الاحتكار الفنيّ... بين مكسب المنتج وخسارة الفنان
انتشرت في الفترة الأخيرة في مصر ظاهرة الاحتكار الفني، التي تفرض على الفنان شروطها في ما يتعلق بالظهور في وسائل الإعلام واقتسام عائدات أعماله التي تنتجها الشركة له.ما هي أسباب هذه الظاهرة وماذا سيترتب على استمرارها ومن الخاسر، وهل إنتاج الفنان لنفسه هو الحل؟
يضع الاحتكار الممثل في دائرة ضيقة من الأعمال والشخصيات، فتتقيَّد فرص مشاركته في أعمال أخرى قد تكون ذات فائدة له، ما يحد من انتشار النجم الذي يطمح إلى أن يكون له اسم كبير في عالم الفن.يرى الناقد نادر عدلي أن هذه الطريقة طاولت مجموعة صغيرة من الفنانين، لذا لا يسعنا أن نطلق عليها مصطلح «ظاهرة». أضاف عدلي: «الاحتكار موجود في أنحاء العالم كافة، والغرض منه أن يستفيد الطرفان، فيجني المنتج أرباحاً طائلة ويضمن الممثل وجوده على الساحة. هذا أمر ضروري للفنان العربي لأنه لا يتعاون مع أشخاص يديرون أعماله بشكل دقيق، كما نجوم هوليوود. مثلاً، نجد أن جورج كلوني أعلن عن خمسة أفلام سيقدمها خلال السنوات المقبلة، بينما لا تتوافر لدينا هذه الدقة في بلادنا. فكل ممثل يقدم عملاً في السنة وينتظر ليفكر في آخر وربما يبدأ فيه وتحدث أمور تعيقه فيضطر إلى تأجيله. هكذا، فإن عقد الاحتكار يحميه».يعتقد عدلي أن الخسارة تكمن في أن شركات الإنتاج تحدد حركة الفنان الفنية والإعلامية، فحتى الإيرادات الفائضة التي قد يحققها عمله تعود إلى الشركة وحدها.عن اتجاه بعض الممثلين إلى الإنتاج لأنفسهم، يقول عدلي: «هذا ليس إنتاجاً بمعنى الكلمة. مثلاً، أحمد حلمي لا ينتج لنفسه بل يتعاقد مع شركات إعلانية ليقدم لها إعلانات في الفيلم، وبعد أن تتضح الميزانية ومصادرها يتولى أمر أفلامه بنفسه ليستفيد من نجاحه».الناقدة ماجدة موريس تعلل انتشار هذه الظاهرة قائلة: «نجاح نجم معين في تحقيق أعلى معدلات إعلانية في السنوات الماضية يجعل شركات الإنتاج تفكر في هذا الاحتكار، وقد يكون لهبوط نجم فنان معين السبب في ذلك». سلعةتشير موريس إلى أن كلا الطرفين مستفيد من هذه المعادلة، «ربما يكون الفنان في البداية فائزاً قبل أن يخسر في النهاية، ويكون عليه البدء من جديد ليمحي أثر أعماله التجارية بعدما أدرك كم قصر في حق نفسه وتحول إلى سلعة يختار صاحبها موضوعات معينة يقدمها تحقق له النجاح التجاري الذي يحرقه فنياً والذي يمل منه الجمهور سريعاً, تماماً كما حدث مع محمد سعد الذي صار يقدم أعمالاً ذات «ثيمة»، ومحمد هنيدي وإن اختلف قليلاً عنه».وتابعت موريس: «خلاصة القول إن النجم يحقق نجاحات مادية قد تصبح فيما بعد ضده وتوقف نموه الفني، أما بالنسبة إلى المنتج فهو يتجه إلى لبحث عن نجم آخر ليبدأ معه الرحلة من جديد».من جهة أخرى، يرى المنتج هاني جرجس فوزي أنه إذا كان الفنان جديداً والمنتج سيصنع منه نجماً فمن حقه أن يُرغم الممثل على توقيع عقد احتكار لأنه مكتشفه، ولأنه هو الذي ينفق الأموال ويجازف ويخاطر بوجه جديد قد ينجح وقد يفشل. أما إذا كان الممثل مشهوراً فالمسألة هنا مختلفة، وتعتمد على تراضي الطرفين.على رغم تأييد جرجس للاحتكار، إلا أنه رفض اتباع هذا الأسلوب مع الوجوه الجديدة التي قدمها في أعمال عدة، مؤكداً حرصه على أن يمنحهم الفرصة الكاملة في الانتشار والتنقل بين المنتجين. ومع أن «الشركة العربية للإنتاج» وقعت عقد احتكار مع محمد سعد وأحمد عز، إلا أن المتحدث الرسمي باسمها عبد الجليل حسن نفى وجود احتكار في مجال الفن في مصر عموماً وفي داخل الشركة نفسها، وأوضح ذلك قائلاً إن ما يحدث هو ارتياح بين فنان وشركة ما وهذا الشعور يتمثل في المعاملة الطيبة وتوفير الشركة مقدراتها لتضمن أفضل ظهور لممثلها، الذي يبذل بدوره كل ما لديه من مجهود ليرضي الجمهور.حسن أكد أن المنتج يوفر للنجم أفكاراً جيدة تساعده في تغيير أدواره باستمرار، والعلاقة بين المنتج والفنان في أي مجال قائمة على العرض والطلب. وافقه الرأي المنتج هشام عبد الخالق الذي يعتبر الفن رؤية وهي ليست قصراً على جهة معينة ولا من حق أي شخص أن يفعل ذلك، فالاحتكار ينطبق على التاجر الذي يتحكم في سلعة معينة ويمنع تداولها في الأسواق.أضاف عبد الخالق: «ما نتبعه كمنتجين هو اتفاقية بين طرفين يستمر كل منهما فيها بناء على التراضي بينهم مثلما حدث بيني وبين أحمد السقا فقد عملنا معا لمدة 5 سنوات دون أن أجبره على هذا ودون أن أحدد ظهوره في أفلام أخرى رغم أنني قد أعطيه أقل مما كان سيعطيه منتج آخر له ولكنها مسألة ارتياح في التعامل.اعتبر عبد الخالق أن أي ممثل هو أداة من أدوات المنتج، لكن هذا لا يسمح للأخير باحتكاره وإن حدث فلن يتوقف الأمر على هذا الفنان وحده، «فقد أرى أن السقا هو أفضل النجوم لذا أتعاقد معه في الوقت الذي يرى فيه غيري أن حلمي هو البطل الواعد للفترة المقبلة».