وجهة نظر:احتفالية لا تليق بصندوق التنمية!

نشر في 25-02-2012
آخر تحديث 25-02-2012 | 00:00
 د. عباس المجرن يمثل إنشاء الصندوق الكويتي للتنمية أحد أهم الانجازات الحضارية لدولة الكويت، وقد جاء تأسيسه في نهاية عام 1961، وهو عام الاستقلال، استكمالا للرؤية الصائبة التي توصلت إليها بعثة كويتية كلفها أمير الكويت الراحل الشيخ عبدالله السالم الصباح، طيب الله ثراه، للتداول مع بلدان شقيقة وصديقة آنذاك في كل ما من شأنه أن يعزز استقلال ومكانة دولة الكويت على المستويين العربي والعالمي.

عندما تأسس الصندوق حينذاك، كان فريدا من نوعه في البلدان النامية، لا في المنطقة فحسب، فهو أول مؤسسة تنموية تؤسسها دولة نامية لتوفير القروض والمساعدات الإنمائية لدول نامية أخرى، وكانت نشاطات الصندوق في سنواته الأولى ووفق قانونه الأساسي موجهة للدول العربية فحسب، ولكن بعد ارتفاع أسعار النفط في النصف الأول من السبعينيات قررت الكويت توسعة نطاق نشاطات الصندوق لتشمل بقية الدول النامية، وتم تفعيل ذلك القرار من خلال زيادة رأسماله من 200 مليون دينار إلى 1000 مليون في شهر يوليو 1974 ثم إلى 2000 مليون في شهر مارس 1981، حين تمت توسعة نطاق صلاحيات الصندوق لتشمل المشاركة في رأسمال وموارد مؤسسات تنموية أخرى.

الوجه الإنساني المشرق

لقد شكلت مسيرة الصندوق ومساهماته السخية في مشروعات التنمية في مختلف البلدان النامية في آسيا وافريقيا وأميركا اللاتينية وشرق أوروبا علامة مضيئة في تاريخ الكويت، ومثلت انجازات الصندوق الوجه الإنساني المشرق للكويت، الذي حفز الوقوف المشرف لشعوب العالم الى جانبها حين تعرضت للعدوان الغاشم من قبل النظام الدكتاتوري الفاشي في العراق عام 1990.

لقد امتدت مساهمات الصندوق الإنمائية على مدى 50 سنة الى أكثر من 100 دولة من دول العالم، وإلى أكثر من 800 مشروع إنمائي وبقيمة وصلت إلى نحو 15 مليار دولار، وتجاوزت المساعدات التي قدمها الصندوق في متوسطها السنوي كنسبة من الناتج المحلي للدولة مساهمات صناديق التنمية التي أسستها دول متقدمة وأخرى نامية.

احتفالية تخلو من الإبداع

إن مؤسسة كهذه هي مصدر فخر واعتزاز لدولة الكويت، وكان يفترض أن يكون الاحتفاء بيوبيلها الذهبي مميزا وذا بعد عالمي يشارك فيه رؤساء حكومات أو وزراء مالية الدول الشقيقة والصديقة الرئيسية التي استفادت من مساهمات الصندوق. احتفاء يتناسب مع كون الصندوق الذراع الأهم في الدبلوماسية الاقتصادية للدولة، ولا يتوقف عند احتفالية تكريم مديري الصندوق، أو معرض هنا أو عرض ليزر هناك.

الاحتفال باليوبيل الذهبي للصندوق، ما كان ينبغي أن يكون احتفالية خاصة ينظمها الصندوق من خلال مناقصة عامة يحدد في كراسة شروطها المرجعية شكل هذه الاحتفالية، بحيث تقتصر على ثلاثة أنشطة دون غيرها: الأول هو معرض عام لسفارات الدول لعرض ثقافاتها في مقر الصندوق، والثاني عرض موسيقي وفلكلوري في قصر بيان، والثالث معرض عن مسيرة الصندوق. بل وحدد الصندوق سلفا حدود وطبيعة ومكونات وبرامج كل نشاط من هذه الأنشطة وبالتفصيل.

إن فعاليات احتفالية كهذه كان ينبغي أن تكون فعاليات إبداعية يفسح فيها الصندوق المجال للتنافس بين المتخصصين والمتعهدين في تنظيم الاحتفاليات في عرض واقتراح أفكارهم الابتكارية الخاصة بتنظيم احتفالية تليق بأهمية الصندوق ويوبيله الذهبي، يختار كل منهم الأفكار والبرامج والأنشطة التي تتضمنها.

الاحتفال باليوبيل الذهبي للصندوق مشروع دولة، وكان ينبغي استغلال مناسبته لتعزيز الموقع الرائد والمتميز للكويت في مجال المساهمات والمساعدات الدولية، وكان ينبغي أن تشارك فيه الهيئات والمؤسسات العامة، ولا يقتصر على لجنة منظمة في الصندوق تعوزها الإمكانات، ومتعهد مقيد بشروط لا توفر أي مساحة للإبداع ولا الابتكار ولا التفكير!

back to top