رونزا: رأيي الشخصي بالفنانين هو الأساس ولا آخذ برأي الآخرين

نشر في 11-07-2011 | 00:01
آخر تحديث 11-07-2011 | 00:01
No Image Caption
آمنت، منذ انطلاقتها، بأن الموهبة وحدها لا تكفي فصقلت صوتها بالدراسة، متميّزة بفنّها الملتزم إن في مسرح الرحابنة أو في فرقة tri orient مع شقيقتيها آمال وفاديا طنب، لتكون أول فرقة موسيقية نسائية في الشرق الأوسط.

نوّعت بين الموسيقى الدرامية والأغاني الخفيفة والكلاسيكية، واعتنت بأدق تفاصيل عملها ليكون متكاملاً قالبًا وصوتًا ومضمونًا، فكرّمها الشاعر سعيد عقل بإطلاق اسم «رونزا» عليها.

الفنانة الكلاسيكية الملتزمة عايدة طنب أو «رونزا» والأستاذة الأكاديمية في الكونسرفتوار اللبناني، تستعدّ لحفلة موسيقية تكريمية بمناسبة مئوية الشاعر سعيد عقل. عن أعمالها ومشاريعها تحدّثت إلى «الجريدة».

بعد مسيرة طويلة في عالم الفن، كيف تصفين لونك الغنائي؟

هو فن أكاديمي مطعّم بالثقافة في الوقت الراهن، خصوصًا أنني أحضّر عملا نخبويًا وملتزمًا إلى حدّ ما.

ماذا تحضّرين؟

فني محصور بين التعليم الأكاديمي والحفلات الموسيقية الدينية وغير الدينية مع شقيقتيَّ آمال وفاديا طنب، خصوصًا بعدما أسّسنا فرقة tri orient. كذلك، أستعدّ لتقديم حفلة موسيقية ضخمة في 4 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل مع الموسيقي إياد كنعان الذي لحّن قصائد للشاعر اللبناني سعيد عقل وكتبها للغناء والبيانو أو للغناء المنفرد والكورس، وهي قصائد مغنّاة بلون كلاسيكي موجّهة إلى نخبة معينة من المستمعين.

هل وجدت صعوبة في أداء قصائد سعيد عقل؟

تتضمّن الحفلة الموسيقية سبع قطع من قصائد «من دفترها» وهي غزلية إلى حد ما، قصيدة ملحمية من 200 بيت شعري عن «فخر الدين الثاني» تعتبر إحدى روائع أعمال الشاعر، وتتطلب هذه القصائد بحدّ ذاتها طريقة أداء خاصة كذلك كتابتها الموسيقية، وهي ليست غريبة عنّي شخصيًا، خصوصًا أنني اكتسبت خلاصة معينة من دراستي الكلاسيكية في الغناء الغربي والعربي. ربما هذا نوع غنائي عربي جديد بالنسبة إلى المستمع، إنما أعتبره مزيجًا بين الثقافتين الكلاسيكية الغربية والغناء العربي.

ماذا يعني لك تكريم سعيد عقل؟

يقول المطران جورج خضر إن أهم شاعر عربي بعد المتنبي هو سعيد عقل، يجب أن يفتخر به العالم سواء العربي أو اللبناني. أنا سعيدة بتقديمي قصائده لأنها، إضافة إلى تكريمه، بمثابة شكره لتسميتي «رونزا» وهو اسم خاص به.

في ظلّ المعمعة الفنية، هل ثمة مكانة لنوعية الفن الذي تقدّمينه؟

لمَ لا؟ ربما تصل موسيقى «البوب» بشكل أسرع إلى المستمعين ولديها قاعدتها الشعبية في العالم أجمع، إنما لا يحول ذلك دون وجود نسبة مئوية، وإن ضئيلة من المستمعين إلى الفن الذي أقدّمه.

هل ثمة شوق الى هذا اللون الغنائي؟

لا بدّ من وجود من يحبّ هذا الأسلوب الغنائي ويفضّله على موسيقى «البوب».

كيف يتأقلم الفنان المخضرم مع الجو الفني السائد؟

شخصيًا، لا أعاني من أي مشكلة في هذا الإطار لأنني لست مضطرة الى الانخراط في جوّ معين والشعور بأنني غريبة عنه.

هل تؤيدين تغيير الفنان لونه الغنائي بهدف المسايرة وبالتالي تأمين الاستمرارية؟

لا أساير ولا تهمني الاستمرارية، لأنها متعلّقة بالعمل الذي يقنعني. يمكنني التوقّف عشر سنوات عن الغناء، بدلاً من تقديم أي عمل لا أقتنع به.

ألا تخشين الفراغ الفني؟

كلا. لأن تقديمي أي عمل غير مقنع بهدف الإقرار بأكثرية معينة لا يملأ هذا الفراغ، بل على العكس هو الفراغ بحدّ ذاته، لذلك أفضّل تقديم عمل يناسب ذوقي.

هل برامج الهواة التي تُعرض على الشاشات كفيلة وحدها بتأهيل فنانين؟

تدفع هذه البرامج الفنان إلى الواجهة ليتعرف إليه الجمهور لكنها لا تكفي وحدها. عندما تخرّجت في برنامج «ستوديو الفن» عام 1974 لم أكتفِ بذلك، بل درست الموسيقى. ولو لم أفعل، لما حققت شيئًا. علمًا أنه ربما تظهر موهبة قوية لدى الهاوي، إنما من الأفضل مواكبتها بالدراسة وإن كانت فذّة.

برأيك، هل اختلفت طريق النجومية بين انطلاقتك والوقت الراهن؟

كانت أسهل حينها بسبب عدد الفنانين القليل، بينما راهنًا، ثمة عدد كبير من المتنافسين على الساحة الفنية في ظل انتفاء فرص كافية.

ألا تؤدي هذه المنافسة إلى نوعية معينة؟

ليس بالضرورة لأنها قد تكون على أمر ثانوي.

ما المعايير التي تحدِّد نجومية الفنان؟

الموهبة أساسًا، ويجب أن تقترن بالكاريزما التي تعبّد طريق الوصول الى الناس. قد يحظى شخص غير موهوب إنما يتمتّع بكاريزما بمحبة الجمهور، لكن هذا الأخير يلاحظ عدم جمالية صوته. لا يمكن فرض الفنان الذي لا يتمتع بصوت جميل على الجمهور وإن كان كاريزماتيًا أو كانت أغنياته جميلة. يجب أن تتوافر لدى الفنان العناصر الثلاثة: الموهبة والكاريزما والعمل الجميل.

هل تشاركين مجددًا في لجنة تحكيم «ستوديو الفن» إذا عُرض عليك ذلك؟

لمَ لا، إذا لم أكن في صدد تحضير عمل كبير يحتاج إلى وقتي الكامل!

تقيّمين الفن من منظار أكاديمي، فأين هو اليوم في صناعة الفنان؟

الشق الأكاديمي أساس في صناعة الفن. لا أدري ماهية المعايير التي يعتمدها الآخرون في عملهم إنما معاييري مختلفة. فإذا اعتبر الجميع أن فنانًا معينًا نجم، لا يعني بالضرورة أنني اعتبره كذلك أيضًا، لأنني لا آخذ رأي الآخرين في الاعتبار وإنما رأيي الشخصي هو الأساس.

كيف تنظرين إلى مستوى الأغنية اللبنانية في العالم العربي؟

لا أتابع كثيرًا ما يقدَّم، لأنني اتجهت نحو الشقّ الأكاديمي في الفن وأستمع إلى الموسيقى الكلاسيكية أكثر.

هل تلمسين شوقًا للعودة إلى الكلاسيكية؟

يجب إجراء إحصاء لتحديد هذا الأمر. أنا أقدّم الأسلوب الغنائي الذي يناسبني. عندما نسأل القيمين على الإعلام والبرامج حول سبب عدم تقديمهم الأعمال الكلاسيكية، يردّون انطلاقًا من نسبة المشاهدين وعدد الإعلانات، لأنهم يصنّفون هذا النوع الغنائي بالنخبوي.

برأيك، هل تساهمين من موقعك في الكونسرفتوار في نشأة جيل على حبّ الكلاسيكية؟

يقتصر دوري على تعليم الطلاب التقنيات الصوتية وإبداء رأيي في بعض الأعمال في أثناء شرحي الدرس. إنما يبقى لهم القرار في اختيار مسارهم واللون الغنائي الذي يريدون بعد سنوات الدراسة.

حُكي في الصحف عن مشاكل تتعلّق بانتخاب خلف للموسيقار الراحل الدكتور وليد غلمية في رئاسة الكونسرفتوار، ما صحة ذلك؟

لا إشكالات، إنما ترشّح كثر إلى هذا المنصب لديهم شهادات موسيقية عالية.

على رغم التنوّع الغنائي، يلقبونك بالمغنية الكلاسيكية، هل يزعجك ذلك؟

أبدًا لأن هذا أسلوبي الغنائي. يختار كل فنان العمل الذي يليق بصوته وشخصيّته الفنية ولن أقدّم ما لا يليق بي لإرضاء الناس.

أين المسرح الغنائي في مشاريعك؟

على رغم أنني أجد نفسي في المسرح الغنائي، إنما لا مشاريع في هذا الإطار، ولا أشتاق إليه في المطلق، لأن تقديمي أي عمل مرتبط باقتناعي بالدور، ثم أركّز أكثر على الحفلات الموسيقية.

ما رأيك بالمسرح الغنائي الراهن؟

أحببت مسرحية «دون كيشوت» لأسامة ومروان وغدي الرحباني لأنها معاصرة وجميلة في المضمون والموسيقى.

لماذا أنت غائبة عن مسرح الرحابنة؟

لا «كاستينغ» خاصًا بي راهنًا. نحن على تواصل فنّي دائم، لكن ليس من الضروري أن يكون في إطار التعاون المسرحي الغنائي. إلى ذلك أعتبر أن الارتباط باسم الرحابنة إضافة إيجابية الى الفنان.

كون فرقة tri orient مؤلفة من ثلاث شقيقات، هل تعتبرين أن ذلك نقطة قوة لها؟

ما من شك في أن العمل من ضمن العائلة الواحدة، نقطة قوة للفرقة. نختلف كثيرًا في وجهات النظر إنما ثمة {مونة} في العمل والتعاطي ومحبة في تبادل الآراء، فيأتي التعبير عن الرأي عفويًا وتلقائيًا أكثر.

يسود اتفاق فني بيننا وانسجام بسبب الجينات الطبيعية، ذلك أن أصواتنا نابعة من النفَس ذاته. لكل واحدة منا أسلوبها الخاص في الغناء وقدرتها على تقديم نوعية مختلفة، إلا أن طبيعة أصواتنا المختلفة منسجمة ومتكاملة في الغناء المشترك.

كيف تتواصلن مع العالمين العربي والغربي؟

قدّمنا مهرجانات عدّة في لبنان لكنها كانت محصورة وخاصة، قدّمنا في قصر المؤتمرات في منطقة ضبيه شرق بيروت وفي بلدة بعبدات وفي الكنائس ومن ضمن مؤتمر عربي ولجمعيات عدة. كذلك، شاركنا في مهرجانات في عمان والبحرين وأبو ظبي ودار الأوبرا في مصر وثمة سعي الى تقديم حفلة موسيقية في قطر لمناسبة مئوية سعيد عقل. وقدّمنا حفلات في كندا وبلجيكا أيضًا.

هل يختلف تذوّق الفن بين لبنان والبلدان المحيطة؟

كنا نجهل سابقًا ردود الفعل إزاء فرقتنا الموسيقية لأننا نقدم أسلوبًا جديدًا في الشرق الأوسط، وهو عبارة عن ثلاثة أصوات نسائية مختلفة في فرقة واحدة. قدّمنا الحفلة الأولى في عمان فكانت ردة فعل الجمهور إيجابية جدًا وأكثر مما توقعنا. من ثم توجّهنا إلى كندا حيث نلنا إعجاب المستمعين العرب والأجانب.

هل يختلف الإحساس بين الغناء الشرقي والغربي؟

يختلف اللون الغنائي والتقنيات الصوتية بينما الإحساس هو نفسه بالنسبة إلى المضمون، وأنا أغني اللون الموسيقي الذي ينسجم مع صوتي.

هل لديك موهبة الكتابة والتلحين؟

كلا. إنما من ضمن حفلة

tri orient الموسيقية، تكتب كل واحدة منا خواطر تلقيها قبل أدائها الخاص، وبالنسبة إلى التلحين أتذوّق اللحن الجميل لكنني لا ألحّن.

هل أنت راضية عن صورة الفنانة اللبنانية في العالم العربي؟

ثمة أصوات جيدة لكنها ليست ظاهرة كثيرًا، لأن التركيز يتمّ على الشكل أكثر مما هو مطلوب وإلى حدّ الهوس بسبب موسيقى «البوب». من يملك الموهبة لا يتّكل على الشكل الخارجي كثيرًا ولا يعطيه الأولوية، إنما يهتم به ليكون لائقًا في الظهور على المسرح فحسب.

على الصعيد الشخصي، أولويتي في كيفية أدائي الأغنية وتقديمي العمل والحفاظ على صوتي. أما مظهري الخارجي، فأهتم به انطلاقًا من ضرورة اللياقة على المسرح، ولكنه لا يشّكل هاجسًا بالنسبة الي.

back to top