ماذا يريد الشعب من المجلس؟: حماية الدستور والإصلاح والابتعاد عن النرجسية

نشر في 06-01-2012 | 00:01
آخر تحديث 06-01-2012 | 00:01
No Image Caption
الندوة أكدت الحاجة إلى وقفة جادة لمعرفة الأسباب الحقيقية وراء صدام «السلطتين»

مقترحات عدة طرحتها الندوة، استهدفت تحقيق الاستقرار والنهوض بالتنمية وتجنب الصدام بين "السلطتين" مستقبلاً، وذلك عبر الحفاظ على الدستور، وإنشاء أحزاب، في ظل مشاركة فعالة من المجتمع المدني في رسم الإصلاحات، وإنشاء مراكز لتقييم أداء المسؤولين بصفة عامة، فضلاً عن انتخاب مجلس لا تطغى فيه النرجسية على أعضائه عند ممارسة دورهم الرقابي.

نظمت جمعية أعضاء هيئة التدريس في جامعة الكويت بنادي الجامعة في الحرم الجامعي بالشويخ مساء أمس الأول، ندوت أثار عنوانها تساؤلاً مهماً: "ماذا يريد الشعب من المجلس؟"، حاضر فيها كل من أستاذ القانون د. محمد الفيلي وأستاذ العلوم السياسية د. غانم النجار، إضافة إلى عضو المجلس البلدي السابق خليفة الخرافي، وعضو التيار التقدمي أحمد الديين، وأستاذ العلوم السياسية د. فيصل أبوصليب.

في البداية، قال أستاذ القانون بجامعة الكويت د. محمد الفيلي إن الحديث عن تعديل الدستور، بالرغم من أهميته، يعد شكلا من أشكال الهروب، لأن الدستور وضع مع سيناريو متعدد المخارج يسمح بالوصول الى نظام برلماني من غير تعديله، مبيناً أن المشهد الانتخابي الذي نعيشه حاليا يستحق الرصد، لما شهده من صدام أدى إلى الدعوة المبكرة للانتخابات.

وتساءل الفيلي: "لماذا وصلنا لهذا المستوى من الصدام رغم قلة محطات العنف التي شهدتها الكويت تاريخيا؟" مشيرا إلى أن "الصدام الذي حصل بين السلطتين والعنف يدعوانا إلى وقفة جادة لمعرفة الأسباب الحقيقية"، معتبرا أنه يكشف حالة من القلق ذي الأسباب المتعددة، وهي أن الشريحة التي خرجت كانت من فئة الشباب وأعدادها كانت تتجه نحو الازدياد.

وأشار إلى أن هناك قلقا ينتاب الجميع يرتبط بالتمازج الاجتماعي والقبلية والطائفية، مع ما لذلك من حساسية خاصة، مبينا أنه عندما تكون هناك شرارة صغيرة تحرك آلافا من الناس فهذا مؤشر غير عادي ويدعو للقلق، "فالحريق لا يحدث لأن هناك شرارة، بل لأن هناك وسطا قابلا لاشتعال".

أحزاب

ولفت الفيلي إلى "أننا أمام اضطراب وضعف في تنظيم الحياة السياسية في غياب اغلبية برلمانية، وبحاجة إلى أحزاب سياسية، وأن إقرارها أسهل من تعديل الدستور، إذ من الممكن تجاوز اعتراض الحكومة في حال إقرار قانون الأحزاب، مقابل عدم استطاعة تجاوز اعتراضها في حال تعديل الدستور من الناحية الفنية"، مبينا خشيته من إلقاء القوى السياسية المسؤولية فيما تعجز عنه على أطراف أخرى لتبرئة الذمة.

وبين أن على القوى السياسية مسؤولية، وهي حتى الآن لم تقدم أول استحقاق في فكرة النظام البرلماني وتداول السلطة، موضحا "أننا جميعا مسؤولون عن اضطراب وضعف الحياة السياسية، الحكم وغير الحكم، وربما من مصلحة الحكم أن يكون هناك تنظيم سياسي مع تعزيز الثقة بين الأطراف السياسية المختلفة، إذ لم يعد الحكم يعرف الآن "منو طقاقه".

الابتعاد عن النرجسية

وقال إنه من المنطقي أن يكون للحكومة دور إلى حد ما، مؤثر في العمل التشريعي، لكن ليس من المفهوم أن يكون لها دور في العمل الرقابي، لأن في ذلك تداخلا للسلطات، وهو الأمر الذي يوجد بالدساتير غير المثالية من الناحية الفنية، داعياً إلى وجود دور فعال ومهم من قبل المجتمع المدني في رسم الإصلاحات وإنقاذ البلاد من الأوضاع التي تمر بها، مع وجود مجلس يمارس دوره الحقيقي الرقابي والتشريعي، مناديا بوجود مجلس لا تطغى فيه النرجسية عند ممارسة أعضائه دورهم الرقابي.

مؤشر للصراع

من جهته، أكد أستاذ العلوم السياسية د. غانم النجار ان الانتخابات هي مؤشر للصراع في المجتمع، وليست أعراسا على الإطلاق، يقننها قانون الانتخاب، وأن الانتخابات البرلمانية الكويتية أكثرها سلماً، لندرة حوادث العنف فيها، خصوصا بعد تعديل قوانين الانتخاب التي أضفت بعدا ايجابيا.

واعتبر النجار أن عدم بلوغ المرحلة التي يمارس فيها الناخبون ضغطهم على النائب، أمر يؤدي الى تكرار الأزمات، حيث شهدت المجالس الــ 13 السابقة ظهور أزمات بأشكال مختلفة، مبينا أن أكبر نسبة تغيير شهدتها الانتخابات البرلمانية الكويتية كانت في عام 1992، إذ بلغت 60 في المئة، في حين أن النسبة الطبيعية العالمية للتغيير تصل إلى 44 في المئة، وبذلك فرقم التغيير مرتفع بالنسبة للمستوى العالمي.

وذكر أن الصراع داخل قبة عبدالله السالم، المتمثل في مشاجرة النواب التي شهدها المجلس السابق من تبادل للضرب، يكمن حله في إزالة المشكلة العامة والأزمة الحقيقية بين السلطتين بإصدار القوانين وتنفيذها، معتقدا ان "مجلس الأمة والحكومة متسببان في الفساد، وأن الأحداث الأخيرة التي ظهرت خير دليل على وجود فساد بينهما".

استحقاقات سياسية

بينما رأى عضو التيار التقدمي الكويتي أحمد الديين أن الانتخابات البرلمانية تجرى على خلفية أزمة سياسية، نتيجة تعثر العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، الأمر الذي أدى إلى ظهور حراك في الشارع حسم الأمر في نهاية المطاف نحو قبول استقالة الحكومة وحل مجلس الأمة، موضحا أن هناك استحقاقات سياسية ودستورية بحاجة للإصلاح في إطار مطالب شعبية، وذلك يقع على عاتق المجلس المقبل.

وبيَّن الديين أن الانتخابات الحالية تأتي في ظل واقع سياسي جديد وواقع عربي مختلف، وذلك بعد التحولات السياسية والثورات التي شهدها الوطن العربي، فليس هناك أدنى شك أن لذلك انعكاسات على البلد، دون قصد أن تصل إلينا، لكن التأثر بها وارد من خلال العلاقات.

وطالب بضرورة تطبيق مواد الدستور دون انتقائية، وأن يعمل مجلس الوزراء وفقا لخطط وسياسات مرسومة واضحة المعالم، وأن يمنع مشاركة الوزراء في التصويت على لجان المجلس ورئاسته ومكتبه، وإلغاء المادة التي تنص على أنهم نواب بحكم مناصبهم، مشيرا الى أن النظام الانتخابي بحاجة للإصلاح، بتوزيع عادل لاعداد الناخبين، فضلا عن خفض سن الناخب إلى 18 عاما، والسماح للعسكريين بالتصويت.

من ناحيته، أكد عضو المجلس البلدي السابق خليفة الخرافي أن الشعب أصبح اليوم بحاجة الى أبسط الأمور وتلبية المطالب الخدماتية التي يلزم على الحكومة توفيرها، فضلا عن الاستقرار السياسي الذي حرم منه المواطن بسبب الأداء السيئ لأعمال الحكومة والمجلس السابق، مضيفا أن الحكومة عمدت إلى تجاهل تعديل الدستور لأجل منافع ومصالح أرادت تمريرها، بالرغم من أن الدستور سمح بالتعديل بعد مرور خمس سنوات من تطبيقه.

تغير الوجوه فقط

وأضاف الخرافي أن "وجوه النواب ستتغير، ولكن التيارات ذاتها موجودة داخل المجلس، ما يعني أن الساحة السياسية لن تشهد أي تطور مرجو يصب في مصلحة المواطن والوطن"، مستغرباً عدم حضور أعضاء المجلس للعمل الجاد الذي يتحقق بتواجدهم في اللجان البرلمانية، للجري وراء مصالحهم ومصالح ناخبيهم.

وعن اقتحام بيت الأمة قال: "أنا ضد اقتحام مجلس الأمة، وبنفس الوقت مع الشباب، لأنهم عاشوا حالةً رأوا فيها بأعينهم البلاد وهي تهدم بسبب أعمال الحكومة وأعضاء البرلمان، أي أن البلاد كانت بصريح العبارة فلتانة، ولا ألوم الشباب على هذا التصرف رغم معارضتي له".

وأوضح أن أحد اسباب الازمة هو ارتباط رئاسة مجلس الوزراء بأفراد الأسرة، خصوصا عند حدوث استجواب يتوقف معه حال البلد، فضلا عن تقديم بعض الميزات لكسب النواب، أما إذا وجد رئيس شعبي فستكون مسألة استجوابه أقل توترا من الأزمة التي نشهدها في كل استجواب، معلقا بالقول إن "سالفة رئاسة مجلس الوزراء ما توَنّس".

مراكز تقييم

بدوره، شدد أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت د. فيصل أبوصليب على ضرورة وجود مراكز تقييم لقياس أداء المسؤولين بشكل عام من خلالها، وكذلك محاسبة رئيس الوزراء، إضافة الى رصد ما يحتاجه الشعب من مطالب.

وأضاف أبوصليب أن "على المجلس القادم العديد من المسؤوليات، وأبرزها تحقيق التنمية الشاملة للبلاد التي تنهض بالكويت والمواطن، إضافة الى الرقابة التشريعية عن طريق نواب الأمة، بعيدا عن الشخصانية في مختلف القضايا والقوانين العالقة التي لم يتم إقرارها التي تم تجاهلها عمدا".

وقال: "نحن بحاجة الى اقرار قوانين جدا مهمة تتعلق بكشف الذمة المالية، ومكافحة الفساد، وحق التعبير، ومزيد من الحريات في التعبير عن الرأي" لافتاً إلى أن الأيام الماضية شهدت "الكثير من القضايا التي أساءت للبلاد، والتي تتعلق باعتقال سجناء الرأي وإغلاق بعض المؤسسات الاعلامية، ما أدى إلى تراجع الكويت في تقرير الحريات".

النجار: مفوضية للانتخابات وأخرى لمكافحة الفساد

قال د. غانم النجار إن هناك «شبهات تحوم حول تزوير الانتخابات البرلمانية لعامي 2008/2009» مبيناً أن «إخفاء نتائجها التفصيلية يثير الشبهات والشكوك، خصوصا مع وجود سابقة بتزوير انتخابات عام 1967»، معتبراً أن «إنشاء مفوضية للانتخابات نقلة نوعية ومهمة جدا».

ودعا النجار كذلك إلى «إنشاء مفوضية لمكافحة الفساد، حتى يندرج تحتها أيضا النائب وتتم مراقبته والاطلاع عليه في هذا الجانب، لإلغاء ظاهرة الصراع الدائم بين السلطتين»، مستشهدا بحادثة لنائب صدر بحقه حكم قضائي ورفض طلب رفع حصانته بتواطؤ من الحكومة.

وعن قضية البدون قال إن «هناك ضبابية وعدم وضوح من قبل الحكومة في التعاطي مع بعض القضايا مثل ضرب «البدون» في تجمعهم السلمي، الذي أعقبه توزيع الورود بفاصل زمني لم يتجاوز أسبوعا»، مبيناً أن ذلك أمر يثير علامات الاستفهام، إذا كان كل من البدون المتظاهرين وكذلك قوات الأمن وقادتهم هم أنفسهم لم يتغيروا، متسائلاً: «كيف للأمن أن يضرب البدون وبعد أسبوع يقبل ورودهم؟».

وأضاف أن «الأمر الأنكى من ذلك هو الفيلم الذي نشره تلفزيون الكويت عن أحداث تجمع البدون، وهو فيلم غير صحيح» مبيناً أنه من الواجب «فتح تحقيق بشأنه للمحافظة على الصورة الإعلامية الصحيحة».

back to top