Real Steel... طابع بشريّ للرجال الآليين
استعمل «الفولاذ الحقيقي» (Real Steel) رجالاً آليين حقيقيين. لكن لا شكّ في أن هذا الفيلم استعان أيضاً برجال آليين يتم التحكّم بهم عبر أجهزة الكمبيوتر. تدور القصّة حول الملاكمين الآليين في المستقبل القريب. لكن لتصوير معظم المشاهد خارج إطار مباريات الملاكمة نفسها، بنى فريق عمل الفيلم 26 مجسّماً (ونصف) وقد وصفتها المقالات الصحافية بعبارة «الرجال الإلكترونيون المتحرّكون».يؤدّي أنتوني ماكي دور منظِّم مسابقات الملاكمة إلى جانب هيو جاكمان، صاحب رجل آلي ضعيف. يقول ماكي بكل دهشة: «المهم أنهم كانوا مجرّد رجال آليين بغضّ النظر عن نوعهم... وانتهى الأمر!». ويضيف ضاحكاً: «صحيح أنهم ليسوا مستقلّين في تحرّكاتهم بل يتم التحكّم بهم، لكنهم كانوا رجالاً آليين بأحجام ضخمة ويستطيعون التحرّك. يصعب التركيز على أي شخص حين نشاهد رجلاً آلياً عملاقاً خلفه وهو يتطلّع من حوله ويحرّك يديه! في المشهد الأول، حين يأتي هيو إليّ ليطلب مني تنظيم مباراة ملاكمة (ليشارك فيها رجله الآلي)، كنا نتحدّث بشكل طبيعي إلى أن تحرّك الرجل الآلي باتجاهه ووقف خلفه وكان أطول قامة منه. وفي كل مرة أردتُ فيها التفوّه بجملتي، كنت أشعر بالذعر!».
قال جاكمان في مؤتمر صحفي مخصّص للترويج للفيلم: «لا يمكن وصف ما حصل حين رأيتُ تلك الآلات للمرّة الأولى... ثمة صورة تجمعني مع داكوتا (الطفل داكوتا غويو، 10 سنوات، هو الذي يشاركه بطولة الفيلم بدور ابنه)... حين شاهدنا الرجال الآليين، بدونا نحن الاثنين كأطفال في العاشرة... إنه أمر غريب في عالم الأفلام حيث اعتدنا تصوير المشاهد الخيالية في الاستوديو أمام خلفيّة خضراء قبل أن تُركَّب المشاهد لاحقاً. لكن هذه المرة، طلب المنتج المنفّذ ستيفن سبيلبرغ من المخرج شون ليفي أن يضمّ الفيلم عناصر حقيقية حين يكون ذلك ممكناً. عموماً، إذا كان الرجل الآلي لا يتجوّل ولا يلاكم، فهو حقيقي».خيال علمي ما يثير السخرية هو أنّ هذا الحضور الآلي الملموس يمنح طابعاً بشرياً للآلات العملاقة بطريقة لا نجدها في الرجال الآليين الشبيهين بالرسوم المتحرّكة في فيلم «المتحوِّلون» (Transformers) مثلاً. وتترافق هذه الميزة مع الحفاظ على موضوع القصّة من دون المبالغة في استعمال المظاهر التكنولوجية، بل التركيز على قصة الأب والابن التي يتمحور حولها هذا الفيلم العائلي الذي يدخل في خانة الخيال العلمي.يقول ليفي (أحد أعماله سلسلة أفلام «ليلة في المتحف» Night at the Museum): «كان ستيفن سبيلبرغ يطوِّر هذا المشروع طوال ثماني سنوات. حين قابلتُ ستيفن، أخذتُ مجازفة كبرى وقلتُ له: «اسمع يا ستيفن، كنتَ تحاول إنتاج هذا الفيلم منذ فترة طويلة» – كان اسم المخرج بيتر بيرغ مطروحاً سابقاً وأنا أحب أعماله فعلاً وأتمنى له الأفضل. ثم طرحتُ نمطاً جديداً للعمل: لن يدور الفيلم حول الرجال الآليين بل سيتناول قصة إنسانية تقليديّة عن أب يحاول تجديد علاقته بابنه».هذا التوجّه مختلف طبعاً عن جوهر العمل الأصلي، أي القصة القصيرة التي ألّفها ريتشارد ماثيسون البارع في قصص الخيال العلمي وحملت عنوان «الفولاذ» (Steel)، وكانت قد نُشرت في عدد من مجلّة الخيال العلمي في مايو 1956 – في بداية العرض، يذكر العمل أن الفيلم «مقتبس جزئياً» عن تلك القصة. يقول ليفي إن ماثيسون شعر بالحماسة عند رؤية قصّته تتّخذ أبعاداً موسّعة لهذه الدرجة، وكان ماثيسون نفسه قد اقتبس قصة «الفولاذ» لإنتاج برنامج بعنوان «منطقة الشفق» (The Twilight Zone) في عام 1963. وفي هذه القصة، يحضر الملاكم السابق ستيل (لي مارفن) المفلس واليائس وشريكه بول (جو مانتيل)، الرجلَ الآلي «ماكسو» إلى حلبة صغيرة في ماينارد، كانساس، حيث يضطر «ستيل» إلى التخفّي ودخول الحلبة لمحاربة رجل آلي بعد تعطُّل «ماكسو».يحافظ فيلم «الفولاذ الحقيقي» على جوّ الوسط الغربي والبيئة التقليدية التي تطبع القصة الأصلية، ويؤدي فيه جاكمان دور تشارلي كانتون المفلس واليائس، ملاكم سابق كان يمكن أن يصبح منافساً قوياً، لكنه وجد نفسه خلال الصيف مع ابنه الصغير ماكس الذي كان بعيداً عنه. ثم يتبيّن أن الطفل يتمتّع بمهارة عالية، وبعد أن ينقذ رجلاً آلياً معطلاً من القمامة، يقرّر هو ووالده تحويل كدسة من المعادن إلى مقاتل آلي اسمه «أتوم» – وتكون فرصته ضئيلة جداً في التفوّق على بطل مسابقة الرجال الآليين العالمية «زوس».صوَّر ليفي الفيلم في ديترويت ومواقع أخرى في ميشيغن، منها مبنى «هايلاند بارك 1909»، ويقول إنه لا يتوقّع أن يكون النقّاد ألطف في تقييمهم لـ{الفولاذ الحقيقي» مما كانوا عليه في سلسلة أفلام «ليلة في المتحف» التي حققت نجاحاً كبيراً على شباك التذاكر.ويختم ليفي قائلاً: «من الرائع أن نحصل على تقييم جيّد من النقاد ونحصد إيرادات عالية على شباك التذاكر. لكنني حاولت صنع فيلم حماسي بالطريقة التي كانت عليها الأفلام في شبابي – مثل أعمال سبيلبرغ وزيميكيس القديمة- بمعنى عدم الشعور بالإحراج عند الكشف عن بعض النواحي العاطفية».في النهاية، ماذا سنصبح من دون عواطف؟ مجرّد أشخاص آليين، أليس كذلك؟!