وثيقة الأزهر ترسي دعائم الدولة المدنية في مصر

نشر في 21-06-2011 | 00:01
آخر تحديث 21-06-2011 | 00:01
No Image Caption
المؤسسة الدينية طرحت 11 محوراً... إذا حظيت بتوافق المجتمع أصبحت دستوراً للبلاد

تدخل الأزهر الشريف، عبر وثيقة دستورية، لإنهاء الجدل الثائر حول مصر دولة مدنية أم دينية، مرجحاً كفة الأولى لأنها تحقق الصيغة العصرية لمبادئ الشورى الإسلامية عبر النظام الديمقراطي القائم على الانتخاب الحر.

بينما تزايد الصراع بين القوى الداعية إلى دولة مدنية في مصر وبين التيارات الإسلامية حول أزمة "الدستور أولاً أم الانتخابات"، أعلن أمس الإمام الأكبر أحمد الطيب "وثيقة الأزهر حول مستقبل مصر" وهي تتضمن 11 محوراً تطرحها المؤسسة الدينية الإسلامية الأعلى كمشروع دستور "إذا حظي بتوافق مجتمعي يصبح دستوراً للبلاد" مما قد ينهي الأزمة الدائرة بين الليبراليين والإسلاميين.

وتأتي أهمية وثيقة الأزهر من خروجها عن المؤسسة الدينية عبر اجتماعات ونقاشات أدارها الطيب مع عدد كبير من المثقفين المصريين على اختلاف انتماءاتهم الفكرية والدينية، وتؤكد ضرورة تأسيس المرحلة المقبلة في تاريخ مصر على مبادئ كلية وقواعد شاملة تناقشها قوى المجتمع المصري لتصل في النهاية إلى الأطر الفكرية الحاكمة لقواعد المجتمع ونهجه السليم، حسبما جاء في صدر الوثيقة.

وتشدد الوثيقة التي تعتمد على "تراث الأزهر الذي جسده شيخ الإسلام حسن العطار ورفاعة الطهطاوي والشيخ محمد عبده" على ضرورة تأسيس "الدولة الوطنية الدستورية الديمقراطية الحديثة التي تعتمد على دستور ترتضيه الأمة ليفصل بين سلطات الدولة ومؤسساتها القانونية الحاكمة ويضمن الحقوق والواجبات لكل أفرادها على قدم من المساواة".

وقالت وثيقة الأزهر، "سلطة التشريع في الدولة لابد أن تكون لنواب الشعب، والإسلام ترك للناس إدارة مجتمعاتهم واختيار الآليات والمؤسسات المحققة لمصالحهم شريطة أن تكون المبادئ الكلية للشريعة الإسلامية هي المصدر الأساسي للتشريع بما يضمن لأتباع الديانات السماوية الأخرى الاحتكام إلى شرائعهم الدينية في قضايا الأحوال الشخصية".

وطالبت الوثيقة بـ"اعتماد النظام الديمقراطي القائم على الانتخاب الحر المباشر الذي هو الصيغة العصرية لتحقيق مبادئ الشورى الإسلامية بما تضمنه من تعددية، ومن تداول سلمي للسلطة، وإدارة شؤون الدولة بالقانون وحده، وملاحقة الفساد، وتحقيق الشفافية التامة، وحرية الحصول على المعلومات وتداولها مع الالتزام بمنظومة الحريات الأساسية في الفكر والرأي، والاحترام الكامل لحقوق الإنسان والمرأة والطفل، واعتبار المواطنة مناص التكليف والمسؤولية بعيدا عن التمييز على أساس الدين أو النوع أو الجنس".

وطالب الأزهر الشريف المثقفين بـ"ضرورة الاحترام التام لآداب الاختلاف وأخلاقيات الحوار حيث يتم اجتناب التكفير والتخوين وتأثيم استغلال الدين واستخدامه لنشر الفرقة والتنابذ والعداء بين المواطنين، واعتبار التمييز الديني والنزاعات الطائفية والعنصرية جريمة في حق الوطن".

التزام بالمواثيق

وأكدت الوثيقة "الالتزام بكل المواثيق والقرارات الدولية والتمسك بالمنجزات الحضارية في العلاقات الإنسانية المتوافقة مع سماحة الثقافة الإسلامية والعربية، والحرص التام على صيانة كرامة الأمة المصرية والحفاظ على عزتها الوطنية، وتأكيد الحماية التامة والاحترام الكامل لدور العبادة لأتباع الديانات السماوية الثلاثة، وضمان الممارسة الحرة لجميع الشعائر الدينية دون أي معوقات".

واعتمدت الوثيقة على التعليم والبحث العلمي كبوابة لدخول مصر عصر المعرفة والتقدم الحضاري، وبناء علاقات مصر بأشقائها العرب ومحيطها الإسلامي ودائرتها الإفريقية، خصوصا دول حوض نهر النيل وبقية دول العالم في إطار من الندية والاستقلال التام مع مناصرة الحق الفلسطيني والحفاظ على استقلال الإرادة المصرية واستعادة دورها القيادي التاريخي.

من جانبه، أكد المفكر السياسي السيد ياسين أحد المشاركين في صياغة الوثيقة لـ"الجريدة" أن الوثيقة جاءت كضرورة طرحتها الأحداث الجارية، وهي وثيقة غاية في الأهمية لأنها تأتي من داخل الأزهر الشريف بمشاركة نخبة من كبار المفكرين والمثقفين المصريين، مضيفاً: "ستطرح الوثيقة على المجتمع لمناقشتها في مؤتمر عام، تشارك فيه مختلف القوى والتيارات السياسية".

وشارك في إعداد الوثيقة عدد من المفكرين الليبراليين واليساريين منهم جمال الغيطاني، ويوسف القعيد، وصابر عرب، ومصطفى الفقي.

فوق الدستورية

في السياق ذاته، طرحت قوى سياسية مختلفة فكرة تأسيس لجنة لوضع "المبادئ فوق الدستورية" تكون ملزمة لمن سيتولى عملية صياغة الدستور، ودعا نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية ضياء رشوان، خلال ندوة عقدتها وزارة الثقافة مساء أمس الأول، المجلس العسكري إلى تشكيل لجنة مصغرة من 20 عضواً تشمل التيارات السياسية في البلاد لتحديد "المبادئ فوق الدستورية" وإعلانها وإعداد مشروع الجمعية التأسيسية التي سينتخبها البرلمان المرتقب لتقوم بوضع دستور للبلاد.

وأوضح رشوان أن تلك المبادئ متعلقة بثلاث مواد أو أكثر أبرزها المادة الثانية من الدستور، والتي تحدد العلاقة بين الدين والدولة، وطبيعة النظام السياسي رئاسي أو برلماني أو مختلط، وموقع القوات المسلحة في الدستور الجديد.

من جهتها، رحبت جماعة "الإخوان المسلمين" بالدعوة إلى تشكيل لجنة "المبادئ فوق الدستورية" قبل الانتخابات البرلمانية، وقالت على لسان القيادي أحمد أبوبركة، إنها لا تمانع في ذلك بل وتدعو إلى التوافق الوطني على آلية الانتقال السلمي والديمقراطي للسلطة منذ اليوم الأول لتنحي مبارك.

back to top