القضاء الإداري يواجه دعاوى شطب المرشحين

نشر في 08-01-2012 | 00:01
آخر تحديث 08-01-2012 | 00:01
• قرارات الشطب تستند إما لمعيار ارتكاب الجرائم المخلة بالشرف والأمانة أو حكم «الدستورية» بشرط «حسن السمعة»!

• المشطوبون سيتمسكون بدفوع عدم اختصاص الوزير وانحراف قراره عن توصية اللجنة وتعريف جرائم الشرف والأمانة

بعد أن تنتهي اللجنة المكلفة بدراسة ملفات المرشحين من أعمالها والتوصية بشطب عدد من المرشحين ورفع الأمر إلى نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية وزير الدفاع الشيخ أحمد الحمود لإصدار قراره، لم يتبق سوى الحديث عن تعامل القضاء الإداري لما قد يواجهه من دعاوى قضائية مقامة من المرشحين المشطوبين بإلغاء قرار وزير الداخلية بشطبهم والسماح لهم مجددا بالترشح للعملية الانتخابية المزمع إجراؤها في الثاني من فبراير المقبل.

ومن ثم فإن المعركة المقبلة هي معركة القضاء الإداري في كل الأحوال، بدءا من تسلم القرارات الإدارية التي انتهت إلى شطب المرشحين ومرورا بتسجيل الدعاوى القضائية الإدارية أمام المحاكم وتحديد مواعيد سريعة لنظرها وأخيرا سرعة الفصل في هذه الدعاوى، وسبق للقضاء الإداري أن خاض تجارب كبيرة في التعامل مع هذا النوع من الدعاوى آخرها في انتخابات 2008 و2009 واخيرا هو جاهزية إدارة الفتوى والتشريع في مواجهة الكم المتوقع من الدعاوى القضائية المزمع رفعها من قبل المرشحين المشطوبين.

معايير

وثمة معياران سيستند اليهما قرار شطب المرشحين أولهما عدم صلاحية المرشحين وفق ما تنص عليه المادة الثانية من الانتخاب التي تحرم المرشح المحكوم عليه في عقوبة جناية أو في جريمة مخلة بالشرف والأمانة، فيما السبب الثاني المتوقع أن يستند اليه القرار الوزاري هو حكم المحكمة الدستورية بإضافة معيار حسن السمعة الذي قررته في الطعن المقام من المرشح محمد الجويهل في عام 2008 وبالتالي فإن القضاء الإداري سيدور في فلك هذين المعيارين في الفصل في الدعاوى القضائية المتوقع إقامتها من المرشحين المشطوبين.

وسبق للقضاء الإداري أن تناول المعيار الأول الذي قد يستند اليه القرار الوزاري بشطب المرشحين وهو عدم صلاحية المرشحين لشرط سلامة الصحيفة الجنائية الموجبة للترشيح بحسب المادة الثانية من قانون الانتخاب وخير دليل لتناوله تلك الطعون هو طعن المرشح السابق خالد الشليمي الذي صدر قرار بحرمانه من الترشيح لصدور حكم بحقه في إحدى قضايا الشيكات وحينها قررت المحكمة الإدارية برئاسة المستشار نجيب الماجد إلغاء القرار وذلك لأن الحكم الصادر في قضية إصدار الشيك بدون رصيد ليس نهائيا حتى يستند اليه القرار الوزاري بشطبه ووفقا لهذا المفهوم القضائي فإن الحكم لو كان نهائيا فإنه يجوز شطبه ما لم يرد إليه اعتباره وفق المدد القانونية المقررة لرد الاعتبار.

سوابق قضائية

وبالتالي، فإن القضاء الإداري سيتولى هذا النوع من المعيار وفق السوابق القضائية في تفسير مصدر القرار الوزاري وصحيح استناده على أسس ومعايير سبق للقضاء الإداري أن وضعها، وبالتالي فإن القضاء سينظر وفق هذا المعيار في ثلاث قضايا هي سلامة القرار الوزاري، وهو ما يستلزم النظر إلى سلامة صدوره، وثانيا محل القرار الإداري وهو ما يستلزم النظر إلى سلامة انطباق القرار الإداري على الحالة التي انتهت إليها اللجنة بتوصية الشطب بالفعل، وأخيرا تماشي القرار الإداري بالشطب مع السوابق القضائية النهائية سواء الصادرة من القضاء الإداري ممثلا في قضاء محكمة التمييز أو حتى من القضاء الدستوري.

دفوع المشطوبين

ومثل هذا البحث الذي يستلزم من القضاء الإداري المرور فيه لدى الفصل في الدعاوى القضائية المزمع رفعها من المرشحين المشطوبين ليكون قضاء سائغا وسليما أن يكون سريعا في ذات الوقت لعدم حرمان المرشحين المشطوبين من العودة إلى مضمار العملية الانتخابية السريع الذي شارف على الانطلاق.

وبشأن الدفع القانوني الأول المتوقع طرحه بشأن سلامة القرار الوزاري لبنائه على أسس قانونية سليمة، أولها عدم اختصاص وزير الداخلية في اتخاذ قرار الشطب فإن الدفاع القانوني المتوقع من دفاع الحكومة متمثلا في إدارة الفتوى والتشريع بأن من أصدر القرار هو وزير الداخلية وأن له في ذلك أن يسند الأعمال التحضيرية التي تسبق قراره الوزاري لأي من اللجان المساعدة لإصداره وبالتالي فإن استعانة اللجنة بأحد رجال القضاء مثلا لرئاسة اللجنة ممثلة بالمحامي العام المستشار سلطان بوجروة لا يعيب عمل اللجنة ولا يغير من طبيعة عملها كونها لجنة تمارس اعمالا إدارية وليست قضائية وقراراتها ليست ملزمة للوزير المختص، وبالتالي فإن من يصدر القرار هو وزير الداخلية وهو المنوط به استقبال طلبات المرشحين والتأكد من سلامة توافر شروط الترشيح بحقهم بحسب ما ينص على ذلك قانون الانتخاب.

مراقبة القرار

ولكن الدفع القانوني الثاني المتوقع طرحه هو ما سيرهق كاهل القضاء الإداري في البحث فيه لحساسيته في الفصل في الدعاوى القضائية ولحسمه إياها وهو الدفع بعدم انطباق توصية اللجنة مع قرار الشطب وصولا إلى التدليل بانحراف القرار الإداري عن التوصية المرفوعة إليه، ومثل هذا الدفع سيستلزم من القضاء الإداري للفصل فيه أن يطلب محاضر اللجنة المكلفة بالشطب التي سبقت قرار وزير الداخلية بالشطب وصولا الى مراقبة أن القرار الإداري قد صدر موافقا لتوصية اللجنة المكلفة بفحص الصحيفة الجنائية للمرشحين، وهنا سيبحث القضاء الإداري أمرا في غاية الأهمية، وهو: هل قرار الشطب صدر موافقا لصحيح توصية اللجنة بالشطب أم لا؟ وهل المبررات التي ساقتها اللجنة للوصول إلى توصية الشطب صحيحة أم لا؟

الصحيفة الجنائية

بينما الدفع الثالث الذي لا يقل أهمية عن الدفوع السابقة هو عدم صحة القرار الوزاري على حالة الصحيفة الجنائية للمرشح وهو ما يستلزم من المحكمة الإدارية الرد عليها وفق إنزال صحيح المادة الثانية من قانون الانتخاب وكذلك صحيح ما انتهت إليه أحكام محكمة التمييز والدستورية فيما تعرضت له من سوابق قضائية  لنص المادة الثانية من قانون الانتخاب وتحديدا لمفهوم ما هي الجرائم المخلة بالشرف والأمانة عما إذا كانت الجريمة المحكوم بها من المرشح التي ارتكن إليها القرار الوزاري بالشطب هي من بين الجرائم المتفق عليها فقها وقضاء باعتبارها من الجرائم المخلة بالشرف والأمانة.

حسن السمعة

بينما المعيار الثاني الذي سوف يستند اليه عدد لا بأس به من دعاوى إلغاء قرار شطب الترشيح من وزير الداخلية هو معيار حسن السمعة الذي قررته المحكمة الدستورية في الطعن المقام من المرشح محمد الجويهل عام 2008 وعما إذا كان هذا المعيار معيارا عاما يمكن اللجوء إليه في قرارات شطب المرشحين أم أنه معيار خاص بحالة المرشح محمد الجويهل في عام 2008 وبالتالي لا يمكن تعميمه على باقي المرشحين خصوصا وأنه ليس من بين الأسباب التي حددتها المادة الثانية من قانون الانتخاب وبالتالي فإن هذا السبب بذاته لا يصلح لأن يكون سببا للشطب.

المحكمة الدستورية

والرد على هذا الدفع بالإمكان الإشارة إليه بأن المادة الأولى من قانون إنشاء المحكمة الدستورية تنص على أن الأحكام الصادرة من المحكمة تعتبر ملزمة للجميع ووفقا لهذا النص فإن أيا مما تصدره المحكمة الدستورية من أحكام في دعاوى دستورية وطعون انتخابية وحتى قرارات بالتفسير لكونها صادرة من المحكمة الدستورية فهي تعد ملزمة للجميع وتحظى بحجية مطلقة وليست بحجية نسبية أي ان الأسباب الواردة في تلك الاحكام وما تقرره من مبادئ لا يمكن أن تمثل حجية على أطراف الدعوى أنفسهم بل انها تمتد لكل الحالات المماثلة لها وبالتالي فإن أحكام المحكمة الدستورية لها حجية على الجميع وبالامكان إنزال ما أوردته من مبادئ وأسباب على أي من الحالات المماثلة، والأمر الآخر فإن شرط الوارد بالمادة الثانية من قانون الانتخاب وهو ألا يكون المرشح محكوما في عقوبة جناية أو جريمة مخلة بالشرف والأمانة فإن شرط خلو المرشح من ارتكاب جرائم مخلة بالشرف والأمانة يستتبع أن يكون حسن السمعة، وبالتالي فإن ما أوردته المحكمة الدستورية في طعنها الصادر عام 2008 في طعن المرشح محمد الجويهل لم يخرج عن الشرط الوارد بنص المادة الثانية من قانون الانتخاب خصوصا وأن حكم الدستورية أكد أن إثبات حسن السمعة يكون بحكم جنائي نهائي وألا يكون مفترضا للإثبات وهو ما استند اليه القرار الوزاري بشطبه عددا من المرشحين.

يبقى أن تلك المعايير المثارة والدفوع القانونية المتوقعة والردود التي قد تتناولها هي معطيات متوقع طرحها أمام القضاء الإداري في المرحلة المقبلة لدى نظره لدعاوي شطب المرشحين.

back to top