الوحدة الوطنية

نشر في 23-02-2012
آخر تحديث 23-02-2012 | 00:01
No Image Caption
 أحمد عيسى الحديث عن الوحدة الوطنية يستحق أن يعبر عنه بالدموع والأسى لا بالكلمات، فالدولة وحدها تتحمل المسؤولية الكبرى عما يحدث، لأنها تراخت عن تطبيق القانون، والنظام يتحمل ما تبقى من ذلك لأنه كرس المحاصصة كمبدأ للتمثيل السياسي، ولعبت استقطابات الأسرة دوراً جوهرياً بتقريب بعض الفئات على حساب أخرى لضمان مزيد من النفوذ والحضور السياسيين.

تحتفل الكويت بعد غد السبت بعيدها الوطني الحادي والخمسين للاستقلال، وبعدها بيوم بالذكرى الحادية والعشرين لتحريرها من الغزو العراقي الغاشم، وهما مناسبتان وطنيتان تزامنتا مع الأسف في وقت تمر فيه البلاد بأسوأ أوضاع وحدتها الوطنية.

الحديث عن الوحدة الوطنية يستحق أن يعبر عنه بالدموع والأسى لا بالكلمات، فالدولة وحدها تتحمل المسؤولية الكبرى عما يحدث، لأنها تراخت عن تطبيق القانون، والنظام يتحمل ما تبقى من ذلك لأنه كرس المحاصصة كمبدأ للتمثيل السياسي، ولعبت استقطابات الأسرة دوراً جوهرياً بتقريب بعض الفئات على حساب أخرى لضمان مزيد من النفوذ والحضور السياسيين، وتجسد ذلك بجلاء خلال توزيع المناصب الوزارية، بحيث تكون هناك مقاعد ثابتة لبعض القبائل مقابل تغيير بنسب تمثيل قبائل أخرى بعيداً عن كفاءة من يشغلها، ثم انتقل ذلك إلى المذاهب وبعدها إلى الفئات الاجتماعية، وأخيراً حسبة أبناء الأسرة الحاكمة ومواقع بعض أفرادها داخل الهيكل الإداري للدولة.

على مدى خمسين عاماً تغير حلفاء رؤساء الوزراء المتعاقبين، وتغيرت معهم المعادلة السياسية، فالمعارضة تحولت إلى موالاة والعكس، فرأينا ذلك تقريباً لأبناء القبائل والإسلاميين في فترات متعاقبة، ثم رأينا الحضر والشيعة يحلون محلهم، فانقلبت المعادلة السياسية التي أطاحت بالحكومة السابقة، لكنها قبل أن تسقط أسقطت معها جميع قيم التسامح؛ لأن الصراع السياسي بلغ مداه، ولبس ثوباً طائفياً وفئوياً خرجت معه الأمور عن السيطرة، لأن الصراع ظهر طائفياً وفئوياً اجتماعياً رغم أنه صراع سياسي بين معارضة وموالاة.

ولابد من الإشارة إلى أنه قبل أربعة أعوام اهتزت الكويت على وقع حادثة التأبين، فسنّ الفرقاء السياسيون سيوفهم للنيل من خصومهم، وتمترس كل فريق في خندقه، وراح كل طرف يقصف الآخر ويشكك في وطنيته، والدولة تتفرج، وانتقل الشيعة بفضل استبعادهم من كتلة العمل الشعبي من المعارضة إلى الموالاة، وبدأت بعدها رحلة "ضرورة" إقالة الشيخ ناصر المحمد التي تكللت بالنجاح نهاية العام الماضي.

من المؤلم اليوم أننا نطالب الدولة بتطبيق القانون لا أكثر ولا أقل، بينما هناك ميل لتغليظ العقوبات للحد من المساس بالوحدة الوطنية، ولأن الأزمة في النفوس لا في النصوص تشير المعطيات إلى أن القانون الذي سيخرج علينا سيكون قاسياً بعقوباته لكنه سيحفظ كسابقاته في الأدراج، كقوانين النظافة ومنع التدخين في الأماكن العامة والتحدث بالهاتف النقال وربط حزام الأمان أثناء القيادة.

وإذا كان ما سبق مؤلماً فالأكثر إيلاماً منه أن تمر علينا الذكرى الحادية والخمسين من الاستقلال والحادية والعشرين من التحرير ونحن نتحدث اليوم عن ضرورة تجريم خطاب الكراهية الذي انتشر خلال الفترة الأخيرة، لأن الوحدة الوطنية تحولت إلى مجرد أغانٍ وطنية وعبارات رنانة في تصريحات القياديين دون أن نرى أي جهد يذكر لتعزيزها أو محاسبة من يتكسب من ورائها سياسياً.

على الهامش:

يعجز اللسان عن شكر مجموعة الشباب المبادرة بإطلاق حملة "على قلب واحد" التي أحيت فينا الروح لتعزيز قيم المواطنة بعدما غابت الدولة عن المشهد، فرأيناهم يقومون بدورهم نيابة عن الدولة باستذكارهم شهداء بيت القرين كنموذج للوحدة الوطنية، فأخجلونا وكشفوا المنحدر الذي بلغناه بعد واحد وعشرين عاماً من تحرير البلاد من المعتدي الغاشم.

back to top