لا بد من توضيح الموقف الغربي من إيران بشأن إغلاق مضيق هرمز

نشر في 09-01-2012 | 00:01
آخر تحديث 09-01-2012 | 00:01
لقد اعتاد العالم استفزازات طهران، ولم يحصل أي شيء لافت في النشاطات التي قامت بها القوات المسلحة الإيرانية في الأسبوع الماضي لإظهار قدرتها على إغلاق مضيق هرمز، لكنّ أهم ما في الأمر هو ردة الفعل الأميركية تجاه تلك التهديدات.

لم يكن تهديد إيران بإغلاق ممر مائي دولي مهم، في حال فرض عقوبات أكثر صرامة على صادرات النفط الإيراني، مجرّد تهديد عدائي أو استفزازي، بل إنه اختبار جدّي لقوة إرادة الولايات المتحدة ومدى التزامها في الخليج العربي في زمنٍ يشهد فيه الدور الأميركي تغيراً ملحوظاً في المنطقة.

لقد اعتاد العالم استفزازات طهران، ولم يحصل أي شيء ملفت في النشاطات التي قامت بها القوات المسلحة الإيرانية في الأسبوع الماضي لإظهار قدرتها على إغلاق مضيق هرمز، لكنّ أهم ما في الأمر هو ردة الفعل الأميركية تجاه تلك التهديدات.

لا شك أن حيازة إيران ترسانة كبيرة من الألغام ستطرح تحدياً صعباً على قطاع الشحن في تلك المنطقة في حال نفذت طهران تهديدها فعلاً. تملك إيران القدرة على زرع الألغام انطلاقاً من منصات عدة: مراكب صغيرة، سفن مقاتلة، غواصات عادية، غواصات قزمية، وحتى السفن التجارية.

في المقابل، لطالما كان استثمار القوات البحرية الغربية (بما في ذلك البحرية الأميركية) ضعيفاً في تكنولوجيا إزالة الألغام؛ لذا ستواجه البحرية الأميركية وحلفاؤها تحديات صعبة لتنظيف المضيق من الألغام المزروعة بأعداد كبيرة.

لكن لا شك أن الولايات المتحدة تستطيع منع إيران من إغلاق طرقات الشحن التي يمرّ عبرها النفط إلى العالم، قد يتمكن الأميركيون وحلفاؤهم في النهاية من تنظيف ممرات الشحن وتدمير السفن الإيرانية التي تحاول إنشاء حقول ألغام. طالما يبقى أبرز الشركاء في الاقتصاد العالمي واثقين بأن الأميركيين وحلفاءهم سيضمنون عدم إغلاق المضيق، ستكون تداعيات المحاولات الإيرانية محدودة.

لذا من الضروري أن تعلن الولايات المتحدة التزامها باستعمال القوة اللازمة لمنع إغلاق مضيق هرمز، ولا شك أن هذه السياسة المُعلنة ستكون دفاعية في ظاهرها: إذا انتهكت إيران القانون الدولي من خلال مهاجمة عمليات الشحن والترانزيت التي تمرّ بالمضيق، فستتحرك الولايات المتحدة دفاعاً عن القانون الدولي لوقف تحرك إيران غير الشرعي وتدمير إمكاناتها ومنعها من متابعة هذه التصرفات.

في المقابل، ستعتبر طهران ذلك الإعلان خطوةً نحو تصعيد الصراع وعملاً عدائياً من جانب "المعسكر العالمي المتغطرس" (هكذا تصف إيران الولايات المتحدة). صادر النظام الإيراني، بطريقة غير شرعية، سلسلة من الجزر الصغيرة التي تعود إلى الإمارات العربية المتحدة، وهو يستغلها لادعاء أنّ مضيق هرمز ينتمي إلى المياه الإقليمية الإيرانية.

لكن حتى لو كانت إيران تملك تلك الجزر فعلاً، فمن غير المنطقي أن نصدّق الحجة القائلة إنّ تلك الجزر تشكل أرخبيلاً يخضع لأحكام القانون البحري الذي يبرر سيادة إيران على مضيق هرمز.

لقد عالج القانون الدولي هذه المسألة وأعلن أن أحداً لا يملك المضيق، فتملك جميع الدول حق إطلاق عمليات الترانزيت بكل حرية هناك بواسطة سفن عسكرية أو مدنية. إنه أحد الأسباب الذي يحتّم على الولايات المتحدة أن تعلن التزامها الآن بالدفاع عن القانون الدولي، بالقوة إذا استلزم الأمر.

كذلك، يجب أن تقوم الولايات المتحدة بهذا الإعلان الآن لضمان ألا تؤدي التهديدات الإيرانية إلى زعزعة الاقتصاد العالمي، فهذا التهديد بإغلاق المضيق هو شكل من أشكال الترهيب الذي يهدف إلى استفزاز الخصوم ودفعهم إلى الرد بدافع الخوف بدل الاستناد إلى الوقائع. يمكن تقليص فاعلية التكتيك الإرهابي بشكل ملحوظ إذا طمأنت الولايات المتحدة العالم إلى التزامها بالقيام بما يلزم لمنع إغلاق الممرات المائية الدولية.

أما السبب الأخير الذي يبرر صدور إعلان أميركي صارم في الفترة الراهنة فيتعلق بضرورة توضيح الأمور بين الولايات المتحدة وإيران في زمن تصاعد الاضطرابات. لن يملك أي رئيس أميركي خياراً آخر عدا إعادة فتح مضيق هرمز وتدمير قدرة إيران على تهديد تلك المنطقة، لكن مع تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة وإيران، سيرتفع خطر الاستناد إلى حسابات خاطئة أيضاً.

في ظروف مشابهة، يستلزم الحفاظ على الاستقرار إصدار تصريح قوي قد يبدو استفزازياً، ويجب أن يقتنع القادة الإيرانيون، على جميع المستويات، بأن أي محاولة لإغلاق المضيق ستفشل وستقود إلى كارثة على إيران، فكلما ركزت الولايات المتحدة وشركاؤها على ترسيخ هذه القناعة في طهران، امتنع قادة إيران عن هذه المحاولات الاستفزازية.

أخيراً، سيتطلع قادة إيران إلى التحركات التي سيقوم بها الأميركيون بعيداً عن التصريحات الشفهية، فحان الوقت لتركيز القوة البحرية والجوية الأميركية في منطقة الخليج العربي، فضلاً عن ضمان أن تحصل القوات الأميركية الموجودة أصلاً في تلك المنطقة على الوسائل اللازمة لإجراء العمليات الاستطلاعية وتجنب التحركات المفاجئة، فإذا كانت قدرة الولايات المتحدة على نزع الألغام في مضيق هرمز غير كافية (هذا هو الواقع على ما يبدو)، فيجب تعزيز الاستثمارات في هذا القطاع فوراً.

قد يعتبر البعض، من خارج طهران، أن هذه التحركات هي خطوات تهدف إلى تصعيد الصراع، ولكنها ليست كذلك، ويجب أن يردّ الأميركيون على الاستفزازات من خلال طمأنة العالم إلى أنهم سيمنعون إغلاق المضيق، تزامناً مع تحذير الإيرانيين من فشل محاولاتهم والتداعيات الكارثية الناجمة عن تلك المحاولات، وفي المقابل، سيكون التردد في هذه المرحلة استفزازاً حقيقياً وخطيراً.

back to top