دولة الجنوب في يومها الأول: راحت الفرحة... وبقيت الملفات
أول قائم بالأعمال للخرطوم في جوبا: السلام في ظل دولتين خير من الحرب في دولة واحدة
على الرغم من أن القوى السياسية الشمالية والجنوبية اجتمعت أمس، في قصر الرئاسة في جوبا صبيحة يوم إعلان استقلال الجنوب، في خطوة لتأكيد ضرورة الإبقاء على الروابط بين دولتي السودان، بقيت الكثير من علامات الاستفهام والتعجب تدور في أذهان أبناء الشعبين بسبب العديد من نقاط الخلاف والملفات العالقة.وطمأن السفير عوض الكريم الريح بلة، أول قائم بأعمال سفارة السودان لدى دولة الجنوب، التي افتتحها الرئيس عمر البشير في جوبا مساء أمس الأول، بأن هناك حرصا كبيرا وإرادة سياسية كبيرة في الخرطوم لمد الجسور القوية وبناء علاقات بناءة مع دولة الجنوب الوليدة، بحيث لا يتم تجاوز الوقائع والحقائق التاريخية أو المصالح الاقتصادية والروابط الاجتماعية والثقافية.وأوضح بلة أن «السودان أعلن منذ الاستفتاء أنه سيحترم إرادة وخيار شعب الجنوب أيا كانت، وأوفى بوعده، إدراكاً منه بأن السلام في ظل دولتين خير من الحرب في ظل دولة واحدة».وبين أن إجراءات ستتخذ من أجل معالجة القضايا العالقة بين دولتي السودان والمشكلات والتعقيدات العديدة الناجمة عنها، خاصة المتعلق منها بوجود مئات الآلاف من الجنوبيين في الشمال، مضيفا: «الخرطوم مستعدة لتطوير التعاون مع جوبا بما يسهل حركة المواطنين في الدولتين».الاستقلال الناقص في غضون ذلك، لم يكن أمس الأول عاديا في تاريخ السودانيين، فقد كان يوم تدشين دولة جديدة حملت رقم 193 في الأمم المتحدة ورقم 54 في الاتحاد الإفريقي، وشارك ممثلون عن دول العالم ومنظماته نحو مليونين من أبناء الجنوب فرحتهم في ليلة حافلة لم تنم فيها جوبا وسكانها الذين انخرطوا حتى الصباح في احتفاليات متعددة في الشوارع ابتهاجا بالوصول إلى هذا اليوم الفاصل.وفي أوساط الجنوب رغم أجواء الفرح بالاستقلال الذي طالما حلموا به، فإن هناك من يشعر بأنه استقلال ناقص بدون أبيي، ويقول أحد القيادات الشابة في «الحركة الشعبية» جون: «هؤلاء حلفاؤنا، وليس لنا أن نتخلى عنهم، أو نحتفل وهم حزانى».انفصاليو الشمالوفي الشمال، هناك انفصاليون أيضا لا يخفون فرحهم بذهاب الجنوب رسميا، ومن بينهم رئيس منبر السلام العادل الطيب مصطفى الذي نحر الذبائح يوم استفتاء تقرير المصير، ثم مؤخرا أمس الأول فرحا بقرب الانفصال الذي طالما عمل له عبر منبره وصحيفته «الانتباهة».لكن لعل ما ينغص عليه فرحة اليوم المشكلات العالقة التي لم يتم حلها، ومن بينها الحدود وأبيي والبترول، وهو يرى أن الاتفاقات التي وقعت أخيراً في أديس أبابا تخلق له جنوباً جديداً في جنوب كردفان والنيل الأزرق.أما الكاتبة الشابة إستيلا قايتانيو، التي تتميز بأسلوب محبب وجذاب، فقد كتبت: «سأقول ما أريد قوله قبل أن أصبح أجنبية»، وقد أبكت بكتاباتها تلك أعدادا كبيرة من قرائها في الشمال تأثرا بما جرى ويجري، وهم لا يصدقون أن بلدهم انقسم إلى بلدين، ومخاوفهم أكبر ألا يتوقف التقسيم عند حدود الجنوب، وأن يمتد لدارفور وجنوب كردفان ومناطق أخرى.