دروب أندلسيّة يستعرض حواضر الأندلس

نشر في 25-09-2011 | 00:02
آخر تحديث 25-09-2011 | 00:02
No Image Caption
أصدر المؤلف عبد الوهاب الحمادي كتاباً جديداً ليكون دليلاً مصوراً يجول فيه على حواضر الأندلس الكبرى، التي شهدت محطات مفصليّة من تاريخ المسلمين وحضارتهم هناك.

يطوف المؤلّف عبد الوهاب الحمادي عبر إصداره الجديد «دروب أندلسية» الذي ينتمي إلى أدب الرحلات على المدن التاريخية، ويكتب في مقدّمة كتابه الصادر عن «دار الفارابي» و{دار الفراشة للتوزيع والنشر»: «تتداعى الذكريات، ينفح الخيال بالروح بين السطور، فتدبّ فيها الحياة، هنا ينزل صقر قريش على الساحل قادماً من بلاد المغرب، وهناك خلف تلك الشجرة جلس ابن زيدون ينشد ولادة شعراً، وعلى هذا الطريق تتطاير ذرات الرمل، تثير الغبار، على وقع أقدام جيوش عبد الرحمن الناصر، وهي تجوب الأندلس لتدعيم أركان الدولة، اعتماد تودع بعين دامعة المعتمد وهو يقود جيشه نحو الزلاقة، قصر الحمراء الشامخ المسجد الكبير وغيرها من ذكريات وصور، تلوح ضبابية في الذاكرة التي أشعت بتاريخ الأندلس، وفي العينين اللتين أجهدتا من النظر في سواد مجلدات الكتب».

أسئلة متنوّعة

يطرح المؤلف مجموعة أسئلة، مستهلاً بماذا بقي من هذا كلّه؟ هل بقي شيء؟ أم ذهب الجميع كأوراق الخريف إذا هبت بواكير الشتاء؟ هل ابتلعت القرون الطوال وتاريخ إسبانيا الحديث الأندلس؟! ويضيف: «حاولت في الكتاب أن أصل الماضي بالحاضر، بلغة أدبية، وأن يكون قنطرة يعبر عليها عشاق الأندلس، ويتجولون بين مئتَي وخمسين صفحة، ويطوفون بين قرطبة والزهراء وأشبيلية وغرناطة، ويرونها في صور بلغت 180 صورة. وأرفقت صورة الغلاف التي احتوت على مقطع من المقدمة».

قرطبة

يتضمّن الكتاب أربعة أجزاء موزّعة على المدن الكبرى في الأندلس، في القسم الأول يقول الكاتب: «عندما نقترب من قرطبة، يلوح لنا التاريخ منادياً، فنلبّي النداء، تتراءى لنا بيوت المدينة من بعيد، نقترب أكثر، فنرى النهر الشاحب بلون الطين يهدر، يرتفع في السماء منار منيف، وسط مدينة من البيوت والمباني المكونة في الغالب من ثلاثة طوابق وما دون ذلك، إنها مئذنة مسجد قرطبة «الجامع الكبير» محج طلبة العلم لقرون خلت».

يستعرض المؤلف نتائج التسامح الحضاري مشيراً إلى التعايش السلمي بين الشعوب قائلاً: «نعود من واقعنا الحاضر إلى قرطبة، ونتجوّل في طرقاتها فنجد النصب التذكارية للعديد من الشخصيات الإسلامية وأخرى نصرانية يهودية... التي عاشت وأبدعت في قرطبة تحت ظلال التسامح الحضاري، ونُقشت أسماؤها بمداد من الذهب في التاريخ الأندلسي، ففي الحدقة الواقعة شمال «قصر الملك النصراني» نجد تمثالاً نصفياً للخليفة الأموي «الحكم المستنصر» وفي الحديقة نفسها يوجد نصب تذكاري من الرخام تحت قبة ذات قرميد أندلسي أخضر تخرج منه يدان تتلامس أناملهما في رقة شاعرية، فهذا النصب لابن زيدون ومحبوبته الأثيرة ولادة بنت المستكفي وخُطّت عليه، باللغة العربية، أربعة أبيات لولاّدة أعقبتها أربعة أبيات لابن زيدون».

الزهراء

في الجزء الثاني، ينتقل الكاتب إلى الحديث عن الزهراء موضحاً أن أطلال مدينة الزهراء تقع على بعد ثمانية كيلومترات من مسجد قرطبة وقنطرتها إلى الغرب، تختال الأندلس في نشوة عصرها الذهبي بتولّي عبد الرحمن الناصر مقاليد الحكم، وخلال فترة زمنية قصيرة بسط نفوذه على غالبية شبه الجزيرة ودانت له المماليك النصرانية وعقدت معه معاهدات الصلح.

يؤكد المؤلّف أنه في عام 1910 للميلاد، اكتُشف موقع الزهراء واستطاع المستكشفون والمرممون عبر السنين أن يجعلوا ما كان مطموراً تحت الرمل، ويرزح تحت ثقل تسعة قرون من الضياع مشاهداً، حتى أنه يسهل على الزائر أن يتصوّر كيف كانت مدينة الزهراء، بل إن المتحف الواقع في قاعة الأفلام أسفل هذه المدينة، والمنشأ على طراز حديث، يصوّر بدقة كيف كانت المدينة.

أشبيلية

يقدّم المؤلف لمحة جغرافية عن مدينة أشبيلية، مبيناً أنها كبرى حواضر محافظة الأندلس وعاصمتها، والتي كانت كنيتها عند العرب «حمص» تشبيهاً لها بحمص الشام، للتماثل بينهما في المناخ والتضاريس والذي لاحظه جند الشام حين نزلوا بها عند فتح الأندلس. يقطع المدينة نهر الوادي الكبير بشكل عمودي قاسماً المدينة إلى شطرين، والشطر الأهم الذي قامت عليه أشبيلية قديماً وحديثاً هو الضفة الشرقية من النهر الذي يجري جنوباً ماراً بمدن عدة ليصبّ في المحيط الأطلسي الذي أسماه العرب «بحر الظلمات». ويرتبط هذا النهر بفصول أليمة من التاريخ الأندلسي، إذ دأبت عصابات الفايكنج أو النورمان على مهاجمة السكان حاملةً معها الرعب والموت.

غرناطة

تأتي أهمية مدينة غرناطة إبان تهاوي عواصم المسلمين في الأندلس الضائع، وتساقطها الواحدة تلو الأخرى بعد موقعة «العقاب» وتمركز المسلمين في قصبتها الشهيرة، ثم تولّي ابن الأحمر زمام الأمور الذي يُحسب له ترسيخه المسلمين بالأندلس الصغرى كما كانت تُسمى غرناطة، حيث أضحت في زمانه وزمان خلفائه من بني الأحمر جوهرة المدائن.

back to top