سينما الثورة والفيلم الثوري والفيلم الغاضب

نشر في 18-07-2011
آخر تحديث 18-07-2011 | 00:01
No Image Caption
 محمد بدر الدين يمكن أن نفرّق بين «فيلم الثورة»... و{الفيلم الثوري»... وأيضاً ما قد نطلق عليه «الفيلم الغاضب».

أفلام الثورة هي التي تعرض لوقائع ثورة معينة، سواء اتخذت موقفاً إيجابياً أو سلبياً إزاءها. وإذا أخذنا «ثورة 23 يوليو{ 1952 في مصر مثالاً، نجد أفلاماً تناولت وقائعها وكان لها موقف إيجابي منها من بينها: «رد قلبي» إخراج عز الدين ذو الفقار عن رواية يوسف السباعي، «الله معنا» إخراج أحمد بدرخان وكتابة إحسان عبد القدوس، «ناصر 56» إخراج محمد فاضل وكتابة محفوظ عبد الرحمن.

ثمة أفلام أخرى اتخذت موقفاً سلبياً من «ثورة 23 يوليو{ إما من منطلق أو منطق رجعي للقوى المضادة للثورة، أو من منطلق أو منطق يساري أو تقدّمي نقدي يختلف مع الثورة ولا يعادي التغيير الثوري.

من نماذج سينما القوى المضادة للثورة الأفلام التي كتبها ممدوح الليثي عن روايات لنجيب محفوظ، محولاً إياها من أعمال تتناول ثورة يوليو برؤية نقدية إلى أفلام معادية للثورة، من بينها: «ميرامار» إخراج كمال الشيخ، «ثرثرة فوق النيل» إخراج حسين كمال.

ثمة أفلام أخرى تنتقد الثورة وتختلف معها من منطلق يساري وليس من منطلق الثورة المضادة المعادي، مثل «عودة الابن الضال» ليوسف شاهين و{سرقات صيفية» ليسري نصر الله.

أما الفيلم الثوري، فهو لا يجسّد بالضرورة وقائع أو أحداث ثورة معيّنة، إنما يعبّر عن رؤية ترى ضرورة الثورة كوسيلة لا سبيل غيرها للتغيير. فالثورة هي تغيير المجتمع جذرياً وبشمولية، وحينما يجد الفنان أو المفكّر أن النظام القديم بات لا يحتمل الترميم أو «الترقيع» (أي الإصلاح) ينحاز إلى الهدم والبناء من جديد، أي الرؤية الثورية وليست الإصلاحية.

من هذه الأفلام: «القضية 68» إخراج صلاح أبو سيف عن مسرحية لطفي الخولي، الذي أطلق في نهايته صيحته المتكرّرة المدوية: «هدّها ياعم منجد.. وابنيها من جديد!» معبراً عن موقف مفاده أن البناء فيه من الشروخ ما لم يعد يجدي معه ترميم، وإنما لا بد من تغيير جذري ثوري.

ومن أفلام السينما المصرية المهمة، التي لا تصوّر وقائع ثورة معينة بل تعبر عن رؤية قوامها أن الثورة هي الطريق والوسيلة والحلّ لإنهاء الأوضاع المتردية الظالمة التي تفتك بالوطن والمواطن: «السوق السوداء» لكامل التلمساني، «الفتوة» و{القاهرة 30» و{البداية» و{المواطن مصري» لصلاح أبو سيف، «صراع الأبطال» و{المتمردون» و{يوميات نائب في الأرياف» لتوفيق صالح، «صراع في الوادي» و{الأرض» و{هي فوضى؟» ليوسف شاهين، «عودة مواطن» لمحمد خان، «الطوق والإسورة» لخيري بشارة، «البريء» لعاطف الطيب، «مواطن ومخبر وحرامي» لداود عبد السيد، «سمع هس» لشريف عرفة، «جنينة الأسماك» ليسري نصر الله، «ليلة سقوط بغداد» لمحمد أمين وغيرها.

تذهب المعالجة الدرامية والرؤية الفكرية في هذه الأفلام إلى موقف ثوري من الواقع، أي ترى ضرورة تغييره جذرياً، لأن التغيير الجزئي والسطحي لن يجدي نفعاً.

أما الفيلم الغاضب أو سينما الغضب المكتوم، إذا جاز التعبير، فيعبّر عن غضب عارم ضد ما آل إليه الواقع من مظالم، لكنه يكاد يقف عند هذا الحدّ، ولا يشير إلى أن الخلاص في الثورة الكاملة الشاملة.

من ذلك: «بداية ونهاية» لصلاح أبو سيف عن رواية نجيب محفوظ، «أهل القمة» لعلي بدرخان عن قصة محفوظ أيضاً، «سوبر ماركت» لمحمد خان، «عمارة يعقوبيان» إخراج مروان حامد عن رواية علاء الأسواني، «بنتين من مصر» إخراج محمد أمين وتأليفه وغيرها...

هكذا، أفلام تعبّر عن غضب شديد، وأفلام تعبّر عن غضب وضرورة سلوك طريق الثورة، وأفلام تعبّر عن رؤية (مع أو ضد) لوقائع الثورة ومسيرتها ومسارها.

back to top