المفكِّر الإسلامي د. محفوظ عزام: نعم للحاكم العادل سواء أكان مسلماً أم كافراً!
يرى المفكر الإسلامي د. محفوظ عزام أن الثورات العربية، خصوصاً في مصر، تأخرت كثيراً ويرفض الرأي القائل بعدم الخروج على الحاكم، ففي نظره أن الحاكم الذي يخالف الشرع ولا يحقق العدالة للمجتمع يجب خلعه ولو بالقوة لأنه خارج عن الإسلام. حول رأيه في الثورة من منظور إسلامي كان معه الحوار التالي.
هل حدَّد الإسلام مواصفات للحاكم العادل؟فرض الإسلام وجود حاكم ينتخبه الشعب وينتقد أمره إذا خالف الشرع لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، فلا بد من أن تتوافر في الحاكم المسلم الصفات الحسنة كافة والأخلاق النبيلة من عدل ورحمة وأن يؤدي واجباته تجاه رعيّته... والحاكم المسلم مطالب بأن يكون أكثر تفوّقاً من غيره في الصفات الأخلاقية، لأن الإسلام جاء أصلاً لإتمام مكارم الأخلاق كما قال بذلك النبي (صلى الله عليه وسلم).متى نعتبر الحاكم مخالفاً؟إذا فعل أمراً مخالفاً للقرآن والسنّة وإجماع الأمة، وهي مصادر التشريع الإسلامي التي، إذا لم يعمل بأحكامها، يكون أمره مشكوكاً فيه وفي صحة حكمه. بالتالي ينتقد أمره فلا يعود صاحب شرعية في الحكم.هل يجوز الخروج عليه في هذه الحالة؟بالطبع ثمة آراء عدة حول الخروج على الحاكم، وخصوصاً عند أهل السنّة، بأنه لا يجوز الخروج عليه، لكن هذا رأي مجموعة وليس رأي الجميع، والواقع، إذا ارتكب الحاكم تصرّفاً مخلاً بالشرع لا بد من أن يخرج الناس عليه وألا يقبلوا الظلم أياً كان، سواء تعلّق بالمجتمع أو السياسة أو عدم تحقيق العدالة أو تقاعس الحاكم عن القضاء على الفقر والجهل والمرض، فوظيفة الأخير العمل على القضاء على هذه المظاهر الاجتماعية الخطيرة التي تهدّد المجتمع وإن لم يفعل فهو غير جدير بالطاعة.عدالة وتغييرإذاً فالإسلام يجيز الثورة من وجهة نظرك.نعم الإسلام أصلاً هو أكبر ثورة عرفها التاريخ على الإطلاق، وهي ثورة صحيحة، فالعرب كانوا قوماً تسود بينهم العصبية ويتناطحون لأتفه الأسباب حتى أن حرب «داحس والغبراء» بين قبيلتين في الجاهلية دامت أربعين عاماً لأن فرساً سبقت فرساً، عندما جاء الإسلام هبّت على الناس رياح الثورة الإسلامية، رياح التغيير فتغيروا فغُيروا، وذلك قانون إلهي «إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم».كان التغيير النفسي مهماً جداً، لأنه جعل الأعراب الذين عاشوا في الصحراء قادة عظام لما هبت عليهم رياح الإيمان، بل أعظم قادة عرفهم العالم على الإطلاق، فتحوا العالم شرقاً وغرباً، ذلك بسبب ما أحدثه الإسلام من ثورة في النفس البشرية ومن تغيير عند هؤلاء الناس.كانوا أئمة في العدل بسبب الإسلام، فهل تجد في التاريخ أحداً مثل عمر بن الخطاب أو عمر بن عبدالعزيز أو مثل أحد الصحابة العظام رضوان الله عليهم الذي بثّ فيهم الإسلام روحاً جديدة؟ لأن الثورة إن لم تغيّر في النفوس لا تكون ثورة بل ربما تؤدي إلى انتكاسة، ولكن الإسلام بثّ في هؤلاء الناس روح التغيير وروح الثورة الحقيقية.ما مفهوم الثورة في الإسلام؟لو رجعنا إلى التاريخ ربما لا نجد كلمة ثورة، لكن مفهوم الثورة موجود في الإسلام وتحدّث عنه الفلاسفة والمفكرون المسلمون، لأن ضرورة التغيير وتحقيق العدالة أمر مهم جداً في الإسلام ولدى طوائف الإسلام ومذاهب المسلمين جميعاً.على ضوء ذكر الصحابة (رضوان الله عليهم) كيف تفسّر الصراع على الخلافة، خصوصاً من معاوية بن أبي سفيان؟معاوية أحد كتّاب الوحي وصحابي جليل. في ما يتعلق بالخلاف الذي حدث بين معاوية وعليّ وما حدث في موقعتي صفين والجمل، مسائل الاجتهاد فيهما غير نافعة، لذا كتب المفكر أبو بكر بن العربي كتابه «العواصم من القواصم»، ولم يذكر أحد أن هؤلاء الصحابة معصومون، فالمعصوم واحد فقط هو النبي (صلى الله عليه وسلم) ويمكن أنهم اجتهدوا لكنهم قد يكونون أخطأوا، وفي الإسلام إذا أخطأ المجتهد فله أجر وإذا أصاب فله أجران.ما رأيك في الثورة على سيدنا عثمان بن عفان (رضي الله عنه)؟قد يكون الذين ثاروا على سيدنا عثمان (رضي الله عنه) لهم الحق، لكن الدور اليهودي في هذه الثورة كان خطيراً جداً، فقد حيكت مؤامرة ضده لإشاعة الفرقة وشق عصا المسلمين، لكن عثمان صحابي جليل والرسول (صلى الله عليه وسلم) يقول: «أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم»، وأنا لست مع الناس الذين يخوضون في الصحابة.ما رأيك في معارضة الصحابي أبي ذر الغفاري لحكم عثمان؟يتكلم الشيوعيون دائماً عن أبي ذر ومعارضته لحكم سيدنا عثمان، فهذه مسألة تعجبهم، ونحن نتساءل: هل أبو ذر كان محقاً في اعتراضه؟ وهل كان عثمان مخطئاً؟ وأنا قلت إن الخلفاء الراشدين كانوا بشراً يصيبون ويخطئون ولا يوجد بشري معصوم إلا النبي (صلى الله عليه وسلم)، لا يعوّل التاريخ عليه كثيراً فهو مليء بالمغالطات المضلّلة.الظلم ظلماتما موقف القرآن والسنّة النبوية من الثورة؟أحاديث نبوية كثيرة كرّهت الناس في الظلم وقالت: «إن الظلم ظلمات يوم القيامة»، وقال القرآن الكريم في أكثر من موضع: «إن الله لا يحبّ الظالمين»، فالظلم ضد الدين، والدين ينظّم ثلاث علاقات: أولها علاقة الإنسان بنفسه وثانيها علاقته بربه وثالثها علاقته بالمجتمع، بحيث لا تطغى علاقة على أخرى، فأي ظلم هو ممنوع في الإسلام حتى ظلم الإنسان لنفسه، أعجبني ابن خلدون الذي كتب فصلاً مهمّاً جداً في مقدمته بعنوان «فصل في أن الظلم مؤذن بخراب العمران»، وحين تقرأه تشعر بأنه كتبه وكأنه يعيش بيننا الآن.ماذا إذا شاع الظلم في المجتمع؟تشيع الكراهية بين الناس فيتعاركون ويتخالفون، وحين يشيع ذلك لن يكون هناك إنتاج أو رفاهية وتشيع الخيانة بين الناس وتتوقّف عجلة الحياة، وسيكون المجتمع سيئاً لكن مع العدل سيأخذ كل إنسان حقّه ويتفرّغ الناس للإنتاج ولا يفكرون في إيذاء بعضهم بعضاً.على رغم أن القرآن والسنّة وضعا المعايير للحكم، لماذا نجد أن المستبدّين، على مرّ التاريخ الإسلامي، أخذوا مشروعية ما يفعلون من القرآن والسنّة؟هو أخذ خاطئ، فقد أخفوا الحقائق عن الناس ولووا أعناق الحقائق لصالحهم، فالحاكم يعمل على تطويع الإسلام لفكره وذلك عن طريق تطويع الآيات والسنّة لفكره وحكمه وهواه وليس ما يريده الإسلام، وهذه مشكلة الناس ومشكلة الخلافات بين المسلمين أيضاً.هل لرجال الدين دور في ظلم الحاكم؟قد يعمد رجال الدين، من حاشية الحاكم، إلى ذلك لضمان الولاء التام من الناس للحاكم ولوي أعناق النصوص لإرضائه، وهذا أحد أصعب الأمور التي تجعل الحاكم يظلم ويضلّ، ورجال الدين الذين تفترض فيهم الأمانة في إسداء النصيحة، فحين تولى عمر بن عبدالعزيز أمر الخلافة سأل الإمام الحسن البصري عن صفات الإمام العادل فقال له: «لا تسلّط المستكبرين على المستضعفين وحذّره من البطانة فإنهم لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة».رجال الدين من حاشية الحاكم قد يرهبون الناس بقوله تعالى «وأطيعوا الله وأطيعوا رسوله وأولي الأمر منكم»، بماذا تردّ على ذلك؟بالفعل هم يرددون دائماً وأبداً هذه الآية مع أنها لا تتعلّق بالحاكم فحسب إنما بأصحاب الخبرة أيضاً، مثل طاعة الطبيب وهو ولي أمر في ما يأمرني به لعلاج مرضي مثلاً، ثمة تعاليم إسلامية كثيرة تنصّ على أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، فإذا أمر الحاكم بغير معروف أو شيء مخالف للدين وجبت عدم طاعته، وسيدنا عمر بن الخطاب خطب ذات مرة في الناس وقال لهم: «إسمعوا وأطيعوا»، فقام أحدهم وقال: «لا نسمع ولا نطيع» بسبب توزيع الأقمشة، وظنّ الرجل أن عمر حصل على نصيب أكثر من غيره فقام ابنه عبدالله وكشف للجميع أنه تبرّع بنصيبه لوالده لأن عمر كان ضخماً فلن يكفيه نصيبه من القماش، وحينما وضحت الحقيقة قال الرجل: «الآن نسمع ونطيع يا عمر».أمر بالمعروفإلى أي مدى تتوافق الثورة مع المبدأ الإسلامي القائل بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟هذا مبدأ جميل، لو أنه يتحقّق بالفعل ستستقيم الحال وخيرية الأمة الإسلامية جاءت من هذا المبدأ، يقول تعالى «كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر»، يعني إذا لم تفعل ذلك فلن تكون أمة خيرية ولن تكون خير الناس، وفي الحديث الشريف «من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان»، هنا كلام جميل قاله ابن القيم وابن تيمية والأخير معروف بتشدّده ومع ذلك قال: «إذا كان تغيير المنكر أدى إلى منكر وجب عدم التغيير لأن درء المفاسد مقدّم على جلب المصالح».عادل كافر ومسلم ظالم، أيّهما أفضل للحكم؟ الكافر العادل أفضل وأظن أن ثمة أقاويل قيلت في هذه المسألة «إن الله ينصر بالكافر العادل»، فالحاكم لو كان ظالماً فلن يكون مؤمناً أو مطيعاً لله.هل نعتبره خارجاً عن الإسلام؟نعتبره عاصياً فالحكم بخروجه عن الإسلام ليس سهلاً، فالإيمان محلّه القلب وعند عقيدة أهل السنة والجماعة الإيمان هو تصديق بالجنان وقول باللسان وعمل بالجوارح والأركان.إذاً أنت مع حكم غير المسلم العادل لبلاد الإسلام؟بالفعل، فالحاكم ما دام عادلاً فهو صالح للحكم سواء أكان مسلماً أم غير مسلم، لذلك يقولون أحياناً: لماذا لا يكون الحاكم قبطياً؟ ما المانع أن يكون الحاكم قبطياً؟ المهم أن تتوافر فيه كفاءة وعدالة فالإسلام ليس كلاماً يقال ولكنه أفعال.فساد الحكامما رأيك في الثورات التي اندلعت في بعض البلدان العربية؟هذه الثورات تأخّرت كثيراً وتأخّر خلع هؤلاء الحكام، فمثلاً مبارك أفسد الحياة في مصر طويلاً فتفشى الجهل والفقر والمرض في مجتمعنا بشكل لا مثيل له، بالإضافة إلى نهبه وحاشيته لخيرات البلاد، وهو مسؤول عن ذلك فالحاكم مسؤول عن كل ما يحدث في المجتمع وسيدنا عمر بن الخطاب يقول: «لو تعثرت دابة في العراق يسأل عنها عمر».معنى ذلك أن مبارك خالف تعاليم الشريعة؟مبارك ليس مخالفاً للشريعة فحسب، فأنا، وإن كنت لا أحبّ أن أخرجه عنها أقول إنه خارج عن الشريعة صراحة فلم يكن عنده ذرة إيمان، وعاش الناس في ظلّ حكمه أوضاعاً رهيبة وتفشّى الظلم والفساد من دون محاسبة، وضيّق على الناس البسطاء في كل شيء.كيف يمكن الحفاظ على مكتسبات الثورة؟بالشفافية وتعبير كل إنسان عن رأيه بحرية، فهذا أحد حقوق الإنسان في الإسلام، ففي زمن الرسول (صلى الله عليه وسلم) كان أحد اليهود يحاكم فأراد الدفاع عن نفسه، وقال له بعض الصحابة إنه يهودي فقال (صلى الله عليه وسلم) «إن لصاحب الحق مقالا»، فالخلاف في الدين أو المعتقد لا يمنع الإنسان من أن يبدي رأيه، كذلك يجب أن يلتفت الناس إلى العمل والإنتاج وتدور عجلة الحياة مجدداً وكل إنسان يعمل ويجتهد بضمير.هل أنت ضد التظاهرات الفئوية التي أعقبت ثورات التغيير السياسي؟ضدها على طول الخط لما فيها من تجاوزات، والفساد الذي عانيناه لسنوات طويلة لن يتغيّر بين ليلة وضحاها، أعتبر هذه التظاهرات الفوضوية نتاج عدم تدريب الإنسان على الحرية وبالتالي يأتي بأفعال هوجاء.هل نحن شعوب تصبر على الظلم وتؤلّه الحاكم وتصنع طواغيتها؟الإجابة عن سؤالك هذا تجدها في قوله تعالى «فاستخف قومه فأطاعوه إنهم كانوا قوماً فاسقين» (سورة الزخرف:54)، فالناس يؤلهون الحاكم وقد يكون في بداية حكمه مستقيماً، لكن الحاشية من حوله تصوّر له أنه أكبر من البشر فينقلب إلى فرعون جديد وطاغية، وهي مسألة خطيرة يجب أن نتصدى لها.ما دور الدين والفلاسفة في إعادة الأمور إلى نصابها والتصدي لهذه الظاهرة وتوعية الناس بأن الحاكم بشر مثلهم؟في الحقيقة فساد الناس في اثنين: الأمراء والعلماء، فلو أن النخب المثقّفة تقوم بدورها الحقيقي نحو المجتمع كان الميزان متوازناً وعرف الناس حقوقهم ومتى يتصدّون للحاكم ومتى يطيعونه، لكنهم يريدون أن ينتفعوا من قربهم من الحاكم، وأظن أن أقرب مثل نجده في وسائل الإعلام لدينا حيث نجد شخصاً يحصل على مبالغ طائلة لأنه يسبح بحمد الحاكم. النخب المثقّفة لم تؤدِّ دورها تجاه المجتمع، وأيضاً المؤسسات الدينية لم تؤدِّ دورها بالشكل المحمود أو الواجب عليها، فهي يقع عليها عبء كبير ويأتي شيخ الأزهر في القمة ثم الأوقاف والمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية وغير هؤلاء ممن يتصدون للحديث باسم الدين.هل ساهمت المؤسسات الدينية في تأليه الحاكم؟بالفعل كان لها الدور الكبير في ترسيخ هذه النظرة المقدّسة الى الحاكم لدى الناس، بما تردّده من أحاديث حول وجوب طاعة الحاكم، مهما فعل، وليست المؤسسات الدينية فحسب، لكن الثقافية أيضاً، إذ ظهر أحد رموز الثقافة عقب اندلاع الثورة على شاشات التلفزيون وعدّد محاسن الحكم الماضي وناكف وعارض بالساعات تأليهاً للحاكم.الحرية مسؤوليةما الرؤية الشرعية لاستقرار الأوضاع في العالم العربي؟لا بد من الحرية والعدالة، فما لم تتوافر حرية وعدالة لا يمكن أن تستقيم الحال أو الحكم، لأن الظلم، كما قال ابن خلدون في مقدمته، مؤذن بخراب العمران، ولا تعني الحرية الفوضى لأن الحرية مسؤولية.بعد اندلاع الثورات العربية ظهرت أصوات إسلامية تنادي بعودة دولة الخلافة فكيف ترى ذلك وهل يتماشى مع روح العصر؟قد تحتاج مسألة روح العصر إلى فهم، فالإسلام جاء لكل مكان وكل زمان ولا يوجد شيء اسمه روح العصر أو روح الظهر، المسألة الثانية أن البعض يروّج لأفكار غريبة يثيرها، من وقت إلى آخر، قد تضرّ أكثر مما تنفع مثل المطالبة بإقامة دولة دينية أو خلافة إسلامية.ماذا إذا أقيمت الخلافة بالفعل، هل أنت معها أم ضدها؟أولاً كيف تقام خلافة في مجتمع يسوده التدهور الشامل سياسياً واجتماعياً ودينياً وأخلاقياً واقتصادياً، وأنا لست مع الخلافة لأنه ليس وقت الحديث عن إقامتها، وهي تستلزم توافر أمور كثيرة لا وجود لها راهناً على أرض الواقع.هل تطبيق الشريعة الإسلامية من شأنه القضاء على هذا التدهور والفوضى؟حكم الشريعة يجب أن يكون في مجتمع مسلم يطبّق التعاليم الدينية، ولن يحدث ذلك إلا إذا وجد رأي عام إسلامي قوي، فلن تفرض الشريعة بين ليلة وضحاها وإذا فرضت بحدّ السيف فذلك يعدّ خروجاً على الإسلام.ثمة من يطالب بوجود الدولة الدينية فهل الدولة الإسلامية دينية أم مدنية؟الدولة الإسلامية دولة مدنية ذات مرجعية إسلامية، لأن الدولة الدينية تعني الحكم الثيوقراطي أي الحكم باسم الله، فالدولة في الفكر الإسلامي ليست ثيوقراطية لأن الحاكم في النظام الثيوقراطي سلطته إما من رجال الدين وإما من الحق الإلهي، بوصفه ظل الله في الأرض، بينما سلطة الحاكم في الدولة الإسلامية مستمدّة من الناس لا من الله، أي بموجب الرضا والقبول والبيعة، والحاكم في نظام الحكم الثيوقراطي لا يجوز الخروج عليه مهما فعل لأنه ظل الله في الأرض، لكن الإسلام يجيز الخروج على الحاكم إذا خالف تعاليم الشريعة.هل نظام الحكم لدينا مبنيّ على مرجعية إسلامية؟نحن نطبّق مدنية غربية في معظم الأحوال وهذا ضد منطق الأمور، فأنت إذا أردت أن تحكم مكاناً يجب أن تنبع منه المبادئ التي تريد نشرها والأهداف التي تريد تحقيقها خصوصاً من الناحيتين الإنسانية والنفسية ذلك أن لكل مجتمع تقاليده.في سطور:وُلد د. محفوظ عليّ حسن عزام في 12 يوليو (تموز) 1940، وهو أستاذ متفرّغ في قسم الفلسفة الإسلامية - كلية دار العلوم في جامعة المنيا، عميد سابق لكلية دار العلوم في جامعة المنيا. عمل أستاذاً للثقافة الإسلامية والمذاهب المعاصرة والعقيدة ومقارنة الأديان في جامعات المملكة العربية السعودية والجامعة الإسلامية العالمية في باكستان. إضافة إلى أنه معتمد كخبير في شؤون الوطن العربي لدى «مركز التوثيق والمعلومات» في جامعة الدول العربية منذ 1985، وعضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية منذ سبتمبر 2003.له مؤلفات كثيرة أبرزها: «نظرات في الثقافة الإسلامية»، «الجهاد في ضوء الكتاب والسنّة»، «في الفلسفة الإسلامية»، «الأخلاق في الإسلام بين النظرية والتطبيق»، «المنهج الوثني في العالم الإسلامي»، «حقّ الإنسان على الإنسان في ضوء الإسلام»، «الثقافة الإسلامية في مواجهة التحديات المعاصرة»، «غلاة الفرق الدينية في العصر الحديث».