خطاب الأسد الثالث يجدول وعوده الإصلاحية والمعارضة تتظاهر وتتمسك بـ إسقاط النظام
كرر الرئيس السوري بشار الأسد في خطابه الثالث منذ بدء الانتفاضة الشعبية ضد حكمه في مارس الماضي إعلان رزمته الإصلاحية، كما جدد التزامه مبدأ "الأمن أولاً" مؤكداً أنه لا إصلاح في ظل عدم استقرار الأوضاع، بينما رفضت فصائل المعارضة السورية على اختلاف مشاربها خطاب الأسد جملة وتفصيلاً متعهدة بمواصلة الانتفاضة حتى إسقاط النظام القائم.
جوبيه يرى أن الرئيس السوري وصل إلى «اللاعودة» وأنقرة تمهله أسبوعاً قبل «رفع الغطاء»في خطاب هو الثالث من نوعه منذ بدء الانتفاضة الشعبية المطالبة بالحرية والديمقراطية في سورية منتصف شهر مارس الماضي، ألقى الرئيس السوري بشار الأسد أمس خطاباً في جامعة دمشق، جدّد خلاله التذكير بـ "رزمة الإصلاحات" التي تحدث عنها سابقاً، متطرقاً هذه المرة إلى مزيد من التفاصيل وإلى جدول زمني يصل إلى خمسة أشهر لتنفيذها.
وتمسك الأسد في الخطاب الذي استمر أكثر من ساعة بنظرية تعرض بلاده لمؤامرة خارجية، بسبب موقعها الجغرافي ومواقفها "المبدئية"، وتحدث مجدداً عن وجود "مخربين" و"تكفيريين" اندسوا في التظاهرات الاحتجاجية، ملقياً اللوم عليهم في الأوضاع الأمنية التي تعيشها البلاد.وقسّم الرئيس السوري المشاركين في التظاهرات والاحتجاجات المتصاعدة في البلاد إلى ثلاثة أقسام: أصحاب المطالب والخارجين عن القانون والتكفيريين، منبهاً إلى أن أصحاب الفكر التكفيري هم الأكثر خطورة، وقد "شوهوا صورة الوطن خارجياً وفتحوا الأبواب، بل دعوا إلى التدخل الخارجي".وأعاد التذكير بالخطوات الإصلاحية التي أعلنت سابقاً، وهي رفع حال الطوارئ، وإلغاء محكمة أمن الدولة، وإصدار قانون تنظيم التظاهر، وتشكيل لجنة لإعداد مسودة لقانون جديد للانتخابات، ولجنة لإعداد التشريعات لمكافحة الفساد، وبدء ورشة لتحديث وعصرنة الإعلام، وتشكيل لجنة لدراسة قانون جديد للأحزاب، لكنه وعد بتوسيع "قانون العفو" الذي أصدره قبل أسابيع، وفتح الباب أمام "إجراء مراجعة للدستور، سواء لتعديل بعض مواده أو لإقرار دستور جديد يواكب المتغيرات.ووضع الأسد كل هذه الإصلاحات على عاتق الحوار الوطني، قائلاً إن الهيئة التي شكلها للإشراف على الحوار "قررت أن تجري اجتماعاً تشاورياً خلال الأيام المقبلة تدعو فيه أكثر من مئة شخصية تتشاور معها بشأن المعايير والآليات، بعدها يبدأ الحوار مباشرة ويتحدد جدول زمني. لنقل إن مدة الحوار شهر أو شهران، حسب ما يرى المشاركون في الجلسة التشاورية".وأشار إلى أنه إذا لم تؤجل انتخابات مجلس الشعب في شهر أغسطس المقبل، فـ"إننا قادرون على إنجاز هذه الحزمة حتى نهاية أغسطس أو أول سبتمبر"، لكنه استدرك قائلاً: "إن موضوع تعديل الدستور يحتاج إلى مجلس شعب"، ما يعني أن "كل الحزمة تنتهي قبل نهاية العام أي خلال 5 أشهر". في المقابل، اعتبرت "لجان التنسيق المحلية"، التي تضم بعض ناشطي الحركة الاحتجاجية في سورية، أن خطاب الأسد "يكرس الأزمة"، معلنة استمرار "الثورة حتى تغيير النظام". وأشارت الناشطة السورية سهير الأتاسي العضو في "المجلس الوطني السوري"، الذي أعلن تشكيله أمس الأول، أن خطاب الأسد "لا يرقى إلى مستوى الأزمة"، مضيفة: "التظاهرات ستتأجج، والنظام سيسقط"، أما جماعة "الإخوان المسلمين" المعارضة المحظورة فقد وصفت خطاب الأسد بأنه مخيّب للآمال، ولم يأت بجديد، ويؤكد "أن الحل الأمني مازال مستمراً".ونظمت تظاهرات مناهضة للنظام في مدن عدة في سورية بعد كلمة الأسد، كما سير الموالون تظاهرات مؤيدة.دولياً، قالت وزارة الخارجية الأميركية تعليقاً على خطاب الأسد أنها تنتظر أقوالاً لا أفعالاً. وفي لوكسمبورغ، جدد وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي أمس تأكيدهم أن الاتحاد "يعد بدأب لتوسيع إجراءاته التقييدية من خلال خطوات إضافية، مستهدفاً تحقيق تغيير جوهري لسياسة القيادة السورية دون تأخير"، وقال دبلوماسيون من الاتحاد إنهم يتوقعون صدور قرار بتوسيع العقوبات على دمشق هذا الأسبوع.وعلق وزير الخارجية الفرنسي ألان جوبيه على خطاب الأسد بقوله إن الرئيس السوري "وصل إلى نقطة اللاعودة"، بينما اعتبرت المنسقة العليا للشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون "أن الخطاب مخيب للآمال".من ناحيته، اعتبر وزير الخارجية الألماني غيدو فيسترفيله أن خطاب الأسد يبرهن أن الرئيس السوري «غير قابل للتعلم».إلى ذلك، أعلن المسؤول التركي ارشاد هرمزلو مستشار الرئيس التركي عبدالله غول مساء أمس الأول أن أمام الرئيس السوري أقل من أسبوع لتفعيل الإصلاحات السياسية التي وعد بها منذ فترة، ويطالب بها المحتجون قبل بدء تدخل أجنبي.وقال هرمزلو لقناة العربية الفضائية: "المطالب ستكون رداً إيجابياً على هذه القضايا، في غضون فترة وجيزة لا تتجاوز أسبوعاً"، مضيفاً: "إذا حدث عكس ذلك فسيتعذر توفير أي غطاء للقيادة في سورية، لأن هنا مكمن الخطر... الذي نخشاه دوماً ألا وهو التدخل الأجنبي".(دمشق، أنقرة - أ ف ب، رويترز، د ب أ، يو بي آي)