الشاعرة أميرة أبو الحسن: عنوان كتابي سبّب لبعضهنّ حمرة على الخدّين

نشر في 05-06-2011 | 00:03
آخر تحديث 05-06-2011 | 00:03
No Image Caption
صدر قبل مدة ديوان «رجل أضاع النوم في سريري» للشاعرة السورية أميرة أبو الحسن، وهي تمتاز بلغتها الناصعة وجرأتها. معها الحوار التالي.

ما زالت تجربتك الشعرية على رغم غناها بعيدةً عن الضوء النقدي والإعلامي على حدّ سواء، كيف تفسّرين ذلك؟

أعتبر أن الغنى في تجربتي مع الشعر يكمن في تطوّراتها، بين الديوان الأول والثاني حتى الخامس مررت بنقلات في الكتابة. كان يهمني أولاً أن أكون واعية لهذه التطورات، وثانياً أن يعيها من سيدرسها أو ينتقدها في يوم ما. لكن ربما لم يأت هذا اليوم لأكثر من سبب؛ أبرزها أن الناقد ما زال حائراً بين التجارب الشعرية الكثيرة في السنوات الأخيرة، ثم أنا لم أهتمّ بالترويج لنفسي كشاعرة، وكي أكون صادقة أكثر، لم أعرّف عن نفسي كشاعرة إلا بعد ديواني الرابع واكتفيت بنشر ما أكتب ورقياً أو إلكترونياً.

هل الشاعر بحاجة الى المجيء الى بيروت أو القاهرة ليكون موضع اهتمام وسائل الإعلام؟

لا أعتقد. لم أذهب إلى بيروت أو القاهرة لهذا الهدف، وها أنت قد وجدتني. يهمني طبعاً أن يُقرأ ما أكتب، لذا اتجهت في نشر ديواني الأخير إلى «دار الغاوون» كدار متخصّصة في الشعر. لكنني مصرّة على عدم السعي خلف وسائل الإعلام. وما زلت أعتقد أن على القارئ أن يجدني، لا العكس، فسيجدني من يهتم بشعري أينما كنت.

على رغم أن عنوان الكتاب «رجل أضاع النوم في سريري» وعلى رغم غنى هذا الديوان بالأجواء الأنثوية، فقد لاحظت حضوراً خجولاً لـ{ثيمة» الجنس التي باتت تحضر بشكل كثيف في أعمال  شاعرات اليوم  وكاتباته!

لا أعلم لماذا يذهب التفكير مباشرة إلى الجنس عند ذكر كلمة «السرير». لا أقصد بأي شكل التقليل من شأن الجنس، على العكس، فهو مجال للمعرفة والعلم والمتعة والكتابة عنه ليست إدانة أو تهمة. بالنسبة إلي هو مادة، مثل شجرة أو حقل قمح أو وطن، يوظّفها الكاتب بطريقته متى احتاج إليها. وهذا ما فعلته، لم أستغنِ عنه بقصد في أي نص، ولم أتردّد في كتابته في نص لم يكن يكتمل من دونه، تماماً مثل غيره من المواد.

ربما يكون استعمال الجنس قليلاً لأني أحاول إعادته دائماً إلى مكانه الطبيعي الذي أُخرج منه، إلى الحب. وفي ديواني كثير من القلق، سواء في الحب، الوطن، الإنسان، وهذا ما اختصرته في العنوان بشكل شعري يخصّني.

هل «الخجل» في ديوانك مردّه الى البيئة الاجتماعية التي تعيشينها؟

لا أتّفق معك على أن ثمة «خجلاً» في ديواني. وربما الأمر نسبي، فما تجده خجلاً قد أتردّد في قراءته في بعض الأمسيات. بعض الصديقات سبّب لهنّ العنوان حمرة على الخدين. بائع الجرائد المثقف، في دمشق، الذي طلب مني كتبي قال لأحد زبائنه الدائمين: «هذه تكتب عن الجنس»!... البيئة لا علاقة لها بما أكتب لأني لا أفكر بها عندما أكتب، ليس بعد الديوان الأول على الأقل.

 

لغتك الناصعة في التعبير تدفعني الى سؤالك عن مفهومك لدور اللغة في الشعر.

عندما أكتب أحاول الخروج من أسر اللغة الثابتة، والشعر الذي أشعر أنه خرج تواً بمفرداته من القواميس لا أحبه ولا يستميل أي شعور في داخلي سوى النفور. أنا في عصر مختلف، فكيف أكتب بلغة من كتبوا في عصور سابقة؟ لغتهم لم تعد مفهومة لكثيرين ولم تعد تلائم ما حولنا. اللغة كائن جميل بإمكاننا التواصل معه على أن نفتح عقولنا للتغيير قبل فعل ذلك، عندها سنراه يستجيب لنا بسلاسة. نحافظ على القواعد الصحيحة والإملاء الصحيح، نعم... لكن بإمكاننا تطوير مفرداتنا وإدخال الجديد إليها.

هل تهدفين إلى ثورة ما في اللغة، بمعنى هل تحاولين ابتكار لغة عربية مغايرة ومكسرة وليكون لك مفرداتك الخاصة؟

لا أظن أن لدى أي شاعر نيّة مسبقة لتكوين مفرداته الخاصة. أظنها حصيلة نصوص كثيرة يظهر من خلالها أسلوبه الخاص ومفرداته. نية كهذه ستصنع شعراً مصطنعاً لا روح فيه. أحاول أن أدخل بعض المرح إلى صرامة اللغة... نعم، ربما لأنني أكره الصرامة الصرفة في أي شيء. لكني لا أذكر أني كسرت في اللغة مع أني أحياناً أرغب في ذلك.

 

لديك تجربة ديوان مشترك مع الشاعرة البحرينية إيمان أسيري... ما رأيك بها بعد مرور أعوام عليها، وهل تكررينها مع شاعرة أخرى أو شاعر؟

كانت تجربة في غاية الجمال أثناء القيام بها وما زالت حتى اللحظة، وإن كنت سأكررها فيجب أن يجمعني مع الشاعر أو الشاعرة ما جمعني مع إيمان؛ أي تفاهم واحترام ومحبة وتواضع شديد وإلغاء كامل للأنا. لم نكتب قصيدة واحدة، إن كان هذا ما يُفهم من القصيدة المشتركة، لكنّ كلاً منَّا كتبت نصاً وأجابت الأخرى بنص، ولم نذكر في نهاية كل نص اسم كاتبته، لكن من يعرف لغة إيمان ومن يعرف لغتي تمكّن من معرفة من التي كتبت النص. أي أن ثمة فعلاً لغتين في الديوان، اللغة لا أسماؤنا هي التي عرّفت عنا.

كيف يمكن للقصيدة أن تكون مشتركة؟

صعب أن أتخيّل ذلك، فكما قلت لك، مع إيمان كنت أكتب نصاً وهي تكتب نصاً حول الفكرة نفسها، ربما تؤيدها أو تنقضها، كان شيئاً يشبه الحوار أو كما أسميه أنا «زجل فصيح». لكننا لم نكتب نصاً مشتركاً. ولا أظنها عملية سهلة أن تجمع لغتين مختلفتين في نص، فلكل شاعر لغته الخاصة.

 

كيف تنظرين الى المشهد الشعري السوري اليوم. وهل هو حيوي بما فيه الكفاية؟

لا أظنّه حيوياً في هذه الفترة نتيجة الأوضاع السياسية الراهنة بمعنى أمسيات شعرية وقراءة شعر، لكني أظن أن هذه الفترة بأحداثها الكثيرة ستنتج شعراً يشابه روح من يكتبه وكما ينبغي للشعر أن يكون.

«رجل أضاع النوم في سريري»

«رجل أضاع النوم في سريري» هو الديوان الرابع للشاعرة أميرة أبو الحسن، وتتابع فيه صقل جملتها الشعرية، وإذكاء الطابع الأنثوي الخاص في قصيدتها، باحتراف وحساسية كبيرَين. من أجواء الديوان:

تعبتُ

وأنا أدلُّ الرجال إلى بيتي

ما من واحد منهم

عرف الطريق بقلبه!

لشدَّة ضيق المكان

مشيت خلفكَ

خطوتي... تشبه صوتي

توشكُ هي أيضاً

على الاختناق

كلَّما عدتُ

وجدتُ طيفكَ

لا أنا تعبت من العودة

ولا هو

ملَّ من الانتظار

وأبو الحسن من مواليد السويداء جنوبيّ سورية العام 1959. صدر لها في الشعر: «بين سهو ونسيان» (2005)، «حالات» (2006)، «احتفاء بشيء ما» (2008)... إضافة إلى ديوان مشترَك مع الشاعرة البحرينية إيمان أسيري بعنوان «بين بحر وبحر» (2008).

back to top