المنشطات... خبايا السباق بين الرياضيين والعلماء
تحفيز أداء الجسم بالطرق الملتوية كافة فكرة قديمة بقدم عمر الإنسان. في ما مضى، كان شعب الإينكا يمضغ أوراق الكوكا للتزوّد بالطاقة الكفيلة بمساعدته على إنجاز الأعمال الشاقة، في حين كان يعمد محاربو الشمال، قبل ذهابهم إلى المعارك، إلى تناول الفطر الذي يخفف من الآلام القوية. أما المتبارون في الألعاب الأولمبية القديمة، فكانوا يتّبعون جملةً من الحيل بما فيها تناول الأفيون للتزوّد بالنشاط. لم تلق هذه الممارسات الانتقادات حتى خمسينيات القرن الماضي. ألقت «ذي إيكونوميست» نظرة إلى التحول الحاصل في الاهتمام بمحاربة المنشطات.
مع بروز أنواع حديثة من الرياضات التنافسية، بدأ استعمال المنشطات يثير انتقادات السلطات الرياضية والرياضيين، لا سيما غير القادرين منهم على الحصول على المنشطات.بدأت المبارزة بين الرياضيين والعلماء في عام 1959 عندما أظهر جين سميث وهنري بيتشر من جامعة هارفرد أن سباحي المسافات القصيرة الذين أعطي لهم عقار الأمفيتامين كانوا يسبحون أسرع من الذين تناولوا عقارات وهمية. كانت تلك الدراسة الأولى التي تُظهر أن للأدوية تأثيراً فيزيولوجياً على الجسم، مع الإشارة إلى أن الدراسات التالية أظهرت نتائج مشابهة.صحيح أن التحسّن في الأداء المتأتي عن الأمفيتامين بلغ نسبة 2%، إلا أنه كان كافياً لإحداث فارق في النتيجة، لا سيما في المسابقات العالية التنافس التي يُستعان فيها بالصور لتحديد الرابح نظراً إلى تقارب النتيجة. هكذا، منعت اللجنة الأولمبية الدولية في عام 1964 استعمال الأدوية المحفّزة للأداء الرياضي في الألعاب الأولمبية وأدخلت اختبارات لمراقبة الرياضيين، وراحت سائر المنظمات والهيئات الرياضية تحذو حذوها.ليست الألعاب الأولمبية في حقيقة الأمر سوى مثال صغير على السباق القائم بين الرياضيين الذين يتعاطون المنشطات والحكام.جرى استبعاد أول رياضي من المباريات لتعاطيه المنشطات خلال ألعاب مدينة مكسيكو الرياضية في عام 1968. اختار آنذاك الرياضي تعاطي مادة الإيثانول الموجودة عادةً في المشروبات الكحولية والتي يسهل إيجادها في البول. صحيح أن السباحين والعدائين قلّما يستخدمون هذا المنشط، إلا أنه يعدّ فاعلاً للغاية لأنه يساعد على إصابة الهدف بدقة عالية.على غرار ما يُسمّى بالعقاقير المخفّضة للنشاط، يبطئ الإيثانول معدّل نبضات القلب ويخفف هزّات العضلات كي لا يحيد الرياضي عن هدفه. كان السويدي هانس- هونر ليلجينوال قد تناول هذا العقار لتحسين أدائه الرياضي، ما أدى إلى استبعاده من المباريات.خلال الألعاب الأولمبية في ميونيخ في عام 1972، أدخلت اللجنة الأولمبية الدولية بعض الأدوات الكيماوية الجديدة مثل: تقنية التحليل اللوني للغاز وتقنية التحليل الطيفي.تقوم تقنية التحليل اللوني للغاز على تبخير بعض محتويات البول وتمريرها في أنبوب طويل حيث يتحرّك بعض المكوّنات أسرع من غيره. في طرف الأنبوب، يوضع جهاز التحليل الطيفي الذي يقوم بتأيين الكميات الناتجة من التحليل اللوني وبقياس نسبة الكتلة للشحنة الخاصة بها. يتأتى هذا الاختبار عادةً عن تركيبة كيماوية يمكن مقارنتها بتركيبات ناتجة من تحليل بعض عينات البول التي كانت تحتوي على أدوية معروفة محفزّة للأداء، للتحقق مما إذا كان الرياضي قد تعاطى المنشطات قبل المباراة.ساعدت هذه التقنيةُ اللجنة الأولمبية الدولية على فضح أمر سبعة رياضيين كانوا قد تناولوا مواد ممنوعة. أخذ بعضهم عقار الأمفيتامين، في حين اختار بعضهم الآخر مادة أو مادتين مشابهتين تدعيان فينمترازين وافيدرين. كذلك تناول راكبو دراجات مادة النيكيتاميد التي كانت اللجنة الدولية الأولمبية قد منعتها على عكس الاتحاد الدولي للدراجات.صحيح أن تقنيتي التحليل اللوني للغاز والتحليل الطيفي أداتان فاعلتان تساعدان على كشف حالات تعاطي المنشطات، إلا أنه على رغم ذلك ثمة حاجة إلى استعمال تقنيات أخرى للكشف عن الستيروييدات البنائية الإندروجينية التي تقلّد تأثير هرمون التستوستيرون وغيره من هرمونات في الجسم. في خمسينات القرن العشرين، بدأ الأطباء باستعمال هذه الستيروييدات لمعالجة المصابين بمرض الهزال لأنها تساعد على تقوية العظام وإعادة بناء الأنسجة في الجسم. لكن حينها، أدركت اللجنة الأولمبية الدولية أنها قدّمت للرياضيين طريقة غش جديدة تسمح لهم ببناء عضلات تفوق تلك الممكن الحصول عليها من خلال التمارين الرياضية. بخلاف الأدوية المحفّزة للنشاط البدني التي يتوجّب تناولها بكميات كبيرة لتكون فاعلة، ما يجعل عملية كشفها أسهل، لا تستطيع تقنيتا التحليل اللوني للغاز والتحليل الطيفي كشف الكميات الصغيرة من الستروييدات القادرة على تحسين أداء الرياضي.في عام 1972، اكتُشفت تقنية جديدة إلا أنها لم تستخدم في الألعاب الأولمبية التي نظمت في ميونيخ لأن الاكتشاف كان قد اكتمل بعد انتهاء هذه الدورة. طوّر رايموند بروكس وآخرون في مستشفى سانت طوماس في لندن اختبار المقايسة المناعية.يتولى دايفيد كوان إدارة مركز مكافحة المخدرات في جامعة كينغز في لندن ومختبر مكافحة المنشطات الذي سيشرف على الألعاب الأولمبية هذا العام في لندن، يشبّه هذا الاختبار بآلية تحتوي على قفل ومفتاح: يتمثل المفتاح في الستيروييدات الموجودة في البول، فيما تتمثّل الأقفال في بعض المكوّنات المحدّدة التي تُعرف بتفاعلها مع الستيروييدات والتي تضاف عادةً إلى عيّنة البول. تتسبّب كمية صغيرة من الستيروييدات بعملية تفاعل مع هذه المكوّنات كاشفة بذلك عن وجودها في البول.خلال دورة الألعاب الأولمبية في عام 1976، ساعد تحليل 1786 عيّنة بول على كشف 11 حالة تعاطي منشطات. شملت هذه الحالات ثمانية رافعي أوزان تعاطوا ستيروييدات بنائية فاز ثلاثة منهم بميداليات أجبروا في ما بعد على إعادتها. في الدورة الأولمبية التي عقدت بعد أربع سنوات في موسكو، حلّل الخبراء 1645 عيّنة ولم تُسجل أي حالة تعاطي للمنشطات. لكن بحلول موعد انعقاد الألعاب الأولمبية في لوس أنجلس في عام 1984، تبيّن أنه لم يسجّل أي حالة تعاطي خلال دورة موسكو لأن الرياضيين كانوا يعمدون إلى تناول الستيروييدات بكميات معتدلة يصعب كشفها. في الواقع، استبدلت الستيروييدات القديمة بأخرى جديدة لا يمكن كشفها. بالتالي، بدلاً من استعمال المواد الاصطناعية الشبيهة بالتستوستيرون التي يفضحها اختبار المقايسة المناعية، تحوّل الرياضيون إلى التستوستيرون الطبيعي. بما أن معدّلات هذا الهرمون تختلف كثيراً بين شخص وآخر، كان من المستحيل معرفة ما إذا كان الرياضي يغش أو إذا كانت معدّلات هذا الهرمون مرتفعة أساساً في جسمه.التستوستيرون الطبيعياكتشف باحثون بقيادة مانفرد دونيك من الجامعة الألمانية الرياضية وجود علاقة تناسب طبيعية بين معدّل التستوستيرون وهرمون آخر يُعرف بالإيبيتستوستيرون لدى الأشخاص الطبيعيين والأصحاء. بعد إحضار عيّنات البول التي كانت مخبأة في مكان آمن وتعود إلى المشاركين في دورة ألعاب موسكو الأولمبية لاختبار نسبة التستوستيرون إلى الإيبيتستوستيرون فيها، تبيّن أنها لم تكن خالية من المنشطات.لم يكن من الممكن آنذاك اتخاذ أي إجراء ضد الرياضيين لأن أصحاب العيّنات المخزّنة كانوا مجهولي الهوية. لكن في دورة الألعاب الأولمبية التي نظمت في عام 1984، اكتشفت 11 حالة تعاطي أدوية تحتوي على التستوستيرون أو على مواد شبيهة به، والتي لما كانت لتُكتشف لولا دراسة الدكتور دونيك. ولم يكن الرياضيون الأحد عشر من رافعي الأوزان.بحلول عام 1988، وجد الرياضيون طريقة تحايل أكثر دهاء من التقنيات القديمة. تتمثل هذه الطريقة في مدرّات البول التي تساعد الجسم على إخراج كمية كبيرة من الماء عن طريق البول، وتذوّب العيّنة وتصعّب عملية كشف مكونات المواد المنشطة. لكن هذه المرة، استبقت اللجنة الأولمبية الدولية الأمور، فقد حذّرت الرياضيين المشاركين في دورة الألعاب التي أقيمت ذلك العام في العاصمة الكورية سيول من استعمال مدرات البول واكتشفت طرقاً للكشف عنها.أظهرت التحاليل الطبية وجود مثل هذه المواد في بول أربعة رياضيين، ولم تستطع معرفة ما إذا كانوا قد تعاطوا أدوية محفّزة للأداء الرياضي، ولأن التحاليل أظهرت تناولهم أدوية مدرّة للبول كانت أساساً ممنوعة استبعدوا من الألعاب.بحلول التسعينات، توصّل مكافحو المنشطات إلى طرق قادرة على كشف المواد المحفّزة للنشاط البدني والمدرّة للبول والستيروييدات والهرمونات. لكن بعد تأسيس الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات في عام 1999 الرامية إلى إحباط محاولات تعاطي المنشطات في الرياضات كافة، لم تعد عملية كشف هذه المواد بالمهمة الصعبة.في الثمانينات، توصلت شركات الأدوية إلى طريقة لتصنيع هرمون الإريثروبويتين الذي يشارك عادة في تكوين كريات الدم الحمراء، ويمكن استعماله لرفع معدّلات كريات الدم هذه لدى المصابين بفقر الدم لتصل إلى مستوى طبيعي وصحي. إلا أن مسؤولي الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات تنبّهوا إلى إمكان استعمال الرياضيين لهذا الهرمون لأن ارتفاع كمية الخلايا الحمراء المسؤولة عن إيصال الأوكسيجين إلى الأعضاء سيزيد من قدرة الجسم على التحمل. في المقابل، لارتفاع عدد الخلايا الحمراء في الدم أثر سلبي يتمثل في سدّه الأوعية الدموية، وبالتالي التعرض لخطر الإصابة بالسكتات الدماغية أو بالفشل القلبي.صحيح أن استعمال الأدوية التي تحتوي على هذا الهرمون تجربة محفوفة بالمخاطر، إلا أن كثيراً من الرياضيين مستعدّون لخوض غمارها لقاء تحسين أدائهم والفوز بالمسابقات الرياضية.المؤامرات تتزايدخلال التسعينات، لم تتوافر فحوصات قادرة على التمييز بين الإريثروبويتين الطبيعي وذاك الاصناعي، ولم يكن احتساب معدّل الكريات الحمراء الموجودة في الدم طريقة ناجحة لأنه يختلف بين شخص وآخر.يحتوي دم معظم الناس من 40 إلى 45% من الكريات الحمراء، وقد تصل لدى البعض إلى 50% من دون أي عمليات تلاعب. وليس الاستناد إلى فحص يشير إلى أن دم الرياضي يحتوي على 51% من الكريات الحمراء بدليل قاطع على تعاطيه المنشطات؛ إذ قد يكون المشتبه فيه إنساناً محظوظاً تكثر لديه كمية الكريات الحمراء.قبل سنة على دورة ألعاب سيدني الأولمبية في عام 2000، حظيت اللجنة الأولمبية الدولية بمساعدةٍ من المختبر الفرنسي الوطني لمكافحة المنشطات ومن علماء في معهد الرياضة الأسترالي. طور الباحثون الفرنسيون اختباراً يفحص التركيبة الجزيئية الخاصة بمختلف أشكال الإريثروبويتين. صحيح أن جزيئاته مصنوعة من الأساس البروتيني نفسه، إلا أن المختبر الفرنسي لاحظ أن بعض السلاسل الجانبية يختلف بين الجزئيات الحقيقية وتلك الاصناعية. في الوقت عينه، ابتكر الباحثون الأستراليون فحصاً يدرس التغيرات التي تحصل في خصائص الدم، لا سيما الارتفاع الذي قد يطرأ على عدد الخلايا غير الناضجة (الخلايا الشبكية) الناتج من استعمال الإريثروبويتين.في عام 2003، اكتشفت الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات نسخة جديدة من هذا الهرمون تُعرف بـ CERA- Mircera. بخلاف الأدوية السابقة التي توجّب تناولها ثلاث مرات أسبوعياً والتي كان من الممكن كشف آثارها في البول، يؤخذ الدواء الجديد مرّة شهرياً وقلما يترك آثاره في البول. في هذا الإطار، قال مدير القسم العلمي في الوكالة أوليفيه رابين: «لعل هذا الاختراع كان أصعب تحدّ واجه الهيئات والجهات المكافحة للمنشطات». طلبت الوكالة المساعدة من شركة الأدوية السويسرية Roche التي كانت قد طوّرت دواء CERA- Mircera لاستعمالات طبية، وقد استغرقت عملية التوصل إلى طريقة تكشف هذا الدواء في الجسم فترة ثلاث سنوات.كمن الحلّ في إجراء فحص دقيق تُمزج فيه العينات السائلة بأجسام مضادة مبرمجة من الناحية الكيماوية الحيوية فتستطيع أن تلتصق بأي مادة تشبه الإريثروبويتين، وقد أُلصقت هذه الأجسام المضادة بمادة أخرى تصدر وهجاً أخضر عند احتكاكها بمادة الإريثروبويتين.للتأكد بشكل قاطع من أن الوهج ناتج من وجود دواء الإريثروبويتين بالذات، أُستخدمت نسخة معدّلة من اختبار السلسلة الجانبية الذي ابتكره المختبر الفرنسي علماً أن هذه العملية جاءت أطول وأكثر تعقيداً. قال الدكتور رابين: «كنا نعلم أن الرياضيين قد يعمدون إلى الطعن في الاتهامات الموجّهة إليهم، لذا كان لا بد لنا من التأكد من أن نتائجنا دقيقة بما فيه الكفاية لنستخدمها في الدعاوى القانونية».أعطى التعب الشاق ثماره، فخلال ألعاب بكين الأولمبية 2008، أُستبعد خمسة رياضيين من البطولة لتعاطيهم أدوية علقت على مستقبلات الإريثروبويتين. شكلت هذه العملية نقطة تحوّل بارزة في تاريخ فضح محاولات الغش الرياضية. ذكر رابين: «كانت هذه الحادثة خير دليل على أن التعاون مع شركات الأدوية قد يجعل أيام الغش في عالم الرياضة معدودة».لم تنتهِ القصة هنا، فالعمل مع شركات الأدوية لا يساعد على كشف حالات التعاطي التي لا تشمل استخدام الأدوية. تتمثل إحدى هذه الحيل الأساسية في عمليات نقل الدم. مفعول إعطاء الرياضي كمية إضافية من الكريات الحمراء التي ستزيد قدرته على التحمّل، شبيه بمفعول أدوية الإريثروبويتين باستثناء أن عمليه نقل الدم أسرع وأقل خطراً. يستطيع الرياضيون أخذ الدم من أشخاص يحملون فئة دمّهم أو فئة تتماشى معها.رداًَ على تطور طرق الخداع هذه، وجد الباحثون وسيلة تسمح بمعرفة ما إذا كان الرياضيون قد عمدوا إلى زيادة معدّل الكريات الحمراء في دمّهم عن طريق عمليات نقل الدم.عملية نقل الدم مثلاً من شخص فئة دمّه «O» إلى شخص يحمل الفئة «A» أمر طبيعي. حتى لو حقن رياضي ينتمي دمّه إلى الفئة الأخيرة نفسه بكمية دم من فئة «A»، سيبقى من الممكن معرفة أنه تلقى دماً من شخص آخر. دفع هذا الأمر رياضيين إلى حقن أنفسهم بكميات من دمائهم الخاص. مع أن هذه الفكرة قد تبدو غير مفيدة للوهلة الأولى، إلا أنها ليست كذلك في الحقيقة. فعبر استخدام الأدوات والتقنيات الصحيحة، من الممكن سحب الدم وتخزينه في الثلاجة لاستعماله لاحقاً. صحيح أن هذه التقنية قد تضعف خلايا الدم بصورة موقتة، إلا أن مستويات الدم تعود غالباً إلى معدّلها الطبيعي في غضون أيام قليلة بعد أن يتناول الرياضيون الطعام على نحو سليم ويأخذوا قسطاً من الراحة. هكذا، يستطيعون استخدام كميات الدم المخزنة بعد أشهر، تحديداً قبل موعد مسابقة كبرى للتزود بالطاقة وتحسين أدائهم.تتمثل التقنية الأحدث التي صُمّمت لمحاربة تناول المنشطات في جواز السفر البيولوجي. يشمل هذا المفهوم الجديد إخضاع الرياضيين لفحوصات طبية مستمرّة لمراقبة تسع خصائص أساسية للدم خلال فترة معيّنة. تسمح هذه التقنية بتحديد العلامات البيولوجية الاعتيادية الخاصة بهم. إذا كان معدّل كريات الدم الحمراء الموجودة في دم الرياضي 46% مثلاً، وتبيّن خلال إحدى المسابقات أنه ارتفع ليصبح 50%، سيفهم الحكام أن الرياضي قد اتبع حيلاً ملتوية لتحسين أدائه.إعداد رياضي أقوىصحيح أنه أصبح من الأسهل اليوم معرفة ما إذا كان الرياضيون يتعاطون المنشطات، إلا أنه ظهر في المقابل مزيد من المشاكل الأخرى. أكثر ما يواجهه اليوم مكافحو المنشطات هو التلاعب الجيني. تخشى الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات من أن يبدأ الرياضيون بتحسين أجسامهم عن طريق التلاعب بجيناتهم. مثلاً، قد يعمدون إلى استخدام فيروس ليدخلوا خلسةً إلى أجسامهم جيناً قادراً على إنتاج الإريثروبويتين أو على زيادة كمية الهورمونات التي تساعد على بناء العضلات. وقد توهم هذه التقنية خبراء مكافحة المنشطات بأن معدلات الهرمون أو كمية خلايا الدم مجرّد ميزتين من ميزات جسم رياضي خارق.لكن أظهرت الدراسات أن الفيروسات المستخدمة لتهريب الجينات إلى داخل الجسم تترك وراءها آثاراً يمكن كشفها. عليه، أصبح بالإمكان كشف تقنيات الغش الجيني.لكن يُرجح ألا تبقى الحال على هذا المنوال لفترة طويلة. في هذا الإطار، قال المدير الطبي في اللجنة الأولمبية الدولية باتريك شاماش: «واثق من أن العلم سيتوصل إلى اختراع فيروسات لا تترك آثاراً وراءها». واعتبر شاماش أن المهم في المسألة هو مراقبة سجل الرياضي الفيزيولوجي الإجمالي بواسطة جواز السفر البيولوجي. تابع: «بقينا نبحث لعقود عن أثر بسيط للمواد المنشطة، لكن بوجود هذه الأنواع من المنشطات لم تعد طرق الكشف التي توصلنا إليها كافية».لكن ماذا لو أقدم الرياضيون على التلاعب بجيناتهم في وقت مبكر من مسيرتهم المهنية، أي قبل أن يوضع لهم جواز سفر بيولوجي أو حتى خلال طفولتهم؟ أجاب شاماش: «وجود نسخة إضافية من جين أدخل إلى الجسم يخلّ بتوازن الأخير أياً كان عمر الإنسان، ويسفر عن خلل في تركيبته الكيماوية الحيوية». بتعبير آخر، أي تدخل عميق يترك أثره في الجسم}.كذلك أشار الدكتور رابين إلى أنه عندما بدأت الحرب بين الرياضيين المخادعين ولجنة مكافحة المنشطات خلال الفترة التي سبقت ألعاب نيو مكسيكو الأولمبية، كانت اللجنة تخشى من لجوئهم إلى الأمفيتامين، وأضاف: «تخطينا تلك المرحلة. اليوم، أصبحنا نخشى التلاعب الجيني. إلا أننا سنتخطى هذا الخوف أيضاً»، مشيداً بالتقدّم الواضح في العقود الستة الماضية.ختم رابين: «صحيح أننا لسنا متقدّمين على الرياضيين الغشاشين، إلا أننا نجحنا أخيراً في أن نلحق بهم ونصبح على المستوى نفسه».