الدولة والفيلم... من القطاع العام إلى الدعم

نشر في 29-07-2011
آخر تحديث 29-07-2011 | 22:02
No Image Caption
 محمد بدر الدين ليس موضوع السينما والقطاع العام أو بالأحرى دور الدولة في الإنتاج السينمائي من الماضي، فهو يظل مطروحاً على نحو أو آخر لأنه يبقي للدولة دوراً على الدوام، سواء من خلال تولّيها الإنتاج الكامل أو دعم هذا الإنتاج بصورة من الصور.

عرفت السينما المصرية اضطلاع الدولة بمهمة الإنتاج، خلال ستينيات القرن العشرين، وانتهى هذا الدور بإصدار قرار يوقف نهائياً القطاع العام السينمائي في نوفمبر 1971 مع فيلم «ليل وقضبان» للمخرج أشرف فهمي، وكان ذلك أول تصفية لقطاع عام على يد سلطة الرئيس أنور السادات التي بدأت في السنة نفسها وانتقلت إلى المجالات كافة، وسرعان ما تحوّلت إلى سياسة معلنة معتمدة تحت مسمى سياسة الانفتاح وقراراته الصادرة سنة 1974.

شُنّت على القطاع العام في مجال السينما ـ كما في كل مجال ـ صنوف الهجوم ابتداء من ذلك التاريخ لغاية اليوم، وربما كان يمكن مناقشة ذلك في حال أدت الدولة المصرية أي دور من أي نوع  لصناعة السينما وعلى امتداد ما يزيد على أربعة عقود، لكنها، مع الأسف، لم يكن لها أي إسهام على الإطلاق اللهم إلا تقديم  دعم مالي لبعض الأفلام في نهاية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وإنتاج فيلم واحد هو «المسافر» إخراج أحمد ماهر وبطولة عمر الشريف، ربما تحت ضغط نداءات لمثقّفين ونقاد السينما ومحبيها على مدى أربعة عقود وأسفرت عن هذا الإنتاج اليتيم.

غالباً ما تردّدت عبارة «الدولة تخاصم السينما!» أو «الوزير يكره السينما!» والمقصود الوزير فاروق حسني الذي مكث في وزارة الثقافة معظم حكم حسني مبارك (30 سنة)، إلى أن أطاحت ثورة الشعب في 25 يناير 2011 بكل «حسني» منهما.

لا مجال للجدال في أن القطاع العام السينمائي المصري في الستينيات تتصدّر أعماله المميزة المشرّفة سجل السينما المصرية ككل، من بينها: «القاهرة 30» إخراج صلاح أبو سيف، «خان الخليلي» إخراج عاطف سالم، الأفلام المستوحاة من أدب نجيب محفوظ، «الحرام» إخراج بركات عن أدب يوسف إدريس، «المتمردون» و{يوميات نائب في الأرياف» لفنان السينما توفيق صالح، «جفّت الأمطار» لفنان السينما سيد عيسى، «البوسطجي» للمخرج حسين كمال عن رائعة يحيى حقي، «الجبل» للمخرج خليل شوقي عن رواية فتحي غانم، «مراتي مدير عام» ذروة أعمال فطين عبد الوهاب، «أم العروسة» الفيلم المتميز لعاطف سالم، «المومياء»  درّة السينما المصرية لفنان السينما شادي عبد السلام، «الأرض» إحدى قمم الواقعية في سينما يوسف شاهين والسينما المصرية والعربية وغيرها من أعمال بارعة وباقية.

يكفي المثال الصارخ أن شادي عبد السلام بعد «المومياء» ظل يبحث سنوات طويلة، إلى أن مات كمداً، عن جهة تنتج له فيلمه التالي «إخناتون ـ البيت الكبير» الذي انتهى من تفاصيله كافة، لكنه لم يجد في أعقاب القضاء المبرم على القطاع العام من يموّل أو يعضد ويعين.

الحد الأدنى أن تعين الدولة السينما وتدعمها بتشريعات جديدة دقيقة تيسّر وتوفّر المناخ الصحي للمنتجين ومجمل السينمائيين، وأن تدعم تمويل الإنتاج ولو بقسط وإسهام وبنظام يساعد الأعمال الجادة والفنانين المجتهدين، الذين إذا تركناهم للقطاع الخاص، نكون تركناهم لوحش لا يبحث إلا عن درّ المال ومزيد من الأرباح في نهم لا يتوقّف، بلا وازع وبكل صنوف السينما التجارية المقيتة وتوابلها، اللهم إلا قلة قليلة من منتجي القطاع الخاص، عرفتهم السينما في مراحلها كافة، احترموا الجمهور والتاريخ بأعمال جادة باقية لهم إلى جانب أعمال أخرى تحاكي شباك التذاكر، لكن هؤلاء دائماً قلة.

لذلك دور الدولة في السينما ضرورة وحاجة مستمرّة.

back to top