متحف لأعماله في فرنسا... جان كوكتو ما زال معنا
بعد أكثر من أربعة عقود على رحيله، ما زال الشاعر والفنان الفرنسي جان كوكتو يشغل النسيج الثقافي بفضل ما عُرف عنه من مواهب متعدّدة تراوحت بين الرسم والتصميم والكتابة المسرحية والإخراج السينمائي والجنون... كأنه يكرّس عبارة «ما زلت معكم» التي اختارها شاهد قبره في دير يعود تاريخه الى القرن الثاني عشر جنوبي باريس.عهد إلى الفنان المعماري رودي ريشيوتي الذي وضع تصميمات متحف الحضارات في أوروبا، ومتحف حوض البحر المتوسّط في مدينة مارسيليا الفرنسية، وضع تصميم متحف كوكتو في مدينة مونتون الفرنسية، بالقرب من إمارة موناكو، والذي يفتح أبوابه في نوفمبر المقبل، حيث سيحلّ مكان المتحف القديم، ومن المؤمل أن يجتذب إليه نحو 10 آلاف زائر.
اشتهرت هذه المدينة التي يقام فيها «متحف كوكتو»، بأن السياسي البريطاني ونستون تشرشل وكاثرين مانسفيلد كانا يمضيان فيها عطلتهما الصيفية. ويأمل عشاق كوكتو بأن يصبح متحفه مأوى أكبر مجموعة منفردة لأعماله.صانع الساعاتكان مقتني الأعمال الفنية وصانع الساعات من نوع «غوتشي» البلجيكي المعروف سيفرين وندرمان تبرّع بـ 1800 عمل من أعمال كوكتو للمدينة قبل وفاته في عام 2008، وقرّرت الحكومة المحلية هناك إقامة متحف يضمّها. تضمّ المجموعة 623 تصميماً و425 صورة فوتوغرافية و177 مخطوطة و70 ملصقاً و51 عملاً تشكيلياً طباعياً ومنحوتات وأعمال سيراميك وزجاج ورسم على النسيج. وطرأ عامل مهم حول أعمال كوكتو تجلّى في وجود بعضها المزوّر أو المستنسخ، وعلى هذا عيّن ورثة جان كوكتو الخبيرة آني غيودراس، المخوّلة الوحيدة التي تقيّم أعمال الكاتب الراحل والتأكد من صحتها ومصداقيتها. ولكنها قالت إن العشرات من هذه المجموعة يُشكّ في كونها أصليّة أو نسخاً منها. وتوصّلت في نهاية الفحوص الى أن عشرات الأعمال مستنسخة أو مزوّرة. كذلك، كان انفجر نزاع بين شخصيات مرموقة في الوسط الثقافي الفرنسي أُنيطت بها مهمة إنشاء متحف جديد لأعمال كوكتو في جنوب فرنسا. وأدت علامات الاستفهام التي أُثيرت على أصالة أعمال يُراد لها أن تُعرَض في المتحف، الى دعاوى في المحاكم واتهامات بطرد البعض من العمل.40 روايةكان كوكتو ألّف 50 رواية و24 مسرحية، وأخرج عشرات الأفلام. ودأب البلجيكي سيفرين وندرمان، عاماً بعد عام، على جمع لوحات كوكتو ورسومه المنفّذة بألوان الباستيل وتخطيطاته وأعماله الخزفيّة وتوزيعها في أرجاء قصره التاريخي المؤلّف من 12 حجرة، حيث خصّص وندرمان واحدة جعل منها صومعة لإبداعات كوكتو الذي كان يمثّل، في نظر كثيرين، الريادة والابتكار، وفرش جدرانها وأرضيّتها وسقفها بمئات من تخطيطاته ورسومه.في 11 أكتوبر (تشرين الأول) 1963، حين علم كوكتو بموت صديقته إديث بياف قال: «هذا يومي الأخير على الأرض». وفي كتابه التحليلي «ضيق الذات» عبارة توقّد وهجها بعد وفاته تقول: «الحياة تيه وضلال أكثر من الموت».إنه جان كوكتو في أعماله المتحفية.