صورة لها تاريخ: حمد مبارك المناعي نوخذة غوص وراوية المتنبي المبدع

نشر في 08-07-2011
آخر تحديث 08-07-2011 | 00:01
 

في تاريخ الكويت مجموعة نادرة من الشخصيات التي تميزت بمواهب تدعو إلى الإعجاب الشديد، رغم أن فرص الثقافة والتعليم في الكويت القديمة كانت قليلة ومحدودة. لقد أنجبت الكويت القديمة أدباء كباراً أمثال المرحوم أحمد بشر الرومي، وشاعر الكويت الكفيف فهد العسكر، والشاعر المبدع صقر الشبيب، وعشرات بل مئات غيرهم من الأدباء، والشعراء، وعلماء الدين، والنواخذة، وأبطال المعارك، وأساتذة البناء، وأساتذة صناعة السفن الخشبية، والمعلمين.

لقد كانوا كفاءات كبيرة في مجالاتهم، ولو كانوا في عصرنا الحالي لاستحقوا شهادات دكتوراه على إنجازاتهم. في حلقة اليوم، سنتحدث عن إحدى هذه الشخصيات المبدعة، الذي استحق أن يطلق عليه لقب «راوية المتنبي»، وهو المرحوم حمد مبارك عيسى المناعي.

ولد الأديب حمد المناعي في فريج بن خميس بالحي الشرقي لمدينة الكويت عام 1884، ودرس في بداية الأمر على يد الشيخ عبدالعزيز الرشيد، ثم انخرط في المدرسة المباركية ودرس بها عدة سنوات، لكنه كان يقول دائماً إنه لم يشبع من علوم اللغة العربية وآدابها. اشتغل في البحر، وبعد سنوات أصبح نوخذة غوص مدة أربعين عاماً شاهد خلالها الغرائب والعجائب في عالم الملاحة البحرية، وأصبح مرجعاً في شؤون البحر وفنونه. انتخب عضواً ببلدية الكويت في الأربعينيات من القرن الماضي، كما انتخب عضواً في مجلس الأوقاف عند تأسيس دائرة الأوقاف عام 1949.

لكن ما يميزه ويجعله شخصاً مبدعاً ومختلفاً، اهتمامه بالأدب، ففي عام 1920 تنافس هو والمرحوم عبدالله بورسلي على شراء نسخة مستعملة من ديوان المتنبي عرضت في مزاد صغير بعد وفاة المرحوم علي بن عمران، وربح حمد المناعي المزاد ودفع أربع روبيات (حوالي 300 فلس). ومنذ ذلك الوقت وهو يحتفظ بالديوان معه ولا يفارقه، فحفظ معظمه، واطلع على شروحاته المختلفة، حتى أصبح مرجعاً للأدباء والشعراء في ما يتعلق بأدب المتنبي.

وقد وصفه العالم والمؤرخ المصري أحمد الشرباصي (في كتابه أيام في الكويت المنشور عام 1953) بما يلي: «إنه رجل لم يدخل جامعة، ولا يحمل شهادة دراسية ولا درجة علمية... يطالعك فإذا هو حاد النظرات، ولكنه باسم في أغلب أحيانه، متوسط الطول، ويميل إلى النحول، خفيف الخطوات هادئ النبرات، رأى الكثير من المشاهدات والغرائب، وقاسى العديد من الأهوال والمخاطر، ودرس طبائع الناس، لأنه كان يسوس أثناء الغوص خمسين رجلاً... وقد صار من أجل ذلك حجة في ما يتعلق بشؤون الغوص واللؤلؤ. وأبوراشد يحفظ الكثير من شعر النبط وأمثالهم، وهو قوي الذاكرة، سريع الحفظ، حتى ذكر لي أنه يحفظ نصف القصيدة الطويلة عند إلقائها من أول مرة».

وكان المرحوم حمد المناعي يحتفظ بديوان المتنبي دائماً بيده، وعندما ضعف نظره عند كبره، كان يطلب ممن حوله أن يقرأ في الديوان، وكان يصحح له أخطاءه وينبهه أنه نسي بيتاً أو تجاهل كلمة.

وقد توفي رحمه الله بتاريخ 5/7/1972 وله من الذرية ولد واحد هو راشد. وفي الصورة المرفقة نجده في لقطة في الخمسينيات مع ثلاثة من رجالات الكويت، وهم برفقة المرحوم الشيخ عبدالله السالم الصباح في الهند، وهم من اليمين: المرحوم عبدالرحمن البحر، المرحوم سعود المضف، المرحوم حمد المناعي، المرحوم خالد عبداللطيف الحمد.

back to top