دربك خضر !

نشر في 11-08-2011
آخر تحديث 11-08-2011 | 22:01
من الغريب أن الجهات المعنية إلى الآن لم تحرك ساكناً تجاه تهديد نائب لسفير دولة بالقتل ضارباً عرض الحائط بكل الأعراف الدبلوماسية والقانونية! فإذا كان التهديد بالقتل لا يستحق الملاحقة قضائياً فأي موضوع يستحق الملاحقة إذن؟
 حسن مصطفى الموسوي قلنا من قبل إن رضوخ الحكومة للصراخ والصوت العالي يشجع المؤزمين والمتطرفين على الاستمرار بهذا الأسلوب، ورغم وضوح هذه الظاهرة وعواقبها فإن الحكومة مستمرة في منهج الخضوع، وآخر مثال على ذلك موقفها بشأن ما يجري في سورية.

في البداية أود أن أشير إلى أنه ليس موضوعنا اليوم ما يجري هناك، فذلك أمر آخر، خصوصاً أن كثيرين ممن يحاولون أن يكونوا شرفاء روما اليوم هم أنفسهم الذين أيدوا بل وحرضوا على القمع والقتل في دولة عربية أخرى. لكن موضوعنا هو أسلوب تعاطي الحكومة مع الملفات بشكل عام، وهو أسلوب يشجع من لديه مطالب على التطرف واستخدام وسائل الضغط والصراخ والعويل.

فإن كانت الحكومة فعلاً مؤمنة بموقفها الأخير تجاه الأحداث السورية، فحري بها إعلان ذلك منذ البداية وليس بعد أن نزل المتناقضون إلى الشارع وأطلقوا حناجرهم بكل ما هو متطرف وآخرها التهديد بالقتل. أعرف أن الحكومة ستبرر موقفها الآن بالموقف الخليجي خصوصاً السعودي، فمثلما قال أحد المغردين: (ما إن تتخذ السعودية موقفاً حتى تعمل حكومتنا «ريتويت»)! لكن المؤزمين والمتطرفين لدينا لن يفهموها هكذا، بل سيفسرون ذلك بأنه خضوع لتصعيدهم، وهو ما سيشجعهم على المضي في هذا الأسلوب.

وبعد اتخاذ الحكومة لموقفها الأخير أتوقع أن الخطوة التالية ستكون إعادة الخطباء الموقوفين إلى مواقعهم وترك الحرية لهم لقول ما يشاؤون حتى إن كان ذلك ضد السياسة العامة للدولة وخارجاً على أمور الدين كما أتحفتنا وزارة الأوقاف. وربما تطرد الحكومة السفير السوري تفادياً لتهديد فيصل المسلم بإحداث أزمة سياسية، ولمَ لا مادامت الحكومة تضخم أحجام نمور الورق ليصبحوا شوارتسكوف وأيزنهاور. وبعد كل هذا التنازل وذاك الخضوع ستشتكي الحكومة من تدني الخطاب ومن التأزيم ومن التطرف الذي أثبت أنه السلاح الناجح لتحقيق المطالب!

والغريب أيضاً أن الجهات المعنية إلى الآن لم تحرك ساكناً تجاه تهديد نائب لسفير دولة بالقتل ضارباً عرض الحائط بكل الأعراف الدبلوماسية والقانونية! فإذا كان التهديد بالقتل لا يستحق الملاحقة قضائياً فأي موضوع يستحق الملاحقة إذن؟ وما دام هو آمناً من العقوبة فلا تستغربوا أن يمضي بأجندته الخاصة التي كشف عنها جلياً وتهديد كل من لا يدخل مزاجه، فمن أمن العقوبة أساء الأدب، ومن يُسىء الأدب يودِ بالبلد.

back to top