النيابة العامة تفرج عن مقتحمي مجلس الأمة بكفالات وسط ترحيب نيابي وشعبي
في خطوة وصفها المراقبون بالجريئة وتصبّ في مصلحة تخفيف حالة الاحتقان السياسي التي تعيشها البلاد منذ اشهر عدة، أفرجت النيابة العامة صباح امس عن المواطنين الـ24 المحتجزين على ذمة قضية اقتحام مجلس الامة بكفالة مالية قدرها ألف دينار لكل شخص، وتم اطلاق سراح 22 محتجزا عصر اليوم من مبنى مجمع السجون في منطقة الصليبية، بينما تم التحفظ على محتجزين هما عبدالله الشلاحي، الذي ذكرت مصادر أمنية انه مطلوب على ذمة ثلاث قضايا مسجلة من قبل الإدارة العامة لأمن الدولة بحقه، منها قضية التعرض للذات الأميرية وأخرى حرق صور اعضاء الحكومة في تظاهرة نظمتها قوى المعارضة مطلع الشهر الماضي، كما تم التحفظ على المحتجز نواف المطيري لحين عرضه على هيئة الاستخبارات والامن في وزارة الدفاع كونه عسكريا في الجيش.
النشيد الوطنيوأمام مبنى مجمع السجون تجمع اهالي المحتجزين وعدد من نواب الامة في انتظار الافراج عنهم بعد ان دفع محاموهم قيمة الكفالات المالية في الادارة العامة لتنفيذ الاحكام، ومن ثم سلمو اوامر الافراج عنهم لإدارة السجن العمومي التي اتخذت اجراءات اخلاء سبيلهم حيث تم اطلاق سراحهم عند الساعة الرابعة عصرا وبعد ثلاث ساعات من الانتظار امام بوابة مجمع السجون، حيث خرج المحتجزون وهم يرددون النشيد الوطني قبل ان يعلنوا ان فرحتهم لم تكتمل بالافراج عنهم حتى يتم الافراج عن زميليهما الشلاحي والمطيري اللذين لا يزالان محتجزين بشكل تعسفي على حسب ما ذكروا لوسائل الاعلام التي احتشدت امام مجمع السجون.وقال الاعلامي انور الفكر "إن ما حدث في الكويت خلال الايام الخمسة الماضية درس يحتذى به في اللحمة الوطنية وتمسك الشعب الكويتي بمكتسباته الديمقراطية وكذلك تمسكه بشرعيته التي تجلت حكمتها في قبول سمو امير البلاد استقالة الحكومة لتبدأ البلاد مرحلة جديدة في عمر الديمقراطية ولو كانت هناك امنية يتطلع الشارع الكويتي الى تحقيقها فهي حل مجلس الامة، وإحالة الراشي والمرتشي الى القضاء لكي ينالا عقابهما ويصبحا عبرة لكل النواب القادمين الى مجلس الامة".وأضاف الفكر "ان المعتقلين تعرضوا لمعاملة سيئة اثناء احتجازهم في مبنى الادارة العامة للمباحث الجنائية"، لافتا الى ان ضباط المباحث كانوا يحققون معهم مدة ساعتين متواصلتين بحثا عن مطرقة الرئاسة، مشيرا الى انه وزملاءه نفذوا اضرابا عن الطعام منذ اليوم الاول لاعتقالهم واستمروا بهذا الاضراب ثلاثة ايام سقط خلالها عدد منهم بسبب الاعياء وتم نقلهم الى المستشفى قبل ان يتم تعليق الاضراب تجاوبا مع نداءات اهل الكويت، موضحا ان التعامل مع المحتجزين في السجن المركزي كان في قمة الرقي والانسانية، وان ادارة السجن تعاملت معهم كسجناء رأي.تعسفمن جانبه، قال المفرج عنه بدر الغانم: "إنني أتوجه بالشكر إلى عائلتي التي تحملت هذه الايام الصعبة، وأشكر أهل الكويت الذين وقفوا معنا في محنتنا"، لافتا الى انه يستغرب التعسف تجاهه وزملائه بدون إبداء اسباب في تطبيق اجراءات النيابة، التي كانت تهدف الى احباط عزيمة الشباب، الذين أثبتوا انهم اشد قوة وصلابة، لانهم كانوا يدافعون عن مكتسبات البلاد الديمقراطية، كما انهم كانوا يؤمنون بأنهم على حق ولابد للحق ان ينتصر حتى إن كان خلف القضبان.وأضاف الغانم أن "فرحة الإفراج لن تكتمل الا بالافراج عن زميليهما الشلاحي والمطيري، وكذلك برحيل مجلس الامة الذي اصبح عبئا ثقيلا على الشعب الكويتي"، مشيرا الى ان قرار سمو امير البلاد بإقالة الحكومة يعتبر انتصارا للديمقراطية وانتصارا لرغبة الشارع الكويتي الذي راهن الكثيرون على انه لن يحرك ساكنا، إلا ان الشباب الكويتيين حركوا الساكن ونجح في اسقاط الحكومة وكان هذا هو المطلب الرئيسي.صرخة مدويةمن جانبه، قال المفرج عنه عدنان الناصر: "إن ما حدث خلال الايام الماضية ما هو الا رسالة وصرخة مدوية من الشباب الكويتيين في وجه الفساد، وما هو الا بداية طريق الاصلاح"، لافتا الى ان فرحة الشباب بالافراج عنهم تعتبر منقوصة في ظل وجود مجلس الامة لأن الهدف الرئيسي من التحرك الشبابي هو اسقاط الحكومة والمجلس، والمطالبة بمحاسبة الراشي والمرتشي من نواب ووزراء، موضحا أن الشباب تعرضوا لضغوط نفسية خلال التحقيق معهم في النيابة العامة، حيث كانت فترة التحقيق تمتد من الساعة الخامسة مساء حتى السادسة فجرا.وأضاف الناصر "أنه وزملاءه تعرضوا أيضا للمضايقة اثناء وجودهم في مبنى المباحث الجنائية، حيث أصر رجال المباحث على احتجازهم في زنزانتين بواقع 12 معتقلا في كل زنزانة"، لافتا الى ان التعامل كان افضل وأرقى اثناء وجودهم في السجن المركزي، حيث كانوا مقسمين على 3 زنزانات"، مشيرا إلى أن "الزنزانة التي كنا محتجزين فيها يطلق عليها زنزانة الشعبي، نظرا لوجود المحتجزين المحسوبين على كتلة العمل الشعبي فيها".نصرة الدستورمن جهته، أكد المفرج عنه عباس الشعبي أن "الايام الماضية التي قضوها خلف قضبان السجن زادتهم قوة وإصرارا على المضي قدما لتحقيق المطالب كافة للشعب الكويتي الحر الأبي، الذي لا يرضى بالذل والهوان، إضافة إلى تحرير البلاد من براثن القبيضة والمرتشين الذين باعوا الكويت، وضحوا بالبلاد والعباد لخدمة مصالحهم الشخصية الضيقة". ووجه الشعبي حديثه الى رئيس مجلس الامة جاسم الخرافي بالقول "ارحل عنا واترك الديرة التي خربتها بمساندتك المستمرة للحكومة، وأخيرا سجنك لشبابنا الاحرار، الذين لم ترض التنازل عن بلاغك ضدهم"، مؤكدا ان "الشعب الكويتي حر ولا يخاف السجن، إن كان في سبيل اعلاء كلمة الحق، ونصرة الدستور والقانون".اعتذارنيابياً، رحب عدد من اعضاء مجلس الامة بقرار النيابة العامة الإفراج عن المتهمين في قضية اقتحام المجلس، إذ قال النائب أحمد السعدون: "إنه بعد الإفراج عن الأحرار على رئيس واعضاء مكتب مجلس الامة سحب شكواهم او بلاغهم المقدم ضد المواطنين قبل أن يتعذر عليهم ذلك"، مؤكداً ان ما قام به المكتب ضد المواطنين خطيئة لا تغتفر.أما النائبة د. أسيل العوضي فباركت للشعب الكويتي للإفراج عن المحتجزين، مؤكدة أنه حان الوقت لوضع معايير محددة للحبس الاحتياطي لمنع التعسف فيه، مشددة على استثمار هذه القضية لتعديل قانون تلك الإجراءات.وقالت العوضي "إن هناك قانونا لتعديل الحبس الاحتياطي في النيابة على جدول أعمال المجلس، لاسيما أن وضع حلول تشريعية حقيقية بات ضرورة ملحة لمنع تكرار التعسف في الممارسة"، متمنية سماع خبر ملاحقة الراشين والمرتشين بفارغ الصبر، مثلما كانت تنتظر سماع خبر الإفراج عن المحتجزين.وذكرت أنه بعد قضية حبس محمد عبدالقادر الجاسم تقدمت بتعديل على قانوني المطبوعات والمرئي والمسموع لإلغاء عقوبة الحبس في قضايا الرأي، كما تقدم الاخوة النواب في كتلة العمل الشعبي بتعديل حول موضوع الحبس الاحتياطي، إلا أن التعديلين ظلا في أدراج اللجان، ولا يوجد ضمان بعدم تكرار مثل هذه الممارسات ما لم تقر تعديلات على تلك القوانين، وهنا يأتي دور نواب الأمة.مجلس القبيضةبدوره، قال النائب حسن جوهر "إن قرار الإفراج عن المعتقلين حكيم ومستحق"، مؤكدا أنه طالب بعدم حبس أي مواطن كويتي بسبب قضايا الرأي والمواقف السياسية، لأن ذلك من ظواهر الدولة البوليسية المرفوضة، مشيرا إلى أنه سبق أنه تقدم وزملاؤه النواب باقتراح بقانون في هذا الشأن، ونتمنى أن يرى النور قريبا.أما النائب مسلم البراك فهنأ ذوي المواطنين المفرج عنهم من النيابة العامة، قائلاً "نهنئ أنفسنا بالإفراج عن أبطال الدستور وحماته ونقول لهم أنتم أحد أهم أسباب سقوط حكومة الفساد وستكونون أحد أسباب حل مجلس القبيضة قريباً بإذن الله". ورحب النائب مبارك الصيفي بقرار الإفراج، متطلعا إلى حفظ القضية، لأن موقف هؤلاء الشباب كان سياسياً من أجل الكويت، ومساهمتهم واضحة في الوصول إلى هذه المرحلة بعد سقوط الحكومة.من جانبه، بارك النائب شعيب المويزري القرار، متمنيا أن يصدر قرار آخر يثلج صدور أهالي الكويت وأسر هؤلاء الشباب بحفظ القضية في أقرب وقت، لأنها قضية سياسية بامتياز وليست فيها أي شبهة جنائية، مؤكداً أن دخولهم المجلس لم يكن لتخريبه أو سرقة محتوياته، بل كان لإيصال رسالة سياسية إلى أصحاب القرار.على البلد السلاممن جانبه، هنأ النائب خالد الطاحوس المحتجزين المفرج عنهم قائلاً "أهنئ الكويت قاطبة بخروج قائمة الشرف الوطنية من المعتقل، ونقول للشباب الأحرار أنتم من صنعتم الحدث وأسقطتم حكومة الفساد والمفسدين وفرحتنا وفرحتكم ستكتمل بسقوط هذا المجلس المشوه بوجود القبيضة".وبارك النائب صالح عاشور لأهالي المتهمين الإفراج وخروج أبنائهم من السجن، متمنيا أن تكون حادثة اقتحام مجلس الأمة درسا لا ينسى، لأنها تعد على المؤسسة التشريعية رمز الديمقراطية في الكويت.وقال عاشور "إن التجمهر أمام قصر العدل والضغط السياسي على النيابة العامة سابقة خطيرة سوف تتكرر في قضية أخرى وليس للحكومة أو الداخلية منعه"، مشيرا إلى أن إدخال القضاء في الصراعات السياسية بداية انهيار دولة المؤسسات، مخاطبا النظام "خسرتم ثقة الشارع من الحكماء والعقلاء... وعلى البلد السلام".