إنه العقل الانفعالي العاطفي المندفع الذي قد يكون أحياناً غير منطقي. ولم يظهر سوى أخيراً تفسير علمي للعقل العاطفي، يوضح أننا نتصرّف في كثير من الأحيان بدافع من انفعالاتنا العاطفية، كذلك يشرح كيف يمكننا أن نكون منطقيين للغاية وفي لحظة نغدو غير منطقيين أبداً.

قد يكون تطوير الذكاء العاطفي وإنماؤه مفهوماً غريباً. لكن الذكاء العاطفي قد يكون أهم المهارات التي يمكنك تطويرها لتصبح أنجح في العمل. والتحكم بعواطفك بنحو أفضل أمر يساعدك في أن تصبح أكثر اكتفاءً وارتياحاً على الصعيد الشخصي. فالإحساس بالتوتر وخيبة الأمل وعدم الرضا في العمل قد يتراجع إذا نمّى الموظفون ذكاءهم العاطفي. ومع تناقص هذا الشعور السلبي يتحسّن أداء الموظفين وإنتاجيتهم وإحساسهم بالرضا في العمل.

بناء جسور مع أنفسنا

الحياة مكوّنة من أجزاء كثيرة، وهي مليئة بالتحديات. فما له أهمية كبرى بالنسبة إليك هو الإرادة التي تقودك إلى روحك، وهي بمثابة باب الالتزام في حياتنا المهنية. هذا ما يغذّي قوتك الدافعة والرغبات والشغف والنجاح في الحياة. العمل لا يعني القيام بوظيفة ما فحسب؛ بل هو أيضاً فرصة لإنماء إنسان وتطويره ليس لمنفعة صاحب عمله فحسب، بل لصالح مجتمعه أيضاً.

حياتك تمضي سريعاً. استمتع بكلّ لحظة. احتفِ بوجودك. القصد الوحيد من العمل هو خدمتك كي تتمكّن من تلبية حاجاتك. العمل هو جزء واحد منك، ولا يمكنه في النهاية أن يحدّد قيمتك كإنسان. أنت الوحيد الذي يستطيع تحديد تلك القيمة.

رسم المسار الشخصيّ

كي تثمر أهدافنا النتائج المرجوة، علينا وضع الخطط وتطبيقها وقياس النجاح. علينا امتلاك رؤية وطريقة لبلوغ النهاية المرجوة. هذا الفصل هو بمثابة مقدمة موجزة لعملية تخطيط لحياتنا. فإذا أوليت هذا الفصل اهتماماً وركزت عليه بوضوح ودوّنت النقاط التي ترغب في تطبيقها، فستتقدّم على الأكثرية، فكمـــا قال «نابليون هيل» (Napoleon Hill) : «مقدار الذهب المستخرج من منجم العقل البشري يفوق مقدار الذهب المستخرج من جوف الأرض». كي تتمكن من بلوغ المرتبة التي تريدها مهنتك، لا بدّ من أن تملك القدرة على التركيز والشغف والدافع والمعرفة والمهارات والمواقف المناسبة والثقة التامة (بهدفك وبما تفعله) والوقت والتحلي بالقدرة على المثابرة وبالعزيمة. تذكّر أنّ النجاح يبدأ بالتفكير بالنجاح!

التواصل مع الآخرين

ما من مهارة تعتبر بديهية وتحصيلاً حاصلاً مثل مهارة التواصل. نعم، إذا كان بإمكانك التحدث يكون بإمكانك التواصل، لكنّ المسألة لا تكمن في «الإمكانية» بل في «الكيفية». تعلّم ومارس التواصل مع الغير عن طريق الاستماع الجيد واستيعاب وجهات نظر الآخرين قبل إصدار الأحكام وإثارة الجدال. فهذا الأمر من شأنه أن يخدمك جيدًا في ما يتعلق بالتأثير في الآخرين والتواصل معهم.

إطرح السؤال التالي على نفسك: «هل من أهمية لهذا التصرّف؟» أو «هل يستلزم هذا التصرّف التدخل؟». الإجابة بالنفي تتيح لك بأن تتجاهل هذا التصرّف باختيارك والاستمرار في العمل. لكن إذا كان هذا التصرّف انتهاكًا خطيراً لسياسة العمل، فلا بدّ عندها من التدخّل لاتخاذ الإجراءات المناسبة.

الأسئلة الواقعية العلاجية: إحدى الطرائق الفاعلة لنزع فتيل الأزمات والنزاعات ولتحسين التواصل بين الأشخاص تكمن في معالجة الواقع. وهذه الطريقة تستخدم اللغة الفعلية، وهي تحمل الزميل على إجراء تقييم ذاتي لما حصل بسرعة بحيث يتمكّن المرء من اتخاذ قرارات جديدة.

•  ما الذي تريد فعله؟

•  هل ما تفعله يفيد أو يؤذي الوضع؟

•  ما الذي أستطيع فعله لتحسين الوضع؟

•  ما البدائل الأخرى؟

النقطة الأساسية تكمن في طرح الأسئلة وتجنّب الإدلاء بمواقف.

مهارات لقيادة الآخرين

اطرح أسئلة تتعلّق بالوسائل التي تجعلك قائدًا أفضل. إقرأ قصص النجاح مثل كتاب Think and Be Richer للمؤلف نابليون هيل. إحرص على أن يكون بمقدورك فعلاً رؤية وتلمّس ومعرفة النجاحات التي يمكن أن تحققها إذا كنت قائداً جيداً. واجه وأزح عن دربك العراقيل التي تحول دون تحقيق أفضل ما بوسعك تحقيقه. فيما أنت تعمل على تقوية مهاراتك القيادية، توخّ الدقّة، وركّز اهتمامك بوضوح على كيفية بلوغ مرتبة عالية في القيادة من خلال قيادتك نفسك في المقام الأول.

مهما تكن درجة سعة اطلاعك ونوعيّة المهارات التي تملكها اليوم، فلتبقَ واضحاً بشأن الوجهة التي تريد المضيّ إليها، ولتعلم أنك أنت من يستطيع الأخذ بيدك إلى هناك. وفي النهاية سيعرف صاحب العمل أنك تملك هذه الميزة، وسيباشر في التحرّي عمّا تبذله من جهد. كن مطمئناً لأنه لن يتحرّى عما تقوم به إذا لم تكن واسع المعرفة وماهراً.

فيما أنت تبني مهاراتك القيادية وتقوّيها، ستجد أن الطريق السحري الموصل إلى نجاحك كقائد يقوم على التشاور الدائم مع الآخرين؛ اطرح الكثير من الأسئلة، وكن واثقاً من أنّ أفعالك تصب دائماً في مصلحتك وفي مصلحة المؤسسة التي تعمل فيها. من خلال موقفك هذا، ستنمّي شبكة العمل الداعمة لك وتزيد عدد مؤيديك. ابدِ الرغبة الدائمة في الأخذ والعطاء بامتنان؛ ابدِ اهتماماً بنجاح الغير ولتكن نواياك حسنة تجاههم دوماً.

العملية البديهية للارتقاء في مجال تطوير المهارات القيادية في مكان العمل تكمن في مساعدة الآخرين على تحقيق النتائج المرجوّة التي يبتغونها. قد تكون دفة القيادة في يد عضو في فريق العمل أو قائد فريق العمل أو المدير. بصرف النظر عن ماهية دورك، فإنّ تطويرك المهارات القيادية يساعدك على الاستمتاع بدورك وبعلاقاتك في مكان العمل.

خدمة الزبائن

أن تخدم الزبائن يعني أن تخدمهم بطريقة تجعلهم يرغبون في العودة إليك. مع أنّ المفهوم القائم على معاملة الزبائن باللطف والحماسة يبدو سهلاً وبسيطاً، إلا أنّ هاتين السمتين هما من بين أكثر المجالات حاجة إلى التحسين؛ تذكّر أنه عندما تعمل جدياً على تأمين الخدمات للزبائن، فعلى الأرجح تكون شخصاً ملتزماً بخدمة الآخرين، شخصاً راغباً ومستعداً للعمل عن طيب خاطر لخدمة الآخرين وتلبية حاجاتهم.

التغيير في مكان العمل سيستمر حصوله. اعتمد نموذج البدايات الجديدة كي تقيّم موقعك ذاتياً بحيث تعرف إلى أين يمكنك المضيّ وكيف يمكنك تدبّر أمر التغيير والبقاء منخرطاً في ما تريد فعله حقيقة. عليك الاعتماد على فكرة أن التغيير هو تحدٍّ كما قال سكوت بي: «قد يكون أمراً سهلاً لكنه ليس بسيطاً»؛ ويعني في قوله هذا أننا نعرف ماذا يجب أن نفعل لكننا نحتاج الى أن نكون متحفّزين للتحرّك وأن نستخدم التغيير كوسيلة للنموّ والتعلّم. مع حصول أي تغيير نداوم على تعلّم دروس من شأنها أن تخدمنا أو تؤذينا. بيدنا نحن الخيار النهائي.

back to top