كيف تستعدّين لتكوني جدّة؟
لا شكّ أن خبر اقترابك من أن تكوني جدّة يدخل الفرح الى قلبك، لكنّه في الوقت نفسه قد يسبّب لك الاكتئاب خصوصاً أنه يعني الانتقال من مرحلة الشباب الى خريف العمر. وقد يشعر بعض النساء بالانزعاج لمجرّد أن يناديهن أحدهم بلقب «جدة».«حين أخبرني صهري بولادة حفيدتي منيرة، شعرت فجأة أن حياتي تفلت من بين يدي»، تعلّق فرح العجمي (63 سنة) بابتسامة خجولة. وتتابع: «لا أدري لمَ شعرت في تلك اللحظة ببعض الانزعاج، وكأنني وقعت تحت هول الصدمة، مع أنني كنت على معرفةٍ بولادة الطفلة منذ أكثر من ثمانية أشهر. هل فعلاً أصبحتُ جدة؟ هل انتهى شبابي؟ بالأمس كنت صبيّة تسحر الألباب وها هي التجاعيد اليوم تسطو على وجهي، وشعري يغزوه الشيب، فرحت بحفيدتي إلا أنني شعرت بالتعاسة!».
ليست فرح وحدها من يشعر بهذه الأحاسيس إذ غالباً ما تعتقد النساء بأنّ الانتقال الى هذه المرحلة يعني الاقتراب أكثر نحو الشيخوخة، وقد يرفض البعض الاعتراف بشعور من هذا النوع ولكن الأمر طبيعي جداً ولا ينبغي الخجل منه.لا تقف المشكلة عند هذا الحدّ فثمة نساء يرفضن حتى فكرة أن بناتهنّ قد كبرن وأصبحن أمهات بدورهن، فيتعاملن مع الأم الجديدة وكأنها ما زالت طفلة وغالباً ما يغرقنها بالنصائح.تشرح سعاد (45 سنة) تجربتها كالتالي: «حين أنجبت ابنتي الكبرى آمال، كانت أمي تسكن معنا في البيت. وأذكر أنني انزعجت منها كثيراً في تلك الفترة لأنها كانت ترفض الاعتراف بأنني كبرت وأصبحت لي ابنة بدوري. فكانت تسديني النصائح ليل نهار حول كيفية الاهتمام بها، والاستحمام وتوفير المأكل والمشرب لها. وبلغ الأمر بها الى القبوع الى جانبي في الغرفة كي تهتم بها كلّ الوقت. ومع أنني كنت فرحة بوجودها، لم أستطع منع نفسي من التفكير في أنّها تسرق مني فرحة الأمومة لتستولي من دون وجه حقّ على حياتي الجديدة. وحين فاتحتها بالموضوع وبأنني أريد أن أتمتّع ببعض الخصوصية مع طفلتي راحت تصرخ وتبكي متّهمة إياي بالأنانية، مشيرةً إلى أن كل ما أرادته هو مساعدتي، ثم حزمت حقائبها ومضت ولم أسمع منها أيّ كلمة لفترة طويلة».عانت سعاد من مشكلة تواجهها كثيرات. فبعض الجدات يرفضن استقلالية أولادهن، فلسنوات كانت الجدة تؤدي دور المسدي للنصائح فكيف تعلم متى عليها التوقّف عن ذلك؟ وقد يبدو غريباً ألا تلجأ ابنتها إليها في كل شاردة وواردة كما كانت تفعل حين كانت صغيرة. ولعل أسوأ مشكلة تقع فيها الجدة، أن تتحوّل الى شخص دائم الوجود في حياة المولودة، فتشعر العائلة بأنها لا تستطيع الاستغناء عن خدماتها. وقد يكون ذلك سلاحاً ذا حدين للطرفين، وتشعر الأم بعد فوات الأوان أنها تخلّت عن أجمل دور منحتها إياه الحياة. تؤكد فريال (33 سنة) هذه النظرية قائلة: «بعد ولادة طفلتي آية، شعرت أنني لا أستطيع الاستغناء عن أمي، فكنت أتّكل عليها في كل شيء، حتى حين كانت آية تبكي ليلاً كنت أنادي أمي كي تحملها، وكنت أحياناً أتكاسل فأدعها تقوم بمهمة تغيير حفاضها وإعطائها الحمام. لكنني بعد وقت قصير لاحظت أنني أفقد العلاقة الطيّبة بابنتي، إذ لم تعد تهدأ إلا في حضن جدّتها فأدركت عندئذٍ أنني ربما أخطأت وما كان يجب أن أتخلى عن واجبي كأم لأي كان».قد تكون المشكلة عكسية، بمعنى أن يلقي الأولاد بثقلهم على جدتهم، إذ تجد نفسها فجأة مرغمة على الاهتمام بأحفادها وكأنها عادت أماً. تتذمّر منى من هذا الموضوع قائلة: «كنت قد ربيت أولادي وانتهيت من هذه المهمة منذ أكثر من 20 سنة، لكن عندما أنجبت زوجة ابني طفلها الأول محمد وبما أنها كانت تعمل في وظيفة ثابتة، وجدتها تضع الطفل عندي مرتين أسبوعياً. أعترف بأنّ الأمر أزعجني خصوصاً أنني لم أكن أريد تحمّل مسؤولية أي مكروه يصيب الطفل. وحين ارتفعت حرارة محمد بشكل كبير ذات يوم وباءت محاولاتي لتخفيضها بالفشل شعرت أن كيلي قد طفح فاتصلت بوالدته مطالبة إياها بالقدوم فوراً للاهتمام بطفلها. أحسست بالخجل من تصرّفي لاحقاً لكن كان عليّ أن أضع حداً للموضوع».نصائحإن كنت تستعدّين لتصبحي جدّة عليك أن تتذكّري الأمور التالية وتتقيّدي بها:- خفّفي من الانتقاد والنصائح والملاحظات:تذكّري أنّ مرحلة الأمومة هي المرحلة التي تمرّ فيها ابنتك اليوم وليس أنت. لذا تعلّمي ألا تكثري من النصائح والانتقادات لأنها مرحلة حساسة وجديدة على ابنتك التي عليها أن تتكيّف معها. كوني سنداً لابنتك ولكن لا تفرضي عليها وجودك الدائم في كل تفاصيل هذه المرحلة. لا شك في أنك تذكرين بوضوح كم كنت تنزعجين من تذمّر أمك أو حماتك الدائم من طريقة تعاطيك مع أولادك ورغبتهما الدائمة في التدخّل في ما لا يعنيهما. ولعلّ أفضل ما عليك فعله في هذا المجال أيضاً هو احترام طريقة التربية التي ارتأت ابنتك اتباعها من دون أية مجادلة أو تهكّم على طرق التربية الحديثة التي ربما لا تتماشى مع تلك التي اعتمدتها أنت مع أولادك. تذكّري أنّ الزمن هو زمن الجيل الجديد وليس زمن جيلك أنت. - اهتمّي بصحتك ولياقتك البدنية:على رغم أنك لا تستطيعين احتلال مكانة الأهل، إلا أن ذلك لا يعني أنك لن تمضي فترات طويلة مع أحفادك. غالباً ما يحب الأحفاد اللعب مع الجدة، لذا عليك أن تهتمي بلياقتك البدنية، لأنك قد تلعبين مع أحفادك كرة السلة، أو كرة الطاولة، أو قد تضطرين الى الركض وراءهم في لعبة «الغميضة» التي يعشقونها. كذلك يحتاج حمل الطفل الى قوة بدنية، لذا يتعيّن عليك أن تهتمي بجسدك عبر اشتراكك في نادٍ رياضي يعيد إليك الرشاقة.- حاولي اللحاق بالتكنولوجيا:لن يطلب منك الأحفاد مشاركتهم في اللعب الجسدي فحسب، بل قد يلجأون الى نصائحك في مجال الإنترنت والتكنولوجيا. مع كل ما نشهده من ثورة في هذا المجال، قد يبدو محزناً ألا تكون الجدة مطلعة على وسائل الاتصال الجديدة من إنترنت أو آي بود أو آي باد وما إلى ذلك. إن عرفت اليوم أنك ستصبحين جدة وليست لديك أي فكرة عن هذا الموضوع فكّري في حضور حصص تعلّمك كيفية استخدام الإنترنت أو تحميل الألعاب على الآي باد أو الأغنيات على الآي بود. بالإضافة الى أنّ الأمر سيسمح لك بتمضية أوقاتٍ ممتعة مع حفيدك فأنت بهذه الطريقة أيضاً ووفق الأبحاث العلمية الأخيرة تساعدين نفسك على مكافحة مرض الألزهايمر عبر تمرين قدراتك الفكرية باستمرار.- إقبلي مشاركة حفيدك مع الآخرين:عليك قبول أنّ حفيدك لن يمضي كل الوقت معك فقد تقرّر أمه أن تضعه اليوم عند حماتها. ليست تلك نهاية الدنيا، فهو حفيدها أيضاً. كذلك لا تنزعجي إن كان حفيدك يمضي معظم وقته في اللعب مع أولاد الجيران فذلك طبيعي لا بل مهم جداً لتكوين شخصيته، فلا تمنعيه عن ذلك بل شجّعيه على التواصل مع الآخرين بلياقةٍ وحب.- أخبريه قصصاً عن تجاربك الشخصية:لا تنسي أنّ الجدة غالباً ما تكون مرجعاً للأحفاد. لا تخشي أن يقول الحفيد عنك: «جدتي تخبرنا قصصاً من التاريخ القديم». حتى لو قال لك ذلك متهكماً فهو سيتذكّر من دون شكّ في المستقبل كل قصة أخبرتها إياه. لذا لا تتردّدي في أن تخبريه قصصاً يستطيع عبرها استخلاص العبر عن الحياة. إن كنت لا تحبين رواية قصصك الخاصة يمكنك من حين الى آخر اختيار كتابٍ جيد وقراءته لأحفادك لأنّ ذلك يقرّبهم منك ويجعلك تؤدين دوراً صالحاً في حياتهم.- أطبخي معه:من منا لا يعرف أنّ الأطفال يحبون المطبخ وكل ما فيه؟ حين يصبح حفيدك في الرابعة من عمره يمكنك أن تشاركيه متعة طبخ الوصفات البسيطة كأن تحضّرا معاً قالب حلوى بسيطاً فتتركيه يحضّر المقادير أو يخلط معك المزيج. إن فعلت ذلك مراراً ستشعرين بتعزيز أواصر الصداقة بينك وبين حفيدك وبالسعادة القصوى.