الفيل كبر يا ناس

نشر في 26-10-2011
آخر تحديث 26-10-2011 | 00:01
No Image Caption
 يوسف عبدالله العنيزي دماء تسيل، وأطفال تقتل، وفتيات تقطّع أوصالها، وحرمات تنتهك، ومنازل تهدم، وأسر تشرد وتهجر من أوطانها، ماذا حدث؟ وأين الغيرة على الأوطان وأهلها؟ وأين النخوة؟ وأين المروءة؟ أكل هذا يحدث من أجل الاحتفاظ بالحكم حتى لو كان على أشلاء وقتلى؟ هذا ما يحدث في دول الجوار من حولنا، وهذا ما يدفعنا إلى أن نقف مع أنفسنا وبحزم لنتساءل: ألا يحق لنا ونحن نرى قادة تلك الدول من حولنا، وهم يطاردون شعوبهم بالدبابات والصواريخ والمدرعات من شارع إلى شارع، ومن "زنقة" إلى "زنقة" ونرى أميرنا وقائدنا وهو يتابع شعبه من ديوانية إلى ديوانية ومن منطقه إلى أخرى يرد لهم التهاني بمناسبة حلول شهر رمضان الماضي... ألا يحق لنا أن نرفع أيدينا بالدعاء للبارئ عز وجل حمدا وشكرا على نعمة الأمن والأمان؟

ولنا أن نتساءل بحزم: لماذا هذا التجمع والتجمهر والحشد؟ أليس هناك تقدير لما يدور حولنا من أحداث لا أحد يعرف نتائجها وإلى أين ستصل؟ وما تأثيراتها فينا؟ أهان علينا هذا الوطن الغالي الذي بناه الأجداد وعضوا عليه بالنواجذ لأكثر من ثلاثمئة عام لنأتي اليوم بالتبشير بزواله وانهياره؟ أليس هذا هو النظام الذي ارتضيناه وحرصنا عليه؟

لا شك أن أغلبنا زار دول العالم ومناطقها، فلم نشهد نظاما يشابه نظامنا بقربه والتصاقه بشعبه، فلم يسجل التاريخ في أي فترة من الزمن أن حكم الكويت دكتاتور أو حاكم اتصف بالاستبداد والظلم.  بل إن حكامنا يعيشون بيننا لا في قصور محاطة بسياج يفصل بينهم وبين شعبهم، بل يشاركوننا أفراحنا وأتراحنا. ما أحوجنا في هذه الفترة الحرجة من تاريخ المنطقة أن نكون سورا يحمي كويتنا الغالية من عاديات ما يدور في الجوار.

ولنا فيما حدث في الثاني من أغسطس عام 1990 درس قاس عندما فقدنا الوطن الغالي خلال ساعات، وفقدنا الأمن والأمان، وعرفنا قيمة ما كنا فيه من نعمة مصداقا لقول رسولنا الكريم: "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ"  فمضت علينا سبعة شهور عجاف، وأكثر ما عانى فيها أهلنا الصامدون، "فما يونس النار إلا واطيها".

فكان تكاتفنا وتعاضدنا وإجماعنا على بيعة آل الصباح الكرام في مؤتمر جدة سلاح دحر العدو، وجمع العالم من حولنا حتى أشرقت شمس الحرية من جديد على بلدنا، فلتكن الدعوة إلى الهدوء والعمل بالحكمة والعقل مقياسا لحبنا وتقديرنا لهذه الأرض الطيبة التي لم تبخل علينا بالخير.

نعم هناك قصور وتراخٍ وأزمات وممارسات خاطئة أدت إلى إهدار الملايين أخذها البعض بدون وجه حق، ولكن لمعالجة ذلك هناك سبيل في قاعة "عبدالله السالم"، حيث يعبر ممثلو الشعب عن رأي الشعب، فالخوف كل الخوف أن تتولى الجماهير القيادة بما عرف عنها من اندفاع وتدفق في المشاعر وفقد السيطرة كما حدث في الإدارة العامة للمطافئ، ولنا فيما يحدث في المدن العربية عظة ودرس.

في مسرحية "طماشة"، وهي من المسرحيات الخليجية الخفيفة والناقدة للأوضاع في دول الخليج، أغنية جميلة يؤديها ممثلو المسرحية، وكلماتها بسيطة ومعبرة... حيث تقول:

"أكو واحد هدوله فيل       ما عنده مكان يشيل

خلاه بالفريج يدور          يحليله فيل صغير

الفيل كبر يا ناس             قام يكسر ببيتي

قلت أنا أروح أشكيله       أقوله فيلكم شيله

جاني اليوم يتعذر           يقولي خوي سامحني

ترى أنا الفيل يغلبني       ما أقدر أنا أشيله...

فيلكم هذا ما أقدر أنا أشيله"

يا ترى: كم فيلا عندنا في الكويت؟ وما أنواعها وأحجامها وأهدافها ومنا إلى من يستطيع شيلها أو ترويضها.

حفظ الله الكويت وقيادتها وشعبها من كل مكروه.

back to top