كيف قدَّمت السينما المصريَّة رؤساء مصر؟ 2-2

نشر في 21-10-2011
آخر تحديث 21-10-2011 | 00:01
No Image Caption
 محمد بدر الدين نتابع رحلة السينما المصرية مع الرؤساء المصريين وما قدمت عنهم من أفلام لغاية اليوم، وكيف جاء التقديم والمعالجة ومدى النجاح.

اتسم فيلم «أيام السادات» بالرغبة في تقديم سيرة الرجل بكاملها، منذ صباه ونشأته مروراً بظروفه شاباً ومنخرطاً في العمل السياسي قبل 1952، بشكل يخصه وقبل أن يلتحق بركب حركة ثورة الضباط الأحرار في يوليو من ذلك العام ـ أو قبل أن يشارك في ركوب أو اعتلاء موجتها ـ وصولاً إلى اعتلائه قمة السلطة في مصر، عقب الرحيل المباغت لقائد الثورة ورئيس مصر وزعيم العالم العربي في 28 سبتمبر 1970، فبدا منذ اللحظات الأولى رجلاً صغيراً ساقته الظروف والمصادفات إلى شغل موقع كان يشغله منذ لحظات رجل كبير.

بالطبع، ليس شرطاً، كما نرى في أفلام سير الشخصيات العامة في العالم، أن يحتوي الفيلم على سيرة الشخصية من الميلاد حتى انقضاء الأجل، بل يمكن الغوص بصورة أعمق في الشخصية ومكوناتها ومسارها عبر التركيز على موقف واحد في مسيرتها أو اختيار أيام أو فترة بعينها من رحلة العمر.

يتناول سيناريو «أيام السادات» الأحداث بتراتب ـ أو حرص على ترتيب زمني ـ ويجسّد أحمد زكي الشخصية في شبابها وكبرها، مستنداً إلى الماكياج ومقدرته على التقمص والأداء، فيما جسّدت ممثلتان شخصية جيهان السادات، منى زكي في مرحلتها الأولى وميرفت أمين في التالية، وقد وفقتا إلى جانب اقتدار البطل الرئيس وإتقان ممثلي الأدوار الثانوية وإدارة وإخراج محمد خان، الذي وظف المونتاج والتصوير والديكور وغيرها من عناصر الفيلم ليقدم عملاً لا يخذل به محبي سينما المخرج الكبير، خصوصاً الذين ساءهم أن يقدم مخرج أفلام انتقدت بصورة لاذعة عصر السادات («الحرّيف»، «زوجة رجل مهم»، «هند وكاميليا»، «سوبر ماركت»، «عودة مواطن»...) فيلماً يجمّل فيه سيرته وشخصيته ويضفي عليه ما لا يستحقه في نظرهم. لم تكن المشكلة في الفيلم في الحدّ الذي استطاع خان أن يحققه على المستوى الفني أو الحرفي، إنما أساساً في مدى الاقتراب من الحقيقة أو مدى تزييفها وتزوير الوعي، أي في رؤية الفيلم الفكرية والسياسية.

يبرر الفيلم للسادات تصرفاته وقراراته ويقدمه في النهاية باعتباره ضحية سعيه إلى السلام، وليس وقوعه في شرك التسليم أو الخذلان والصلح المنفرد، كما تعتقد الكثرة الغالبة من الشعب العربي، وسبب ذلك توجه الفيلم الواضح والصادم ليس على صعيد الإخراج، أو المستوى الحرفي لمخرجه المتمكن أو أداء بطله المعروف بمهاراته، إنما استناد سيناريو الأديب الصحافي المخضرم أحمد بهجت إلى السيرة الذاتية التي كتبها السادات بنفسه في كتابه «البحث عن الذات»، وكتاب «سيدة من مصر» الذي كتبت فيه جيهان السادات سيرتهما معاً، فلم نجد في الفيلم سوى محاولة لترجمة هذه الرؤية، من دون أن نعثر على أي وجهة نظر موضوعية ترى القضايا من الجوانب كافة، وهذا سر، أو سبب، ضعف مكانة الفيلم ومستواه في نظرنا.

أما مبارك، الرئيس الذي خلعه الشعب وقام بثورة هادرة هائلة ضد حكمه في 25 يناير 2011، فيتناوله فيلم «طباخ الريس» إخراج سعيد حامد، تأليف يوسف معاطي، بطولة طلعت زكريا الذي أدى دور الطباخ وخالد زكي الذي أدى دور الرئيس. صوَّر الفيلم رئيس الجمهورية مثالياً خيِّراً بل ليس أقلّ من ملاك، بينما كل خطأ أو فساد من حوله هو مسؤولية رجال آخرين أو حاشية تعمل لمصلحتها، وتفعل كل ما يجلب لها المنفعة على حساب الشعب الطيب والرئيس النبيل. إنه نموذج من أفلام النفاق للحكام بكل معنى الكلمة.

back to top