أميركا تستعد بكل هدوء للتعامل مع سورية بعد رحيل الأسد

نشر في 25-09-2011
آخر تحديث 25-09-2011 | 00:01
 نيويورك تايمز بعد أن سحبت دول أخرى سفراءها من دمشق، يقول مسؤولون في إدارة أوباما إنهم لن يسحبوا السفير الأميركي روبرت فورد، على الرغم من جميع المخاطر المطروحة، كي يتمكن من متابعة التواصل مع قادة المعارضة وزعماء الطوائف والجماعات الدينية المتنوعة.

مع مرور الأيام، تقتنع إدارة أوباما بأن الرئيس السوري بشار الأسد لن يتمكن من البقاء في السلطة، لذا بدأت تعدّ الخطط اللازمة لتحديد شكل السياسة الأميركية في المنطقة بعد رحيله.

بالتنسيق مع تركيا، كانت الولايات المتحدة تناقش كيفية التعامل مع احتمال اندلاع حرب أهلية بين العلويين والدروز والمسيحيين والسُّنة في سورية، وقد يؤدي أي صراع مماثل إلى تأجيج الاضطرابات سريعاً في هذه المنطقة المتقلّبة أصلاً.

بعد أن سحبت دول أخرى سفراءها من دمشق، يقول مسؤولون في إدارة أوباما إنهم لن يسحبوا السفير الأميركي روبرت فورد، على الرغم من جميع المخاطر المطروحة، كي يتمكن من متابعة التواصل مع قادة المعارضة وزعماء الطوائف والجماعات الدينية المتنوعة.

كذلك، عمد مسؤولون في وزارة الخارجية الأميركية إلى الضغط على قادة المعارضة السورية كي يوحّدوا صفوفهم لتعزيز مساعيهم الرامية إلى إسقاط نظام الأسد وبناء نظام جديد.

يبدو أن إدارة أوباما مصمّمة على تجنب تكرار الأحداث التي وقعت غداة الغزو الأميركي للعراق، صحيح أن الولايات المتحدة لم توفّر أي جهد لإسقاط صدام حسين، لكن يقول بعض الخبراء في السياسة الخارجية الآن إن تنفيذ تلك العملية حصل على حساب تخطيط مفصّل حول كيفية التعامل مع الفصائل المتناحرة في العراق بعد سقوط صدام حسين.

لا شك أن الشأن السوري كان محط نقاش بين الرئيس أوباما ورئيس الحكومة التركي رجب طيب أردوغان على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. في هذا الإطار، اعتبر أحد كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية أن تخلي تركيا والمملكة العربية السعودية والدول الأوروبية عن الأسد سيزيد من حدة عزلته، وتحديداً نظراً إلى الإرهاق الذي أصاب جيشه بسبب امتداد فترة حملات القمع.

وقال مسؤول آخر في إدارة أوباما إن إغلاق السوق الأوروبية في وجه دمشق قد يشلّ الاقتصاد السوري ويمارس ضغوطاً إضافية على نظام الأسد بما أن 90% من صادرات النفط السوري يتجه نحو أوروبا.

على صعيد آخر، قال راي تاكيه، مسؤول رفيع في مجال دراسات الشرق الأوسط في مجلس العلاقات الخارجية ومسؤول سابق في إدارة أوباما: "خلال فترة التسعينات، كانت سورية تلجأ إلى الأوروبيين إذا أرادت طلب الائتمانات والتبادلات التجارية والقروض ولم تستطع الحصول عليها من الولايات المتحدة.

أما الآن، فقد انضمت أوروبا إلى الولايات المتحدة وفرضت عقوبات على الصادرات السورية، بما في ذلك قطاع النفط الأساسي".

وأضاف قائلاً: "عدا إيران، لا يمكن أن تلجأ سورية إلى حلفاء كثيرين. يدرك الصينيون أن التنمية الاقتصادية في بلدهم تعتمد بشدة على علاقتهم مع الولايات المتحدة وأوروبا أكثر من اتكالها على صمود الأسد أو معمر القذافي".

منذ ثمانية أشهر، كانت فكرة أن تعيش سورية من دون وجود أحد أفراد عائلة الأسد في السلطة مستبعدة إلى أقصى حد، تماماً مثل استحالة رؤية مصر من دون حسني مبارك أو ليبيا من دون معمر القذافي.

لكن يظن عدد من المسؤولين الاستخباريين والدبلوماسيين في الشرق الأوسط وأوروبا والولايات المتحدة أن الأسد قد لا يتمكن الآن من التصدي للاضطرابات التي تعصف ببلده.

دعا أوباما الأسد إلى التنحي بعد أشهر من الجدل الداخلي الذي شمل نقاشاً مطولاً حول ما إذا كانت سورية من دون نظام الأسد ستغرق في حرب أهلية دموية كتلك التي أنكهت العراق بعد سقوط صدام حسين.

غير أن تحوّل الأوضاع دفع الإدارة الأميركية إلى الانتقال من مناقشة مدى صحة دعوة الأسد إلى التنحي إلى مناقشة كيفية إسقاطه وتحديد التحركات اللاحقة.

تابع المسؤول في إدارة أوباما قائلاً: "ثمة إجماع حقيقي على أن سلوكه تخطى حدود المقبول ووصل إلى حد الجنون، وتقول أجهزة الاستخبارات إنه لن يعود مطلقاً".

لكن قد يُثبت بشار الأسد أنه قادر على الصمود كما فعل والده حافظ الأسد من قبله، ويعتبر بعض المحللين للسياسة الخارجية أن وتيرة العنف سترتفع في البلاد طالما بقي الأسد في السلطة لفترة أطول. بحسب رأيهم، قد تخدم أعمال العنف هذه مصالح الأسد بطريقة غير مباشرة كونه قد يستغل اتساع أعمال العنف لتبربر استمرار حملة القمع.

قد تؤدي عوامل عدة إلى تصعيب عملية إسقاطه أكثر من مبارك في مصر والرئيس زين العابدين بن علي في تونس، فقد التهت الولايات المتحدة وأوروبا في الأسابيع الأخيرة بأزمتهما الاقتصادية محلياً.

فضلاً عن ذلك، كان تفجّر الأوضاع في تونس ومصر وليبيا وحتى اليمن حدثاً داخلياً في معظمه، وقد اقتصرت تداعياته على نشر النزعة نفسها في العالم العربي، أما انهيار النظام في سورية، فقد يؤدي إلى انفجار خارجي يمكن أن يطول لبنان والأردن وإسرائيل وحتى العراق، وتحديداً إذا غرقت سورية في حرب أهلية مثل العراق.

يقول فالي نصر، مسؤول سابق في وزارة الخارجية في إدارة أوباما ومؤلف كتاب "نهوض الشيعة: الصراعات داخل الإسلام سترسم معالم المستقبل" (The Shia Revival: How Conflicts Within Islam Will Shape the Future): "يعزز السُّنة تسلّحهم ويزيد الوضع تأزماً".

وأضاف نصر: "إيران وحزب الله يدعمان النظام، لكن يعي هذا النظام جيداً أن الوضع سيزداد سوءاً".

نتيجةً لذلك، اعتبر مسؤولون من إدارة أوباما أن صانعي السياسة يرغبون في التخطيط لحقبة ما بعد الأسد، وقال مسؤول تحدث شرط عدم الإفصاح عن هويته: "لا أحد يريد تكرار تجربة العراق".

في الوقت نفسه، لا تريد الإدارة الأميركية أن يظن الجميع أن الولايات المتحدة تحاول فرض الأحداث في سورية خشية أن تضرّ فكرة التدخل الأميركي بالمعارضة السورية بدل أن تفيدها، ويشدد المسؤولون في الإدارة الأميركية على أنهم لا يريدون أن يمنحوا النظام الإيراني حجة للتدخل؛ من المعروف أن إيران تملك مصالح ضخمة مع النظام السوري وهي أكبر داعم للأسد.

لكن نوّه أحد المسؤولين بالدعوة الملفتة التي أطلقها الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، في وقت سابق من هذا الشهر، حين دعا الأسد إلى تخفيف حدة الحملة القمعية في إشارةٍ إلى أن قادة إيران أنفسهم لا يضمنون مصير الرئيس السوري.

* هيلين كووبر | Helene Cooper

back to top